فريق منتدى الدي في دي العربي
03-07-2016, 03:23 PM
من وحى أهل الحديث
المناقل
(نقل الأسماء عن مسمياتها و معانيها)
إعداد
دكتور كامل محمد عامر
مختصر بتصرف من كتاب
الإحكام في أصول الأحكام
للإمام المحدث الحافظ أبي محمدعلي بن أحمد بن سعيد الأندلسي القرطبي
1433هـ ــــ 2012م
(الطبعة الأولي)
نقل الأسماء عن مسمياتها ومعانيها يكون بأربعة أوجه:
أحدها:نقل الاسم إلى بعض معناه الذي يقع عليه دون بعض
وهذا هوالعموم الذي استثني منه شيء ما فبقي سائره مخصوصاً من كل ما يقع عليه كقوله تعالى:{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُإِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناًوَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ }[آل عمران 173]. فالناس الذين قيل لهم ليس عموم الناس فهناك مجموعة من الناس تحدثواومجموعة استمعت ومجموعة اجتمعتعلى المسلمين.
والوجه الثاني: نقل الاسم عن موضوعه في اللغة بالكلية، وإطلاقه على شيء آخر
كنقل الله تعالى اسم الصلاة عن الدعاء فقط، إلى الصلاة المعروفة. وكنقله تعالى اسم الزكاة عن التطهر من القبائح إلى إعطاء مال محدود بصفة محدودة.
ومن هذا الباب نقل الأمر عن الوجوب إلى الندب أو الإباحة، ونقل الأمر عن إلزام العمل به إلى المهلة فيه فنقل الأمر عن الوجوب والفور إلى الندب والتراخي هو باب واحد، مع نقل اللفظ عما يقتضيه ظاهره إلى معنى آخر. وهذا الباب يسمى في الكلام وفي الشعر الاستعارة والمجاز،ومنه قوله تعالى: {ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ }[الدخان 49] ومثل هذا كثير.
الوجه الثالث:نقل خبر عن شيء ما إلى شيء آخر اكتفاء بفهم المخاطب
كقوله تعالى:} وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ}[يوسف:82]وإنما أراد تعالى أهل القرية وأهل العير، فأقام الخبر عن القرية والعير مقام الخبر عن أهلها.
وكقوله تعالى: { وَإِنْ كُنْتُمْ مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً }[النساء 43 ] فأقام ذكر السفر والمرض مقام الحَدَث، لأن المراد فأحدثتم.
وكقوله تعالى: { ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ }[المائدة 89] فأوقع تعالى الحكم على الحِلْف، وإنما هو على الحِنْث أو إرادته لا على الحلف، ومثل هذا كثير.
والوجه الرابع:نقل لفظ عن كونه حقّاً موجباً لمعناه إلى كونه باطلاً محرماً، وهذا هو النسخ
الفرق بين النسخ وبين نقل الأمر عن الوجوب إلى الندب أو غيرهأن النسخ كان الأمر المنسوخ مراداً منا العمل به قبل أن ينسخ، وأما المحمول على الندب فلم يرد قط منا إلزامنا العمل به.
البراهين الدالة على النقل تنقسم قسمين:
إما طبيعةوهو ما دل العقل على أن اللفظ منقول من موضوعه
مثل قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ }آل عمران 173 ] فصح بضرورة العقل، أن المراد بذلك بعض الناس.
ومثل قوله تعالى: {قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً }(الإسراء: 50)علمنا بضرورة العقل أنه أمر تعجيز، لأنه لا يقدر أحد على أن يصير حجارة أو حديداً، ولو كان أمر تكوين لكانوا كذلك.
وإما شريعةوهي أن يأتي نص أو إجماع على أحد وجوه النقل
كما دل الإجماع على أن اسم أب في قوله تعالى:{وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِّنَ النِّسَآءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَآءَ سَبِيلاً }[النساء 22] منقول من الاقتصار على الأب وعلى الأجداد من الأب والأم وإن بعدوا، إلى الآباء من الرضاعة والأجداد من الرضاعة لقوله عليه السلام: « يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ»[البخارى كتاب الشهادات باب الشَّهَادَةِ عَلَى الأَنْسَابِ وَالرَّضَاعِ ].
وكما دل النص أيضاً على نقل اسم الأب إلى العم في قوله تعالى حاكياً عن القائلين: {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }[البقرة 133 ] وإنما كان إسماعيل عمّاً لا أباً.
فصح بذلك أن إخراج الأسماء عن مواضعهاإذا قام دليل على ذلكواجبلأنه أخذ في كل ذلك:
· بالظاهر الوارد
· وبالنص الزائد
ووجب إذا عدم دليل منها ألا ينقل شيء من الخطاب عن ظاهره في اللغة.
وقد قال تعالى: { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }[النحل 44 ] فلاح أن لا بيان إلا
§ بنص
§ أو بضرورة عقل
لأن رسول الله صلى الله عليه و سلم هو التالي علينا القرآن فهو المبين وهو الآمر باتباع القرآن والسنن والإجماع، وهو عليه السلام الذي نصّ علينا في القرآن إيجاب استعمال العقل والحس.
فصل
وأما نقل الأمر عن الوجوب إلى الندب فإنه لا مدخل للعقل فيه، وإنما يؤخذ من نص آخر أو إجماع فقط، كما في قوله تعالى: { وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ }[المائدة 2 ] أنه إباحة للإجماع على ذلك.
وأما النهي عن القرآن بين التمرتين في الأكل والإشهاد على التبايع وكتابة الديون، والانتشار بعد الصلاة للنوم والأكل وطلب الرزق، والأكل من الهدي والإطعام منه، ومن الأضحية ففرائض كلها،لأنه لا نص في إخراجها عن الوجوب، ولا إجماع.
وأما أمره تعالى لأهل النار بالدخول فيها وأن يخسؤوا، فأمر اضطرار لا محيد لهم عنه.
وأما أمره تعالى لأهل الجنة بالأكل وبالشرب وقبول النعيم فأمر إيجاب لا بد لهم من قبوله مختارين مغتبطين، كما تفعل الملائكة فيما يؤمرون به، وبالله تعالى التوفيق.
المناقل
(نقل الأسماء عن مسمياتها و معانيها)
إعداد
دكتور كامل محمد عامر
مختصر بتصرف من كتاب
الإحكام في أصول الأحكام
للإمام المحدث الحافظ أبي محمدعلي بن أحمد بن سعيد الأندلسي القرطبي
1433هـ ــــ 2012م
(الطبعة الأولي)
نقل الأسماء عن مسمياتها ومعانيها يكون بأربعة أوجه:
أحدها:نقل الاسم إلى بعض معناه الذي يقع عليه دون بعض
وهذا هوالعموم الذي استثني منه شيء ما فبقي سائره مخصوصاً من كل ما يقع عليه كقوله تعالى:{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُإِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناًوَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ }[آل عمران 173]. فالناس الذين قيل لهم ليس عموم الناس فهناك مجموعة من الناس تحدثواومجموعة استمعت ومجموعة اجتمعتعلى المسلمين.
والوجه الثاني: نقل الاسم عن موضوعه في اللغة بالكلية، وإطلاقه على شيء آخر
كنقل الله تعالى اسم الصلاة عن الدعاء فقط، إلى الصلاة المعروفة. وكنقله تعالى اسم الزكاة عن التطهر من القبائح إلى إعطاء مال محدود بصفة محدودة.
ومن هذا الباب نقل الأمر عن الوجوب إلى الندب أو الإباحة، ونقل الأمر عن إلزام العمل به إلى المهلة فيه فنقل الأمر عن الوجوب والفور إلى الندب والتراخي هو باب واحد، مع نقل اللفظ عما يقتضيه ظاهره إلى معنى آخر. وهذا الباب يسمى في الكلام وفي الشعر الاستعارة والمجاز،ومنه قوله تعالى: {ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ }[الدخان 49] ومثل هذا كثير.
الوجه الثالث:نقل خبر عن شيء ما إلى شيء آخر اكتفاء بفهم المخاطب
كقوله تعالى:} وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ}[يوسف:82]وإنما أراد تعالى أهل القرية وأهل العير، فأقام الخبر عن القرية والعير مقام الخبر عن أهلها.
وكقوله تعالى: { وَإِنْ كُنْتُمْ مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً }[النساء 43 ] فأقام ذكر السفر والمرض مقام الحَدَث، لأن المراد فأحدثتم.
وكقوله تعالى: { ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ }[المائدة 89] فأوقع تعالى الحكم على الحِلْف، وإنما هو على الحِنْث أو إرادته لا على الحلف، ومثل هذا كثير.
والوجه الرابع:نقل لفظ عن كونه حقّاً موجباً لمعناه إلى كونه باطلاً محرماً، وهذا هو النسخ
الفرق بين النسخ وبين نقل الأمر عن الوجوب إلى الندب أو غيرهأن النسخ كان الأمر المنسوخ مراداً منا العمل به قبل أن ينسخ، وأما المحمول على الندب فلم يرد قط منا إلزامنا العمل به.
البراهين الدالة على النقل تنقسم قسمين:
إما طبيعةوهو ما دل العقل على أن اللفظ منقول من موضوعه
مثل قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ }آل عمران 173 ] فصح بضرورة العقل، أن المراد بذلك بعض الناس.
ومثل قوله تعالى: {قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً }(الإسراء: 50)علمنا بضرورة العقل أنه أمر تعجيز، لأنه لا يقدر أحد على أن يصير حجارة أو حديداً، ولو كان أمر تكوين لكانوا كذلك.
وإما شريعةوهي أن يأتي نص أو إجماع على أحد وجوه النقل
كما دل الإجماع على أن اسم أب في قوله تعالى:{وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِّنَ النِّسَآءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَآءَ سَبِيلاً }[النساء 22] منقول من الاقتصار على الأب وعلى الأجداد من الأب والأم وإن بعدوا، إلى الآباء من الرضاعة والأجداد من الرضاعة لقوله عليه السلام: « يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ»[البخارى كتاب الشهادات باب الشَّهَادَةِ عَلَى الأَنْسَابِ وَالرَّضَاعِ ].
وكما دل النص أيضاً على نقل اسم الأب إلى العم في قوله تعالى حاكياً عن القائلين: {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }[البقرة 133 ] وإنما كان إسماعيل عمّاً لا أباً.
فصح بذلك أن إخراج الأسماء عن مواضعهاإذا قام دليل على ذلكواجبلأنه أخذ في كل ذلك:
· بالظاهر الوارد
· وبالنص الزائد
ووجب إذا عدم دليل منها ألا ينقل شيء من الخطاب عن ظاهره في اللغة.
وقد قال تعالى: { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }[النحل 44 ] فلاح أن لا بيان إلا
§ بنص
§ أو بضرورة عقل
لأن رسول الله صلى الله عليه و سلم هو التالي علينا القرآن فهو المبين وهو الآمر باتباع القرآن والسنن والإجماع، وهو عليه السلام الذي نصّ علينا في القرآن إيجاب استعمال العقل والحس.
فصل
وأما نقل الأمر عن الوجوب إلى الندب فإنه لا مدخل للعقل فيه، وإنما يؤخذ من نص آخر أو إجماع فقط، كما في قوله تعالى: { وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ }[المائدة 2 ] أنه إباحة للإجماع على ذلك.
وأما النهي عن القرآن بين التمرتين في الأكل والإشهاد على التبايع وكتابة الديون، والانتشار بعد الصلاة للنوم والأكل وطلب الرزق، والأكل من الهدي والإطعام منه، ومن الأضحية ففرائض كلها،لأنه لا نص في إخراجها عن الوجوب، ولا إجماع.
وأما أمره تعالى لأهل النار بالدخول فيها وأن يخسؤوا، فأمر اضطرار لا محيد لهم عنه.
وأما أمره تعالى لأهل الجنة بالأكل وبالشرب وقبول النعيم فأمر إيجاب لا بد لهم من قبوله مختارين مغتبطين، كما تفعل الملائكة فيما يؤمرون به، وبالله تعالى التوفيق.