مشاهدة النسخة كاملة : مختصر البداية والنهاية لابن كثير (سنة 159)


فريق منتدى الدي في دي العربي
03-07-2016, 03:23 PM
مختصر البداية والنهاية لابن كثير (سنة 158)
<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>


ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ
اسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَخَلِيفَةُ النَّاسِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَهْدِيُّ بْنُ أَبي جَعْفَرَ المنصور
فَبَعَثَ فِي أَوَّلِهَا الْعَبَّاسَ بْنَ مُحَمَّدٍ إِلَى بِلَادِ الرُّومِ فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ , وَرَكِبَ مَعَهُمْ مُشَيِّعًا لَهُمْ
فَسَارُوا إِلَيْهَا , فَافْتَتَحُوا مَدِينَةً عَظِيمَةً لِلرُّومِ , وَمَطْمُورَةَ , وَغَنِمُوا غَنَائِمَ كَثِيرَةً , وَرَجَعُوا سَالِمِينَ , لَمْ يُفْقَدْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَحَدٌ .
وَفِيهَا جَهَّزَ الْمَهْدِيُّ جَيْشًا كَثِيفًا إِلَى بِلَادِ الْهِنْدِ مع عَبْد الْمَلِكِ بْن شِهَابٍ الْمِسْمَعِيّ , فَوَصَلُوا إِلَيْهَا فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ , وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ مَا سَنَذْكُرُهُ .
وَفِيهَا تُوُفِّيَ حُمَيْدُ بْنُ قَحْطَبَةَ نَائِبُ خُرَاسَانَ
فَوَلَّى الْمَهْدِيُّ مَكَانَهُ أَبَا عَوْنٍ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ يَزِيدَ
وَوَلَّى حَمْزَةَ بْنَ مَالِكٍ سِجِسْتَانَ
وَوَلَّى جَبْرَئِيلَ بْنَ يَحْيَى سَمَرْقَنْدَ .
وَفِيهَا بَنَى الْمَهْدِيُّ مَسْجِدَ الرُّصَافَةِ وَخَنْدَقَهَا .
وَفِيهَا أَطْلَقَ الْمَهْدِيُّ مَنْ كَانَ فِي السُّجُونِ , إِلَّا مَنْ كَانَ مَحْبُوسًا عَلَى دَمٍ , أَوْ مِمَّنْ يَسْعَى فِي الْأَرْضِ فَسَادًا , أَوْ عِنْدَهُ حَقٌّ لِأَحَدٍ
فَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ أَخْرَجَ مِنَ الْمُطْبِقِ ( سِجن مُظْلِم لا يَرى المسجون فيه النور أبدا ) : يَعْقُوبُ بْنُ دَاوُدَ , مَوْلَى بَنِي سُلَيْمٍ , وَالْحُسْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ , وَأَمَرَ الْخَلِيفَةُ بِصَيْرُورَةِ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ إِلَى نُصَيْرٍ الْخَادِمِ لِيَحْتَرِزَ عَلَيْهِ .
وَكَانَ الْحَسَنُ قَدْ عَزَمَ عَلَى الْهَرَبِ مِنَ السِّجْنِ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْهُ
فَلَمَّا خَرَجَ يَعْقُوبُ بْنُ دَاوُدَ مِنَ السِّجْنِ , نَاصَحَ الْخَلِيفَةَ بِمَا كَانَ عَزَمَ عَلَيْهِ الْحَسَنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
فَنَقَلَهُ الْخَلِيفَةُ مِنَ السِّجْنِ , وَأَوْدَعَهُ عِنْدَ نُصَيْرٍ الْخَادِمِ لِيَحْتَاطَ عَلَيْهِ
وَحَظِيَ يَعْقُوبُ بْنُ دَاوُدَ عِنْدَ الْمَهْدِيِّ جَدًّا , حَتَّى صَارَ يَدْخُلُ عَلَيْهِ فِي اللَّيْلِ بِلَا اسْتِئْذَانٍ
وَجَعَلَهُ الْخَلِيفَةُ عَلَى أُمُورٍ كَثِيرَةٍ فَوَّضَهَا إِلَيْهِ , وَأَطْلَقَ لَهُ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ , وَمَا زَالَ عِنْدَهُ كَذَلِكَ حَتَّى تَمَكَّنَ الْمَهْدِيُّ مِنَ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ , فَسَقَطَتْ مَنْزِلَةُ يَعْقُوبَ عِنْدَ الْمَهْدِيِّ .
وَقَدْ عَزَلَ الْمَهْدِيُّ نُوَّابًا كَثِيرَةً عَنِ الْبِلَادِ , وَوَلَّى بَدَلَهُمْ عَلَيْهَا .
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ تَزَوَّجَ الْمَهْدِيُّ بِابْنَةِ عَمِّهِ , أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ بِنْتِ صَالِحِ بْنِ عَلِيٍّ , وَأَعْتَقَ جَارِيَتَهُ الْخَيْزُرَانَ , وَتَزَوَّجَهَا أَيْضًا , وَهِيَ أُمُّ الرَّشِيدِ .
وَلَمَّا وَلِيَ الْمَهْدِيُّ سَأَلَ عِيسَى بْنَ مُوسَى - وَكَانَ وَلِيَّ الْعَهْدِ مِنْ بَعْدِ الْمَهْدِيِّ - أَنْ يَخْلَعَ نَفْسَهُ مِنَ الْأَمْرِ
فَامْتَنَعَ عَلَى الْمَهْدِيِّ , وَسَأَلَ أَنْ يُقِيمَ بِأَرْضِ الْكُوفَةِ فِي ضَيْعَةٍ لَهُ
فَأَذِنَ لَهُ
وَكَانَ قَدِ اسْتَقَرَّ عَلَى إِمْرَةِ الْكُوفَةِ رَوْحُ بْنُ حَاتِمٍ , فَكَتَبَ إِلَى الْمَهْدِيِّ : إِنَّ عِيسَى بْنَ مُوسَى لَا يَأْتِي الْجُمْعَةَ وَلَا الْجَمَاعَةَ مَعَ النَّاسِ إِلَّا شَهْرَيْنِ مِنَ السَّنَةِ , وَإِنَّهُ إِذَا جَاءَ يَدْخُلُ بِدَوَابِّهِ إِلَى دَاخِلِ بَابِ الْمَسْجِدِ , فَتَرُوثُ دَوَابُّهُ حَيْثُ يُصَلِّي النَّاسُ .
فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْمَهْدِيُّ أَنْ يَعْمَلَ خَشَبًا عَلَى أَفْوَاهِ السِّكَكِ , حَتَّى لَا يَصِلَ النَّاسُ إِلَى الْجَامِعِ إِلَّا مُشَاةً
فَعَلِمَ بِذَلِكَ عِيسَى بْنُ مُوسَى , فَاشْتَرَى قَبْلَ الْجُمْعَةِ دَارَ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ مِنْ وَرَثَتِهِ , وَكَانَتْ مُلَاصِقَةَ الْمَسْجِدِ , فَكَانَ يَأْتِي إِلَيْهَا مِنْ يَوْمِ الْخَمِيسِ , فَإِذَا كَانَ وَقْتُ الْجُمْعَةِ رَكِبَ حِمَارًا إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ , فَنَزَلَ عَنْهُ , وَشَهِدَ الصَّلَاةَ مَعَ النَّاسِ , وَأَقَامَ بِالْكُلِّيَّةِ فِي الْكُوفَةِ بِأَهْلِهِ
ثُمَّ أَلَحَّ الْمَهْدِيُّ عَلَى عِيسَى بْنِ مُوسَى فِي أَنْ يَخْلَعَ نَفْسَهُ مِنْ وِلَايَةِ الْعَهْدِ , وَتَوَعَّدَهُ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ
وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ يَمْتَنِعُ
فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْمَهْدِيُّ أَحَدَ الْقُوَّادِ الْكِبَارِ , وَهُوَ أَبُو هُرَيْرَةَ مُحَمَّدُ بْنُ فَرُّوخَ فِي أَلْفٍ مِنْ أَصْحَابِهِ لِإِحْضَارِهِ إِلَيْهِ , وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَصْحِبُوا مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ طَبْلًا , فَإِذَا وَاجَهُوا الْكُوفَةَ عِنْدَ إِضَاءَةِ الْفَجْرِ , ضَرَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِطَبْلِهِ
فَفَعَلُوا ذَلِكَ
فَارْتَجَّتِ الْكُوفَةُ , وَخَافَ عِيسَى بْنُ مُوسَى
فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَيْهِ دَعَوْهُ إِلَى حَضْرَةِ الْخَلِيفَةِ
فَأَظْهَرَ التَّشَكِّي
فَلَمْ يَقْبَلُوا , وَأَخَذُوهُ مَعَهُمْ , فَدَخَلُوا بَغْدَادَ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ لِثَلَاثٍ خَلَوْنَ مِنَ الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ
فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ وُجُوهُ بَنِي هَاشِمٍ , وَالْقُضَاةُ وَالْأَعْيَانُ , وَسَأَلُوهُ فِي ذَلِكَ
وَهُوَ يَمْتَنِعُ
ثُمَّ لَمْ يَزَلِ النَّاسُ بِهِ بِالرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ , حَتَّى أَجَابَ إِلَى ذَلِكَ
فَأَعْطَاهُ الْمَهْدِيُّ أَقْطَاعًا عَظِيمَةً , وَجَعَلَ لَهُ مِنَ الْمَالِ عَشَرَةَ آلَافِ أَلْفِ دِرْهَمٍ , وَقِيلَ : عِشْرِينَ أَلْفَ أَلْفٍ . ( أخذ عِيسَى بْنَ مُوسَى من المنصور 15 مليونا ليتنازل له عن ولاية العهد لابنه المهدي , وأخذ من المهدي 10 ملايين للسبب ذاته )
وَبُويِعَ لِوَلَدَيْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ , مُوسَى الْهَادِي , وَهَارُونَ الرَّشِيدِ , صَبِيحَةَ يَوْمِ الْخَمِيسِ لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ , فَجَلَسَ الْمَهْدِيُّ فِي قُبَّةٍ عَظِيمَةٍ فِي إِيوَانِ الْخِلَافَةِ , وَدَخَلَ الْأُمَرَاءُ فَبَايَعُوا
ثُمَّ نَهَضَ الْمَهْدِيُّ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ , وَجَلَسَ ابْنُهُ مُوسَى الْهَادِي تَحْتَهُ
وَقَامَ عِيسَى بْنُ مُوسَى عَلَى أَوَّلِ دَرَجَةٍ مِنْهُ
وَخَطَبَ الْمَهْدِيُّ , فَأَعْلَمَهُمْ بِمَا وَقَعَ مِنْ خَلْعِ عِيسَى بْنِ مُوسَى نَفْسَهُ , وَأَنَّهُ قَدْ حَلَّلَ النَّاسَ مِنَ الْأَيْمَانِ الَّتِي لَهُ فِي أَعْنَاقِهِمْ , وَجَعَلَ ذَلِكَ إِلَى مُوسَى الْهَادِي
فَصَدَّقَ عِيسَى بْنُ مُوسَى ذَلِكَ , وَبَايَعَ الْمَهْدِيَّ عَلَى ذَلِكَ
ثُمَّ نَهَضَ النَّاسُ فَبَايَعُوا الْخَلِيفَةَ عَلَى حَسَبِ مَرَاتِبِهِمْ وَأَسْنَانِهِمْ
وَكَتَبَ الْمَهْدِيُّ عَلَى عِيسَى بْنِ مُوسَى مَكْتُوبًا مُؤَكَّدًا بِالْأَيْمَانِ الْبَالِغَةِ مِنَ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ , وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ جَمَاعَةَ الْأُمَرَاءِ وَالْوُزَرَاءِ وَأَعْيَانِ بَنِي هَاشِمٍ وَغَيْرِهِمْ .
وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ يَزِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ خَالُ الْمَهْدِيِّ , وَكَانَ نَائِبًا عَلَى الْيَمَنِ , فَوَلَّاهُ الْمَوْسِمَ , وَاسْتَقْدَمَهُ عَلَيْهِ شَوْقًا إِلَيْهِ .
وَغَالِبُ نُوَّابِ الْبِلَادِ قَدْ تَغَيَّرُوا فِي هَذِهِ السَّنَةِ , غَيْرَ أَنَّ إِفْرِيقِيَّةَ مَعَ يَزِيدَ بْنِ حَاتِمٍ
وَعَلَى مِصْرَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَبُو ضَمْرَةَ
وَعَلَى خُرَاسَانَ أَبُو عَوْنٍ
وَعَلَى السِّنْدِ بِسِطَامُ بْنُ عَمْرٍو
وَعَلَى الْأَهْوَازِ وَفَارِسَ عُمَارَةُ بْنُ حَمْزَةَ
وَعَلَى الْيَمَنِ رَجَاءُ بْنُ رَوْحٍ
وَعَلَى الْيَمَامَةِ بِشْرُ بْنُ الْمُنْذِرِ
وَعَلَى الْجَزِيرَةِ الْفَضْلُ بْنُ صَالِحٍ
وَعَلَى الْمَدِينَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ الْجُمَحِيُّ
وَعَلَى مَكَّةَ وَالطَّائِفِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ الْجُمَحِيُّ
وَعَلَى أَحْدَاثِ الْكُوفَةِ إِسْحَاقُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْكِنْدِيُّ
وَعَلَى خَرَاجِهَا ثَابِتُ بْنُ مُوسَى
وَعَلَى قَضَائِهَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيُّ
وَعَلَى أَحْدَاثِ الْبَصْرَةِ عُمَارَةُ بْنُ حَمْزَةَ
وَعَلَى صَلَاتِهَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ ظَبْيَانَ النُّمَيْرِيُّ
وَعَلَى قَضَائِهَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيُّ .

مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ الْمَدَنِيُّ , نَظِيرُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِي الْفِقْهِ , وَرُبَّمَا أَنْكَرَ عَلَى مَالِكٍ فِي تَرْكِهِ الْأَخْذَ بِبَعْضِ الْأَحَادِيثِ , لِمَآخِذَ كَانَ يَرَاهَا مَالِكٌ مِنْ إِجْمَاعِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ , وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَسَالِكِ .

Adsense Management by Losha