حديث: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة
الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
حديث: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المحاقلة، والمزابنة، والمخابرة، وعن الثُّنيا إلا أن تعلم، رواه الخمسة إلا ابن ماجه، وصححه الترمذي.
المفردات:
«المحاقلة»: أصلها في اللغة، مأخوذة من الحقل جمع حقلة، قاله الجوهري، وهي الساحات جمع ساحة، وفي الاصطلاح هي أن يبيع الإنسان الزرع بمائة فرق من الحنطة مثلًا، وقال أبو عبيد: هو بيع الطعام في سنبله بالبر، وقال الليث: الحقل: الزرع إذا انشعب من قبل أن يغلظ سوقه.
«المزابنة»: هي بيع الثمر على رؤوس النخل بمائة فرق من التمر مثلًا، وبيع العنب بالزبيب كيلًا.
«المخابرة»: هي المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها من الزرع مأخوذة من الخبار، وهي الأرض اللينة، وقد تسمى المزارعة، وقيل المزارعة: العمل في الأرض بجزء من الخارج منها، والبذر من مالك الأرض، أما المخابرة فهي كذلك إلا أن البذر من العامل.
«الثنيا»: أي الاستثناء أو الاشتراط في البيع.
البحث:
روى البخاري ومسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة: أن يبيع ثمر حائطه إن كان نخلًا بتمر كيلًا وإن كان كرمًا أن يبيعه بزبيب كيلًا أو كان زرعًا أن يبيعه بكيل طعام ونهى عن ذلك كله، وفي لفظ للبخاري ومسلم من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة، قال: والمزابنة: أن يبيع التمر بكيل إن زاد فلي وإن نقص فعلي، وفي لفظ للبخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة، والمزابنة اشتراء التمر بالتمر كيلًا وبيع الكرم بالزبيب كيلًا، وفي لفظ للبخاري من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة والمحاقلة، والمزابنة اشتراء الثمر بالتمر في رؤوس النخل، وفي لفظ للبخاري ومسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة، وأخرج مسلم من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المحاقلة والمزابنة، قال في التلخيص: حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المحاقلة والمزابنة، والمحاقلة أن يبيع الرجلُ الرجلَ الزرع بمائة فرق من الحنطة، والمزابنة: أن يبيع التمر على رؤوس النخل بمائة فرق من تمر، الشافعي في المختصر عن سفيان عن ابن جريج عن عطاء عنه، قال ابن جريج: قلت لعطاء: أفسر لكم جابر المحاقلة كما أخبرتني؟ قال: نعم، وهو متفق عليه من حديث سفيان نحوه، واتفقا عن مالك عن نافع عن ابن عمر بلفظ: نهى عن المزابنة، والمزابنة: بيع التمر بالتمر كيلًا وبيع الكرم بالزبيب كيلًا، وأخرجه عن الشافعي في الأم، قال الشافعي: وتفسير المحاقلة والمزابنة في الأحاديث يحتمل أن يكون عن النبي صلى الله عليه وسلم منصوصًا، ويحتمل أن يكون من رواية من رواه؛ انتهى، وفي الباب عن أبي سعيد وابن عمر وابن عباس وأنس وأبي هريرة، وكلها في الصحيحين أو أحدهما، وعن رافع بن خديج في النسائي وسهل بن سعد في الطبراني؛ اهـ، أما المخابرة فسيأتي تحقيق البحث فيها إن شاء الله تعالى في باب المساقاة والإجارة عند الكلام على حديث ثابت بن الضحاك الذي أخرجه مسلم بلفظ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزارعة وأمر بالمؤاجرة.
أما النهي عن الثنيا فقد أخرجه أصحاب السنن بإسناد صحيح من حديث جابر رضي الله عنه وأخرجه مسلم بلفظ: نهى عن الثُّنيا، وقد قال الترمذي: باب ما جاء في النهي عن الثنيا، حدثنا زياد بن أيوب البغدادي حدثنا عباد بن العوام، أخبرني سفيان ابن حسين عن يونس بن عبيد عن عطاء عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة والثنيا إلا أن تعلم، هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه من حديث يونس بن عبيد عن عطاء عن جابر؛ اهـ، فالثنيا ينهى عنها إذا كان الشرط مجهولًا، أما إذا كان معلومًا لوقت معلوم، فلا بأس به كما تقدم عند الكلام على الحديث العشرين من هذا الباب، والله أعلم، هذا وقد أشار الحافظ في التلخيص إلى أن ابن الجوزي وهم، فذكر في جامع المسانيد أن حديث النهي عن الثنيا متفق عليه من حديث جابر، قال الحافظ: ولم يذكر البخاري في كتابه الثنيا.
ما يفيده الحديث:
1– تحريم بيع الثمر على رؤوس النخل بتمر كيلًا.
2– تحريم بيع العنب بالزبيب كيلًا.
3– تحريم بيع الزرع بحنطة كيلًا.
4– جواز البيع مع الشرط إذا كان الشرط معلومًا لوقت معلوم كركوب الناقة المبيعة حتى يصل البائع إلى المدينة مثلًا، أو يبيع شجر بستان إلا شجرة أو شجرًا مع تعيين المستثنى.
الألوكة
......................