ما يرخص فيه من الكذب

    

قلعه برامج نت للشروحات    .. 

zoro1

مـــــديـر عــــــام برامج سات برامج نت ♥ ♥ رئيس إ

ما يرخص فيه من الكذب
سعيد مصطفى دياب


ما يرخص فيه من الكذب


رخص النبي صلى الله عليه وسلم في الكذب في حالات ثلاثة لا رابع لها:

أولها: في الإصلاح بين الناس، وصورة ذلك أن تأتي لمتخاصمين فتقول لأحدهما فلان - يعني الذي يخاصمه ويقاطعه - يقرئك السلام ويثني عليك خيرًا ويمدحك ونحو ذلك، وهو ما أثنى خيرًا ولا مدح وأرسل معه سلامًا، ويذهب إلى الآخر ويقول له مثل هذا الكلام يقصد بذلك الإصلاح بينهما، فهذا ليس كذباً في عرف الشرع بنص كلام النبي صلى الله عليه وسلم.



وثانيها: في الحرب فلو أُخِذَ المسلمُ أسيراً ثم سئل عن جيش المسلمين وعن سلاحهم لا يحل له أن يخبر بما يعلم من ذلك صيانة للمسلمين وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "الْحَرْبُ خُدْعَةٌ"[1].



ومما يدل على جواز الكذب في الحرب كذلك ما رواه البخاري في صحيحه عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ "مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ". فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ قَالَ "نَعَمْ" قَالَ ائْذَنْ لِي فَلأَقُلْ قَالَ: "قُلْ" فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ وَذَكَرَ مَا بَيْنَهُمَا وَقَالَ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ أَرَادَ صَدَقَةً وَقَدْ عَنَّانَا. فَلَمَّا سَمِعَهُ قَالَ وَأَيْضًا وَاللَّهِ لَتَمَلُّنَّهُ. قَالَ إِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ الآنَ وَنَكْرَهُ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ يَصِيرُ أَمْرُهُ - قَالَ - وَقَدْ أَرَدْتُ أَنْ تُسْلِفَنِي سَلَفًا قَالَ فَمَا تَرْهَنُنِي قَالَ مَا تُرِيدُ. قَالَ تَرْهَنُنِي نِسَاءَكُمْ قَالَ أَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ أَنَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا قَالَ لَهُ تَرْهَنُونِي أَوْلاَدَكُمْ. قَالَ يُسَبُّ ابْنُ أَحَدِنَا فَيُقَالُ رُهِنَ فِي وَسْقَيْنِ مِنْ تَمْرٍ. وَلَكِنْ نَرْهَنُكَ اللأْمَةَ - يَعْنِى السِّلاَحَ - قَالَ فَنَعَمْ وَوَاعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ بِالْحَارِثِ وَأَبِى عَبْسِ بْنِ جَبْرٍ وَعَبَّادِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ فَجَاءُوا فَدَعَوْهُ لَيْلاً فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ فقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ إِنِّي لأَسْمَعُ صَوْتًا كَأَنَّهُ صَوْتُ دَمٍ قَالَ إِنَّمَا هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَرَضِيعُهُ وَأَبُو نَائِلَةَ إِنَّ الْكَرِيمَ لَوْ دُعِيَ إِلَى طَعْنَةٍ لَيْلاً لأَجَابَ. قَالَ مُحَمَّدٌ إِنِّي إِذَا جَاءَ فَسَوْفَ أَمُدُّ يَدِي إِلَى رَأْسِهِ فَإِذَا اسْتَمْكَنْتُ مِنْهُ فَدُونَكُمْ قَالَ فَلَمَّا نَزَلَ نَزَلَ وَهُوَ مُتَوَشِّحٌ فَقَالُوا نَجِدُ مِنْكَ رِيحَ الطِّيبِ قَالَ نَعَمْ تَحْتِي فُلاَنَةُ هِيَ أَعْطَرُ نِسَاءِ الْعَرَبِ. قَالَ فَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَشُمَّ مِنْهُ قَالَ نَعَمْ فَشُمَّ. فَتَنَاوَلَ فَشَمَّ ثُمَّ قَالَ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَعُودَ قَالَ فَاسْتَمْكَنَ مِنْ رَأْسِهِ ثُمَّ قَالَ دُونَكُمْ. قَالَ فَقَتَلُوهُ.[2]



وثالثها: حديث الرجل امرأته والمرأة زوجها، إذا سأل الزوج زوجته فقال هل تحبينني؟ فإن كانت تبغضه فلا يجوز لها أن تظهر ذلك له بل يجب عليها أن تقول نعم أحبك، وكذا الزوجة إذا سئل زوجها وكان يبغضها لا يجوز له أن يظهر ذلك لها حتى تدوم العشرة بينهما ولا يهدم البيت ولا يتشرد الأولاد، بل ويجوز له الحلف على ذلك إن احتاج إليه.



فعن ابن أبي عزرة الدؤلي، وكان في خلافة عمر يخلع النساء التي يتزوجها، فطار له في الناس من ذلك أحدوثة فكرهها، فلما علم بذلك قام بعبد الله بن الأرقم حتى أدخله بيته، فقال لامرأته وابن الأرقم يسمع: أنشدك بالله، هل تبغضينني؟ فقالت امرأته: لا تناشدني. قال: بلى. فقالت: اللهم نعم. فقال ابن أبي عزرة لعبد الله: أتسمع. ثم انطلق حتى أتى عمر، ثم قال: يا أمير المؤمنين يحدثون أني أظلم النساء، وأخلعهن، فاسأل عبد الله بن الأرقم عما سمع من امرأتي، فسأل عمر عبد الله فأخبره، فأرسل عمر إلى امرأته، فجاءت، فقال لها:" أنت التي تحدثين زوجك أنك تبغضينه؟ "، قالت: يا أمير المؤمنين، إني أول من تاب، وراجع أمر الله، إنه يا أمير المؤمنين أنشدني بالله، فتحرجت أن أكذب، أفأكذب يا أمير المؤمنين؟ قال: "نعم، فاكذبي، فإن كانت إحداكن لا تحب أحدًا، فلا تحدثه بذلك، فإن أقل البيوت الذي يبنى على الحب، ولكن الناس يتعاشرون بالإسلام، والإحسان".[3]



عَنِ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِى مُعَيْطٍ رضي الله عنها وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ اللاَّتِي بَايَعْنَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ: "لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ وَيَقُولُ خَيْرًا وَيَنْمِى خَيْرًا". قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَلَمْ أَسْمَعْ يُرَخَّصُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ كَذِبٌ إِلاَّ فِي ثَلاَثٍ الْحَرْبُ وَالإِصْلاَحُ بَيْنَ النَّاسِ وَحَدِيثُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَحَدِيثُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا.[4]


[1] رواه البخاري-كتاب الجهاد والسير، باب الحرب خدعة- حديث:‏ 2887‏، ومسلم-كتاب الجهاد والسير باب، جواز الخداع في الحرب، حديث:‏3361 عن أبي هريرة وجابر رضي الله عنهم.‏

[2] رواه البخاري-كتاب المغازي، باب قتل كعب بن الأشرف - حديث:‏3829‏ ، ومسلم -كتاب الجهاد والسير، باب قتل كعب بن الأشرف طاغوت اليهود - حديث:‏3447‏

[3] رواه الخرائطي في مساوئ الأخلاق- باب ما يرخص فيه من الكذب، حديث:‏178‏

[4] رواه مسلم- كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الكذب وبيان ما يباح منه- حديث:‏4823‏




الألوكة
...........
 
lGPsaFq.gif

a994eba700d558dee8dd433e1a107da6.jpg
 
عودة
أعلى