تعريف الضرورة الشرعية
أ. د. محمد جبر الألفي
تعريف الضرورة الشرعية
الضرورة في اللغة: اسم من الاضطرار، وهو الاحتياج إلى الشيء، واضطره: بمعنى ألجأه إليه وليس منه بد[1]، ومنه قوله تعالى: ﴿ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ﴾ [الأنعام: 119].
وفي الاصطلاح: عرفها الرازي الجصاص بقوله: "هي خوف الضرر أو الهلاك على النفس أو بعض الأعضاء بترك الأكل"[2]، وفسرها الزرقاني بقوله: "هي خوف الهلاك على النفس علمًا أو ظنًّا"[3]، وعند السيوطي: "الضرورة بلوغه حدًّا إن لم يتناول الممنوع هلك أو قارب، وهذا يبيح تناول الحرام"[4]، وعرفها ابن تيمية بقوله: "الضرورة: التي يحصل بعدمها حصول موت أو مرض أو العجز عن الواجبات"[5].
وهذه المعاني التي قدمها الفقهاء - من مختلف المذاهب - تلتقي عند قول إمام الحرمين: "... وقد تبيح الضرورة الشيء ولكن لا تثبت حكمًا كليًّا في الجنس، بل يعتبر تحققها في كل شخص، كأكل الميتة وطعام الغير"[6].
فإذا ما تحققت الضرورة بهذا المعنى، جاز للمضطر الإقدام على الممنوع شرعًا، وسقط عنه الإثم في حق الله تعالى، رفعًا للحرج ودفعًا للمشقة[7]، قال تعالى: ﴿ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ﴾ [البقرة: 173]، أما في حق العبد: فإن الضرورة لا تُسقط حقوق الآخرين، ولا تجعل المضطر في حل منها، رفعًا للحرج عن أصحاب هذه الحقوق؛ ولهذا قرر جمهور الفقهاء تضمين المضطر قيمة ما أتلف[8].
[1] ابن منظور، لسان العرب: 4/ 483 - 484، الفيومي، المصباح المنير، ص136.
[2] الجصاص، أحكام القرآن: 1/ 195.
[3] الزرقاني، شرح مختصر خليل: 3/ 8.
[4] السيوطي، الأشباه والنظائر، ص 61.
[5] ابن تيمية، مجموع الفتاوى: 31/ 226.
[6] الجويني، البرهان، ص 942.
[7] الباحسين، قاعدة المشقة تجلب التيسير، ص 483.
[8] قاضي زاده، نتائج الأفكار - تكملة فتح القدير -: 7/ 302، الجلال المحلي، كنز الراغبين - مع حاشيتي قليوبي وعميرة -: 4/ 263، البهوتي، كشاف القناع: 6/ 198.
الألوكة
................