3460 ـ (لو ستَرْتَه بثوبِكَ ؛ كان خيراً لكَ . قاله لهزّال) . روي من حديث نُعيم بن هَزَّال ، و محمد بن المنكدر ، و سعيد بن المسيَّب ، كلاهما مرسلاً . 1 ـ أما حديث نعيم بن هزّال ؛ فقد اختلف عليه كما يأتي : أولاً : عن يزيد بن نعيم بن هزال عن أبيه : أن ماعزاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأقر عنده أربع مرات ، فأمر برجمه ، و قال لهزال : ... فذكره . أخرجه أبو داود (4377) ، و النسائي في «السنن الكبرى» (4/305ـ306/7274) ، و الحاكم (4/363) و البيهقي في «السنن» (8/219 و 228) ، و ابن أبي شيبة في «المصنف» (10/78 ـ 79) ، و أحمد (5/216 ـ 217 و 217) ، و ابن عبد البر في «التمهيد» (23/126) ؛ بعضهم مختصراً ـ و اللفظ لأبي داود ـ و بعضهم مطولاً ـ و هو رواية لأبي داود (4419) ـ و أتمها رواية أحمد ، و لفظه : كان ماعز بن مالك [يتيماً] في حِجْر أبي ، فأصاب جارية في الحي ، فقال له أبي : ائت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بما صنعت ؛ لعله يستغفر لك ، و إنما يريد بذلك رجاء أن يكون له مخرج ، فأتاه ، فقال : يا رسول الله ! إني زنيت فأقم علي كتاب الله ، فأعرض عنه ، ثم أتاه الثانية ، فقال : يا رسول الله ! إني زنيت فأقم علي كتاب الله ، ثم أتاه الثالثة ، فقال : يا رسول الله ! إني زنيت فأقم علي كتاب الله ، ثم أتاه الرابعة ، فقال : يا رسول الله ! إني زنيت فأقم علي كتاب الله ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « إنك قد قلتها أربع مرات ، فيمن ؟» . قال : بفلانة . قال : «هل ضاجعتها ؟» . قال : نعم . قال : «هل باشرتها ؟« . قال : نعم . قال : «هل جامعتها ؟» . قال : نعم . قال : فأمر به فرُجم . قال : فأخرج به إلى الحَرَّة ، فلما رجم ؛ فوجد حر الحجارة ؛ جزع فخرج يشتد ، فلقيه عبد الله بن أنيس ، ـ و قد أعجز أصحابه ـ ؛ فنزع له بوظيف بعير ، فرماه به ؛ فقتله . قال : ثم أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فذكر له ذلك ؟! فقال : «هلا تركتموه ؟! لعله يتوب فيتوب الله عليه .» قال هشام : فحدثني يزيد بن نعيم بن هزال عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي حين رآه : «و الله يا هزال ! لو كنت سترته بثوبك ؛ كان خيراً مما صنعت»(1) و قال الحاكم ـ و ليس عنده هذه الجملة الأخيرة ؛ و لا النسائي ـ : «صحيح الإسناد» ؛ و وافقه الذهبي ، و أقره الحافظ في «الفتح» (12/127) ! و بدونها أيضا ساقه الحافظ في «التلخيص» (4/58) ، و قال : «رواه أبو داود و إسناده حسن» . قلت : و هذا هو الأقرب ؛ فإن فيه هشام بن سعد ، و هو : «صدوق ، له أوهام» ؛ كما قال الحافظ في «التقريب» . لكن نعيم بن هزال في صحبته اختلاف ، قال ابن عبد البر في «الاستيعاب» : «روى عنه المدنيون قصة رجم (ماعز الأسلمي) ، و قد قيل : إنه لا صحبة له ، و إنما الصحبة لأبيه هزال ، و هو أولى بالصواب » . و قوله : «المدنيون» يخالف ما في «تهذيب الكمال» و فروعه ، و «تجريد الذهبي» ، و« إصابة العسقلاني» ؛ فإنهم لم يذكروا عنه راوياً غير ابنه (يزيد) ، و صرح بذلك الحافظ في «التقريب» مع جزمه بصحبته ؛ فقال : «صحابي ، نزل المدينة ، ماله راوٍ إلا ابنه يزيد ». قلت : و لعل سبب المخالفة هو اختلاف الروايات عن نعيم بن هزال ، كما يأتي . ثانياً : قال الليث بن سعد : عن يحيى ـ و هو ابن سعيد الأنصاري ـ عن يزيد ابن نعيم عن جده هزال : أنه كان أمر ماعزاً أن يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث مختصراً ، و فيه حديث الترجمة . أخرجه النسائي (7278) و ابن عبد البر (23/126) . قلت : و رجاله كلهم ثقات رجال مسلم إلا هزال ؛ لكنهم لم يذكروا لحفيده يزيد بن نعيم سماعاً منه ، فالظاهر أنه منقطع ، و في «التهذيب» : «يقال : مرسل» . و نحوه رواية يحيى بن أبي كثير قال : حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن يزيد بن نعيم بن هزال ـ و كان هزال استرجم ماعزاً ـ قال : كانت لأهلي جارية ترعى غنماً لهم يقال لها : فاطمة ... الحديث نحوه حديث الترجمة . أخرجه النسائي (7280) ، و الطحاوي في «مشكل الآثار» (1/87/93 و 12/463/4944) . و أخرجه أحمد أيضاً ؛ لكنه قال : عن نعيم بن هزال ... لم يذكر يزيد بن نعيم . و نحوه رواية يحيى بن سعيد ـ و هو الأنصاري ـ عن محمد بن المنكدر عن ابن هزال عن أبيه هزال به . أخرجه النسائي (7275) ـ و في سنده خطأ مطبعي ـ ، و الحاكم أيضاً ، والبيهقي (8/330 ـ 331) ، و أحمد (5/217) ، و ابن عبد البر ، و قال : «هذا الحديث محفوظ عن يحيى بن سعيد عن محمد بن المنكدر عن ابنٍ لهزال عن هزال . و عن يحيى بن سعيد عن يزيد بن نعيم بن هزال من وجوه» . قلت : يشير إلى رواية الليث عن يحيى المتقدمة في (ثانياً) ، و ظاهر أن ابن هزال هو : نعيم ، و أن محمد بن المنكدر رواه عنه مباشرة ، فيكون له ـ أعني : نعيماً ـ راو آخر غير ابنه يزيد بن نعيم . 2 ـ و يعكّر عليه : أن النسائي أخرجه (7276) من طريق ابن المبارك ، و البيهقي من طريق سليمان بن بلال ، كلاهما عن يحيى بن سعيد عن محمد بن المنكدر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل من أسلم ... الحديث مرسلاً . و قال البيهقي : «هذا أصح مما قبله» . قلت : و زادوا إلا أحمد : قال : يحيى فحدثت بهذا الحديث في مجلس فيه يزيد بن نعيم بن هزال الأسلمي فقال : هزال جدي ، و هذا الحديث حق . 3 ـ رواه مالك في «الموطأ» (3/39) عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيَّب أنه قال : بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل من أسلم ـ يقال له : هزال ـ : يا هزال ! لو سترته بردائك كان خيراً لك . قال يحيى بن سعيد ... فذكره كما في رواية الثلاثة عنه . و قال ابن عبد البر عقبه : «لا خلاف في إسناده في «الموطأ» على الإرسال ؛ كما ترى ، و هو مسند من طرق صحاح» ! كذا قال ! و ليس في شيء من الطرق المتقدمة ما هو مسند صحيح على ما سبق بيانه في تنسيق و تحقيق ؛ ربما لا تراه في مكان آخر ، اللهم ! إلا الطريق الأولى ؛ فهي حسنة على الخلاف المتقدم في صحبة نعيم بن هَزّال ، و تفرد ابنه يزيد بالرواية عنه ، و قد صححها الحاكم و الذهبي و حسنها الحافظ ؛ كما رأيت ، وأشار إلى ذلك عبد الحق الإشبيلى بإيراده الحديث من رواية النسائي ، و سكوته عنها في كتابه «الأحكام الصغرى» (2/760) الذي اشترط فيه الصحة ؛ كما هو معلوم من مقدمته . و إن مما لا يرتاب فيه باحث محقق : أن توافر هذه الطرق على هذا المتن و اجتماعها عليه ؛ مما يلقي في الصدر الاطمئنان لصحته ، و لا سيما و قد اقترن بها جزم رواية يزيد بن نعيم بن هزال بأنه حق . ثم رأيت الشيخ ملا علي القاري نقل في «المرقاة» (4/82) عن صاحب «التنقيح» ـ و هو ابن عبد الهادي ـ أنه قال : «و إسناده صالح» . ثم رأيت الحديث عند الطبراني في «المعجم الكبير» (22/201 ـ 202) من طريق محمد بن المنكدر و عكرمة بن عمار عن يزيد بن نعيم بن هزال عن جده هزال به مختصراً و مطولاً . قلت : و بقي شيء يتعلق بفقه الحديث ، و ما المراد بقوله لهزال : «لو سترته ...» ، فإن ظاهره غير مراد على إطلاقه ؟! و لذلك فسره الباجي في «المنتقى» (7/135) بقوله : «يريد مما أظهرته من إظهار أمره ، و إخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - و أبي بكر و عمر به ، فكان ستره بأن يأمره بالتوبة ، و كتمان خطيئته ، و إنما ذكر فيه الرداء على وجه المبالغة ، بمعنى : أنه لو لم تجد السبيل إلى ستره إلا بأن تستره بردائك ممن يشهد عليه ؛ لكان أفضل مما أتاه ، و تسبب إلى إقامة الحد عليه . والله أعلم و أحكم» . و نقله الحافظ في «الفتح» (12/125) عنه ، و أقره . و الخلاصة ؛ أن الحديث محمول على من كان مثل ماعز في الندم على ما فعل و ليس من عادته الزنى ، فينبغي الستر عنه ، و عدم التشهير به ؛ بخلاف من لا ؛ و وصل أمره إلى إشاعته و التهتُّك ، فهذا هو الذي لا يجوز الستر عليه ، و ينبغي رفع أمره إلى الحاكم ليقيم حكم الشارع الحكيم فيه . و انظر لهذا «المرقاة» (4/76) .* __________
(1) و رواه ابن سعد في «الطبقات» (4/324) بأتم منه ، لكنه من روايته عن شيخه محمد بن عمر ـ و هو الواقدي ـ ، و هو متروك .
الكتاب : السلسلة الصحيحة المؤلف : محمد ناصر الدين الألباني
::صفحات صديقة :: معهد ترايدنت :: منتدى برامج نت
:: برامج المشاغب - ملتقى العلماء وطلبة العلم - الريان تيوب - جريدة الديار -عمال مصر- قهوة الصحفيين - جريده اخبار بتروجت
:: للإعلان ::
واتس
00201558343070
بريد إلكتروني
[email protected]
أو يمكن التواصل معنا مباشرة عبر نموذج الاتصال بنا علي الرابط الآتي
https://dvd4araab.com/vb/sendmessage.php
للتواصل عبر الواتس
https://chat.whatsapp.com/Bekbfqlef3ZInj31Jhk99j
تنبيه للاعضاء تود إدارة
المنتدى ان تؤكد لكافة الاخوة الاعضاء بانه يمنع نشر أي مادة إعلامية تسيء للاديان
أو تدعو للفرقة المذهبية او للتطرف ، كما يحظر نشر الاخبار المتعلقة بانشطة الارهاب
بكافة اشكاله اوالدعوة لمساندته ودعمه، حيث ان ذلك يعتبر خروج صريح عن سياسة
المنتدى ، كما قد يعرض المشارك الى المساءلة النظامية من الجهات الرسمية ذات
العلاقة، شاكرين ومقدرين للجميع حسن التزامهم باهداف ومبادىء المنتدى.