أعمال ووظائف الملائكة
الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر
دلَّ الاستِقراء والتتبُّع لنصوص الكتاب والسُّنَّة الواردة بشَأن الملائكة عليهم السلام بأنهم عبادٌ لله تعالى بأنواع العبادة التي خُلِقوا لها ويُكلِّفهم من أمره بما يَشاء، وتَكادُ تنحَصِر وظائفُهم وأعمالهم من حيث مُتعلَّقها بثلاثة أنواع، هي من حِكَمِ خلقهم ودلائل علوِّ شأنهم وكَرامتهم على ربهم تبارك وتعالى وهي:
الأولى: عبادة الله تعالى بالإيمان به وحمده وتمجيده والثناء عليه بما هو أهلُه، وذِكرهِ ودُعائهِ واستغفاره والصلاة له، وهذا وصْفهم العام مع ما يُكلَّفون به من مهامَّ، ومنهم مَن هذا شأنه أبدًا فهم صفوفٌ لا يفترون، ومنهم سُجَّد لا يرفَعون منذ خلقهم الله، وقد وردَتْ أحاديثُ بهذا المعنى احتجَّ بها أهلُ العِلم؛ كقوله صلى الله عليه وسلم: "أطَّت السماءُ وحُقَّ لها أنْ تئطَّ، ما فيها شبرٌ؛ وفي رواية: أربع أصابع - إلا وملك قائم أو راكعٌ أو ساجد؛ وفي روايةٍ: لا يرفعون رُؤوسهم - منذ خلَق الله السماوات والأرض - وفي رواية: لا يرفَعونها إلى يوم القيامة"[1].
فإذا رفعوا رُؤوسهم نظَرُوا إلى الله عزَّ وجلَّ فقالوا: سبحانك ما عبدناك حقَّ عِبادتك.
الثانية: تدبير أمر الملكوت - عُلويِّه وسُفليِّه وما بينهما - وما فيه من مخلوقات وعَوالم غير مُكلَّفة، المنظورة وغير المنظورة بأمر الله تعالى وذلك من جليل حِكَمِ خلْقهم: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6] ، فأعمالهم كثيرةٌ ومسؤوليَّاتهم كبيرة، وهم مجموعاتٌ متنوِّعة، لكلِّ مجموعة اختصاص:
فمنهم: المكلَّفون بحمل العرش، وعددهم ثمانية.
ومنهم: الكروبيُّون وهم الذين حول العرش؛ قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴾ [غافر: 7].
1. ومنهم: المكلَّفون بتبليغ الوحي إلى حيث أمَر الله تعالى سيِّد ملائكته جبرائيل.
2. ومنهم: خزنة الجنَّة، وسيدهم رضوان.
3. ومنهم: خزنة النار، وسيدهم مالك.
4. ومنهم: ملائكة الأرواح، وسيدهم إسرافيل.
5. ومنهم: ملائكة الأرزاق، وسيدهم ميكائيل.
6. ومنهم: المكلَّفون بحفظ السماوات.
7. ومنهم: المكلَّفون بالرياح والسحاب.
8. ومنهم: المكلَّفون بالجبال.
9. ومنهم: المكلَّفون بالنبات.
10. ومنهم: المكلَّفون بالبحار.
11. ومنهم: المكلَّفون بأمور الحوت والطيور والدواب، ونحوها من الأمم والعوالم التي لا يحصيها إلا الله تعالى.
الثالثة: تدبير أمر المكلَّفين من الخلق - الجن والإنس - والصلة الوثيقة بهم في أحوال كثيرة، في حياتهم وبعد مماتهم، وقد جاءت النُّصوص بإثبات وظائف جماعاتٍ من الملائكة عليهم السلام على التفصيل كما يلي:
1- حفظ بني آدم، وهو من وظيفة الملائكة المعقِّبات.
2- حفظ أعمال بني آدم، وهو من وظيفة الكِرام الكاتبين.
3- السياحة لالتماس مجالس الذكر وحِلَقِ العلم، وهو من وظيفة الملائكة السيَّاحين.
4- ملائكة الروح الذين ينفُخون الأرواح في الأجنَّة في الأرحام، ويقبضونها عند انتهاء الآجال.
5- الملائكة الذين يُسدِّدون ويُعِينون المكلَّفين على الخير ويمدُّون المجاهدين المتَّقين.
6- كُتَّاب الناس يوم الجمعة على أبواب المساجد الأوَّل فالأوَّل.
7- الصلاة على المصلين مدَّةَ انتظارِهم لصلاة الجماعة.
8- فتنة الأموات في القبور.
[1] أخرجه الترمذي برقم (2312)، وابن ماجه برقم (4190)، وأحمد في المسند (5 /173)، عن أبي ذر رضي الله عنه وانظر: الصحيحـة؛ للألباني برقم (852، 1059، 1060)، والضعيفة برقم (1780).