فريق منتدى الدي في دي العربي
03-11-2016, 02:44 PM
البسملة1
السلام1
🔷🔷(((من نهايات الخارجين على حكام المسلمين))) كتبه أحمد بن قذلان المزروعي🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹
الحمد لله العزيز القهار والصلاة والسلام على النبي المصطفى المختار وآله وصحبه الأخيار أما بعد ….
فهذا مقال يحكي قصصاً مؤثرة عن نهاية الخارجين على الخلفاء, وحكام المسلمين. ماذا صنع الله بهم ؟ وماذا حدث لهم ؟
هل يا ترى رفعوا راية الإسلام ؟ أم نشروا العلم في الأوطان ؟ أم هل يا ترى كان لهم شأن في كسر شوكة الأعداء ؟
في الحقيقة لعل هذا هو الخيال الذي رسمه الخارجون في عقولهم, وهو الذي مرّ في طيف أحلامهم, لكنه خيال لا حقيقة له إلا في الأذهان, أما في الواقع فلم يكن وما كان, بل كان خروجهم على السلطان على ممرّ الأزمان يحمل كثيراً من الفساد والخذلان.
هل تدري لماذا أخي القارئ؟
-لأنهم جعلوا أسّ الإصلاح تغيير المنكر الذي يتركز على تغيير الحاكم الجائر بالخروج عليه, وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن هوان وذلّ من كان هذا سعيه وإصلاحه.
فقال صلى الله عليه وسلم:” من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله“.([1])
وقال صلى الله عليه وسلم:” ما من قوم مشوا إلى سلطان الله ليذلوه إلا أذلهم الله قبل يوم القيامة“([2]) وفي رواية([3])”قبل أن يموتوا“.
-ولأنهم سعوا سعياً حثيثاً للوصول إلى الحكم بغض النظر عن كيفية الوصول إليه, وما هي الأهلية للتمركز عليه, فكانت النتيجة الخزي والندامة.
قال صلى الله عليه وسلم:”إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة فنعم المرضعة وبئست الفاطمة“.([4])
وقال صلى الله عليه وسلم:”يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها, وإن أوتيتها من غير مسألة أعنت عليها“.([5])
وظهر مصداق هذا الخبر النبوي في التاريخ الإسلامي فما خرج قوم على الحاكم المسلم براً كان أو فاجراً, إلا أذلّهم الله وانتقم منهم, وترتب على خروجهم من المفاسد والضرر العام الظاهر أكبر وأعظم مما كان من الفاسد والضرر الخاص القاصر, وإليك أخي القارئ بعض القصص والأخبار كنماذج يعتبر بها أولوا النهى الأبصار.
الأنموذج الأول: الخارجين على عثمان رضي الله عنه وانتقام الله منهم.
قد بشر النبي صلى الله عليه وسلم عثمان رضي الله عنه بالجنة لكن على بلوى تصيبه, فكان كما أخبر صلى الله عليه وسلم وذلك أن الثوار والخوارج نقموا على الخليفة المهدي الراشد الثالث أموراً هي بين صحيحة له فيها منقبة فقلبها الحاقدون مثلبة, وأموراً لا يعيب على مثلها إلا من قصد الفتن والفساد, وأموراً مفتراة عليه, فاستغل الخوارج الثوار هذه الأشياء التي شاعت وانتشرت للتحريض على الخليفة الراشد, وجمعوا الجموع وغرّوا السذج الأغمار بهذه الشبه والمفتريات, ثم توجهوا إلى المدينة قاصدين الحج بزعمهم وهم يبطنون خلع الخليفة أو قتله, فاجتمع بهم عثمان رضي الله عنه وحاورهم وذكّرهم ودفع ما تعلق به القوم من الشبه ووعظهم, وذكرهم غيره من الصحابة إلا أن الأمر قد دبّر بليل والفتنة لا تنطفئ إذا أضرم فتيلها, فأبى الثوار إلا ما أبطنوه فحاصروا دار عثمان رضي الله عنه أربعين يوماً, وزادت المفاوضات بين أمير المؤمنين رضي الله عنه والمحاصرين له فهم يريدون خلعه بلا موجب, وهو يأبي ذلك لا حرصاً على الإمامة, بل لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم له حين قال له:” :”يا عثمان إنه لعل الله يقمصك قميصاً فإن أرادوك على خلعه فلا تخلعه لهم“.([6]) فاختار الصبر على هذا العهد رضي الله عنه ولم يأذن لأحد من الصحابة بالقتال معه مع حرصهم الشديد على الدفاع عنه وحمايته رضي الله عنهم, وما ذاك الصبر والثبات إلا؛ لأنه لا يريد أن يكون أول من يفتح باب سفك الدماء على المسلمين, ولعلمه أن الثوار إنما يريدونه لا يريدون غيره, فافتدى بدمه لحماية دم المسلمين واختار أن يكون عبد الله المظلوم, ثم وقع ما وقع ودخل الثوار في أوسط أيام التشريق في صبيحة يوم الجمعة دار الخليفة وهو ناشر كتاب الله بين يديه يقرأه ويتلوه, فدخل عليه رجل فخنقه ثم أهوى عليه بالسيف فاتقاه عثمان رضي الله عنه بيده فقطع يده فقال عثمان رضي الله عنه:” أما والله إنها لأول كفٍّ خطّت المفصل“([7]) فوثبوا عليه وضربه رجل في صدغه([8]) الأيسر فقتله, وكانت قتلته وحشية, حتى أن أبا هريرة رضي الله عنه كان كلما ذكر ما صنع بعثمان رضي الله عنه رضي الله عنه بكى حتى ينتحب يقول :هاه هاه.([9])
فقتلوه -قاتلهم الله-واقتحموا ثلاث حرم: حرمة البلد الحرام والشهر الحرام وحرمة الخلافة.([10]) وأنشد حسان بن ثابت:
قتلتم وليّ الله في جوف داره وجئتم بأمر جـائر غيـر مهــــــــــتدِ
فلا ظفرتْ أيمان قوم تعاونوا على قتل عثمان الرشيد المسدّدِ.([11])
فوقعت بقتله مصيبة كبيرة وفتنة عظيمة حتى قال عبدالله بن سلام:”لقد فتح الناس على أنفسهم بقتل عثمان باب فتنة لا ينغلق عنهم إلى قيام الساعة”.([12])
هذا ما حدث من خروج الخوارج على الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه فكان من انتقام الله منهم ا قال ابن كثير رحمه الله:”وقد أقسم بعض السلف بالله: أنه ما مات أحد من قتلة عثمان إلا مقتولاً…وقال بعضهم : ما مات أحد منهم حتى جُنّ”. ([13])
قال محب الدين رحمه الله:”وهكذا سائر قتلة عثمان لقوا جزاء عملهم في الدنيا قبل الآخرة “.([14])
🔷الأنموذج الثاني: الانتحار نهاية ابن الأشعث.
لما بعث الحجاج ابن الأشعث على سجستان، ثار ومن معه على الحجاج في أول أمرهم لجوره وجبروته, ثم تمادى بهم الأمر فخلعوا الخليفة عبد الملك بن مروان, وأقبل في جمع كبير فقاتله الحجاج، وجرى بينهما عدة مصافات ينتصر ابن الأشعث فيها، ودامت الحرب أشهراً، وقُتل خلق من الفريقين، وفي آخر الأمر انهزم جمع ابن الأشعث، وفرّ هو إلى الملك رتبيل -ملك الترك- ملتجئاً إليه, فطلب الحجاجُ ابنَ الأشعث من رتبيل وكاتبه. يقول: والله الذي لا إله إلا هو لئن لم تبعث إلي بابن الأشعث لأبعثنّ إلى بلادك ألف ألف مقاتل ولأخربنّها. فلما تحقق الوعيد من الحجاج قبض رتبيل على ابن الأشعث وعلى ثلاثين من أقربائه فقيدهم في الأصفاد, وبعث بهم مع رسول الحجاج إليه, فلما كانوا ببعض الطريق بمكان يقال له الرجح صعد ابن الأشعث وهو مقيد بالحديد إلى سطح قصر-ومعه رجل موكل به لئلا يفرّ- وألقى نفسه من ذلك القصر وسقط معه الموكل به.([15])
الأنموذج الثالث: طالوت المعافري ويحيى الليثي عام عصيب.
كان الخليفة الأندلسي الحكم بن هشام(206ه) في أول خلافته على سيرة حميدة, ثم تغير وجاهر بالمعاصي وكان من جبابرة الملوك وفساقهم ومتمرديهم, وكان ذا عدوان وظلم, فهمَّ بعض العلماء بنزع طاعته ومنهم:طالوت المعافري([16]) ويحيى الليثي([17])وقالوا: إنه غير عدل, ونكثوه في نفوس العوام, وزعموا أنه لا يحلّ المكث ولا الصبر على هذه السيرة الذميمة، وعولوا على تقديم أحد أهل الشورى بقرطبة، وهو أبو الشماس أحمد بن المنذر بن الداخل الأموي ابن عمّ الحكم ؛ لِما عرفوا من صلاحه وعقله ودينه فقصدوه وعرّفوه بالأمر, فأبدى لهم الميل في بداية الأمر, ثم وشى بهم بعد ذلك عند الحكم, وأوقف الحكم على صحة الحال.
فلما حضر أقبل يسألهم عمّن معهم في هذا الأمر فلما عرفوا أنه كشفهم وسقطوا في يده, بادروا بالخروج فنجا منهم من نجا, وكان من الناجين طالوت ويحيى الليثي, وأما من لم يفرّ فقد قتل منهم من قتل وصلب منهم آخرين, حتى وصل عدد من قتل من الفقهاء وأهل الصلاح ما يقارب اثنين وسبعون رجلاً.([18])
وبعد أمَدٍ كتب يحي للحكم يطلبه الأمان, فاستجاب الحكم له , فعاد إلى قرطبة في آخر أيام الحكم, ولم يزل تحت كرامته بقية أيامه,وأما طالوت فرجع تحت ولاية الحكم بعد اختباء عام في بيت يهودي.([19])
الأنموذج الرابع: ابن حسّون نهاية مؤلمة.
قام أبو الحكم الحسين بن حسّون القاضي بمالقة في أواخر دولة المرابطين وأعلن الثورة على ابن تاشفين سلطان دولة المرابطين, واستمر حكمه في مالقة إلى أن قتل نفسه بعد أن تآمرت عليه الرعية وثارت عليه , فزلت قدمه وكاتب الإفرنج, ثم أشعل النار في كتبه, ثم ضاع رشدّه فقتل بعض بناته غيرة عليهم من السبي, ثم حسا سماً فلم يمت منه, ثم تناول رمحاً وتحامل على أسنانه حتى خرج من ظهره ولم يمت حتى دخل الثوّار عليه وهو على هذه الحال ثم مات بعد يومين, وصلبت جثته وحمل رأسه إلى مراكش.([20])
🔹🔹📝كتبه ،احمد بن قذلان المزروعي
السلام1
🔷🔷(((من نهايات الخارجين على حكام المسلمين))) كتبه أحمد بن قذلان المزروعي🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹
الحمد لله العزيز القهار والصلاة والسلام على النبي المصطفى المختار وآله وصحبه الأخيار أما بعد ….
فهذا مقال يحكي قصصاً مؤثرة عن نهاية الخارجين على الخلفاء, وحكام المسلمين. ماذا صنع الله بهم ؟ وماذا حدث لهم ؟
هل يا ترى رفعوا راية الإسلام ؟ أم نشروا العلم في الأوطان ؟ أم هل يا ترى كان لهم شأن في كسر شوكة الأعداء ؟
في الحقيقة لعل هذا هو الخيال الذي رسمه الخارجون في عقولهم, وهو الذي مرّ في طيف أحلامهم, لكنه خيال لا حقيقة له إلا في الأذهان, أما في الواقع فلم يكن وما كان, بل كان خروجهم على السلطان على ممرّ الأزمان يحمل كثيراً من الفساد والخذلان.
هل تدري لماذا أخي القارئ؟
-لأنهم جعلوا أسّ الإصلاح تغيير المنكر الذي يتركز على تغيير الحاكم الجائر بالخروج عليه, وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن هوان وذلّ من كان هذا سعيه وإصلاحه.
فقال صلى الله عليه وسلم:” من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله“.([1])
وقال صلى الله عليه وسلم:” ما من قوم مشوا إلى سلطان الله ليذلوه إلا أذلهم الله قبل يوم القيامة“([2]) وفي رواية([3])”قبل أن يموتوا“.
-ولأنهم سعوا سعياً حثيثاً للوصول إلى الحكم بغض النظر عن كيفية الوصول إليه, وما هي الأهلية للتمركز عليه, فكانت النتيجة الخزي والندامة.
قال صلى الله عليه وسلم:”إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة فنعم المرضعة وبئست الفاطمة“.([4])
وقال صلى الله عليه وسلم:”يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها, وإن أوتيتها من غير مسألة أعنت عليها“.([5])
وظهر مصداق هذا الخبر النبوي في التاريخ الإسلامي فما خرج قوم على الحاكم المسلم براً كان أو فاجراً, إلا أذلّهم الله وانتقم منهم, وترتب على خروجهم من المفاسد والضرر العام الظاهر أكبر وأعظم مما كان من الفاسد والضرر الخاص القاصر, وإليك أخي القارئ بعض القصص والأخبار كنماذج يعتبر بها أولوا النهى الأبصار.
الأنموذج الأول: الخارجين على عثمان رضي الله عنه وانتقام الله منهم.
قد بشر النبي صلى الله عليه وسلم عثمان رضي الله عنه بالجنة لكن على بلوى تصيبه, فكان كما أخبر صلى الله عليه وسلم وذلك أن الثوار والخوارج نقموا على الخليفة المهدي الراشد الثالث أموراً هي بين صحيحة له فيها منقبة فقلبها الحاقدون مثلبة, وأموراً لا يعيب على مثلها إلا من قصد الفتن والفساد, وأموراً مفتراة عليه, فاستغل الخوارج الثوار هذه الأشياء التي شاعت وانتشرت للتحريض على الخليفة الراشد, وجمعوا الجموع وغرّوا السذج الأغمار بهذه الشبه والمفتريات, ثم توجهوا إلى المدينة قاصدين الحج بزعمهم وهم يبطنون خلع الخليفة أو قتله, فاجتمع بهم عثمان رضي الله عنه وحاورهم وذكّرهم ودفع ما تعلق به القوم من الشبه ووعظهم, وذكرهم غيره من الصحابة إلا أن الأمر قد دبّر بليل والفتنة لا تنطفئ إذا أضرم فتيلها, فأبى الثوار إلا ما أبطنوه فحاصروا دار عثمان رضي الله عنه أربعين يوماً, وزادت المفاوضات بين أمير المؤمنين رضي الله عنه والمحاصرين له فهم يريدون خلعه بلا موجب, وهو يأبي ذلك لا حرصاً على الإمامة, بل لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم له حين قال له:” :”يا عثمان إنه لعل الله يقمصك قميصاً فإن أرادوك على خلعه فلا تخلعه لهم“.([6]) فاختار الصبر على هذا العهد رضي الله عنه ولم يأذن لأحد من الصحابة بالقتال معه مع حرصهم الشديد على الدفاع عنه وحمايته رضي الله عنهم, وما ذاك الصبر والثبات إلا؛ لأنه لا يريد أن يكون أول من يفتح باب سفك الدماء على المسلمين, ولعلمه أن الثوار إنما يريدونه لا يريدون غيره, فافتدى بدمه لحماية دم المسلمين واختار أن يكون عبد الله المظلوم, ثم وقع ما وقع ودخل الثوار في أوسط أيام التشريق في صبيحة يوم الجمعة دار الخليفة وهو ناشر كتاب الله بين يديه يقرأه ويتلوه, فدخل عليه رجل فخنقه ثم أهوى عليه بالسيف فاتقاه عثمان رضي الله عنه بيده فقطع يده فقال عثمان رضي الله عنه:” أما والله إنها لأول كفٍّ خطّت المفصل“([7]) فوثبوا عليه وضربه رجل في صدغه([8]) الأيسر فقتله, وكانت قتلته وحشية, حتى أن أبا هريرة رضي الله عنه كان كلما ذكر ما صنع بعثمان رضي الله عنه رضي الله عنه بكى حتى ينتحب يقول :هاه هاه.([9])
فقتلوه -قاتلهم الله-واقتحموا ثلاث حرم: حرمة البلد الحرام والشهر الحرام وحرمة الخلافة.([10]) وأنشد حسان بن ثابت:
قتلتم وليّ الله في جوف داره وجئتم بأمر جـائر غيـر مهــــــــــتدِ
فلا ظفرتْ أيمان قوم تعاونوا على قتل عثمان الرشيد المسدّدِ.([11])
فوقعت بقتله مصيبة كبيرة وفتنة عظيمة حتى قال عبدالله بن سلام:”لقد فتح الناس على أنفسهم بقتل عثمان باب فتنة لا ينغلق عنهم إلى قيام الساعة”.([12])
هذا ما حدث من خروج الخوارج على الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه فكان من انتقام الله منهم ا قال ابن كثير رحمه الله:”وقد أقسم بعض السلف بالله: أنه ما مات أحد من قتلة عثمان إلا مقتولاً…وقال بعضهم : ما مات أحد منهم حتى جُنّ”. ([13])
قال محب الدين رحمه الله:”وهكذا سائر قتلة عثمان لقوا جزاء عملهم في الدنيا قبل الآخرة “.([14])
🔷الأنموذج الثاني: الانتحار نهاية ابن الأشعث.
لما بعث الحجاج ابن الأشعث على سجستان، ثار ومن معه على الحجاج في أول أمرهم لجوره وجبروته, ثم تمادى بهم الأمر فخلعوا الخليفة عبد الملك بن مروان, وأقبل في جمع كبير فقاتله الحجاج، وجرى بينهما عدة مصافات ينتصر ابن الأشعث فيها، ودامت الحرب أشهراً، وقُتل خلق من الفريقين، وفي آخر الأمر انهزم جمع ابن الأشعث، وفرّ هو إلى الملك رتبيل -ملك الترك- ملتجئاً إليه, فطلب الحجاجُ ابنَ الأشعث من رتبيل وكاتبه. يقول: والله الذي لا إله إلا هو لئن لم تبعث إلي بابن الأشعث لأبعثنّ إلى بلادك ألف ألف مقاتل ولأخربنّها. فلما تحقق الوعيد من الحجاج قبض رتبيل على ابن الأشعث وعلى ثلاثين من أقربائه فقيدهم في الأصفاد, وبعث بهم مع رسول الحجاج إليه, فلما كانوا ببعض الطريق بمكان يقال له الرجح صعد ابن الأشعث وهو مقيد بالحديد إلى سطح قصر-ومعه رجل موكل به لئلا يفرّ- وألقى نفسه من ذلك القصر وسقط معه الموكل به.([15])
الأنموذج الثالث: طالوت المعافري ويحيى الليثي عام عصيب.
كان الخليفة الأندلسي الحكم بن هشام(206ه) في أول خلافته على سيرة حميدة, ثم تغير وجاهر بالمعاصي وكان من جبابرة الملوك وفساقهم ومتمرديهم, وكان ذا عدوان وظلم, فهمَّ بعض العلماء بنزع طاعته ومنهم:طالوت المعافري([16]) ويحيى الليثي([17])وقالوا: إنه غير عدل, ونكثوه في نفوس العوام, وزعموا أنه لا يحلّ المكث ولا الصبر على هذه السيرة الذميمة، وعولوا على تقديم أحد أهل الشورى بقرطبة، وهو أبو الشماس أحمد بن المنذر بن الداخل الأموي ابن عمّ الحكم ؛ لِما عرفوا من صلاحه وعقله ودينه فقصدوه وعرّفوه بالأمر, فأبدى لهم الميل في بداية الأمر, ثم وشى بهم بعد ذلك عند الحكم, وأوقف الحكم على صحة الحال.
فلما حضر أقبل يسألهم عمّن معهم في هذا الأمر فلما عرفوا أنه كشفهم وسقطوا في يده, بادروا بالخروج فنجا منهم من نجا, وكان من الناجين طالوت ويحيى الليثي, وأما من لم يفرّ فقد قتل منهم من قتل وصلب منهم آخرين, حتى وصل عدد من قتل من الفقهاء وأهل الصلاح ما يقارب اثنين وسبعون رجلاً.([18])
وبعد أمَدٍ كتب يحي للحكم يطلبه الأمان, فاستجاب الحكم له , فعاد إلى قرطبة في آخر أيام الحكم, ولم يزل تحت كرامته بقية أيامه,وأما طالوت فرجع تحت ولاية الحكم بعد اختباء عام في بيت يهودي.([19])
الأنموذج الرابع: ابن حسّون نهاية مؤلمة.
قام أبو الحكم الحسين بن حسّون القاضي بمالقة في أواخر دولة المرابطين وأعلن الثورة على ابن تاشفين سلطان دولة المرابطين, واستمر حكمه في مالقة إلى أن قتل نفسه بعد أن تآمرت عليه الرعية وثارت عليه , فزلت قدمه وكاتب الإفرنج, ثم أشعل النار في كتبه, ثم ضاع رشدّه فقتل بعض بناته غيرة عليهم من السبي, ثم حسا سماً فلم يمت منه, ثم تناول رمحاً وتحامل على أسنانه حتى خرج من ظهره ولم يمت حتى دخل الثوّار عليه وهو على هذه الحال ثم مات بعد يومين, وصلبت جثته وحمل رأسه إلى مراكش.([20])
🔹🔹📝كتبه ،احمد بن قذلان المزروعي