ياهو مكتوب الأردن
11-14-2017, 08:33 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
كنت قد ذكرت سابقا في إحدى المنتديات موضوع بعنوان (فهم خاطئ متوارث لتحدي القرآن للإتيان ولو بسورة من مثله) في الإعجاز فى القرآن والسنة كالتالي:
قرأت تفاسير مختلفة لآيات التحدي القرآني بالإتيان ولو بسورة من مثله.
فلم أجد في تفسير هذه الآيات إعجاز لا يمكن دحضه بل العكس يمكن لأي عالم لغة عربية متمكن غير مسلم فعل ذلك بسهولة إن أتى بسورة قصيرة محكمة ليس بها خطأ لغوي وفيها من ألوان الببيان مثل القرآن وتدعو إلى قيم جميلة.
وهذا بالفعل حدث ورأيت كثيرون من أتي بسور أشبه بالقرآن ورأيت بعض من هؤلاء الذين استجابوا للتحدي القرآني -بتفسير المتقدمين - منهم من يجادل الذي يحاول من المسلمين إثبات وجود أخطاء لغوية في هذه السور حتى لا يخسر الإسلام التحدي التعجيزي ويطعن في مصدره ويلصق بمحمد تهمة افتراء دين الإسلام ونسبته لرب الديانات الإبراهيمية.
فهل هذا هو مراد الله الحقيقي بهذا التأويل الضعيف الباطل لمعني التحدي القرآني والجدال السخيف فيه بين المسلمين وغيرهم من غير المسلمين الذين قبلوا هذا التحدي .
(مع تقديري وإحترامي لجميع علماء المسلمين بالطبع , فهم بشر يجتهدوا ويصيبوا ويخطأوا )
ويقول الإمام مالك إمام أهل المدينة:
" كُلُّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيَرُدُّ إِلَّا صَاحِبَ هَذَا الْقَبْرِ "
وهل هذا التفسير الباطل البعيد عن الصواب لمفهوم التحدي القرآني- ولو كان يقوله الأكثر من المسلمين - يليق بخالق حكيم مدبر وهو أيضا يتعارض مع كون أنه يوجد جزء من التحدي موجه لجميع الإنس والجن وهم بالتأكيد لا يتقنون جميعا اللغة العربية ؟؟!
( قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88))
فكيف يتحدى الله الإنس والجن ممن يجهلون اللغة العربية بالإتيان بمثل القرآن على فرض أن أساس التحدي هو بيان إعجاز القرآن في تظمه اللغوية والأسلوب والبلاغة والفصاحة !!!!؟؟
وهذا ليس كلامي وحدي في كون التحدي ليس في النظم( أي نظم اللغة ) أو ليس في النظم فقط فقد سبقني الجصاص في هذا ونقل آراء علماء في ذلك.
قال الجصاص – رحمه الله - :
قوله تعالى ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن ) الآية فيه الدلالة على إعجاز القرآن ، فمن الناس من يقول : إعجازه في النظم على حياله ، وفي المعاني وترتيبها على حياله ، ويستدل على ذلك : بتحديه في هذه الآية العرب والعجم ، والجن والإنس ، ومعلوم أن العجم لا يُتحدون من طريق النظم ، فوجب أن يكون التحدي لهم من جهة المعاني وترتيبها على هذا النظام ، دون نظم الألفاظ .
ومنهم من يأبى أن يكون إعجازه إلا من جهة نظم الألفاظ ، والبلاغة في العبارة ، فإنه يقول : إن إعجاز القرآن من وجوه كثيرة منها : حسن النظم ، وجودة البلاغة في اللفظ والاختصار ، وجمع المعاني الكثيرة في الألفاظ اليسيرة ، مع تعريه من أن يكون فيه لفظ مسخوط ومعنى مدخول ، ولا تناقض ولا اختلاف تضاد ، وجميعه في هذه الوجوه جار على منهاج واحد ، وكلام العباد لا يخلو ـ إذا طال ـ من أن يكون فيه الألفاظ الساقطة ، والمعاني الفاسدة والتناقض في المعاني ، وهذه المعاني التي ذكرنا من عيوب الكلام : موجودة في كلام الناس من أهل سائر اللغات ، لا يختص باللغة العربية دون غيرها ، فجائز أن يكون التحدي واقعاً للعجم بمثل هذه المعاني : في الإتيان بها عارية مما يعيبها ويهجنها من الوجوه التي ذكرناها ، ومن جهة أن الفصاحة لا تختص بها لغة العرب دون سائر اللغات وإن كانت لغة العرب أفصحها وقد علمنا أن القرآن في أعلى طبقات البلاغة فجائز أن يكون التحدي للعجم واقعا بأن يأتوا بكلام في أعلى طبقات البلاغة بلغتهم التي يتكلمون بها .
" أحكام القرآن " ( 5 / 34 ، 35 ) .
<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
وهل يتصور عاقل أن إله يصف نفسه بالعلم المطلق والقدرة المطلقة والحكمة والقوة والعزة والغلبة على أمره وأنه خالق كل شئ الإنسان والحياة والكون وما يحويه ثم يتحدى إنسا ن ضعيف بأن يأتي بسورة مثل القرآن أو عشر سور مثله مهما كان طول تلك السورة أو السور وتتصف بالخلو من الأخطاء اللغوية وتتصف بالبلاغة والإطناب بالسجع ومراعاة الأوزان وتدعو إلى أمر ما وفقط وخلصت الحكاية والرواية؟
ثم يقول بعد ذلك " فإن لم يستجيبوا لكم فاعلم أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون"
وما الحل وما النتيجة إن استجابوا وأتوا بعشر سور مثله مفتريات قصيرة بسهولة (والمعروف أن العرب آنذاك هم أرباب اللغة والشعر والبلاغة ) فهذا أمر هين عليهم لو أخذوه في الإعتبار ؟؟!!
فهل حينئذ ينبغي أن أعلم أن القرآن لم ينزل بعلم الله وأن مع الله آلهة أخرى؟؟!!
أم أشك في صحة رسالته وينقض دين الإسلام جملة وتفصيلا بهذا الفهم السقيم لمعنى التحدي القرآني؟؟!!
وهل يعقل أن يوصف محمد بأنه من أعظم عظماء التاريخ بشهادة الغرب ووصف رسالته بما تحمله من قيم ومثل وتشريعات وأحكام بالحكمة و بالعظمة ثم يكون على هذا القدر من قلة وضعف المنطق ليتحدى أهل الفصاحة واللغة والشعر بالإتيان بعشر سور أو سورة واحدة ولو قصيرة ليس بها أخطاء لغوية وتدعو إلى قيم نبيلة ثم يذكر بعدها افتراءا على لسان ربه:
"فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون"
ويقول في تحدي السورة الواحدة:
" فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين"
فهل بعد كل التعب والجهد الذي بذله محمد( الذكي البارع بشهادة الناس على دينه و شريعته) لخداع الناس ليؤمنوا برسالته المفتراه،-من وجهة نظر غير المؤمنين برسالته طبعا - يضع رسالته عل هذا المحك الهش الذي يهدم دينه بمنتهى السهولة بل يعيد تكرار التحدي بصيغ مختلفة في سور أخرى في قرآنه ست مرات !!؟؟
والغريب أني لم أسمع عن أحد قبل ووافق على خوض هذا التحدي في حياة محمد .
ولو حدث ذلك لانهدم الدين بالنسبة لكثير من الناس بهذا الفهم السقيم لمعنى التحدي.
وأعود و أقول بأني:
أرى أن التحدي الحقيقي يكون بالإتيان ولو بسورة مثل القرآن ثم دعوة الناس للإيمان بها واتباع ما تدعو إليه من دون الله مثلما فعل نبينا محمد جاء بكلام فصيح بليغ معجز من جميع الأوجه ودعا الناس للإيمان به واتبعه في ذلك الآلاف والآلاف بإزدياد مستمر حتى وصل عدد المسلمين الآن لأكثر من مليار ونصف نسمة أي تقريبا خمس سكان العالم.
والدليل على صحة قولي بجانب ما ذكرت سابقا الآتي:
1) جاء في صيغة أخرى للتحدي في أية قرآنية أخرى بيان تفسيري لمعنى التحدي والآية هي:
(قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (49) فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50))
فالآية تحدت هؤلاء القوم بالإتيان بكتاب وصفه بأنه يهدي الناس ويكون له أتباع يتبعونه ويعملون بما فيه من أحكام.
أظن الصورة واضحة الآن.
2)
لم يتحدى الله خلقه الغير مؤمنين برسوله إلا لقولهم " أم يقولون افتراه"
كرد فعل على عذر غير منطقي وغير مقبول من ذوي الفطر والعقول السليمة لشخص يوصف بالسيرة الحسنة وسط قومه وبالصدق والأمانة وكذلك أميته وجهله بالقراءة والكتابة .
" وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون"
فأراد الله أن يفضح سريرتهم وهي إتباعهم لأهوائهم بإثبات عجزهم عن الإتيان بمثل ما جاء به محمد عند اتهامهم إياه بإفتراءه على الله.
"فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ "
عندما تحدى الخالق غير المؤمنين بالإتيان ولو بسورة مثله( مهما كان طولها حينذاك ) قال الله مثله ، أي مثل القرآن فماذا وصف الله كتابه بما يحويه من سور حتى نأتي بمثله؟؟
وصف كتابه بأنه :
" هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان"
"وأنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه "
"إنه لقرآن كريم"
"وإنه لكتاب مبين"
"قرآنا عربيا"
" والقرآن الحكيم"
" بل هو قرآن مجيد"
" ققد جائكم بينة من ربكم وهدى ورحمة"
" ولقد جئناهم بكتاب فصلناه عل علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون"
" ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين"
" وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم"
" وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا "
إذن هذا هو التحدي لغير المؤمنين برسالة محمد بأن يأتوا ولو بسورة واحدة بشرط أن تتصف بأنها :
1) هدى للناس وذلك بأن يكون لك أتباع يؤمنون بك وبرسالتك التي افتريتها ويتبعونك في ذلك.
مثل قوله : " قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين"
2) كريم أي كثير المنافع.
3) مبين في الفاظه ودلالاته أي واضح لا لبس فيه.
4) عربيا أي في ألفاظه وتراكيبه ويخلو من الألفاظ الأعجمية.
5) حكيم أي محكم في حججه وحكمه وأحكامه.
6) مجيد أي عظيم كريم.
7) بينة وهدى ورحمة أي حجة واضحة وإرشاد وهداية إلى الحق ورحمة للعالمين.
8) علي حكيم أي علي في قدره وشرفه ومحكم في حججه وحكمه وأحكامه.
9) تأثيره على النفوس والقلوب.
وبعد ذلك ادعوا من استطعتم من الناس من دون الله للإيمان بما جئت وإتباعه إن كنتم من الصادقين.
تنبيه هام :
ذهب بعض المفسرون أن التحدي القرآني في غيوبه و تحققها وصدقه في ذلك .
فأقول هذا أيضا تأويل باطل للآتي:
وصف كتابه بأنه يحوي آيات عن الغيب فيوجد به إعجاز غيبي كذلك على حد فهم من رأى التحدي يراد به هذه الجزئية :
"تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا"
فهل هذا هو المقصد الإلهي أن يعجزك بأن تعلم الغيب ولن تعلم ؟؟!!!
فالله لا يكلف نفسا إلا وسعها مؤمنا كان أو كافرا.
ولا إيه ؟؟
وكذلك وصف كتابه بأنه يحوي آيات تتحدث عن حقائق في النفس والآفاق أوالكون:
"سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق"
فهل هذا هو المقصد الإلهي أن يعجزك بأن تكتشف كشوفات علمية في النفس والكون من حولنا وبعد ذلك يبدأ التحدي وكيف وقد نزل القرآن في قوم أغلبهم أميين يقول الله في ذلك :
"هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ "
هل من المعقول أن تطلب من إنسان أن يجري على قدميه مسافة ما وهو مبتور الرجلين، ثم تقول له إن لم تفعل فأنت إنسان عاجز وأنا القوي وأنا الحق؟!!! هل هذا هو مفهوم التحدي في نظرك؟!!
كذلك لا يمكن أن يكون التحدي بهذه الصورة من السخافة في أي شئ ذكره في كتابه معجز من وجه آخر لا يقدر عليه أحد مثل "لا يعلم الغيب إلا الله"
انتهت قصة التحدي بالإعجاز الغيبي.
ويتعلق بها الآتي :
"سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق"
تتحدث أيضا عن المستقبل "إعجاز غيبي" خلص التحدي من هذا الوجه،
ومن وجه آخر يوجد تعجيز آخر بأن يأتوا بكتاب فيه اكتشافات علمية في النفس والآفاق فكيف وهو الذي قال:
"هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ " أي أنهم يجهلون القراءة والكتابة.
وقال أيضا :
" أقرأ وربك الأكرم - الذي علم بالقلم - علم الإنسان ما لم يعلم. "
أي أن العلم لا ينال إلا بالقراءة والكتابة فكأن التحدي بهذه الصورة هو الأمر بمحو الأمية وتعلم القراءة والكتابة والهجرة من مكة إلى أرض الله الواسعة بحثا عن أهل العلم في كافة التخصصات أو بعضها مما يتعلق بجانب التحدي ثم مجالسة هؤلاء العلماء فترة زمنية محترمة وتلقي وحفظ وفهم هذه العلوم ثم يبدأ بتطرق وتتبع الأفكار الجديدة المبتكرة ومحاولة صياغة تلك الأفكار ومن أين ستأتي تلك الأفكار وترجمتها إلى واقع ملموس وإجراء التجارب العلمية المعملية في زمن يعرف بالعصور المظلمة التي انتشر فيها الجهل وعمت فيها الخرافات ثم يستمر في دأبه وتجاربه إلى أن يصل إلى إكتشاف علمي أو أكثر يحقق له النجاح في تحديه لرب محمد وبيان كذب محمد وافتراءه على الله وطبعا محمد سيكون قد مات إن لم يكن هو أيضا قد مات قبل أن يصل لعشر ذلك والأسهل من ذلك أن يكفر به أو أن يؤمن به دون خوض التحدي.
ثم نأتي إلى وجه آخر قد طرحته بنفسك وهو أن يأتي بكتاب يحوي آيات محكمات وآخر متشابهات وهو أيضا تعجيز لهم ولا يمكن أن يطلبه الله منهم كذلك لأنه مرتبط بآيات أخرى تقتضي إستحالة تحققه من ثلاثة وجوه وصعوبة بالغة في تحققه من وجه آخر وهي كون القرآن يحوي آيات متشابهات لا يعلم أحد تأويلها إلى الله وهذا تعجيز يستحيل أن يفعله ، فهل يكلفه الله بأن يأتي بكتاب أو سور به آيات هو نفسه لا يعلم تأويلها، هل هذا يعقل؟
وهو الذي قال في كتابه "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها" إذن فهذا تعجيز من وجه آخر يستحيل تحققه ومن ضمن هذه الآيات أيضا آيات تتحدث عن أمور غيبية وهو تعجيز من نوع آخر يستحيل تحققه فلا يمكن أن يتحداهم من هذا الوجه ، يقول الله في ذلك "يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جائت رسل ربنا بالحق"
وهناك وجه آخر من التعجيز يتعلق بالإتيان بآيات محكمات لا يختلف عليها أحد وهو أشبه بالمستحيل لأن سنة الله في خلقه الإختلاف وفي هذا قال:
"وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ "
إذن أن يوفق من قبل أن يخوض التحدي بعد أن يأتي بالكتاب أو سور منه أن يكون متبعيه متوحدين ومتفقين على فهم دلالات هذه السور أو هذا الكتاب وهذا أشبه بالمستحيل لأنه يعتمد على الحظ فلا يمكن أن يكلفه بشئ مثل ذلك لأنه لا يعتمد على اجتهاد لكنه يعتمد على الحظ والصدفة ولقول الله "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " وهذا ليس من وسعه إذن فهو باطل،
كما أن التحدي جاء به الله لكونهم ادعوا أن محمد افتراه على ربه أي أن محمد اجتهد وأخذ يؤلف هذا الكتاب وينشئ دين من خياله والمشاكلة ورد الفعل يقتضي أن يكون من نفس الزاوية فيدعوهم أن يجتهدوا كذلك ويبدأوا في تأليف هذا الكتاب وينشؤا دينا من دون الله طبعا كما قال في القرآن من جوانح خيالهم ثم يدعوا الناس للإيمان بهذا الكتاب واتباع ما فيه.
يبقى في النهاية التذكير من أن هدفي من ذكر هذه الصفات لكتاب الله هي الصفات التي يمكن تحققها والإتيان بها وأن المعيار الأساسي في هذا التحدي هو إيمان الناس بما جئت به واتباعه أما غير ذلك من الصفات فلا يخفى على أحد سهولة الإتيان بها من أحد متمرس ومتمكن من اللغة العربية.
وحيث أنني لا أتصور إمكانية أن يقبل إنسان هذا التحدي وأن يكون في نفس الوقت مكذبا تكذيبا جازما وليس عنده أدنى شك في كذب محمد،
وإلا لماذا يقبل التحدي ويتكلف العناء في التأليف والدعوة والمثابرة على ما هو عليه من مشقة حتى يجد من يؤمن به ويتبعه فيما جاء به من عند نفسه، ليثبت لنفسه أن محمد فعلا كاذبا في دعواه!!!!! وهذا طبعا لا يعقل.
إلا إذا كان كارها لهذا الدين وتأذى منه فدفعه هذا الشعور لخوض هذا التحدي ليثبت للمسلمين أنهم على ضلال وهذا طبعا يمكن حدوثه.
إذن أنا أدعو من يقبل هذا التحدي ويكون لديه بعض الشكوك لربما كان محمد صادق في دعوته ويريد أن يخوض تجربة لتبين إن كان محمد صادق أم كاذب في دعواه عن ربه أن المهم والمعيار الأساسي في هذه التجربة القرآنية وهذا الاسم هو المفضل إلي من لفظة التحدي القرآني لأن أي عاقل يقبل خوض هذه التجربة المفترض أنه يبحث عن الحق ويسعى للوصول إليه فيسلك في سبيل ذلك أن يفعل أي شئ يدعوه للتيقن من صحة دين ما .
فلا يصح من هذه الوجهة المحترمة من النظر أن توصف بالتحدي القرآني ولم يسمها الله تحدي إلا إذا كان من أراد ذلك له أهداف أخرى.
أعتذر للإطالة.
أود أن ألفت النظر لشيء هام من عرضي لهذه التفاسير ونقدها ونقضها وترجيح التفسير الصواب لهذه الآيات التي يسمونها آيات التحدي :
فعندما قال ابن عرفة في تفسيره:
فأتوا بسورة من مثله ـ قال الأكثرون مثل نظمه ووصفه وفصاحة معاينه، وقال بعضهم من مثله في غيوبه وصدقه. انتهى.
وقال الألوسي: والمعنى بسورة مماثلة للقرآن في البلاغة والأسلوب المعجز. انتهى.
<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
هذا يعني ويؤكد أن الأغلبية في كثير من أمور الدين على باطل وفقههم واجتهاداتهم هي المشهورة والمنتشرة للآسف بين المسلمين وأن الحق عليه القلة في العدد من المسلمين.
وهذا يذكرني بقول الله:
( وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ). [يوسف : 103]
وقال : ( إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ ) [هود : 17]
وقال: ( وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) [الأنعام : 116]
أي أن من سنن الله في خلقه : أن أهل الحق في جنب أهل الباطل قليل ،
قال الشيخ السعدي : " ودلت هذه الآية ، على أنه لا يستدل على الحق بكثرة أهله ، ولا يدل قلة السالكين لأمر من الأمور أن يكون غير حق ، بل الواقع بخلاف ذلك ، فإن أهل الحق هم الأقلون عدداً ، الأعظمون عند الله قدراً وأجراً ، بل الواجب أن يستدل على الحق والباطل ، بالطرق الموصلة إليه ". انتهى "تفسير السعدي" (1 / 270).
قال الفُضيل بن عِياض رحمه الله : " الزمْ طريقَ الهدَى ، ولا يضرُّكَ قلَّةُ السالكين ، وإياك وطرقَ الضلالة ، ولا تغترَّ بكثرة الهالكين ".
وأتذكر هنا قول الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود:
قال ابن مسعود رضي الله عنه: "الجماعة ما وافق الحق؛ ولو كنت وحدك" (رواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة:1/122- رقم160، وصحح سنده الشيخ الألباني كما في تعليقه على مشكاة المصابيح: 1/61، ورواه الترمذي في سننه:4/467).
أود أن أختم بهذه الأحاديث الثابتة عن رسول الله وتحمل وجه كبير مما أقوله هنا:
( لا تزالُ طائفةٌ من أمَّتي ظاهرينَ على الحقِّ، لا يضرُّهم من خذلَهم ، ولا من خالفَهم إلى قيامِ الساعةِ )
المحدث: ابن تيمية - المصدر: مجموع الفتاوى - الصفحة أو الرقم: 28/416 خلاصة حكم المحدث: ثبت من وجوه كثيرة
( بدأ الإسلامُ غريبًا وسيعودُ غريبًا كما بدأ فطُوبِى للغرباءِ، وفي روايةٍ قيل يا رسولَ اللهِ : مَن الغرباءُ؟ قال : الذين يصلحون إذا فسد الناسُ، وفي لفظٍ آخرَ قال : هم الذين يُصلِحون ما أفسد الناسُ من سنتي )المحدث: ابن باز - المصدر: مجموع فتاوى ابن باز - الصفحة أو الرقم: 158/3 خلاصة حكم المحدث: صحيح
أرجو لي ولكم جميعا الهداية والتوفيق
كنت قد ذكرت سابقا في إحدى المنتديات موضوع بعنوان (فهم خاطئ متوارث لتحدي القرآن للإتيان ولو بسورة من مثله) في الإعجاز فى القرآن والسنة كالتالي:
قرأت تفاسير مختلفة لآيات التحدي القرآني بالإتيان ولو بسورة من مثله.
فلم أجد في تفسير هذه الآيات إعجاز لا يمكن دحضه بل العكس يمكن لأي عالم لغة عربية متمكن غير مسلم فعل ذلك بسهولة إن أتى بسورة قصيرة محكمة ليس بها خطأ لغوي وفيها من ألوان الببيان مثل القرآن وتدعو إلى قيم جميلة.
وهذا بالفعل حدث ورأيت كثيرون من أتي بسور أشبه بالقرآن ورأيت بعض من هؤلاء الذين استجابوا للتحدي القرآني -بتفسير المتقدمين - منهم من يجادل الذي يحاول من المسلمين إثبات وجود أخطاء لغوية في هذه السور حتى لا يخسر الإسلام التحدي التعجيزي ويطعن في مصدره ويلصق بمحمد تهمة افتراء دين الإسلام ونسبته لرب الديانات الإبراهيمية.
فهل هذا هو مراد الله الحقيقي بهذا التأويل الضعيف الباطل لمعني التحدي القرآني والجدال السخيف فيه بين المسلمين وغيرهم من غير المسلمين الذين قبلوا هذا التحدي .
(مع تقديري وإحترامي لجميع علماء المسلمين بالطبع , فهم بشر يجتهدوا ويصيبوا ويخطأوا )
ويقول الإمام مالك إمام أهل المدينة:
" كُلُّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيَرُدُّ إِلَّا صَاحِبَ هَذَا الْقَبْرِ "
وهل هذا التفسير الباطل البعيد عن الصواب لمفهوم التحدي القرآني- ولو كان يقوله الأكثر من المسلمين - يليق بخالق حكيم مدبر وهو أيضا يتعارض مع كون أنه يوجد جزء من التحدي موجه لجميع الإنس والجن وهم بالتأكيد لا يتقنون جميعا اللغة العربية ؟؟!
( قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88))
فكيف يتحدى الله الإنس والجن ممن يجهلون اللغة العربية بالإتيان بمثل القرآن على فرض أن أساس التحدي هو بيان إعجاز القرآن في تظمه اللغوية والأسلوب والبلاغة والفصاحة !!!!؟؟
وهذا ليس كلامي وحدي في كون التحدي ليس في النظم( أي نظم اللغة ) أو ليس في النظم فقط فقد سبقني الجصاص في هذا ونقل آراء علماء في ذلك.
قال الجصاص – رحمه الله - :
قوله تعالى ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن ) الآية فيه الدلالة على إعجاز القرآن ، فمن الناس من يقول : إعجازه في النظم على حياله ، وفي المعاني وترتيبها على حياله ، ويستدل على ذلك : بتحديه في هذه الآية العرب والعجم ، والجن والإنس ، ومعلوم أن العجم لا يُتحدون من طريق النظم ، فوجب أن يكون التحدي لهم من جهة المعاني وترتيبها على هذا النظام ، دون نظم الألفاظ .
ومنهم من يأبى أن يكون إعجازه إلا من جهة نظم الألفاظ ، والبلاغة في العبارة ، فإنه يقول : إن إعجاز القرآن من وجوه كثيرة منها : حسن النظم ، وجودة البلاغة في اللفظ والاختصار ، وجمع المعاني الكثيرة في الألفاظ اليسيرة ، مع تعريه من أن يكون فيه لفظ مسخوط ومعنى مدخول ، ولا تناقض ولا اختلاف تضاد ، وجميعه في هذه الوجوه جار على منهاج واحد ، وكلام العباد لا يخلو ـ إذا طال ـ من أن يكون فيه الألفاظ الساقطة ، والمعاني الفاسدة والتناقض في المعاني ، وهذه المعاني التي ذكرنا من عيوب الكلام : موجودة في كلام الناس من أهل سائر اللغات ، لا يختص باللغة العربية دون غيرها ، فجائز أن يكون التحدي واقعاً للعجم بمثل هذه المعاني : في الإتيان بها عارية مما يعيبها ويهجنها من الوجوه التي ذكرناها ، ومن جهة أن الفصاحة لا تختص بها لغة العرب دون سائر اللغات وإن كانت لغة العرب أفصحها وقد علمنا أن القرآن في أعلى طبقات البلاغة فجائز أن يكون التحدي للعجم واقعا بأن يأتوا بكلام في أعلى طبقات البلاغة بلغتهم التي يتكلمون بها .
" أحكام القرآن " ( 5 / 34 ، 35 ) .
<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
وهل يتصور عاقل أن إله يصف نفسه بالعلم المطلق والقدرة المطلقة والحكمة والقوة والعزة والغلبة على أمره وأنه خالق كل شئ الإنسان والحياة والكون وما يحويه ثم يتحدى إنسا ن ضعيف بأن يأتي بسورة مثل القرآن أو عشر سور مثله مهما كان طول تلك السورة أو السور وتتصف بالخلو من الأخطاء اللغوية وتتصف بالبلاغة والإطناب بالسجع ومراعاة الأوزان وتدعو إلى أمر ما وفقط وخلصت الحكاية والرواية؟
ثم يقول بعد ذلك " فإن لم يستجيبوا لكم فاعلم أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون"
وما الحل وما النتيجة إن استجابوا وأتوا بعشر سور مثله مفتريات قصيرة بسهولة (والمعروف أن العرب آنذاك هم أرباب اللغة والشعر والبلاغة ) فهذا أمر هين عليهم لو أخذوه في الإعتبار ؟؟!!
فهل حينئذ ينبغي أن أعلم أن القرآن لم ينزل بعلم الله وأن مع الله آلهة أخرى؟؟!!
أم أشك في صحة رسالته وينقض دين الإسلام جملة وتفصيلا بهذا الفهم السقيم لمعنى التحدي القرآني؟؟!!
وهل يعقل أن يوصف محمد بأنه من أعظم عظماء التاريخ بشهادة الغرب ووصف رسالته بما تحمله من قيم ومثل وتشريعات وأحكام بالحكمة و بالعظمة ثم يكون على هذا القدر من قلة وضعف المنطق ليتحدى أهل الفصاحة واللغة والشعر بالإتيان بعشر سور أو سورة واحدة ولو قصيرة ليس بها أخطاء لغوية وتدعو إلى قيم نبيلة ثم يذكر بعدها افتراءا على لسان ربه:
"فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون"
ويقول في تحدي السورة الواحدة:
" فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين"
فهل بعد كل التعب والجهد الذي بذله محمد( الذكي البارع بشهادة الناس على دينه و شريعته) لخداع الناس ليؤمنوا برسالته المفتراه،-من وجهة نظر غير المؤمنين برسالته طبعا - يضع رسالته عل هذا المحك الهش الذي يهدم دينه بمنتهى السهولة بل يعيد تكرار التحدي بصيغ مختلفة في سور أخرى في قرآنه ست مرات !!؟؟
والغريب أني لم أسمع عن أحد قبل ووافق على خوض هذا التحدي في حياة محمد .
ولو حدث ذلك لانهدم الدين بالنسبة لكثير من الناس بهذا الفهم السقيم لمعنى التحدي.
وأعود و أقول بأني:
أرى أن التحدي الحقيقي يكون بالإتيان ولو بسورة مثل القرآن ثم دعوة الناس للإيمان بها واتباع ما تدعو إليه من دون الله مثلما فعل نبينا محمد جاء بكلام فصيح بليغ معجز من جميع الأوجه ودعا الناس للإيمان به واتبعه في ذلك الآلاف والآلاف بإزدياد مستمر حتى وصل عدد المسلمين الآن لأكثر من مليار ونصف نسمة أي تقريبا خمس سكان العالم.
والدليل على صحة قولي بجانب ما ذكرت سابقا الآتي:
1) جاء في صيغة أخرى للتحدي في أية قرآنية أخرى بيان تفسيري لمعنى التحدي والآية هي:
(قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (49) فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50))
فالآية تحدت هؤلاء القوم بالإتيان بكتاب وصفه بأنه يهدي الناس ويكون له أتباع يتبعونه ويعملون بما فيه من أحكام.
أظن الصورة واضحة الآن.
2)
لم يتحدى الله خلقه الغير مؤمنين برسوله إلا لقولهم " أم يقولون افتراه"
كرد فعل على عذر غير منطقي وغير مقبول من ذوي الفطر والعقول السليمة لشخص يوصف بالسيرة الحسنة وسط قومه وبالصدق والأمانة وكذلك أميته وجهله بالقراءة والكتابة .
" وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون"
فأراد الله أن يفضح سريرتهم وهي إتباعهم لأهوائهم بإثبات عجزهم عن الإتيان بمثل ما جاء به محمد عند اتهامهم إياه بإفتراءه على الله.
"فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ "
عندما تحدى الخالق غير المؤمنين بالإتيان ولو بسورة مثله( مهما كان طولها حينذاك ) قال الله مثله ، أي مثل القرآن فماذا وصف الله كتابه بما يحويه من سور حتى نأتي بمثله؟؟
وصف كتابه بأنه :
" هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان"
"وأنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه "
"إنه لقرآن كريم"
"وإنه لكتاب مبين"
"قرآنا عربيا"
" والقرآن الحكيم"
" بل هو قرآن مجيد"
" ققد جائكم بينة من ربكم وهدى ورحمة"
" ولقد جئناهم بكتاب فصلناه عل علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون"
" ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين"
" وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم"
" وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا "
إذن هذا هو التحدي لغير المؤمنين برسالة محمد بأن يأتوا ولو بسورة واحدة بشرط أن تتصف بأنها :
1) هدى للناس وذلك بأن يكون لك أتباع يؤمنون بك وبرسالتك التي افتريتها ويتبعونك في ذلك.
مثل قوله : " قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين"
2) كريم أي كثير المنافع.
3) مبين في الفاظه ودلالاته أي واضح لا لبس فيه.
4) عربيا أي في ألفاظه وتراكيبه ويخلو من الألفاظ الأعجمية.
5) حكيم أي محكم في حججه وحكمه وأحكامه.
6) مجيد أي عظيم كريم.
7) بينة وهدى ورحمة أي حجة واضحة وإرشاد وهداية إلى الحق ورحمة للعالمين.
8) علي حكيم أي علي في قدره وشرفه ومحكم في حججه وحكمه وأحكامه.
9) تأثيره على النفوس والقلوب.
وبعد ذلك ادعوا من استطعتم من الناس من دون الله للإيمان بما جئت وإتباعه إن كنتم من الصادقين.
تنبيه هام :
ذهب بعض المفسرون أن التحدي القرآني في غيوبه و تحققها وصدقه في ذلك .
فأقول هذا أيضا تأويل باطل للآتي:
وصف كتابه بأنه يحوي آيات عن الغيب فيوجد به إعجاز غيبي كذلك على حد فهم من رأى التحدي يراد به هذه الجزئية :
"تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا"
فهل هذا هو المقصد الإلهي أن يعجزك بأن تعلم الغيب ولن تعلم ؟؟!!!
فالله لا يكلف نفسا إلا وسعها مؤمنا كان أو كافرا.
ولا إيه ؟؟
وكذلك وصف كتابه بأنه يحوي آيات تتحدث عن حقائق في النفس والآفاق أوالكون:
"سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق"
فهل هذا هو المقصد الإلهي أن يعجزك بأن تكتشف كشوفات علمية في النفس والكون من حولنا وبعد ذلك يبدأ التحدي وكيف وقد نزل القرآن في قوم أغلبهم أميين يقول الله في ذلك :
"هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ "
هل من المعقول أن تطلب من إنسان أن يجري على قدميه مسافة ما وهو مبتور الرجلين، ثم تقول له إن لم تفعل فأنت إنسان عاجز وأنا القوي وأنا الحق؟!!! هل هذا هو مفهوم التحدي في نظرك؟!!
كذلك لا يمكن أن يكون التحدي بهذه الصورة من السخافة في أي شئ ذكره في كتابه معجز من وجه آخر لا يقدر عليه أحد مثل "لا يعلم الغيب إلا الله"
انتهت قصة التحدي بالإعجاز الغيبي.
ويتعلق بها الآتي :
"سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق"
تتحدث أيضا عن المستقبل "إعجاز غيبي" خلص التحدي من هذا الوجه،
ومن وجه آخر يوجد تعجيز آخر بأن يأتوا بكتاب فيه اكتشافات علمية في النفس والآفاق فكيف وهو الذي قال:
"هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ " أي أنهم يجهلون القراءة والكتابة.
وقال أيضا :
" أقرأ وربك الأكرم - الذي علم بالقلم - علم الإنسان ما لم يعلم. "
أي أن العلم لا ينال إلا بالقراءة والكتابة فكأن التحدي بهذه الصورة هو الأمر بمحو الأمية وتعلم القراءة والكتابة والهجرة من مكة إلى أرض الله الواسعة بحثا عن أهل العلم في كافة التخصصات أو بعضها مما يتعلق بجانب التحدي ثم مجالسة هؤلاء العلماء فترة زمنية محترمة وتلقي وحفظ وفهم هذه العلوم ثم يبدأ بتطرق وتتبع الأفكار الجديدة المبتكرة ومحاولة صياغة تلك الأفكار ومن أين ستأتي تلك الأفكار وترجمتها إلى واقع ملموس وإجراء التجارب العلمية المعملية في زمن يعرف بالعصور المظلمة التي انتشر فيها الجهل وعمت فيها الخرافات ثم يستمر في دأبه وتجاربه إلى أن يصل إلى إكتشاف علمي أو أكثر يحقق له النجاح في تحديه لرب محمد وبيان كذب محمد وافتراءه على الله وطبعا محمد سيكون قد مات إن لم يكن هو أيضا قد مات قبل أن يصل لعشر ذلك والأسهل من ذلك أن يكفر به أو أن يؤمن به دون خوض التحدي.
ثم نأتي إلى وجه آخر قد طرحته بنفسك وهو أن يأتي بكتاب يحوي آيات محكمات وآخر متشابهات وهو أيضا تعجيز لهم ولا يمكن أن يطلبه الله منهم كذلك لأنه مرتبط بآيات أخرى تقتضي إستحالة تحققه من ثلاثة وجوه وصعوبة بالغة في تحققه من وجه آخر وهي كون القرآن يحوي آيات متشابهات لا يعلم أحد تأويلها إلى الله وهذا تعجيز يستحيل أن يفعله ، فهل يكلفه الله بأن يأتي بكتاب أو سور به آيات هو نفسه لا يعلم تأويلها، هل هذا يعقل؟
وهو الذي قال في كتابه "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها" إذن فهذا تعجيز من وجه آخر يستحيل تحققه ومن ضمن هذه الآيات أيضا آيات تتحدث عن أمور غيبية وهو تعجيز من نوع آخر يستحيل تحققه فلا يمكن أن يتحداهم من هذا الوجه ، يقول الله في ذلك "يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جائت رسل ربنا بالحق"
وهناك وجه آخر من التعجيز يتعلق بالإتيان بآيات محكمات لا يختلف عليها أحد وهو أشبه بالمستحيل لأن سنة الله في خلقه الإختلاف وفي هذا قال:
"وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ "
إذن أن يوفق من قبل أن يخوض التحدي بعد أن يأتي بالكتاب أو سور منه أن يكون متبعيه متوحدين ومتفقين على فهم دلالات هذه السور أو هذا الكتاب وهذا أشبه بالمستحيل لأنه يعتمد على الحظ فلا يمكن أن يكلفه بشئ مثل ذلك لأنه لا يعتمد على اجتهاد لكنه يعتمد على الحظ والصدفة ولقول الله "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " وهذا ليس من وسعه إذن فهو باطل،
كما أن التحدي جاء به الله لكونهم ادعوا أن محمد افتراه على ربه أي أن محمد اجتهد وأخذ يؤلف هذا الكتاب وينشئ دين من خياله والمشاكلة ورد الفعل يقتضي أن يكون من نفس الزاوية فيدعوهم أن يجتهدوا كذلك ويبدأوا في تأليف هذا الكتاب وينشؤا دينا من دون الله طبعا كما قال في القرآن من جوانح خيالهم ثم يدعوا الناس للإيمان بهذا الكتاب واتباع ما فيه.
يبقى في النهاية التذكير من أن هدفي من ذكر هذه الصفات لكتاب الله هي الصفات التي يمكن تحققها والإتيان بها وأن المعيار الأساسي في هذا التحدي هو إيمان الناس بما جئت به واتباعه أما غير ذلك من الصفات فلا يخفى على أحد سهولة الإتيان بها من أحد متمرس ومتمكن من اللغة العربية.
وحيث أنني لا أتصور إمكانية أن يقبل إنسان هذا التحدي وأن يكون في نفس الوقت مكذبا تكذيبا جازما وليس عنده أدنى شك في كذب محمد،
وإلا لماذا يقبل التحدي ويتكلف العناء في التأليف والدعوة والمثابرة على ما هو عليه من مشقة حتى يجد من يؤمن به ويتبعه فيما جاء به من عند نفسه، ليثبت لنفسه أن محمد فعلا كاذبا في دعواه!!!!! وهذا طبعا لا يعقل.
إلا إذا كان كارها لهذا الدين وتأذى منه فدفعه هذا الشعور لخوض هذا التحدي ليثبت للمسلمين أنهم على ضلال وهذا طبعا يمكن حدوثه.
إذن أنا أدعو من يقبل هذا التحدي ويكون لديه بعض الشكوك لربما كان محمد صادق في دعوته ويريد أن يخوض تجربة لتبين إن كان محمد صادق أم كاذب في دعواه عن ربه أن المهم والمعيار الأساسي في هذه التجربة القرآنية وهذا الاسم هو المفضل إلي من لفظة التحدي القرآني لأن أي عاقل يقبل خوض هذه التجربة المفترض أنه يبحث عن الحق ويسعى للوصول إليه فيسلك في سبيل ذلك أن يفعل أي شئ يدعوه للتيقن من صحة دين ما .
فلا يصح من هذه الوجهة المحترمة من النظر أن توصف بالتحدي القرآني ولم يسمها الله تحدي إلا إذا كان من أراد ذلك له أهداف أخرى.
أعتذر للإطالة.
أود أن ألفت النظر لشيء هام من عرضي لهذه التفاسير ونقدها ونقضها وترجيح التفسير الصواب لهذه الآيات التي يسمونها آيات التحدي :
فعندما قال ابن عرفة في تفسيره:
فأتوا بسورة من مثله ـ قال الأكثرون مثل نظمه ووصفه وفصاحة معاينه، وقال بعضهم من مثله في غيوبه وصدقه. انتهى.
وقال الألوسي: والمعنى بسورة مماثلة للقرآن في البلاغة والأسلوب المعجز. انتهى.
<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
هذا يعني ويؤكد أن الأغلبية في كثير من أمور الدين على باطل وفقههم واجتهاداتهم هي المشهورة والمنتشرة للآسف بين المسلمين وأن الحق عليه القلة في العدد من المسلمين.
وهذا يذكرني بقول الله:
( وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ). [يوسف : 103]
وقال : ( إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ ) [هود : 17]
وقال: ( وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) [الأنعام : 116]
أي أن من سنن الله في خلقه : أن أهل الحق في جنب أهل الباطل قليل ،
قال الشيخ السعدي : " ودلت هذه الآية ، على أنه لا يستدل على الحق بكثرة أهله ، ولا يدل قلة السالكين لأمر من الأمور أن يكون غير حق ، بل الواقع بخلاف ذلك ، فإن أهل الحق هم الأقلون عدداً ، الأعظمون عند الله قدراً وأجراً ، بل الواجب أن يستدل على الحق والباطل ، بالطرق الموصلة إليه ". انتهى "تفسير السعدي" (1 / 270).
قال الفُضيل بن عِياض رحمه الله : " الزمْ طريقَ الهدَى ، ولا يضرُّكَ قلَّةُ السالكين ، وإياك وطرقَ الضلالة ، ولا تغترَّ بكثرة الهالكين ".
وأتذكر هنا قول الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود:
قال ابن مسعود رضي الله عنه: "الجماعة ما وافق الحق؛ ولو كنت وحدك" (رواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة:1/122- رقم160، وصحح سنده الشيخ الألباني كما في تعليقه على مشكاة المصابيح: 1/61، ورواه الترمذي في سننه:4/467).
أود أن أختم بهذه الأحاديث الثابتة عن رسول الله وتحمل وجه كبير مما أقوله هنا:
( لا تزالُ طائفةٌ من أمَّتي ظاهرينَ على الحقِّ، لا يضرُّهم من خذلَهم ، ولا من خالفَهم إلى قيامِ الساعةِ )
المحدث: ابن تيمية - المصدر: مجموع الفتاوى - الصفحة أو الرقم: 28/416 خلاصة حكم المحدث: ثبت من وجوه كثيرة
( بدأ الإسلامُ غريبًا وسيعودُ غريبًا كما بدأ فطُوبِى للغرباءِ، وفي روايةٍ قيل يا رسولَ اللهِ : مَن الغرباءُ؟ قال : الذين يصلحون إذا فسد الناسُ، وفي لفظٍ آخرَ قال : هم الذين يُصلِحون ما أفسد الناسُ من سنتي )المحدث: ابن باز - المصدر: مجموع فتاوى ابن باز - الصفحة أو الرقم: 158/3 خلاصة حكم المحدث: صحيح
أرجو لي ولكم جميعا الهداية والتوفيق