فريق منتدى الدي في دي العربي
11-25-2017, 09:05 PM
اطلعت على ماكتبه فضيلة الشيخ الدكتور عبدالقادر المحمدي في كلامه على رواية سفيان الثوري عن الزهري في صفحات ثمان .. والدكتور عبدالقادر ممن له عناية بعلم الحديث وتحرير البحوث في علومه مسائله .. ومنها ماكتبه في هذا البحث النافع ، وماحرره بارك الله فيه من عدم ثبوت الروايات التي وقع فيها رواية الثوري عن الزهري ، فالشكر للدكتور على ماكتب نفع الله به وبعلمه وجهوده ..
ولي هنا كلمة مختصرة أسطرها بما يلي :
ماذكره فضيلته حفظه الله من السبب في عدم رواية الثوري عن الزهري كونه عرف بالدخول على السلطان .. فلا شك أن الثوري من هذا النوع .. كما هو حال غيره من المحدثين ..
إلا أن الزهري له شأن آخر عند أهل الحديث والسنة ، فهم يعرفون سبب دخوله على السلطان وصلته بهم ، وأنه لم يكن كغيره ممن اتصل بالسطان وتعلق به .. ولهذا لاتجد من الكبار من ترك الرواية عن الزهري لهذا الأمر ، بل تشرف بالرواية عنه الكبار كالأوزاعي ومالك ومعمر وغيرهم وحرص على الرواية عنه أمثالهم ممن لم يكتب له السماع منه كالثوري وشعبة وغيرهما ..
ولذا نجد سفيان الثوري رحل للزهري وطلب السماع منه .. ولكن وجد سفيان من الزهري تثاقلا لم يرضه منه .. فكلمه أن هذا لايليق .. فكأن الزهري استحى من كلام سفيان له فدخل بيته وأخرج له كتابه وأجازه بروايته عنه .. فذهب سفيان من عنده ومعه كتاب الزهري وإجازته له بروايته عنه ..
فأما السبب الذي منع سفيان الثوري من الرواية عن الزهري فأختصره فيما يلي :
أولاً : لمعرفة الإشكال الواقع بين الزهري والرواة عنه صلة وثيقة بما وقع لسفيان معه ، والمهم ذكره هنا أن ابن شهاب الزهري أحد أشراف قريش وكبارهم وأحد أساطين العلم في زمانه ، ومن له المكانة والشفاعة عند خلفاء بني أمية وأمرائهم فيعرفون له قدره وعلمه وجلالته ، فكان مجلس الزهري يحضره كبار القوم من الأمراء والوجهاء وأهل العلم والسائلين فقد كان وجيها كريما لايرد أحدا .. ولهذا لم يكن لأهل الرواية والحديث النصيب الواسع من وقت الزهري .. وكان الزهري يعرف ذلك فاستنسخ نسخا من كتابه الذي حوى جل حديثه فإذا طلب منه أحد حديثه أعطاه نسخةً من كتابه تقديرا منه للسائل وعدم مقدرة السائل أن يجلس عنده الأيام والشهور ليسمع سماعاً من لفظه جُل حديثه أو شطره .
فكان أئمة الحديث إذا رأوا الراوي روى عن الزهري سماعا قدموه على غيره في الثبت عن الزهري ، وإذا رأوا أن روايته عن الزهري عرضا أو كتابا أخروه عن غيره في الثبت وضعفوه لذلك ، ولهذا صنف أئمة الحديث كابن المديني ويحيى وأحمد أصحاب الزهري إلى طبقات ، وأوصلها النسائي وغيره إلى تسع طبقات .
من هنا يتضح سبب عدم تحديث سفيان عن الزهري ..
ثانيا : ماهو السبب في عدم تحديث سفيان الثوري عن الزهري مع أنه تحمل الرواية عنه ؟
فكما تقدم ولما يأتي يظهر لي أن سفيان لم يرض طريقة أداء الزهري في تحديثه ؛ أنه أراد من سفيان الرواية عنه مناولة .. وهذه طريقة لايرتضيها الثوري في الرواية .. ومذهبه شديد في ذلك ، بل كان لا يرضى بقول الشيخ سمعت في أول التحديث بل أحيانا يشدد في التصريح بالسماع لكل حديث كما وقع له مع عبيدالله بن عمر مع جلالته وعلمه .
ولذا فالقول بأن الثوري ترك الرواية عن الزهري لدخوله على السلطان بعيدٌ لأمور :
أولها : ماتقدم ذكره من مذهب الثوري في الرواية وتشدده في التحمل عن الشيوخ ، ولو تحمل عنه سماعا كما كان يرغب لحدّث عنه ، ولكن قلة المال عند سفيان حرمه من البقاء عند الزهري أياما ليحصل على السماع الحديث بعد الحديث ، وهذا ماعتذر به سفيان - فيما رواه عبدالرزاق عنه - عندما سئل : مامنعك من الزهري ؟ فأجاب بقلة الدراهم ..
وثانيها : أن الثوري لو لم ير الرواية عن الزهري بسبب دخوله على السلطان لما ذهب إليه أصلا وطلب منه الرواية عنه .
وثالثها : لو كان السبب هو الدخول على السلطان لما روى عن أصحاب الزهري عن الزهري ، مع أن عنده إجازة من الزهري بالرواية عنه ، فاستعاض سفيان برواية من روى عن الزهري سماعا عن هذا الكتاب الغير مسموع ، فسمع من أصحاب الزهري الذين ثبت سماعهم من الزهري من لفظه كمالك والأوزاعي ومعمر وغيرهم ، وخاصة معمر وهو من أكثر من سمع من الزهري حديثه سماعا ولازمه في ذلك ، ولهذا كان ابن عيينة ربما يشك في سماع حديث من الزهري فيحدث به .. ويقول عقبه : وثبتني فيه معمر ، ولذا لاغرابة أن يقول الثوري عن حديث الزهري : كفاناه معمر .
هذا ماتيسر ذكره هنا مختصرا ، وأسأل الله التوفيق والسداد ، والحمد لله أولا وآخرا ..
كتبه أبو محمد عبدالوهاب الزيد
الرياض 4 - 3 - 1439 .
ولي هنا كلمة مختصرة أسطرها بما يلي :
ماذكره فضيلته حفظه الله من السبب في عدم رواية الثوري عن الزهري كونه عرف بالدخول على السلطان .. فلا شك أن الثوري من هذا النوع .. كما هو حال غيره من المحدثين ..
إلا أن الزهري له شأن آخر عند أهل الحديث والسنة ، فهم يعرفون سبب دخوله على السلطان وصلته بهم ، وأنه لم يكن كغيره ممن اتصل بالسطان وتعلق به .. ولهذا لاتجد من الكبار من ترك الرواية عن الزهري لهذا الأمر ، بل تشرف بالرواية عنه الكبار كالأوزاعي ومالك ومعمر وغيرهم وحرص على الرواية عنه أمثالهم ممن لم يكتب له السماع منه كالثوري وشعبة وغيرهما ..
ولذا نجد سفيان الثوري رحل للزهري وطلب السماع منه .. ولكن وجد سفيان من الزهري تثاقلا لم يرضه منه .. فكلمه أن هذا لايليق .. فكأن الزهري استحى من كلام سفيان له فدخل بيته وأخرج له كتابه وأجازه بروايته عنه .. فذهب سفيان من عنده ومعه كتاب الزهري وإجازته له بروايته عنه ..
فأما السبب الذي منع سفيان الثوري من الرواية عن الزهري فأختصره فيما يلي :
أولاً : لمعرفة الإشكال الواقع بين الزهري والرواة عنه صلة وثيقة بما وقع لسفيان معه ، والمهم ذكره هنا أن ابن شهاب الزهري أحد أشراف قريش وكبارهم وأحد أساطين العلم في زمانه ، ومن له المكانة والشفاعة عند خلفاء بني أمية وأمرائهم فيعرفون له قدره وعلمه وجلالته ، فكان مجلس الزهري يحضره كبار القوم من الأمراء والوجهاء وأهل العلم والسائلين فقد كان وجيها كريما لايرد أحدا .. ولهذا لم يكن لأهل الرواية والحديث النصيب الواسع من وقت الزهري .. وكان الزهري يعرف ذلك فاستنسخ نسخا من كتابه الذي حوى جل حديثه فإذا طلب منه أحد حديثه أعطاه نسخةً من كتابه تقديرا منه للسائل وعدم مقدرة السائل أن يجلس عنده الأيام والشهور ليسمع سماعاً من لفظه جُل حديثه أو شطره .
فكان أئمة الحديث إذا رأوا الراوي روى عن الزهري سماعا قدموه على غيره في الثبت عن الزهري ، وإذا رأوا أن روايته عن الزهري عرضا أو كتابا أخروه عن غيره في الثبت وضعفوه لذلك ، ولهذا صنف أئمة الحديث كابن المديني ويحيى وأحمد أصحاب الزهري إلى طبقات ، وأوصلها النسائي وغيره إلى تسع طبقات .
من هنا يتضح سبب عدم تحديث سفيان عن الزهري ..
ثانيا : ماهو السبب في عدم تحديث سفيان الثوري عن الزهري مع أنه تحمل الرواية عنه ؟
فكما تقدم ولما يأتي يظهر لي أن سفيان لم يرض طريقة أداء الزهري في تحديثه ؛ أنه أراد من سفيان الرواية عنه مناولة .. وهذه طريقة لايرتضيها الثوري في الرواية .. ومذهبه شديد في ذلك ، بل كان لا يرضى بقول الشيخ سمعت في أول التحديث بل أحيانا يشدد في التصريح بالسماع لكل حديث كما وقع له مع عبيدالله بن عمر مع جلالته وعلمه .
ولذا فالقول بأن الثوري ترك الرواية عن الزهري لدخوله على السلطان بعيدٌ لأمور :
أولها : ماتقدم ذكره من مذهب الثوري في الرواية وتشدده في التحمل عن الشيوخ ، ولو تحمل عنه سماعا كما كان يرغب لحدّث عنه ، ولكن قلة المال عند سفيان حرمه من البقاء عند الزهري أياما ليحصل على السماع الحديث بعد الحديث ، وهذا ماعتذر به سفيان - فيما رواه عبدالرزاق عنه - عندما سئل : مامنعك من الزهري ؟ فأجاب بقلة الدراهم ..
وثانيها : أن الثوري لو لم ير الرواية عن الزهري بسبب دخوله على السلطان لما ذهب إليه أصلا وطلب منه الرواية عنه .
وثالثها : لو كان السبب هو الدخول على السلطان لما روى عن أصحاب الزهري عن الزهري ، مع أن عنده إجازة من الزهري بالرواية عنه ، فاستعاض سفيان برواية من روى عن الزهري سماعا عن هذا الكتاب الغير مسموع ، فسمع من أصحاب الزهري الذين ثبت سماعهم من الزهري من لفظه كمالك والأوزاعي ومعمر وغيرهم ، وخاصة معمر وهو من أكثر من سمع من الزهري حديثه سماعا ولازمه في ذلك ، ولهذا كان ابن عيينة ربما يشك في سماع حديث من الزهري فيحدث به .. ويقول عقبه : وثبتني فيه معمر ، ولذا لاغرابة أن يقول الثوري عن حديث الزهري : كفاناه معمر .
هذا ماتيسر ذكره هنا مختصرا ، وأسأل الله التوفيق والسداد ، والحمد لله أولا وآخرا ..
كتبه أبو محمد عبدالوهاب الزيد
الرياض 4 - 3 - 1439 .