مشاهدة النسخة كاملة : أخلاق الرسول في القرآن


فريق منتدى الدي في دي العربي
10-29-2017, 04:45 AM
أخلاق الرسول في القرآن


جاءت آيات القرآن الكريم عن الرسول صلى الله عليه وسلم مركزة على أخلاقه العليا، وأنه نعم الأسوة لأصحابه وللعالمين جميعاً، فكانت الآيات الكريمة شهادات ربانية في أخلاق الرسول العليا، ونلاحظ أن الآيات التي تناولت الشمائل المحمدية جاءت بصيغة تقريرية مباشرة، تثبت الخلق الكريم، وتنفي الغلظة والجفاء، وتوصي بالتراحم والمشاورة وحسن الخطاب.

فالمولى تبارك وتعالى ينعت نبيه من فوق سبع سماوات بشهادة ربانية: ? وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ? [القلم: 4]
وقد جاء في تفسير الآية: إنك لعلى دين عظيم وهو الإسلام، أو لعلى أدبٍ عظيم وكما وسمت السيدة عائشة - رضي الله عنها - المصطفى بقولها: " كان خلقه القرآن " وفي رواية: أجابت السيدة عائشة عن سؤال وجّه إليها " كيف كان خلق الرسول؟ فقالت للسائل: ألست تقرأ القرآن؟ قال: بلى. قالت: فإن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن .

وهذا دليل على أن الرسول كان متمثلاً مطبقا لهدي القرآن وتعاليمه، واتخذه سجايا وسلوكا له، وكما يشير ابن كثير إلى أن: " خلقًا تطبّعه ((صلى الله عليه وسلم)) وترك طبعه الجبلي، فمهما أمره القرآن فعَلَه، ومهما نهاه عنه تركه، هذا مع ما جبله الله عليه من الخلق العظيم من الحياء والكرم والشجاعة والصفح والحلم، وكل خلق جميل.

وفي رواية أخرى، عن أبي الدرداء (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
) - رضي الله عنه - قال: سألتُ عائشة عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: كان خلقه القرآن يرضى لرضاه، ويسخط لسخطه. وردت على سؤال آخر، قالت: كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن ثم قالت: أتقرأ سورة المؤمنين إلى العرش، قال: نعم، قالت: هكذا كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم .

إن هذه الآية " تحمل الشهادة الكبرى والتكريم العظيم...، وتتجاوب أرجاء الوجود بهذا الثناء الفريد على النبي الكريم، ويثبت هذا الثناء العلوي في صميم الوجود، ويعجز كل قلم، ويعجز كل تصور، عن وصف قيمة هذه الكلمة العظيمة من رب الوجود " .

وتبرز عظمة الرسول - عليه الصلاة والسلام - في هذه الآية الكريمة في عدة نواح: " تبرز من كونها كلمة من الله الكبير المتعال، يسجلها ضمير الكون، وتثبت في كيانه، وتتردد في الملأ الأعلى إلى ما شاء الله. وتبرز من جانب آخر، من جانب إطاقة محمد (صلى الله عليه وسلم) لتلقيها، وهو يعلم من ربه هذا، قائل هذه الكلمة. ما هو؟ ما عظمته؟ ما دلالة كلماته؟ ما مداها؟ ما صداها؟ ويعلم من هو إلى جانب هذه العظمة المطلقة التي يدرك هو منها ما لا يدركه أحد من العالمين.
إن إطاقة محمد (صلى الله عليه وسلم) لتلقي هذه الكلمة من هذا المصدر، وهو ثابت، لا ينسحق تحت ضغطها الهائل - ولو أنها ثناء - ولا تتأرجح شخصيته تحت وقعها وتضطرب.. تلقيه لها في طمأنينة وفي تماسك وفي توازن.. هو ذاته دليل على عظمة شخصيته فوق كل دليل ".

وفي قوله تعالى: ? لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ? [الأحزاب: 21]
نعت للرسول بأنه أسوة حسنة، فهذه الآية: " أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله...، أي هلاّ اقتديتم به وتأسيتم بشمائله" فالأسوة هي القدوة، والرسول كان الأنموذج الأنقى والأصفى لأصحابه، وهو في دعوته ليس منظّرًا فيلسوفًا بضاعته الكلام، بل مربيًا هاديًا داعيًا، قولا وفعلاً، وسلوكًا طيبًا في قدوته لأصحابه، وتنبه الآية الكريمة الجماعة المؤمنة الراجية رضا الله والنجاة يوم القيامة أن تتأسى بالرسول صلى الله عليه وسلم ، في حياتها.

وروى البراء بن عازب، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجهًا، وأحسن الناس خلقًا. وقال أيضًا: " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق "

يقول المولى تعالى أيضاً: ? فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِي نَ ? [آل عمران: 159].
تعطي الآية الكريمة وصفا عاما لأخلاق الرسول في تعامله مع الجماعة المؤمنة، ورغم أن مناسبة نزولها هي مخالفة بعض صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأوامر الرسول في غزوة أحد مما تسبب في الهزيمة، ولكننا نرى القيادة الحكيمة من قِبَل الرسول (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه بالخلق الطيب، والقلب الرحيم.
وتركّز الآية الكريمة على أن الرحمة خلق أودعه الله تعالى في قلب رسوله، ولفظ " رحمة " يخصصها إلا أن أبا حامد الغزالي يرى أن الآية دالة على" حسن الخلق " بشكل عام
وهي رؤية عامة فحسن الخلق - في الآية - يتفق مع مناسبة النزول، فإن حسن معاملة الرسول لمن خالفوا أوامره لا يقتصر على خلق الرحمة، بل ينصرف إلى أخلاق أخرى، يستلزمها التعامل في مثل هذه المواقف مع المخالفين وهم من الصحابة عليهم الرضوان.

وهذا ما كشفت عنه الآية الكريمة، ? وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ?
فلفظة: "فظ " - لغةً - بمعنى: قاطع القرابة وبمعنى الغلظة والعنف والجفاء، و"غليظ القلب " هو من لا يتأثر بمن حوله ولا يقيم لهم وزنًا، فقد ربطت الآية الكريمة خلق الرحمة بأخلاق أخرى، تمثل دعائم لمفهوم الرحمة، ومظاهرها وتشمل: لين الجانب، والتواضع للناس ومغفرة زلاتهم.

وهذا ما أكده الزمخشري بقوله: ".. ومعنى الرحمة: ربطه على جأشه وتوفيقه للرفق والتلطف بهم حتى أثابهم غماً بغم وآساهم بالمباثة بعد ما خالفوه وعصوا أمره وانهزموا وتركوه ? وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا ? جافياً، ? غَلِيظَ الْقَلْبِ ? قاسيَه ? لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ? لتفرقوا عنك حتى لا يبقى حولك أحد منهم، ? فَاعْفُ عَنْهُمْ ? فيما يختص بك، ? وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ ? فيما يختص بحق الله إتماماً للشفقة عليهم ? وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ? يعني في أمر الحرب ونحوه " .

وفي قوله تعالى: ? لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِين َ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ? [التوبة: 128] .
يتوجه خطاب الآية الكريمة إلى الجماعة المؤمنة، يذكّرهم المولى تعالى أن محمدًا - عليه الصلاة والسلام - من نفس جنسهم ومن أصلهم، أي عربي قرشي، مبلغًا رسالة الله تعالى، ويشق عليه عنتهم (العنت: المشقة ولقاء المكروه) ويعز عليه الشيء الذي يعنت أمته ويشقيها، وهو - عليه الصلاة والسلام - حريص على هداية أمته، يبغى النفع الدنيوي والأخروي لها .
ولفظة "حريص " - لغويًا - تدل على شدة مراد الشيء والمبالغة في الاستمساك به، وصيانته ابتغاء النفع والخير له ، وهي ذات إيحاء نفسي؛ والمعنى دقيق، فالرسول يتفطر قلبه على الكافرين، فما بالنا بشعوره نحو المؤمنين الذين اتبعوه، وما بالنا بقومه وهو على قرابة ونسب معهم، وهو في كل ذلك يخاطبهم برفق، حتى يتسلل الإيمان إلى قلوبهم، ويشعرون بسمو الهداية.

وفي قوله تعالى ? ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين َ ?.
فالله تَعَالَى يأمر رَسُوله مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَدْعُو الْخَلْق إِلَى اللَّه بِالْحِكْمَةِ. قَالَ اِبْن جَرِير وَهُوَ مَا أَنْزَلَهُ عَلَيْهِ مِنْ الْكِتَاب وَالسُّنَّة وَالْمَوْعِظَة الْحَسَنَة أَيْ بِمَا فِيهِ مِنْ الزَّوَاجِر وَالْوَقَائِع بِالنَّاسِ ذَكَّرَهُمْ بِهَا لِيَحْذَرُوا بَأْس اللَّه تَعَالَى وَقَوْله ? وَجَادِلْهُمْ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن ? [النحل: 125] أَيْ مَنْ اِحْتَاجَ مِنْهُمْ إِلَى مُنَاظَرَة وَجِدَال فَلْيَكُنْ بِالْوَجْهِ الْحَسَن بِرِفْقٍ وَلِين وَحُسْن خِطَاب كَقَوْلِهِ تَعَالَى ? وَلَا تُجَادِلُوا أَهْل الْكِتَاب إِلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ? [العنكبوت: 46] الْآيَة فَأَمَرَهُ تَعَالَى بِلِينِ الْجَانِب كَمَا أَمَرَ بِهِ مُوسَى وَهَارُون عَلَيْهِمَا السَّلَام حِين بَعَثَهُمَا إِلَى فِرْعَوْن فِي قَوْله ? فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّر أَوْ يَخْشَى ? [طه: 44] وَقَوْله ? إِنَّ رَبّك هُوَ أَعْلَم بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيله ? الْآيَة. أَيْ قَدَّمَ عِلْم الشَّقِيّ مِنْهُمْ وَالسَّعِيد وَكَتَبَ ذَلِكَ عِنْده وَفَرَغَ مِنْهُ فَادْعُهُمْ إِلَى اللَّه وَلَا تُذْهِب نَفْسك عَلَى مَنْ ضَلَّ مِنْهُمْ حَسَرَات فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْك هُدَاهُمْ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِير عَلَيْك الْبَلَاغ وَعَلَيْنَا الْحِسَاب ? إِنَّك لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت ? [القصص: 56]. ? لَيْسَ عَلَيْك هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّه يَهْدِي مَنْ يَشَاء ? [البقرة: 272].

<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>

Adsense Management by Losha