فريق منتدى الدي في دي العربي
12-14-2017, 06:43 PM
اللهم صل على محمد و على آله أزواجه و قرابته و سلم تسليما كثيرا ، اللهم ارض على صحابة رسولك المهاجرة و الأنصار و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :
مقدمة ضرورية بين يدي الموضوع في جدال من يجادل في خطاب الشريعةويخصصه بالوطنية و القومية :
الإسلام ليس شئنا داخليا لإقليم جغرافي أو مجتمع معين ، إنما الإسلام هو المعتقد التوحيدي الذي يحرر الإنسان من داعية هواه ليكون عبدا خالصا لله ، من أن يكون عبدا بالإضطرار إلى أن يكون عبدا بالإختيار ، و يحرر الإنسان من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد .
إن الإسلام خطاب لا يعترف بالحدود الجغرافية و الشعوبية ، لأنها حدود تعَرفُ الإنسان ضمن الجماعة كرابطة مصلحية ، دموية و جغرافية ، و الروابط الجغرافية و الدموية هي روابط هوياتية للجماعة البشرية ، لا ينبغي أن تكون أبدا حدودا حسب منطق الشريعة ، لأن تحديد الجماعة البشرية سياسيا كمصلحة تتأسس عل الهوية و ليس كمصلحة تعبر عن الإنسان العالمي ، يفضي إلى التمايز بين المصالح الإنسانية في الموضوع الواحد ، على أساس الإنتماء العرقي و الجغرافي ، و يخلق هذا التمايز المصلحي على أساس الهوية " المفاضلة بين الشعوب " ، وهذا المنهج التصنيفي للبشر هو الذي يبرر العنصرية و يبرر أشكالها المختلفة ، باسم الأفضلية الإقتصادية والسياسية و العرقية و التاريخية ، سواء كانت ممثلة في سرقة الشعوب أو السيطرة على الشعوب ، وهذا يجد تطبيقاته في أنموذج الإستعمار و أنموذج السيطرة الإقتصادية على الشعوب ، و أنموذج السيطرة الأحادية الفكرية للعولمية ، أو العنصرية السياسية و القانونية كما في عدم الإعتراف بحق الإنسان العالمي في المشاركة في مصلحة العدل الذي يتمتع به الشعب أو إبداء الرأي حول سياسة الدولة أو قانونها باسم عدم الإنتماء للدولة كهوية .
إذا هذا التصنيف هو تصنيف مادي و عنصري و جاهلي ، و هو ضد خطاب الإسلام العالمي تماما ، فالإسلام موضوعه الإنسان الكون ، و ليس موضوعه الإنسان المحلي القبلي ، فالإسلام لا يفاضل بين الناس أفرادا و جماعات بالأفضلية الإقتصادية أو السياسية أو العرقية أو التاريخية ، إنما يفاضل الإسلام بين الناس بالأفضلية الخلقية التي تلتزم الدين الحقيقي كحقيقة لوجودها بين الناس ، أي ان وجود الله هو وجود للحقيقة الخلقية ، وعدم وجود لله هو عدم للأخلاق و هي تصدق المقولة " إذا كان الله غير موجود فإن كل شيء مباح " كما قال ديستويفسكي في أحد رواياته.
و بتالي الدين المزيف لايكون أخلاقيا و لكن قد يكون قيميا ، فاليهودية من ضمن تديناتها تجيز الربا كاستغلال مالي مع غير اليهود ،و تأنسن دين الله في جماعة اليهود فقط أما غير اليهود هم ليسوا أناسي و لا يمكن أن يدخلوا في دين الله ، و النصارى من ضمن تديناتها محاسبة الإبن يسوع على خطإ أبيه آدم ، وهذا منطق يبرر مسائلة الإبن عن جريمة أبيه ، و محاسبة العشيرة كلها عن جريمة بعض أفرادها ، و هذا المبدأ غير العادل و غير الأخلاقي الذي قامت عليه الديانة سبّب هلوكوستات في حق اليهود قتلة المسيح حسب الإعتقاد المسيحي ، و برر هذا المنطق في تبرير التهمة و تبرير أشكال من الظلم في القوانين الكنسية المسيحية و القوانين الغربية طيلة القرون الوسطى إلى غاية أوائل القرن العشرين ، كما أن المسيحية بررت مخالفاتها للشريعة الخلقية فيما يتصل بالمرأة ، فاللباس العفيف لم تعد المرأة المسيحية ملزمة به وتم التسامح بل إجازة العلاقات الحرة بين الجنسين باسم الحرية الفردية الذي هو الزنا كما في الطوائف الإنجيلية ، بل خرجت المسيحية من كونها دين المسيح ، إلى كونها دين الكنيسة لان الكنيسة هي التي أصبحت تناقض أحكام الكتاب المقدس في التحليليلات و التحريمات الخلقية ، و سيتم الإستفاضة في هذه المسألة في مقالة أخرى بإذن الله حول الأخلاق بين الإسلام و الأديان الأخرى في القريب العاجل إن شاء الله ، و من ها هنا الأخلاق ليست كالقيم التي تلتزم المصلحة العرفية كوجود إجتماعي في الناس ، لأن الأخلاق ليست هي القيم أو القيمة الإنسانية الوضعانية ، فالأخلاق لا تقوم و لا تعلل بالمصلحة ، بل إن الأخلاق تقوم في حال الجهل بالدين على أساس التعليل بنفس الأخلاق ، و في حال معرفة الإنسان بالدين تقوم الأخلاق على أساس التعليل بالدين ، فالإنسان الخلقي يتدين إن تعرف بالدين ، بينما الإنسان القيمي هو بالضرورة إنسان الجماعة و المصلحة .
سأسوق أنموذجين حول الفرق بين القيمة او القيم الإنسانية الوضعانية و بين الأخلاق :
أ ) الأنموذج من القيم الإنسانية الوضعانية : العبودية و الإسترقاق :
فالإسترقاق أو الحرية هي قيمة إجتماعية صنعها الإنسان ، تقوم على سلطة مصلحية في المال و القوة و القبلية التي يترتب عليها التصنيف الطبقي للمجتمع، و صفة الناس في ضمن الجماعة السياسية ، وهي القوي و الضعيف ، الغني و الفقير ، الشريف و الوضيع، فالقوي و الغني و الشريف له سلطة لإسترقاق الضعيف و الفقير و الوضيع إما من خلال الحرب أو من خلال البيع و الشراء، أو من خلال المداينة ، او إستعباد الناس كعقوبة لمن لم يحترم المكانة الإجتماعية لصفوة المجتمع و نبلائها .
فالمجتمع تواضع على قيمة مصلحية هي الإسترقاق ، و المجتمع فيما بعد يتواضع على قيمة مصلحية وهي الحرية ، إذا القيم تعلل بالمصلحة و المصلحة متغيرة ، بينما الدين يتحدث عن الأخلاق و الأخلاق ضميمة إيمانية تحمي الدين .
فكل مافقدانه يُعدم الدين في الفرد او الجماعة أو يخل بالدين في الفرد أو الجماعة هو بالضروة خلقي و شرعي لأنه ضروري للدين.
ب) الأنموذج من الأخلاق الإيمانية :
العفة تزول بالزنا و الزنا هو هو فقدان للعفة التي تحفظ عهود الله التي علقها الله بالرحم ، إذا ماعلاقة فقدان العفة بفقدان الرحم بهدم للدين ، هل الرحم إلهية لهذه الدرجة ، نفهم ذلك إذا فهمنا مفهوم الرحم في الإسلام و كيف بناه الإسلام و صانه ، يقول الشيخ الدكتور فريد الأنصاري " الله عزوجل ربط الرحم أولا بالزواج الشرعي و لولا ذلك لما كان رحم و لا صلة رحم ، ولا كانت أحكام الحلال و الحرام متعلقة أساسا بشيء إسمه الرحم ، و الرحم مشتق من بسم الله الرحمان الرحيم ، و قد قرن الله عزوجل تقوى الرحم بتقوى الأرحام في آية عجيبة ، حيث قال تعالى في سورة النساء {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء : 1] ، يعني إتقوا الله عزوجل و إتقوا الأرحام وهو جمع رحم أي العائلة بأصولها وفروعها.. فلولا الأسرة بمعناها الشرعي لما كانت هذه الشجرة المقدسة ولما كان هذا الميثاق المقدس الغليظ قال الله سبحانه و تعالى {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء : 21] ففيه نوع من القداسة مثل قداسة المسجد تماما {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء : 1] فالذي يحاول أن يهدم أسرة أو يفككها أو يمس بها ، فكأنه يهدم مسجدا ، و لذلك جاءت كثير من أحكام البشارة و النذارة تتعلق بالرحم و قدسية الرحم " ( جزء من مقالة حول المفهوم الشرعي للأسرة نقلا عن الشيخ فريد الأنصاري، جريدة المحجة عدد 335 ) .
هذان نموذجان مختلفان في مرجعيتهما و مختلفان من حيث البناء و الهدم ، الفرق العميق يتضح جدا هنا ، فحقيقة قيمة الإسترقاق او الحرية لا مدخولية لها في إعدام الدين في الفرد أو الجماعة ضمن المجتمع المسلم، لأن الدين قَيدَ الإسترقاق و الحرية معا بالدين، فتدين المسترَق و الحر، مضمون في المجتمع المسلم و لا يتصور عدم تمكين المسترَق من دينه في المجتمع المسلم وهو في العبودية لله مثله مثل الحر ، بل إن عدم تمكين السيد للعبد من أن يتدين ، يحتم على السلطة السياسية المسلمة ممثلة في القاضي أو الحاكم أو الخليفة ، أن يخالف قيم الإسترقاق التي تواضع عليها المجتمع ، بأن يهدم الحاكم سلطة السيد على العبد و يجعل العبد حرا سيد نفسه حتى يتمكن من أن يتدين ، لأن الإسترقاق عند عدم تمكين السيد للعبد أن يتدين ، أصبح ضدا للدين و واجبا على السلطة هدمه في هذه الحالة إن وجدت في المجتمع المسلم ، لذلك فالإسترقاق أو الإستعباد ليس شريعة خلقية و لا شريعة دينية بالحتم ، و إنما هي قيمة إجتماعية يُتصور إستبدالها بقيم أخرى أكثر مصلحة منها للدين ، وهذا غير ممكن في الأخلاق بتاتا لأن الأخلاق لا ضد لها مع الدين .
وقس على هذا كل القيم الأخرى الإجتماعية ، كالسبي مثلا في الحرب ، ليس هناك وجوب شرعي في القرآن و السنة يُلزم المسلم بالسبي في الحرب ، و إنما ذلك يدخل في الإسترقاق كمصلحة للسلطة القوة في الحرب ، و كقيمة سياسية إجتماعية ، و لذلك أهل العلم المعاصرين لم يجدو النص على السبي و لا على الإسترقاق و لا على تحريم السبي و لا على تحريم الإسترقاق ، بمعنى أنها قيم إجتماعية يريدها إن شاء المجتمع و ينفيها إن شاء المجتمع ، لأن وجودها وعدمها غير مؤثر في وجود الدين و لا في نقصانه ، و هنا وجب الإشارة إلى كلام مهم قاله الشيخ عبد الحي يوسف في أحد فتاويه "وقد علم من كلام أهل العلم أن الرق الذي أباحه الإسلام كان من باب المعاملة بالمثل للعدو المقاتل ، فلا مانع أن يحظر ( أي الرق ) من باب المعاملة بالمثل كذالك ، الا ترى أن الإسلام أباح قتل الأسير ( بمعنى أجازه وفرق بين الجواز و الإيجاب ) وذلك بفعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث قتل بعض الأسرى كما فعل مع النضر بن الحارث و عقبة بن أبي معيط ، و أباح كذلك فداءه و المن عليه قال تعالى { فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا } [محمد : 4] وقد قال علماؤنا : إن التصرف في هذا كله منوط بالمصلحة ، بمعنى أن الإمام ينظر فيما تعود مصلحته عل الإسلام و المسلمين فيأخذ به و يعمل به " ثم يضيف قائلا " فلا مانع أن يُمنع الإسترقاق لا من باب تحريمه ( لأن الإسترقاق لم يحرم ولم يوجب لأنه قيمة مصلحية إجتماعية ) لكن من باب تقييد المباح مراعاة لتحقيق المصالح و درء المفاسد " .<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
(<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
)
و حتى ما يعنونون له في كتب أصول الفقه بمقاصد الشريعة خاصة المقاصد التكليفية ، وهي حفظ الدين و حفظ النفس و حفظ العقل و حفظ المال و حفظ العرض ، كل هذه الخمس هي ترجع إلى حفظ واحد و هو حفظ الدين ،لأن في حفظ النفس و العقل و المال و العرض هو حفظ للدين ،و لأن مفاهيم الأحكام التي تتعلق بحفظ النفس و العقل والمال و العرض هي مفاهيم تتعلق بالأصالة بالدين من حيث حفظ وجوده و عدم نقصانه في الفرد أو الجماعة ، فكل قيمة ليست عقبة أمام الدين يتركها الدين في المجتمع ، و كل قيمة تهدم الدين يهدمها الإسلام ، من ها هنا يتبين أن الخلق الإنساني يرتبط بالإيمان ، فليس بالضرورة أن تتعلق القيم الإجتماعية بالإيمان .
و بتالي يجب أن تتحاكم الأمم إلى الأفضلية الخلقية الإيمانية التي بينها قول الله عز وجل في محكم التنزيل " {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات : 13] و بتالي فالأفضلية الخلقية الإيمانية بين الناس، هي في الإسلام تخُضع كل التمايزات القُطرية و الشعوبية إلى مفهوم " الأمة " التي يوحدها " الله " ، كما أن هذه الأمة توحد الله ، و توحيد الله عقيدةًَ و توحيد الأمة جماعةً ، هو تلازم بالضرورة ، الأفضلية الإيمانية تقتضي جوامع التقوى وهي متحصلة في الدين الحنيف .
ولو كان الحنفية السمحة حاصلة أو ظاهرة لأغنانا هذا الظهور أن نذكرلأهل التشيع و التفرق هذه المقدمة الضرورية ، لتجيب من يدعي أن المسلم المنتمي لجغرافيا دولة أو شعب لا ينبغي أن يتدخل فيه مسلم لا ينتمي إلى فصيلته و شعبه ، فالقاعدة القاطعة الضرورية في الإسلام أن "الأمة واحدة و الرب واحد " يقول الله عزوجل "{إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء : 92]
المبحث الأول : في جواب القرآن حول المساواة ( المناصفة ) بين الرجل و المرأة في الميراث :
لابد من معرفة حقائق ثلاثة ، اما الحقيقة الأولى فهي على مستوى اللغة ودلالتها المنطقية ، فالرجل تعريف لغوي يشمل كل نوع الرجال لأن الألف و اللام هو في معنى العام وهو دال دلالة لغوية على الشمول لجنس امعناه في مدلول لفظه ، بحيث يشمل كافة أفراده ، فالرجل المعرف بالألف و اللام يشمل الزوج و الإبن و إبن الإبن و إن نزل و الأب و الجد و إن علا و الأخ الشقيق و الأخ للأم و أخ لأب و العم الشقيق و العم لأب و إبنيهما و أهل القرابة البعيدة من أهل الرحم من الذكور، كل ذلك يشمل عند إطلاق لفظ الرجال أصالة أو مسامحة في اللغة .
و المرأة هي كلمة معرفة بالألف و اللام تدل على الشمول لجنس المعنى في مدلول اللفظة بحيث تشمل كافة أفرادها ، فالمرأة تشمل الزوجة و البنت و بنت الإبن و إن نزلت و الأم و الجدة و إن علت الأخت الشقيقة و الأخت لأب و الأخت لأم و العمة الشقيقة و العمة لأب ، ويدخل فيها بنت العم و بنت العمة و أهل القرابة البعيدة من ألوا الأرحام من الإناث ، كل ذلك يشمل عند إطلاق لفظة المرأة أصالة أو مسامحة في اللغة .
فإن عُلم هذا ، فإن على من يسأل المناصفة أو المساواة بين المرأة و الرجل ؟؟؟؟ أن يفهم أن السؤال ضائع و هو مزيف جدا ، لأن الرجال و النساء كثير ، و كلهم ليسوا في قرابتهم من الميت في درجة أو مرتبة واحدة ، لان الحقيقة الواقعية في الأسرة و العائلة أن تكون مراتب الإنتماء إلى الأسرة مختلفة قوة و ضعفا ، علوا و نزولا ، وهذا تفاضل بيولوجي قدري داخل في تكوين الأسرة ، فكيف يتم تقاسم الميراث لمن يستحق؟؟ ، و قرابتهم للهالكين متفاوتة في الأسرة التي يشكلها التفاضل بين القرابات و الصلات العائلية ؟؟ هذه واحدة.
أما الثانية فإنه إن صححنا السؤال اللامنطقي بين المساواة بين الرجل و المرأة ؟؟ فأعدنا صياغته بالمساواة بين الرجل و المرأة إذا تساوت درجة قرابتهم وقوة رابطتهم بالميت ؟؟ أو المساواة بين الإخوة رجالا و نساءا أو الأولاد ذكورا و إناثا ؟؟ يبقى هناك فرق بين النساء و الرجال أو الذكور و الإناث إذا تساوت الدرجة و القوة في تعلقهم بالميث ، ألا وهو واجب المال على الرجال أو الذكور في الإنفاق على الإناث ،الذي هو واجب مالي ضروري غير موجود على النساء للرجال في الشريعة ، وهذا الواجب المالي لا تتساوى فيه الرجال و النساء في الشريعة فهو تفاضل في الواجب حتم على الذكور دون الإناث ، فإذا حقائق الميراث بين الإناث و الذكور ثلاثة :
الأولى : الحقيقة اللغوية في تعريف الرجال و النساء
ثم الثانية : وهي الحقيقة البيولوجية و القرابية المتفاضلة و المختلفة بين الرجال و النساء
ثم الثالثة : الحقيقة التكليفية في تكليف الرجال دون النساء واجب المال و النفقة على النساء ، وواجب المال على الرجال في حق النساء له أسباب عديدة في الشريعة سيتم ذكرها فيما بعد .
فإن عُلمت حقائق حال المحكوم في الشريعة وهم النساء و الرجال ، الآن ننقل حال الحكم في الميراث و الجواب فيه من القرآن :
و سيأتي ذالك في الجزء الثاني .. إن شاء الله ...
مقدمة ضرورية بين يدي الموضوع في جدال من يجادل في خطاب الشريعةويخصصه بالوطنية و القومية :
الإسلام ليس شئنا داخليا لإقليم جغرافي أو مجتمع معين ، إنما الإسلام هو المعتقد التوحيدي الذي يحرر الإنسان من داعية هواه ليكون عبدا خالصا لله ، من أن يكون عبدا بالإضطرار إلى أن يكون عبدا بالإختيار ، و يحرر الإنسان من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد .
إن الإسلام خطاب لا يعترف بالحدود الجغرافية و الشعوبية ، لأنها حدود تعَرفُ الإنسان ضمن الجماعة كرابطة مصلحية ، دموية و جغرافية ، و الروابط الجغرافية و الدموية هي روابط هوياتية للجماعة البشرية ، لا ينبغي أن تكون أبدا حدودا حسب منطق الشريعة ، لأن تحديد الجماعة البشرية سياسيا كمصلحة تتأسس عل الهوية و ليس كمصلحة تعبر عن الإنسان العالمي ، يفضي إلى التمايز بين المصالح الإنسانية في الموضوع الواحد ، على أساس الإنتماء العرقي و الجغرافي ، و يخلق هذا التمايز المصلحي على أساس الهوية " المفاضلة بين الشعوب " ، وهذا المنهج التصنيفي للبشر هو الذي يبرر العنصرية و يبرر أشكالها المختلفة ، باسم الأفضلية الإقتصادية والسياسية و العرقية و التاريخية ، سواء كانت ممثلة في سرقة الشعوب أو السيطرة على الشعوب ، وهذا يجد تطبيقاته في أنموذج الإستعمار و أنموذج السيطرة الإقتصادية على الشعوب ، و أنموذج السيطرة الأحادية الفكرية للعولمية ، أو العنصرية السياسية و القانونية كما في عدم الإعتراف بحق الإنسان العالمي في المشاركة في مصلحة العدل الذي يتمتع به الشعب أو إبداء الرأي حول سياسة الدولة أو قانونها باسم عدم الإنتماء للدولة كهوية .
إذا هذا التصنيف هو تصنيف مادي و عنصري و جاهلي ، و هو ضد خطاب الإسلام العالمي تماما ، فالإسلام موضوعه الإنسان الكون ، و ليس موضوعه الإنسان المحلي القبلي ، فالإسلام لا يفاضل بين الناس أفرادا و جماعات بالأفضلية الإقتصادية أو السياسية أو العرقية أو التاريخية ، إنما يفاضل الإسلام بين الناس بالأفضلية الخلقية التي تلتزم الدين الحقيقي كحقيقة لوجودها بين الناس ، أي ان وجود الله هو وجود للحقيقة الخلقية ، وعدم وجود لله هو عدم للأخلاق و هي تصدق المقولة " إذا كان الله غير موجود فإن كل شيء مباح " كما قال ديستويفسكي في أحد رواياته.
و بتالي الدين المزيف لايكون أخلاقيا و لكن قد يكون قيميا ، فاليهودية من ضمن تديناتها تجيز الربا كاستغلال مالي مع غير اليهود ،و تأنسن دين الله في جماعة اليهود فقط أما غير اليهود هم ليسوا أناسي و لا يمكن أن يدخلوا في دين الله ، و النصارى من ضمن تديناتها محاسبة الإبن يسوع على خطإ أبيه آدم ، وهذا منطق يبرر مسائلة الإبن عن جريمة أبيه ، و محاسبة العشيرة كلها عن جريمة بعض أفرادها ، و هذا المبدأ غير العادل و غير الأخلاقي الذي قامت عليه الديانة سبّب هلوكوستات في حق اليهود قتلة المسيح حسب الإعتقاد المسيحي ، و برر هذا المنطق في تبرير التهمة و تبرير أشكال من الظلم في القوانين الكنسية المسيحية و القوانين الغربية طيلة القرون الوسطى إلى غاية أوائل القرن العشرين ، كما أن المسيحية بررت مخالفاتها للشريعة الخلقية فيما يتصل بالمرأة ، فاللباس العفيف لم تعد المرأة المسيحية ملزمة به وتم التسامح بل إجازة العلاقات الحرة بين الجنسين باسم الحرية الفردية الذي هو الزنا كما في الطوائف الإنجيلية ، بل خرجت المسيحية من كونها دين المسيح ، إلى كونها دين الكنيسة لان الكنيسة هي التي أصبحت تناقض أحكام الكتاب المقدس في التحليليلات و التحريمات الخلقية ، و سيتم الإستفاضة في هذه المسألة في مقالة أخرى بإذن الله حول الأخلاق بين الإسلام و الأديان الأخرى في القريب العاجل إن شاء الله ، و من ها هنا الأخلاق ليست كالقيم التي تلتزم المصلحة العرفية كوجود إجتماعي في الناس ، لأن الأخلاق ليست هي القيم أو القيمة الإنسانية الوضعانية ، فالأخلاق لا تقوم و لا تعلل بالمصلحة ، بل إن الأخلاق تقوم في حال الجهل بالدين على أساس التعليل بنفس الأخلاق ، و في حال معرفة الإنسان بالدين تقوم الأخلاق على أساس التعليل بالدين ، فالإنسان الخلقي يتدين إن تعرف بالدين ، بينما الإنسان القيمي هو بالضرورة إنسان الجماعة و المصلحة .
سأسوق أنموذجين حول الفرق بين القيمة او القيم الإنسانية الوضعانية و بين الأخلاق :
أ ) الأنموذج من القيم الإنسانية الوضعانية : العبودية و الإسترقاق :
فالإسترقاق أو الحرية هي قيمة إجتماعية صنعها الإنسان ، تقوم على سلطة مصلحية في المال و القوة و القبلية التي يترتب عليها التصنيف الطبقي للمجتمع، و صفة الناس في ضمن الجماعة السياسية ، وهي القوي و الضعيف ، الغني و الفقير ، الشريف و الوضيع، فالقوي و الغني و الشريف له سلطة لإسترقاق الضعيف و الفقير و الوضيع إما من خلال الحرب أو من خلال البيع و الشراء، أو من خلال المداينة ، او إستعباد الناس كعقوبة لمن لم يحترم المكانة الإجتماعية لصفوة المجتمع و نبلائها .
فالمجتمع تواضع على قيمة مصلحية هي الإسترقاق ، و المجتمع فيما بعد يتواضع على قيمة مصلحية وهي الحرية ، إذا القيم تعلل بالمصلحة و المصلحة متغيرة ، بينما الدين يتحدث عن الأخلاق و الأخلاق ضميمة إيمانية تحمي الدين .
فكل مافقدانه يُعدم الدين في الفرد او الجماعة أو يخل بالدين في الفرد أو الجماعة هو بالضروة خلقي و شرعي لأنه ضروري للدين.
ب) الأنموذج من الأخلاق الإيمانية :
العفة تزول بالزنا و الزنا هو هو فقدان للعفة التي تحفظ عهود الله التي علقها الله بالرحم ، إذا ماعلاقة فقدان العفة بفقدان الرحم بهدم للدين ، هل الرحم إلهية لهذه الدرجة ، نفهم ذلك إذا فهمنا مفهوم الرحم في الإسلام و كيف بناه الإسلام و صانه ، يقول الشيخ الدكتور فريد الأنصاري " الله عزوجل ربط الرحم أولا بالزواج الشرعي و لولا ذلك لما كان رحم و لا صلة رحم ، ولا كانت أحكام الحلال و الحرام متعلقة أساسا بشيء إسمه الرحم ، و الرحم مشتق من بسم الله الرحمان الرحيم ، و قد قرن الله عزوجل تقوى الرحم بتقوى الأرحام في آية عجيبة ، حيث قال تعالى في سورة النساء {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء : 1] ، يعني إتقوا الله عزوجل و إتقوا الأرحام وهو جمع رحم أي العائلة بأصولها وفروعها.. فلولا الأسرة بمعناها الشرعي لما كانت هذه الشجرة المقدسة ولما كان هذا الميثاق المقدس الغليظ قال الله سبحانه و تعالى {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء : 21] ففيه نوع من القداسة مثل قداسة المسجد تماما {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء : 1] فالذي يحاول أن يهدم أسرة أو يفككها أو يمس بها ، فكأنه يهدم مسجدا ، و لذلك جاءت كثير من أحكام البشارة و النذارة تتعلق بالرحم و قدسية الرحم " ( جزء من مقالة حول المفهوم الشرعي للأسرة نقلا عن الشيخ فريد الأنصاري، جريدة المحجة عدد 335 ) .
هذان نموذجان مختلفان في مرجعيتهما و مختلفان من حيث البناء و الهدم ، الفرق العميق يتضح جدا هنا ، فحقيقة قيمة الإسترقاق او الحرية لا مدخولية لها في إعدام الدين في الفرد أو الجماعة ضمن المجتمع المسلم، لأن الدين قَيدَ الإسترقاق و الحرية معا بالدين، فتدين المسترَق و الحر، مضمون في المجتمع المسلم و لا يتصور عدم تمكين المسترَق من دينه في المجتمع المسلم وهو في العبودية لله مثله مثل الحر ، بل إن عدم تمكين السيد للعبد من أن يتدين ، يحتم على السلطة السياسية المسلمة ممثلة في القاضي أو الحاكم أو الخليفة ، أن يخالف قيم الإسترقاق التي تواضع عليها المجتمع ، بأن يهدم الحاكم سلطة السيد على العبد و يجعل العبد حرا سيد نفسه حتى يتمكن من أن يتدين ، لأن الإسترقاق عند عدم تمكين السيد للعبد أن يتدين ، أصبح ضدا للدين و واجبا على السلطة هدمه في هذه الحالة إن وجدت في المجتمع المسلم ، لذلك فالإسترقاق أو الإستعباد ليس شريعة خلقية و لا شريعة دينية بالحتم ، و إنما هي قيمة إجتماعية يُتصور إستبدالها بقيم أخرى أكثر مصلحة منها للدين ، وهذا غير ممكن في الأخلاق بتاتا لأن الأخلاق لا ضد لها مع الدين .
وقس على هذا كل القيم الأخرى الإجتماعية ، كالسبي مثلا في الحرب ، ليس هناك وجوب شرعي في القرآن و السنة يُلزم المسلم بالسبي في الحرب ، و إنما ذلك يدخل في الإسترقاق كمصلحة للسلطة القوة في الحرب ، و كقيمة سياسية إجتماعية ، و لذلك أهل العلم المعاصرين لم يجدو النص على السبي و لا على الإسترقاق و لا على تحريم السبي و لا على تحريم الإسترقاق ، بمعنى أنها قيم إجتماعية يريدها إن شاء المجتمع و ينفيها إن شاء المجتمع ، لأن وجودها وعدمها غير مؤثر في وجود الدين و لا في نقصانه ، و هنا وجب الإشارة إلى كلام مهم قاله الشيخ عبد الحي يوسف في أحد فتاويه "وقد علم من كلام أهل العلم أن الرق الذي أباحه الإسلام كان من باب المعاملة بالمثل للعدو المقاتل ، فلا مانع أن يحظر ( أي الرق ) من باب المعاملة بالمثل كذالك ، الا ترى أن الإسلام أباح قتل الأسير ( بمعنى أجازه وفرق بين الجواز و الإيجاب ) وذلك بفعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث قتل بعض الأسرى كما فعل مع النضر بن الحارث و عقبة بن أبي معيط ، و أباح كذلك فداءه و المن عليه قال تعالى { فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا } [محمد : 4] وقد قال علماؤنا : إن التصرف في هذا كله منوط بالمصلحة ، بمعنى أن الإمام ينظر فيما تعود مصلحته عل الإسلام و المسلمين فيأخذ به و يعمل به " ثم يضيف قائلا " فلا مانع أن يُمنع الإسترقاق لا من باب تحريمه ( لأن الإسترقاق لم يحرم ولم يوجب لأنه قيمة مصلحية إجتماعية ) لكن من باب تقييد المباح مراعاة لتحقيق المصالح و درء المفاسد " .<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
(<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
)
و حتى ما يعنونون له في كتب أصول الفقه بمقاصد الشريعة خاصة المقاصد التكليفية ، وهي حفظ الدين و حفظ النفس و حفظ العقل و حفظ المال و حفظ العرض ، كل هذه الخمس هي ترجع إلى حفظ واحد و هو حفظ الدين ،لأن في حفظ النفس و العقل و المال و العرض هو حفظ للدين ،و لأن مفاهيم الأحكام التي تتعلق بحفظ النفس و العقل والمال و العرض هي مفاهيم تتعلق بالأصالة بالدين من حيث حفظ وجوده و عدم نقصانه في الفرد أو الجماعة ، فكل قيمة ليست عقبة أمام الدين يتركها الدين في المجتمع ، و كل قيمة تهدم الدين يهدمها الإسلام ، من ها هنا يتبين أن الخلق الإنساني يرتبط بالإيمان ، فليس بالضرورة أن تتعلق القيم الإجتماعية بالإيمان .
و بتالي يجب أن تتحاكم الأمم إلى الأفضلية الخلقية الإيمانية التي بينها قول الله عز وجل في محكم التنزيل " {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات : 13] و بتالي فالأفضلية الخلقية الإيمانية بين الناس، هي في الإسلام تخُضع كل التمايزات القُطرية و الشعوبية إلى مفهوم " الأمة " التي يوحدها " الله " ، كما أن هذه الأمة توحد الله ، و توحيد الله عقيدةًَ و توحيد الأمة جماعةً ، هو تلازم بالضرورة ، الأفضلية الإيمانية تقتضي جوامع التقوى وهي متحصلة في الدين الحنيف .
ولو كان الحنفية السمحة حاصلة أو ظاهرة لأغنانا هذا الظهور أن نذكرلأهل التشيع و التفرق هذه المقدمة الضرورية ، لتجيب من يدعي أن المسلم المنتمي لجغرافيا دولة أو شعب لا ينبغي أن يتدخل فيه مسلم لا ينتمي إلى فصيلته و شعبه ، فالقاعدة القاطعة الضرورية في الإسلام أن "الأمة واحدة و الرب واحد " يقول الله عزوجل "{إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء : 92]
المبحث الأول : في جواب القرآن حول المساواة ( المناصفة ) بين الرجل و المرأة في الميراث :
لابد من معرفة حقائق ثلاثة ، اما الحقيقة الأولى فهي على مستوى اللغة ودلالتها المنطقية ، فالرجل تعريف لغوي يشمل كل نوع الرجال لأن الألف و اللام هو في معنى العام وهو دال دلالة لغوية على الشمول لجنس امعناه في مدلول لفظه ، بحيث يشمل كافة أفراده ، فالرجل المعرف بالألف و اللام يشمل الزوج و الإبن و إبن الإبن و إن نزل و الأب و الجد و إن علا و الأخ الشقيق و الأخ للأم و أخ لأب و العم الشقيق و العم لأب و إبنيهما و أهل القرابة البعيدة من أهل الرحم من الذكور، كل ذلك يشمل عند إطلاق لفظ الرجال أصالة أو مسامحة في اللغة .
و المرأة هي كلمة معرفة بالألف و اللام تدل على الشمول لجنس المعنى في مدلول اللفظة بحيث تشمل كافة أفرادها ، فالمرأة تشمل الزوجة و البنت و بنت الإبن و إن نزلت و الأم و الجدة و إن علت الأخت الشقيقة و الأخت لأب و الأخت لأم و العمة الشقيقة و العمة لأب ، ويدخل فيها بنت العم و بنت العمة و أهل القرابة البعيدة من ألوا الأرحام من الإناث ، كل ذلك يشمل عند إطلاق لفظة المرأة أصالة أو مسامحة في اللغة .
فإن عُلم هذا ، فإن على من يسأل المناصفة أو المساواة بين المرأة و الرجل ؟؟؟؟ أن يفهم أن السؤال ضائع و هو مزيف جدا ، لأن الرجال و النساء كثير ، و كلهم ليسوا في قرابتهم من الميت في درجة أو مرتبة واحدة ، لان الحقيقة الواقعية في الأسرة و العائلة أن تكون مراتب الإنتماء إلى الأسرة مختلفة قوة و ضعفا ، علوا و نزولا ، وهذا تفاضل بيولوجي قدري داخل في تكوين الأسرة ، فكيف يتم تقاسم الميراث لمن يستحق؟؟ ، و قرابتهم للهالكين متفاوتة في الأسرة التي يشكلها التفاضل بين القرابات و الصلات العائلية ؟؟ هذه واحدة.
أما الثانية فإنه إن صححنا السؤال اللامنطقي بين المساواة بين الرجل و المرأة ؟؟ فأعدنا صياغته بالمساواة بين الرجل و المرأة إذا تساوت درجة قرابتهم وقوة رابطتهم بالميت ؟؟ أو المساواة بين الإخوة رجالا و نساءا أو الأولاد ذكورا و إناثا ؟؟ يبقى هناك فرق بين النساء و الرجال أو الذكور و الإناث إذا تساوت الدرجة و القوة في تعلقهم بالميث ، ألا وهو واجب المال على الرجال أو الذكور في الإنفاق على الإناث ،الذي هو واجب مالي ضروري غير موجود على النساء للرجال في الشريعة ، وهذا الواجب المالي لا تتساوى فيه الرجال و النساء في الشريعة فهو تفاضل في الواجب حتم على الذكور دون الإناث ، فإذا حقائق الميراث بين الإناث و الذكور ثلاثة :
الأولى : الحقيقة اللغوية في تعريف الرجال و النساء
ثم الثانية : وهي الحقيقة البيولوجية و القرابية المتفاضلة و المختلفة بين الرجال و النساء
ثم الثالثة : الحقيقة التكليفية في تكليف الرجال دون النساء واجب المال و النفقة على النساء ، وواجب المال على الرجال في حق النساء له أسباب عديدة في الشريعة سيتم ذكرها فيما بعد .
فإن عُلمت حقائق حال المحكوم في الشريعة وهم النساء و الرجال ، الآن ننقل حال الحكم في الميراث و الجواب فيه من القرآن :
و سيأتي ذالك في الجزء الثاني .. إن شاء الله ...