فريق منتدى الدي في دي العربي
03-07-2016, 07:01 PM
قلب طالب العلم بين الفلتات وكيس العثرات
كتبه السعيد العيسوي
لَئِن كانت للسان فَلتةٌ، فإن للقلب معها فلتاتٍ، وإذا كانت للقدم عَثْرة، فإن للقلب وِزانها عثرات!
والفَلْتة: "ما خرج من غير رَويَّةٍ، وبلا تدبُّرٍ أو رأي، تطفو على وجه اللسان مما استفاض في الجَنان".
وما حركةُ اللسان بالكلام إلا زُبَد القلب وفضوله، تُخرِجُه أمواجُ الفكرِ واختلاجاتُ النَّفْس وصراعاتها، فالظاهرُ على اللسان نتيجةُ ما في القلب من فكرٍ وتدبير.
فما أسرَّ عبدٌ سريرةً بليلٍ إلا أظهرها الله على لسانه، وإن ظنَّ أنها لا تظهرُ، فيراها البعضُ كالشمس، ويحسُّ بها آخرون، لكنها ستبدو حتمًا ويقينًا!
وقد أحسن زهيرٌ في قوله:
ومهما تَكُنْ عند امرئٍ من خليقةٍ ♦♦♦ وإن خالَها تَخفَى على الناس تُعلَمِ
والحديثُ عن قلب طالب العلم حديثُ طُهْر وصفاء، حديثٌ عن قلب يحرسُ الكلمةَ، ويَلحَظُ الفِعالَ، ويُراقِبُ القلبَ واللسان، لا كمَن جعَل قلبَه مُستودَعَ الرَّزايا، ومكبًّا لأخلاط الأخلاق، فهؤلاء تُظهرهم الفَلَتات سريعًا؛ فترى في كتاباتهم وثنايا سطورهم فَلتاتِ اللسان والقلم من: (قلنا)، و(حقَّقتها)، و(أَفْتينا بكذا)، و(أنا... وأخواتها) وغيرها بما لا يتطلَّبُه سياقُ الكلام واتِّساقه؛ لتنكشفَ بعدها سوءةُ قلب مُلِئ عثارًا!
فقلبٌ: يُقلِّب النظر إلى الخلق قبل تحقيق مراقبة الخالق، وآخر: يهوى النظرَ إلى مراد القوم ملتمِّسًا رضاهم؛ ليتعثَّر اللسانُ بعدَها بفتوى جائرةٍ على صفحة الشريعة الناصعة، وترى قلبًا مرتابًا زائغًا فَزِعًا تُحرِّكُه عواصفُ الامتحان، وترى قلبًا مليئًا بأكياس من العثرات: كِبر، وعُجب، ورياء، وتصنُّع، وميل إلى البطالة، وتركٍ للعمل، فهذه عثراتٌ وعوائقُ تَصدُّ تارة، وتُشوِّشُ البالَ أخرى، وتَحجُبُ قلبَه تاراتٍ!
فإن كانت فلتاتُ اللسان فاضحةً، فإن فلتاتِ القلب أشدُّ فظاعةً وحطًّا من قدر مُعتقِدِها؛ جزاء وِفاقًا، وهذا هو الشأن دومًا، نراه في أنفسنا وحولنا؛ أنه ما اعتلى أحدٌ وترفَّع وتكبَّر وأضمرَ هذه العِثار، إلا حطَّ اللهُ من قِدره، وطمس قَبولَه من القلوبِ، وحجَب قلبَه عن الوصول، وذلك بقدر ما ترفَّع وأضمَر
كتبه السعيد العيسوي
لَئِن كانت للسان فَلتةٌ، فإن للقلب معها فلتاتٍ، وإذا كانت للقدم عَثْرة، فإن للقلب وِزانها عثرات!
والفَلْتة: "ما خرج من غير رَويَّةٍ، وبلا تدبُّرٍ أو رأي، تطفو على وجه اللسان مما استفاض في الجَنان".
وما حركةُ اللسان بالكلام إلا زُبَد القلب وفضوله، تُخرِجُه أمواجُ الفكرِ واختلاجاتُ النَّفْس وصراعاتها، فالظاهرُ على اللسان نتيجةُ ما في القلب من فكرٍ وتدبير.
فما أسرَّ عبدٌ سريرةً بليلٍ إلا أظهرها الله على لسانه، وإن ظنَّ أنها لا تظهرُ، فيراها البعضُ كالشمس، ويحسُّ بها آخرون، لكنها ستبدو حتمًا ويقينًا!
وقد أحسن زهيرٌ في قوله:
ومهما تَكُنْ عند امرئٍ من خليقةٍ ♦♦♦ وإن خالَها تَخفَى على الناس تُعلَمِ
والحديثُ عن قلب طالب العلم حديثُ طُهْر وصفاء، حديثٌ عن قلب يحرسُ الكلمةَ، ويَلحَظُ الفِعالَ، ويُراقِبُ القلبَ واللسان، لا كمَن جعَل قلبَه مُستودَعَ الرَّزايا، ومكبًّا لأخلاط الأخلاق، فهؤلاء تُظهرهم الفَلَتات سريعًا؛ فترى في كتاباتهم وثنايا سطورهم فَلتاتِ اللسان والقلم من: (قلنا)، و(حقَّقتها)، و(أَفْتينا بكذا)، و(أنا... وأخواتها) وغيرها بما لا يتطلَّبُه سياقُ الكلام واتِّساقه؛ لتنكشفَ بعدها سوءةُ قلب مُلِئ عثارًا!
فقلبٌ: يُقلِّب النظر إلى الخلق قبل تحقيق مراقبة الخالق، وآخر: يهوى النظرَ إلى مراد القوم ملتمِّسًا رضاهم؛ ليتعثَّر اللسانُ بعدَها بفتوى جائرةٍ على صفحة الشريعة الناصعة، وترى قلبًا مرتابًا زائغًا فَزِعًا تُحرِّكُه عواصفُ الامتحان، وترى قلبًا مليئًا بأكياس من العثرات: كِبر، وعُجب، ورياء، وتصنُّع، وميل إلى البطالة، وتركٍ للعمل، فهذه عثراتٌ وعوائقُ تَصدُّ تارة، وتُشوِّشُ البالَ أخرى، وتَحجُبُ قلبَه تاراتٍ!
فإن كانت فلتاتُ اللسان فاضحةً، فإن فلتاتِ القلب أشدُّ فظاعةً وحطًّا من قدر مُعتقِدِها؛ جزاء وِفاقًا، وهذا هو الشأن دومًا، نراه في أنفسنا وحولنا؛ أنه ما اعتلى أحدٌ وترفَّع وتكبَّر وأضمرَ هذه العِثار، إلا حطَّ اللهُ من قِدره، وطمس قَبولَه من القلوبِ، وحجَب قلبَه عن الوصول، وذلك بقدر ما ترفَّع وأضمَر