zoro1
مـــــديـر عــــــام ايطاليا سات ♥ ♥ شئون اداريه
من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي
فضيلة كتمان السر
الشيخ طه محمد الساكت
فضيلةُ كتمان السِّر [1]
عن ثابت بن أسْلَمَ البُنَاني، عن أنس رضي الله عنه قال: "أتىَ عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وأنا ألعبُ مع الغِلْمان، فَسلَّم علينا، فبعثني إلى حاجةٍ، فأبطأتُ على أمي، فلمَّا جئتُ، قالت: ما حَبَسَكَ؟ قلت: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجةٍ، قالت: ما حَاجَتُهُ؟ قلت: إنَّها سِرٌّ، قالت: لا تُحَدِّثَنَّ بسرِّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أحدًا، قال أنس: واللهِ لو حَدَّثتُ به أحدًا لَحَدَّثْتُكَ به يا ثابت"، رواه مسلم[2]
صدور الأحرار قبور الأسرار:
خُلَّة من خِلال المروءة والنُّبل، وآيةٌ من آيِ الشَّرف والعقل، وسِمةٌ من سِمَات المَجْد والرُّشد، تلك هي صيانة السِّرِّ، والمبالغة في كتمانه، والحرص عليه أن يُمسَّ.
وَحَسْبُكَ دليلًا على منزلة هذه الخَصْلة في قلوب الناس قاطبةً، إجماعُهم على امتداح صاحبها، ووزنهم عقلَ الرجل وشرفه، وهمَّته ومروءته، بميزان حفظه للسر ودفنه له، وقديمًا قالوا: "صدور الأحرار قبور الأسرار".
وممَّا لا رَيْبَ فيه أنَّ الناس على حفظ الأموال أقدر منهم وآمنُ على حفظ الأسرار، فليس كلُّ أمين على المال حفيظًا على السِّر؛ ولذا يبلغ المرء من الجهد والنَّصَب في تخيُّر مَنْ يستودعه مكنون سرِّه، ما لا يبلغ معشاره فيمن يستودعه نفيس ماله، ويخاف على سرِّه أن يُذاع أكثر ممَّا يخاف على ماله الضَّياع؛ لأنَّ المال غادٍ ورائح، وأما السِّرُّ فقد يكون في إفشائه إزهاق روح أو تمزيق عرض.
وأوْلى الناس بأن يقدر هذه الفضيلة قدرها، مَنْ تربَّوا في حِجْر النبوَّة، أو تأدَّبوا بآدابها، واقْتَبسُوا من نورها.
قصَّةٌ رائعة في كتمان السر:
وهذه قصةٌ رائعة في كتمان السر، يقصُّها ثابتٌ البُناني عن أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثابتٌ هذا من سَادَة التابعين علمًا وفضلًا، وعبادةً ونُبلًا، وكان أثيرًا لدى أنس، ومقرَّبًا عنده، يُفْضي إليه بذات نفسه، ويبثُّه مكنونَ صدره، ويختصُّه بأكثر ما رَوَى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[1] مجلة الأزهر، العدد الرابع، المجلد الثامن عشر (1366).
[2] أخرجه مسلم (2482) في كتاب فضائل الصحابة، وروى البخاري بعضه مختصرًا (6289) بلفظ: أسرَّ إليَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم سرًّا، فما أخبرتُ به أحدًا بَعْدُ، ولقد سأَلتني عنه أمُّ سُلَيْم، فما أخبرتُها به.
الألوكة
.........