فريق منتدى الدي في دي العربي
03-06-2016, 02:24 PM
أيقاس استعمال المصدر حالا؟
أد/ أبو أوس إبراهيم الشمسان
الحال كالخبر فكما يكون الخبر عين المبتدأ يكون الحال عين صاحبه، تقول: زيد منطلق؛ فالمنطلق زيد وزيد هو المنطلق، وكذا دخل زيدٌ مسرعًا؛ فالمسرع زيد وزيد هو المسرع. ومن أجل ذلك أشكل على النحويين مجيء الحال مصدرًا، نحو»قتلته صبرًا وأتيته ركضًا ومشيًا وعدوًا ولقيته فجأةً وكفاحًا وعيانًا وكلمته مشافهةً وطلع بغتةً وأخذت ذلك عنه سماعًا»، وإنما أشكل «لئلاّ يلزم الإخبار بمعنًى عن عينٍ» (اللمحة في شرح الملحة، 9: 8)، فكان أن ذهبوا مذاهب في تأويل ذلك: منها المشهور عن سيبويه أن المصدر استعمل استعمال المشتق؛ إذ «وقع المصدر صفة، كما أن الصفة وقعت مصدرًا في نحو: قم قائمًا» (شرح الكافية، 2: 38)، وأما المبرد فعدّ المصدر نائبًا عن المشتق، قال «ومن المصادر ما يقع في موضع الحال فيسد مسده، فيكون حالاً، لأنه قد ناب عن اسم الفاعل، وأغنى غناءه، وذلك قولهم: قتلته صبرًا. إنما تأويله: صابرًا أو مصبرًا، وكذلك: جئته مشيًا؛ لأن المعنى: جئته ماشيًا. فالتقدير: أمشي مشيًا، لأن المجيء على حالات، والمصدر قد دل على فعله من تلك الحال. ولو قلت: جئته إعطاءً لم يجز؛ لأن الإعطاء ليس من المجيء، ولكن جئته سعيًا، فهذا جيد؛ لأن المجيء يكون سعيًا. قال الله عز وجل: (ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتينَكَ سَعْيًا). فهذا اختصار يدل على ما يرد مما يشاكلها، ويجري مع كل صنف منها» (المقتضب، 2: 243)، «وقال بعضهم: هي مصادر على حذف مضاف أي إتيان ركض وسير عدو ولقاء فجأة وقيل هي أحوال على حذف مضاف أي ذا سعي وذا فجأة وقيل هي مفاعيل مطلقة للأفعال السابقة نوعيّة وعليه الكوفيون» (الهمع،2: 184). والفرق بين هذه التخريجات يتبين في الإعراب، فالمصدر حسب سيبويه منصوب على الحالية، وأما حسب المبرد فهو مفعول مطلق، وأما حسب الكوفيين فهو مفعول مطلق ناب مصدر عن غيره، وأما حسب من يقدر مضافًا فهو منصوب على نزع الخافض. وليس أمر التخريج بمشكل بل المشكل في حكم الظاهرة، قال الرضي: «ثم اعلم أنه لا قياس في شيء من المصادر يقع حالا، بل يقتصر على ما سمع منها» (شرح الكافية، 2: 38)، قال أبو حيان: «ومع كثرة ما ورد من ذلك قيل: أجمع الكوفيون والبصريون على أنه لا يستعمل من ذلك إلا ما استعملته العرب ولا يقاس عليه غيره فلا يجوز جاء زيد بكاءً ولا ضحك زيد بكاءً، وإن اختلفوا في التخريج، وشذّ المبرد فقال يجوز القياس» (ارتشاف الضرب، 1570)، والحق مع المبرد لأن مجيء الجملة حالاً مقيس والمصدر جزء منها، ولذلك كان قرار المجمع بقياسية استعمال المصدر حالاً موفقًا، ومن المحدثين الدكتور عبد الله صالح الفوزان قال: «والصحيح أن ذلك مقيس، لكثرة ما ورد منه، ولا داعي للتأويلات التي وردت في كتب النحو، وقولهم: إن ذلك لا يقاس عليه، لمجيئه على خلاف الأصل، غير مقبول، فإن كثرتها تبيح القياس، وما الذي يقاس عليه إذا لم تكن هذه الشواهد داعية للقياس عليها» (دليل السالك، 1: 253)، والصواب في قبوله القياس، أما اطراح التأويل النحوي فمتوقف فيه؛ إذ هو علة قبول القياس، إلى كثرة شواهد الظاهرة. وكما ينوب عن المصدر غيره في المفعولية المطلقة، وكما ناب عن الظرف غير اسم الزمان أو المكان، وكما ناب عن المشتق غيره في النعتية، ينوب عن المشتق المصدر وغير المصدر في الحالية.
منقول من/ شبكة ضِفَاف لِعُلومِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّة
أد/ أبو أوس إبراهيم الشمسان
الحال كالخبر فكما يكون الخبر عين المبتدأ يكون الحال عين صاحبه، تقول: زيد منطلق؛ فالمنطلق زيد وزيد هو المنطلق، وكذا دخل زيدٌ مسرعًا؛ فالمسرع زيد وزيد هو المسرع. ومن أجل ذلك أشكل على النحويين مجيء الحال مصدرًا، نحو»قتلته صبرًا وأتيته ركضًا ومشيًا وعدوًا ولقيته فجأةً وكفاحًا وعيانًا وكلمته مشافهةً وطلع بغتةً وأخذت ذلك عنه سماعًا»، وإنما أشكل «لئلاّ يلزم الإخبار بمعنًى عن عينٍ» (اللمحة في شرح الملحة، 9: 8)، فكان أن ذهبوا مذاهب في تأويل ذلك: منها المشهور عن سيبويه أن المصدر استعمل استعمال المشتق؛ إذ «وقع المصدر صفة، كما أن الصفة وقعت مصدرًا في نحو: قم قائمًا» (شرح الكافية، 2: 38)، وأما المبرد فعدّ المصدر نائبًا عن المشتق، قال «ومن المصادر ما يقع في موضع الحال فيسد مسده، فيكون حالاً، لأنه قد ناب عن اسم الفاعل، وأغنى غناءه، وذلك قولهم: قتلته صبرًا. إنما تأويله: صابرًا أو مصبرًا، وكذلك: جئته مشيًا؛ لأن المعنى: جئته ماشيًا. فالتقدير: أمشي مشيًا، لأن المجيء على حالات، والمصدر قد دل على فعله من تلك الحال. ولو قلت: جئته إعطاءً لم يجز؛ لأن الإعطاء ليس من المجيء، ولكن جئته سعيًا، فهذا جيد؛ لأن المجيء يكون سعيًا. قال الله عز وجل: (ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتينَكَ سَعْيًا). فهذا اختصار يدل على ما يرد مما يشاكلها، ويجري مع كل صنف منها» (المقتضب، 2: 243)، «وقال بعضهم: هي مصادر على حذف مضاف أي إتيان ركض وسير عدو ولقاء فجأة وقيل هي أحوال على حذف مضاف أي ذا سعي وذا فجأة وقيل هي مفاعيل مطلقة للأفعال السابقة نوعيّة وعليه الكوفيون» (الهمع،2: 184). والفرق بين هذه التخريجات يتبين في الإعراب، فالمصدر حسب سيبويه منصوب على الحالية، وأما حسب المبرد فهو مفعول مطلق، وأما حسب الكوفيين فهو مفعول مطلق ناب مصدر عن غيره، وأما حسب من يقدر مضافًا فهو منصوب على نزع الخافض. وليس أمر التخريج بمشكل بل المشكل في حكم الظاهرة، قال الرضي: «ثم اعلم أنه لا قياس في شيء من المصادر يقع حالا، بل يقتصر على ما سمع منها» (شرح الكافية، 2: 38)، قال أبو حيان: «ومع كثرة ما ورد من ذلك قيل: أجمع الكوفيون والبصريون على أنه لا يستعمل من ذلك إلا ما استعملته العرب ولا يقاس عليه غيره فلا يجوز جاء زيد بكاءً ولا ضحك زيد بكاءً، وإن اختلفوا في التخريج، وشذّ المبرد فقال يجوز القياس» (ارتشاف الضرب، 1570)، والحق مع المبرد لأن مجيء الجملة حالاً مقيس والمصدر جزء منها، ولذلك كان قرار المجمع بقياسية استعمال المصدر حالاً موفقًا، ومن المحدثين الدكتور عبد الله صالح الفوزان قال: «والصحيح أن ذلك مقيس، لكثرة ما ورد منه، ولا داعي للتأويلات التي وردت في كتب النحو، وقولهم: إن ذلك لا يقاس عليه، لمجيئه على خلاف الأصل، غير مقبول، فإن كثرتها تبيح القياس، وما الذي يقاس عليه إذا لم تكن هذه الشواهد داعية للقياس عليها» (دليل السالك، 1: 253)، والصواب في قبوله القياس، أما اطراح التأويل النحوي فمتوقف فيه؛ إذ هو علة قبول القياس، إلى كثرة شواهد الظاهرة. وكما ينوب عن المصدر غيره في المفعولية المطلقة، وكما ناب عن الظرف غير اسم الزمان أو المكان، وكما ناب عن المشتق غيره في النعتية، ينوب عن المشتق المصدر وغير المصدر في الحالية.
منقول من/ شبكة ضِفَاف لِعُلومِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّة