شرح قاعدة: المشقة تجلب التيسير
الشيخ عبدالرحمن بن فهد الودعان الدوسري
شرح قاعدة
المشقة تجلب التيسير
بيان القاعدة:
المشقة لغةً: التعب والجهد والعناء.
والتيسير لغة: السهولة والليونة.
والمراد بالقاعدة: أن الأحوال التي تحصل فيها مشقة أو عسر أو حرج على المكلف عند تطبيقه بعض الأحكام الشرعية، فإن الشريعة تأتي برفع هذا الحرج والمشقة، وذلك بتخفيف الحكم عليه.
ضابط المشقة التي يحصل التيسير بسببها
ضابط المشقة التي توجب التخفيف: أنها المشقة العارضة الظاهرة، التي إذا فعلت معها العبادة حصل بذلك ضرر على الفاعل؛ كذهاب نفسه، أو تلف عضو من أعضائه، أو زيادة مرضه، أو تأخر شفائه، أو ألم ظاهر.
• أما المشقة المعتادة أو اليسيرة فلا ترخص بها، مثل: الزكام اليسير المعتاد، أو الصداع الخفيف.
أمثلة القاعدة
المثال الأول: جواز التيمم للمريض بدلًا من الوضوء؛ إذا كان الوضوء يزيد في مرضه، أو يؤخر شفاءه.
المثال الثاني: جواز الجمع بين الصلاتين أو استحبابه في بعض الأحوال؛ كالسفر، أو المرض، أو المطر الذي يبل الثياب، وتحصل معه مشقة من فعل كل صلاة في وقتها.
دليل القاعدة
• قول الله تعالى: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾[1].
• وحديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا". متفق عليه[2].
أسباب التيسير:
من أسباب التيسير في الشريعة: المرض، والسفر، والإكراه، والجهل، والنسيان، والنقص بأي وجه من الوجوه؛ كالجنون والصغر والحيض والنفاس.
القواعد المتفرعة عن قاعدة (المشقة تجلب التيسير):
القاعدة الفرعية الأولى: "الضرورات تبيح المحظورات"، مثل:
1- إباحة أكل الميتة وقت المجاعة.
2- إباحة قتل الحيوان المملوك إذا هجم على الإنسان، ولم يندفع إلا بالقتل.
القاعدة الفرعية الثانية: "الضرورات تقدر بقدرها"، مثل:
1- إذا لم تجد المرأة المريضة إلا طبيبًا يعالجها، واحتاج العلاج إلى مسها، أو كشف شيء من عورتها، فلا يجوز مسُّ ما زاد عن مقدار الحاجة ولا كشفه.
2- من احتاج إلى وضع جبيرة على مواضع الطهارة، فإنه لا يزيد فيها عن مقدار الحاجة؛ إلا ما لا بد منه لاستمساكها.
القاعدة الفرعية الثالثة: "إذا ضاق الأمر اتسع"، مثل:
1- سقوط وجوب صلاة الجماعة على أصحاب الأعذار، كالمريض الذي يشق عليه حضور الصلاة في المسجد، ومن خشي فوات رحلة سفره.
2- جواز خروج المرأة المعتدة من وفاة زوجها من بيتها إذا احتاجت إلى ذلك لأجل كسب رزقها، أو شراء حاجياتها إذا لم تجد من يشتري لها، أو للعلاج.
القاعدة الفرعية الرابعة: "لا واجب مع العجز"، مثل:
1- من قطعت يده أو رجله؛ سقط عنه وجوب غسلها في الضوء إلى غير بدل.
2- من لم يجد النفقة التي توصله إلى مكة للحج؛ سقط عنه وجوب الحج.
القاعدة الفرعية الخامسة: "الميسور لا يسقط بالمعسور"، مثل:
1- من تعذَّر عليه غسل يده فقط في الوضوء أو مسحها، وجب عليه غسل أعضائه التي يستطيع غسلها، ويتيمم عن هذا العضو الذي يعجز عن غسله ومسحه، ولا يجوز له يتيمم عن جميع الأعضاء.
2- من عجز عن الركوع وقدر على القيام، وجب عليه أن يُصلي قائمًا، ويومئ بالركوع، ولم يجز له أن يصلي جالسًا لقدرته على القيام.
[1] سورة البقرة آية 185.
[2] رواه البخاري في كتاب العلم، باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا 1/ 38 (69)، ومسلم في كتاب الجهاد والسير، باب في الأمر بالتيسير وترك التنفير (1734).
الألوكة
....................