فريق منتدى الدي في دي العربي
10-14-2017, 03:20 AM
كان شيخنا العلامة الأستاذ الدكتور عمر الجيدي الغُماري الأصل رحمه الله من بين الأساتذة الذين شرفت بالتتلمذ عليهم في دار الحديث الحسنية أيام عزها وتوالي الخيرات والبركات عليها...كان الرجل علامة لا يُشق له غبار في المعرفة بتاريخ المذهب المالكي قد ألف في ذلك كتبا نفيسة تعدُّ اليوم أصولا لا يمكن الاستغناء عنها ولا تجاهلها...فهي مع قِدم عهد تأليفها وتقدم وفاة مؤلفها لا تزداد إلا نضارة وجلالة وكأن مؤلفها قد ألفها من زمن قريب هيئت فيه أسباب الاطلاع على مصادر مالكية جديدة، وتوافرت فيه همم الباحثين على دراسة المذهب المالكي في هذا الأفق الغربي...و كان هذا الألمعيُّ من أنجب تلاميذ العلامة الأستاذ الدكتور فاروق النبهان لطف الله به فهو كان مشرفه في رسالة الدكتوراه وكان منه قريبا ولديه أثيرا....وكان شيخنا الفقيه الهُمام يدرِّسنا في الدراسات العليا بالدار العامرة بالمبرَّات آنذاك آيات الأحكام...فيجلسُ لساعةٍ أو اثنتين يشرح الآية مستنبطا منها الأحكام من حفظه وصدره لا يرجع في ذلك إلى ورقة ولا كتاب... وكان رحمه الله آية في معرفة تاريخ المذهب في المغرب والأندلس يستحضر من حفظه أسماء فقهاء العُدوتين وتواريخهم وتصانيفهم..وقواعد استنباطاتهم...كلُّ ذلك في سلاسة وسهولة وكأنه يقرأ من كتاب بين يديه...ولبث في دار الحديث الحسنية معظم الشأن، موفور الاحترام، محبوبا لدى الباحثين من أولي النجابة، مرجوعا إليه في فنه، مستشارا في تخصصه، مناقشا لرسائل علمية كثيرة...حتى اخترمته المنية على حين غفلة - كهلا صغير السن، فرُزئنا فيه بل لقد رُزئ الفقه المالكي في عالمٍ لو عاش لصار مجتهدَ المذهب، وفقيهَ العصر، وعلامة المغرب...رحمه الله وسقى مضجعه وأثابه وجعل ما علَّم ونوَّر يلقاه يوم القيامة...