مشاهدة النسخة كاملة : أنَّ الله عَزَّ وجَلَّ قريب من عباده


فريق منتدى الدي في دي العربي
12-13-2017, 03:01 PM
اعلم أنَّ أهل السنة والجماعة من السلف وأهل الحديث يعتقدون أنَّ الله عَزَّ وجَلَّ قريب من عباده حقيقة كما يليق بجلاله وعظمته ، وهو مستوٍ على عرشه ، بائنٌ من خلقه ، وأنه يتقرَّب إليهم حقيقة ، ويدنو منهم حقيقة ولكنهم لا يفسرون كلَّ قربٍ وَرَدَ لفظه في القرآن أو السنة بالقرب الحقيقيفقد يكون القرب قرب الملائكةوذلك حسب سياق اللفظ.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في ((الفتاوى)) (5/466) : وأما دنوه وتقربه من بعض عباده فهذا يثبته من يثبت قيام الأفعال الاختيارية بنفسه ، ومجيئه يوم القيامة ، ونزوله ، واستواءه على العرش ، وهذا مذهب أئمة السلف وأئمة الإسلام المشهورين وأهل الحديث والنقل عنهم بذلك متواتر])).اهـ.
ويقول في موضعٍ آخر من ((الفتاوي)) (6/14) : ولا يلزم من جواز القرب عليه أن يكون كل موضع ذكر فيه قربه يراد به قربه بنفسه ، بل يبقى هذا من الأمور الجائزة ، وينظر في النص الوارد ، فإن دل على هذا ؛ حُمل عليه ، وإن دل على هذا ؛ حُمل عليه ، وهذا كما تقدم في لفظ الإتيان والمجيء)). اهـ.-[كتاب صفات الله عزوجل]
أن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات، فكما أنا لا ندرك كيفية ذات الله سبحانه، فكذلك لا ندرك كيفية صفاته، وبناء على ذلك، فلا يصح أن يقال إن إثبات صفة النزول يستلزم إثبات الحلول أو الاتحاد، لأن ذلك اللازم إنما يرد على ذواتنا نحن وما نحوها من ذوات المخلوقات،أما ذات الله العلية: فلا تشبه ذواتنا ولا ذوات أي من مخلوقاته، وكذلك صفاته لا تشبه صفات خلقه، فنزوله إنما هو نزول يليق بجلاله: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ {الشورى:11}.
وحيث إن عقولنا لا تدرك كيفية ذاته، فعلينا أن نقطع الطمع كذلك في إدراك كيفية صفاته ونزوله، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: القول في الصفات كالقول في الذات، فإن الله ليس كمثله شيء، لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، فإذا كان له ذات حقيقة لا تماثل الذوات، فالذات متصفة بصفات حقيقة لا تماثل سائر الصفات، فإذا قال السائل: كيف استوى على العرش؟ قيل له كما قال ربيعة ومالك وغيرهما رضي الله عنهما: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب والسؤال عن الكيفية بدعة، لأنه سؤال عما لا يعلمه البشر ولا يمكنهم الإجابة عنه،وكذلك إذا قال: كيف ينزل ربنا إلى السماء الدنيا؟ قيل له: كيف هو؟ فإذا قال: لا أعلم كيفيه، قيل له:ونحن لا نعلم كيفية نزوله، إذ العلم بكيفية الصفة يستلزم العلم بكيفية الموصوف، وهو فرع له وتابع له، فكيف تطالبني بالعلم بكيفية سمعه وبصره وتكليمه واستوائه ونزوله وأنت لا تعلم كيفية ذاته؟. اهـ.
وكذلك الكلام في نزوله مع عدم خلو العرش منه ينبني على ما سبق، فحيث قد أثبتنا له نزولا يليق بجلاله ولا يشابه نزول المخلوقين، فلا يرد علينا استلزام ذلك لخلو العرش منه، وإن كان لازما لصفات المخلوقين، فإنه هو غير لازم بالضرورة لجميع المخلوقات، وننقل لك كلاما نفيسا لشيخ الإسلام وقد ضرب فيه أمثلة لتقريب ذلك، فقال: والصواب: قول السلف: أنه ينزل ولا يخلو منه العرش، وروح العبد في بدنه لا تزال ليلا ونهارا إلى أن يموت، ووقت النوم تعرج وقد تسجد تحت العرش وهي لم تفارق جسده، وكذلك أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد، وروحه في بدنه، وأحكام الأرواح مخالف لأحكام الأبدان، فكيف بالملائكة؟ فكيف برب العالمين؟ والليل يختلف: فيكون ثلث الليل بالمشرق قبل ثلثه بالمغرب ونزوله الذي أخبر به رسوله إلى سماء هؤلاء في ثلث ليلهم وإلى سماء هؤلاء في ثلث ليلهم، لا يشغله شأن عن شأن، وكذلك سبحانه لا يشغله سمع عن سمع، ولا تغلطه المسائل، بل هو سبحانه يكلم العباد يوم القيامة ويحاسبهم لا يشغله هذا عن هذا، وقد قيل لابن عباس: كيف يكلمهم يوم القيامة كلهم في ساعة واحدة؟ قال: كما يرزقهم كلهم في ساعة واحدة، والله سبحانه في الدنيا يسمع دعاء الداعين ويجيب السائلين مع اختلاف اللغات وفنون الحاجات، والواحد منا قد يكون له قوة سمع يسمع كلام عدد كثير من المتكلمين، كما أن بعض المقرئين يسمع قراءة عدة، لكن لا يكون إلا عددا قليلا قريبا منه، ويجد في نفسه قربا ودنوا وميلا إلى بعض الناس الحاضرين والغائبين دون بعض، ويجد تفاوت ذلك الدنو والقرب، والرب تعالى واسع عليم، وسع سمعه الأصوات كلها وعطاؤه الحاجات كلها، ومن الناس من غلط فظن أن قربه من جنس حركة بدن الإنسان: إذا مال إلى جهة انصرف عن الأخرى، وهو يجد عمل روحه يخالف عمل بدنه، فيجد نفسه تقرب من نفوس كثيرين من الناس، من غير أن ينصرف قربها إلى هذا عن قربها إلى هذا. اهـ.
.--[مركز الفتوى]-------------------------------------------------------------------------------------------------------فليس معنى نزول الله عز وجل إلى السماء الدنيا أن الله سبحانه يحل فيها تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، قال شيخ الإسلام: وَالرَّبُّ رَبٌّ، وَالْعَبْدُ عَبْدٌ، لَيْسَ فِي ذَاتِهِ شَيْءٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ، وَلَا فِي مَخْلُوقَاتِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَاتِهِ: وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِاَللَّهِ يَعْتَقِدُ حُلُولَ الرَّبِّ تَعَالَى بِهِ، أَوْ بِغَيْرِهِ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ وَلَا اتِّحَادَهُ بِهِ. انتهى.
ونزوله تعالى إلى السماء الدنيا إنما هو نزول حقيقي يليق بجلاله سبحانه، ولا يعرف كيفيته إلا هو عز وجل، ولا ينافي استواءه على العرش، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: مذهب السلف والأئمة أنه مع نزوله إلى سماء الدنيا لا يزال فوق العرش لا يكون تحت المخلوقات ولا تكون المخلوقات محيطة به قط، بل هو العلي الأعلى: العلي في دنوه، القريب في علوه، ولهذا ذكر غير واحد إجماع السلف على أن الله ليس في جوف السماوات، ولكن طائفة من الناس قد يقولون: إنه ينزل ويكون العرش فوقه ويقولون: إنه في جوف السماء وإنه قد تحيط به المخلوقات وتكون أكبر منه، وهؤلاء ضلال جهال مخالفون لصريح المعقول وصحيح المنقول، كما أن النفاة الذين يقولون: ليس داخل العالم ولا خارجه جهال ضلال مخالفون لصريح المعقول وصحيح المنقول، فالحلولية والمعطلة متقابلان. انتهى.[مركز الفتوى]------------------

Adsense Management by Losha