مشاهدة النسخة كاملة : تبرئة الإمام المجدد من عقيدة إرجائية


فريق منتدى الدي في دي العربي
02-28-2016, 12:17 AM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه

أما بعد

شاعت مؤخرا مقالة ارجائية تقرر إسلام تارك أعمال الجوارح بالكلية إن هو قال : لا إله إلا الله وأتى بالتوحيد ! , وقد نفقت –وللأسف- هذه المقالة بين العديد من طلاب العلم إما بسبب تعظيمهم لقائلها أو تعظيمهم لمن نُسِبَت إليه ظلما !.

بيد أن كثيرا ممن ينتحلها الآن - أو يسكت عنها – كان فيما قبل يعدها من المسائل التي لا ينتطح كبشان من كونها من أوضار المرجئة وبوائقهم ولكن .. الله المستعان

ومن الأئمة الذين نسبت إليهم هذه المقالة وهو منها براء كبراءة الذئب من دم يوسف الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب قدس الله روحه

وأنا إن شاء الله أذكر في هذه الورقات فصلين أدافع فيها عن الإمام وأذب عنه هذه المقالة بحجج لا تترك في قلب مرتاب شبهة

الفصل الأول : من أقوال الإمام التي يقرر فيها خلاف التهمة المذكورة أعلاه .
الفصل الثاني : توضيح الاشتباه الذي وقعوا فيه .

الفصل الأول : يتضح في

1- نقله الإجماع على أن الإيمان يكون في القلب واللسان والجوارح

قال قدّس الله روحه كما في الدرر السنية (2/124) )) لا خلاف بين الأمة )) ، أن التوحيد: لا بد أن يكون بالقلب، الذي هو العلم , واللسان الذي هو القول ; والعمل الذي هو تنفيذ الأوامر والنواهي ; فإن أخل بشيء من هذا، لم يكن الرجل مسلما ; فإن أقر بالتوحيد ولم يعمل به، فهو كافر، معاند، كفرعون وإبليس; وإن عمل بالتوحيد ظاهرا، وهو لا يعتقده باطنا، فهو: منافق خالصا، أشر من الكافر; والله أعلم .اهـ

قلت : . ولا يقال أن مراد الإمام بالعمل هو عمل القلب لأنه رتب وفرق تفريقا واضحا بينهما (( فالله المستعان ! ))

وهذا النقل – في رأيي - وحده كاف في نقض التهمة وتخليص الإمام مما نسب إليه ! , غير أني سأتبعه بغيره حتى أقطع حجة المخالف – إن بقي لديه حجة – ويستفيد فإن في تكرير الحجج إزهار(1) للحق وإزهاق للباطل

وهنا يصرح بمراده !
فيقول كما في الدرر السنية ((10/87) : اعلم رحمك الله : أن دين الله يكون على القلب بالاعتقاد، وبالحب والبغض، ويكون على اللسان بالنطق وترك النطق بالكفر، (( ويكون على الجوارح بفعل أركان الإسلام )) ، وترك الأفعال التي تكفر؛ فإذا اختل واحدة من هذه الثلاث، كفر وارتد. .اهـ

وقال أيضا كما في الدرر (1/33) : وأعتقد أن الإيمان: قول باللسان، وعمل بالأركان، واعتقاد بالجنان، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية .اهـ

2- استدلاله بكلام ابن تيمية رحمه الله في أن كلمة "لا إله إلا الله" لا تكفي إلا مع الإتيان بحقها

قال كما في الدرر السنية (2/95) في حديثه عن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم أمته التوحيد: وحتى حذرهم عن الكفر بنعمة الله، قيل هو قول الرجل: هذا مالي، ورثته عن آبائي، وقال بعضهم: هو كقوله: الريح طيبة، والملاح حاذق، ونحو ذلك; ولما ذكر شيخ الإسلام تقي الدين الأحاديث: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله " وكذلك حديث ابن عمر في الصحيحين : " أمرت أن أقاتل الناس، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة" قال: (إن الصلاة من حقها، والزكاة من حقها) كما قال الصديق لعمر، ووافقه عمر، وسائرهم على ذلك، ويكون ذلك أنه إذا قالها قد شرع في العصمة، وإلا بطلت.

قد قال النبي صلى الله عليه وسلم كل واحد من الحديثين، في وقت، ليعلم المسلمون أن الكافر إذا قالها وجب الكف عنه، ثم صار القتال مجردا إلى الشهادتين، ليعلم أن تمام العصمة يحصل بذلك، لئلا يقع شبهة; وأما مجرد الإقرار، فلا يعصمهم على الدوام، كما وقعت لبعض الصحابة، حتى جلاها الصديق رضي الله عنه ووافقه عمر .اهـ

أي أن كلمة "لا إله إلا الله" كافية لدخول المرء في الإسلام ولكنها غير كافية لبقائه فيه

3- وأيضا قوله بكفر الذين منعوا الزكاة في حروب الردة مع أنهم يشهدون أن لا إله إلا الله !

قال كما في الدرر السنية (9/419) : ومن أعظم ما يحل الإشكال في مسألة التكفير والقتال، عمن قصده اتباع الحق: إجماع الصحابة على قتال مانعي الزكاة، وإدخالهم في أهل الردة، وسبي ذراريهم، وفعلهم فيهم ما صح عنهم، وهو أول قتال وقع في الإسلام، على من ادعى أنه من المسلمين .اهـ

ونقل قبلها قول ابن تيمية : وكفر هؤلاء، وإدخالهم في أهل الردة، قد ثبت باتفاق الصحابة، المستند إلى نصوص الكتاب والسنة; .اهـ

4- وهنا ذكر عدة أفعال يصبح المرء بفعلها كافرا وليس فيها شرك .

قال في الدرر السنية (10/104) : وقولكم: لِمَ تكفّرون من يعمل بفرائض الإسلام الخمس؟ فقد كان في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم من انتسب إلى الإسلام ثم مرق من الدين، كما في الحديث الصحيح: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث البراء بن عازب معه الراية، إلى رجل تزوج امرأة أبيه، ليقتله ويأخذ ماله، وقد انتسب إلى الإسلام وعمل به.
ومثل: قتال الصديق والصحابة رضي الله عنهم مانعي الزكاة، وسبي ذراريهم وغنيمة أموالهم، وتسميتهم مرتدين بعدما عملوا بشرائع الإسلام; ومثل إجماع التابعين على قتل الجعد بن درهم، وهو مشتهر بالعلم والدين، إلى غير ذلك، جرى وقائع لا تعد ولا تحصى .اهـ

وهذه رد على من زعم أن المجدد لا يكفر إلا بالشرك بالله ! فهذه ثلاث مكفرات ليس فيها شرك ؛ الأول : من تزوج امرأة أبيه(2) , الثاني : مانعو الزكاة , الثالث : إنكار الصفات .

الفصل الثاني : توضيح مقصد الإمام المجدد في الكلام الذي أُشْكِلَ فهمه

قال الإمام المجدد رحمه الله كما في الدرر السنية (10/129) : وأما الذي نكفر به فالشرك بالله كما قال تعالى "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" .اهـ

أقول : مقصد الإمام رحمه الله من كلامه هذا الرد على أعداء الدعوة الذين ينسبون إليها الافتراءات وأنهم يكفرون بارتكاب الكبائر ؛ وهذا يتبين من قوله قبل كلامه المذكور : يذكر لنا من أعداء الإسلام، من يذكر أنا نكفر بالذنوب، مثل التتن، وشرب الخمر، والزنى أو غير ذلك من كبائر الذنوب، فنبرأ إلى الله من هذه المقالة، بل الذي نحن نقول: الذنوب فيها الحدود، ومعلقة بالمشيئة، إن شاء الله عفا، وإن شاء عذب عليها. وأما الذي نكفر به .. .إلخ

وقال كما في مجموع رسائله (1/46) : من محمد بن عبد الوهاب، إلى الأخ حمد التويجري، ألهمه الله رشده؛ سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد، وصل الخط، أوصلك الله ما يرضيه. وأشرفنا على الرسالة المذكورة، وصاحبها ينتسب إلى مذهب الإمام أحمد ... وكذلك تمويهه على الطغام بأن ابن عبد الوهاب يقول: الذي ما يدخل تحت طاعتي كافر، ونقول: سبحانك هذا بهتان عظيم! بل نشهد الله على ما يعلمه من قلوبنا، بأن من عمل بالتوحيد، وتبرأ من الشرك وأهله، فهو المسلم في أي زمان وأي مكان. (( وإنما نكفّر مَن أشرك بالله في إلهيته )) ..اهـ

مما سبق يتبين أنه من الغلط القول أن الإمام المجدد مر بمذهبين في مسألة تارك الأعمال , فكلام الإمام يتضح لمن أشكل عليه بجمع بعضه إلى بعض والأخذ بالصريح من أقواله , وهذا في كل الأئمة المتبعون فلو أراد أحد أن يدلل على قوله من كلامهم لاستطاع فهذا ابن جرجيس يستدل بكلام ابن تيمية على عدم تكفير عباد القبور إلا بشروط وضعها هو , وهذا صاحب دفع شبه التشبيه يستدل بكلام الإمام أحمد على نفي العلو ! , وها هم كل المبتدعة والمنسوبون إلى الإسلام كلهم يستدلون بالقرآن على بدعهم !!(3)

فما المخلص من كل هذا ؟!

المخلص أن يكون قصد المسلم ائتمام الحق حيث كان وسؤال الله التوفيق , ولا يكون متغيرا بتغير المواقف أو بتغير قول مُتِّبعه

والأمر كما أسلفت لو أراد المبطل الاستدلال على قوله بشيء لوجد بغيته في القرآن .. فدع نُصبَ عينيك ما قاله العالم الرباني عبدالله بن مسعود رضي الله عنه :

إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ، وَمَاحِلٌ مُصَدَّقٌ، مَنْ جَعَلَهُ أَمَامَهُ قَادَهُ إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَنْ جَعَلَهُ خَلْفَهُ سَاقَهُ إِلَى النَّارِ .(4)

وعليك بالأمر الأول

هذا وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد

(1) الإزهار هو الإضاءة .قال صاحب الصحاح : وزَهَرَتِ النارُ زُهوراً: أضاءت، وأَزْهَرْتُها أنا .
(2) قال الطبري في تهذيب الآثار (6/457) : وكان الذي عرس بزوجة أبيه ، متخطيا بفعله حرمتين ، وجامعا بين كبيرتين من معاصي الله إحداهما : ((عقد نكاح على من حرم الله عقد النكاح عليه بنص تنزيله بقوله )) : "ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء" والثانية : إتيانه فرجا محرما عليه إتيانه وأعظم من ذلك تقدمه على ذلك بمشهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإعلانه عقد النكاح على من حرم الله عليه عقده عليه بنص كتابه (( الذي لا شبهة في تحريمها عليه )) ، وهو حاضره . فكان فعله ذلك من أدل الدليل على تكذيبه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أتاه به عن الله تعالى ذكره ، وجحوده آية محكمة في تنزيله فكان بذلك من فعله كذلك ، عن الإسلام إن كان قد كان للإسلام مظهرا مرتدا .اهـ
(3) تنبيه : بعض أهل البدع يستدل بالكتاب والسنة فقط من باب الاستئناس لا من باب الاحتجاج .
(4) رواه الفريابي في فضائل القرآن 23 قال : - حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ أَيُّوبَ الطَّالْقَانِيّ ُ، نا الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ .

أتممته في : يوم الثلاثاء 23 ربيع الثاني 1437
كتبه : نواف الشمري

Adsense Management by Losha