فريق منتدى الدي في دي العربي
03-07-2016, 03:23 PM
آثار العبادات
الشيخ صالح بن عبدالرحمن الأطرم
الحمد لله خالق الكون أجمعين، ورازقهم فهو خير الرازقين، فسبحانه من إله عظيم يُثيب المطيعين، ويُعاقِب المسيئين؛ ليجزي الذين أساؤوا بما عمِلوا، ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى، وأشكره على عموم فضله، وجزيل نِعمه، الظاهرة والباطنة؛ من حفظٍ للأبدان، وحماية للأوطان، وقد تأذَّن في الزيادة للشاكرين، وبالعذاب الشديد للجاحدين الكافرين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أوجب بعضَ الطاعات، وسنَّ بعضها؛ لتتوالى على عباده الحسنات.
أما بعد:
فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أن أساسَ التقوى هو الإيمان المبني على ستة أركان: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، حلوه ومره، ولهذا الإيمانِ أعمال ظاهرة يُحكَم بوجودها على إسلام المرء أو كُفْره، وهذه الأعمال هي أركان الإسلام ومبانيه العِظام؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: ((بني الإسلامُ على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً)).
وهذه العبادات منها ما هو مرة واحدة في العام لا يتكرَّر؛ كالزكاة التي هي طُهْرة للمال، وزيادة له وخير وبركة، وظاهرة للعطف على الفقراء والمحتاجين، وكالحج الذي يَشتمِل على بذْل المال والجهد والمشقة، وهو واجب على المسلم في عمره مرة واحدة، وما زاد فتطوُّع، وهذا الحج - يا عباد الله - علامة ودليل على طاعة المرء وانقياده لله رب العالمين، فيطوف بالكعبة؛ امتثالاً لأمر الله تعالى، وبين الصفا والمروة ساعيًا؛ متأسيًا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويقف بعرفة؛ ليُباهي الله تعالى به ملائكتَه، ويَبيت بمزدلفة ومنى ويرمي الجمرات، ويحلق رأسه أو يُقصِّره؛ متمشيًا على خطى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإزالة للأذى والشعث بالحلق أو التقصير، أو يذبح الحاج هديه؛ تقربًا إلى الله تعالى قائلاً: بسم الله والله أكبر، كل هذه الأنساك تذليلاً للعبد وتطهيرًا له من آثامه، وتطهيرًا للقلوب من الذنوب، واستسلامًا للحي القيوم، الذي أمر بتطهير بيته من الأصنام، وعبادة الأوثان فيه، ومن الشرك؛ ليَطهُر مَن يحجه على هذا الوصف من آثامه ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ﴾ [الحج: 34]، وشرع الصيام الذي يَشتمِل على كفِّ الشهوة عن المباحات في نهار رمضان؛ حتى يتعوَّد المسلم على كبْح جماح نفسه، وكفِّها ومنْعها عن الحرام طيلة العام.
ثم اعلموا يا عباد الله، أن الحكمة من أمر الله تعالى لعباده أن يذكروه ويستغفروه عَقِب كل عبادة - أن يُشعِرهم أن الواجب هو الاستمرار في الطاعة، وإتباع الحسنة بالحسنة، فقال عقِب الصيام: ﴿ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185]، وقال في الحج: ﴿ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ﴾ [البقرة: 198]، وشرع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الدعاء عند دفْع الزكاة: ((اللهم اجعلها مغنمًا، ولا تجعلها مغرمًا))، ثم إن هذه العبادات تنفع من أدَّاها إذا أراد الآخرةَ بصلاح نيته، واستمرَّ على الطاعات، وكان مؤمنًا حقًّا؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ﴾ [الإسراء: 19].
واعلموا أن من أجلِّ الطاعات وأشرفها التي يجب الاستمرار والمحافظة عليها: هذه الصلوات الخمس المتكرِّرة في اليوم والليلة في أوقاتها التي لا تَصِح إلا فيها، والتي هي شرط في صحتها؛ ﴿ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾ [النساء: 103]، وإن استمرار المسلم عليها أكبر دليل على محبته لله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وعلى طاعة العبد وانقياده لله تعالى، فهي أشرف العبادات بعد الشهادتين، وهي النور في الوجه، والسَّعة في الرزق، ولا تَسقُط عن المسلم لا في حضرٍ ولا في سفر، ولا في صحة ولا مرض، ولا أمن ولا خوف، ولا تسقط إلا عن المجانين والمعاتيه، وهذا دليل على عِظَم شأنها، وأن مَن أضاعها فهو لما سواها أضيع ولا حظَّ له في الإسلام، وبقيَّة أركان الإسلام قد تَسقُط بالعجز كالحج، وعدم المال كالزكاة، أو الإطعام عنها كالصيام، فقال: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الجمعة: 10].
فاتقوا الله تعالى أيها المسلمون، وحافظوا على ما فرضه الله - عز وجل - عليكم، وإياكم والإهمال في أداء العبادات، واتقوا يومًا تُرجَعون فيه إلى الله تعالى، ثم تُوفَّى كل نفس ما كسبت وهم لا يُظلِمون.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ [الذاريات: 56 - 58].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذِّكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الشيخ صالح بن عبدالرحمن الأطرم
الحمد لله خالق الكون أجمعين، ورازقهم فهو خير الرازقين، فسبحانه من إله عظيم يُثيب المطيعين، ويُعاقِب المسيئين؛ ليجزي الذين أساؤوا بما عمِلوا، ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى، وأشكره على عموم فضله، وجزيل نِعمه، الظاهرة والباطنة؛ من حفظٍ للأبدان، وحماية للأوطان، وقد تأذَّن في الزيادة للشاكرين، وبالعذاب الشديد للجاحدين الكافرين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أوجب بعضَ الطاعات، وسنَّ بعضها؛ لتتوالى على عباده الحسنات.
أما بعد:
فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أن أساسَ التقوى هو الإيمان المبني على ستة أركان: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، حلوه ومره، ولهذا الإيمانِ أعمال ظاهرة يُحكَم بوجودها على إسلام المرء أو كُفْره، وهذه الأعمال هي أركان الإسلام ومبانيه العِظام؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: ((بني الإسلامُ على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً)).
وهذه العبادات منها ما هو مرة واحدة في العام لا يتكرَّر؛ كالزكاة التي هي طُهْرة للمال، وزيادة له وخير وبركة، وظاهرة للعطف على الفقراء والمحتاجين، وكالحج الذي يَشتمِل على بذْل المال والجهد والمشقة، وهو واجب على المسلم في عمره مرة واحدة، وما زاد فتطوُّع، وهذا الحج - يا عباد الله - علامة ودليل على طاعة المرء وانقياده لله رب العالمين، فيطوف بالكعبة؛ امتثالاً لأمر الله تعالى، وبين الصفا والمروة ساعيًا؛ متأسيًا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويقف بعرفة؛ ليُباهي الله تعالى به ملائكتَه، ويَبيت بمزدلفة ومنى ويرمي الجمرات، ويحلق رأسه أو يُقصِّره؛ متمشيًا على خطى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإزالة للأذى والشعث بالحلق أو التقصير، أو يذبح الحاج هديه؛ تقربًا إلى الله تعالى قائلاً: بسم الله والله أكبر، كل هذه الأنساك تذليلاً للعبد وتطهيرًا له من آثامه، وتطهيرًا للقلوب من الذنوب، واستسلامًا للحي القيوم، الذي أمر بتطهير بيته من الأصنام، وعبادة الأوثان فيه، ومن الشرك؛ ليَطهُر مَن يحجه على هذا الوصف من آثامه ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ﴾ [الحج: 34]، وشرع الصيام الذي يَشتمِل على كفِّ الشهوة عن المباحات في نهار رمضان؛ حتى يتعوَّد المسلم على كبْح جماح نفسه، وكفِّها ومنْعها عن الحرام طيلة العام.
ثم اعلموا يا عباد الله، أن الحكمة من أمر الله تعالى لعباده أن يذكروه ويستغفروه عَقِب كل عبادة - أن يُشعِرهم أن الواجب هو الاستمرار في الطاعة، وإتباع الحسنة بالحسنة، فقال عقِب الصيام: ﴿ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185]، وقال في الحج: ﴿ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ﴾ [البقرة: 198]، وشرع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الدعاء عند دفْع الزكاة: ((اللهم اجعلها مغنمًا، ولا تجعلها مغرمًا))، ثم إن هذه العبادات تنفع من أدَّاها إذا أراد الآخرةَ بصلاح نيته، واستمرَّ على الطاعات، وكان مؤمنًا حقًّا؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ﴾ [الإسراء: 19].
واعلموا أن من أجلِّ الطاعات وأشرفها التي يجب الاستمرار والمحافظة عليها: هذه الصلوات الخمس المتكرِّرة في اليوم والليلة في أوقاتها التي لا تَصِح إلا فيها، والتي هي شرط في صحتها؛ ﴿ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾ [النساء: 103]، وإن استمرار المسلم عليها أكبر دليل على محبته لله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وعلى طاعة العبد وانقياده لله تعالى، فهي أشرف العبادات بعد الشهادتين، وهي النور في الوجه، والسَّعة في الرزق، ولا تَسقُط عن المسلم لا في حضرٍ ولا في سفر، ولا في صحة ولا مرض، ولا أمن ولا خوف، ولا تسقط إلا عن المجانين والمعاتيه، وهذا دليل على عِظَم شأنها، وأن مَن أضاعها فهو لما سواها أضيع ولا حظَّ له في الإسلام، وبقيَّة أركان الإسلام قد تَسقُط بالعجز كالحج، وعدم المال كالزكاة، أو الإطعام عنها كالصيام، فقال: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الجمعة: 10].
فاتقوا الله تعالى أيها المسلمون، وحافظوا على ما فرضه الله - عز وجل - عليكم، وإياكم والإهمال في أداء العبادات، واتقوا يومًا تُرجَعون فيه إلى الله تعالى، ثم تُوفَّى كل نفس ما كسبت وهم لا يُظلِمون.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ [الذاريات: 56 - 58].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذِّكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.