zoro1
مـــــديـر عــــــام ♥ ♥ شئون اداريه
من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي
شرح حديث: اتقوا اللعانين
الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شرح حديث: اتقوا اللعانين
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ" قَالُوا: وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللّهِ؟ قَالَ: "الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ". رواه مسلم.
ألفاظ الحديث:
• (اللَّعَّانَيْنِ): مثنى مفرده (لعّان) صيغة مبالغة، قال أبو سليمان الخطابي: " المراد باللعانين، الأمرين الجالبين لِلَّعن، الحامِلَيْن الناس عليه، والداعيين إليه. وذلك أن من فعلهما شُتم ولُعن. يعني عادة الناس لعنه، فلما صارا سببا لذلك أضيف اللعن إليهما ".
وجاء في لفظ أبي داود (اتقوا اللاعنين) وأما لفظ مسلم فهو (اللعانين)، قال النووي: " والروايتان صحيحتان وقال في معنى رواية أبي داود: " اتقوا اللاعنين: اتقوا الأمرين الملعون فاعلهما " (انظر: " شرح مسلم " (3/ 164).
• (الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ): أي يتغوط في موضع يمر به الناس.
• (أَوْ فِي ظِلِّهِمْ ): إضافة الظل للناس دليل على أن المراد الظل المنتفع به الذي هو محل جلوسهم وليس كل ظل.
قال الخطابي وغيره من العلماء: المراد بالظل هنا مستظل الناس الذي اتخذوه مقيلاً ومناخاً ينزلونه ويقعدون فيه. وليس كل ظل يحرم القعود تحته.
من فوائد الحديث:
الفائدة الأولى: الحديث فيه ثلاث زيادات عند غير مسلم وهي:
أ- زيادة عند أبي داود من حديث معاذ رضي الله عنه: "اتقوا الملاعن الثلاث "الاثنتين في أصل الحديث والثالثة "البراز في الموارد " وهي زيادة في إسنادها ضعف لأن أبا سعيد الحميري لم يسمع من معاذ بن جبل رضي الله عنه فيكون السند منقطع.
قال ابن حجر عن أبي سعيد الحميري رضي الله عنه: " شامي مجهول من الثالثة، وروايته عن معاذ بن جبل رضي الله عنه مرسلة " انظر: " التقريب ".
ب- زيادة عند أحمد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: " اتقوا الملاعن الثلاث " الاثنتين في أصل الحديث والثالثة " في نقع ماء"وهي زيادة في إسنادها ضعف أيضاً لوجود ابن لهيعة وهو سيئ الحفظ.
قال الهيثمي: " رواه أحمد، وفيه ابن لهيعة، ورجل لم يسم " انظر: " مجمع الزوائد" (1/ 204).
ومن باب الفائدة: اختلف في ابن لهيعة في قبول روايته على تفصيل في قبول روايته أوردُّها مطلقاً:
فمن أهل الحديث من يرى أن رواية العبادلة الثلاثة عن ابن لهيعة مقبولة والعبادلة هم عبدالله بن المبارك وعبدالله بن يزيد المقرئ وعبدالله بن وهب رضي الله عنه لأنهم سمعوا منه قبل احتراق كتبه.
قال الحافظ عبدالغني بن سعيد الأزدي: "إذا روى العبادلة عن ابن لهيعة فهو صحيح وكذلك قال قتيبة بن سعيد وكذلك الذهبي، لأن ابن لهيعة سيئ الحفظ احترقت كتبه فحدث من حفظه فخلَّط ".
ومن أهل الحديث وهم المحققون يرون تضعيف ابن لهيعة مطلقاً قبل احتراق كتبه وبعدها.
ج- زيادة عند الطبراني من حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتخلى الرجل تحت شجرة مثمرة، ونهى أن يُتخلى على ضَفَّة نهر جارِ " انظر: "الأوسط".
وهذا إسناده ضعيف أيضاً لأن في سنده فرات بن السائب وهو متروك الحديث كما قال البخاري وغيره.
وخلاصة ما سبق أن الزيادات الثلاثة كلها ضعيفة ولا يصح إلا أصل الحديث الذي عند مسلم وهو حديث الباب والله أعلم.
الفائدة الثانية: في الحديث النهي عن التخلي في طرق الناس التي يمشون فيها ويطرقونها، أما الطرق المهجورة فيجوز التخلي فيها عند الحاجة.
الفائدة الثالثة: في الحديث النهي عن التخلي فيما يستظل به الناس سواءً كان شجرة أو جداراً أو مظلة من خشب أو حديد ونحوه أو غيرها مما ينتفع بها ويلحق بذلك الأماكن التي يتردد إليها الناس كالمنتزهات والحدائق، وأماكن الاستراحات التي تكون في بعض طرق الناس، وأما ما لا ينتفع به الناس ولا يجلسون فيه فيجوز التخلي فيه لقوله صلى الله عليه وسلم " أو في ظلهم " فأضاف الظل لهم وهو الذي ينتفعون به.
الفائدة الرابعة: ظاهر النهي عن التخلي في طريق الناس أو ظلهم التحريم وهو الصحيح والله أعلم لعدم الصارف إلى الكراهة ولأنه عمل يستوجب اللعنة ولما فيه من الأذية للمؤمنين قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً ﴾ [سورة الأحزاب: 58].
الفائدة الخامسة: في الحديث بيان كمال الشريعة الإسلامية وشمولها من حيث النظافة والنزاهة والبعد عما يضادها وبيان أماكن قضاء الحاجة والأماكن التي لا يجوز قضاء الحاجة فيها.
مستلة من إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم (كتاب الطهارة)
الألوكة
...................