فريق منتدى الدي في دي العربي
12-17-2017, 01:08 PM
أ. د. عبدالحليم عويس (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
)
موضوع عن الوقف في الإسلام
"الوقف: المؤسسة الاجتماعية الأولى للأمة"
نشأة الوقف الإسلامي وتطوره:اعتمادًا على حثِّ الإسلام أتباعَه على أن يُنفقوا في سبيل الله حتى ينالوا التقوى والبر، قال تعالى: ? وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُم ْ ? [البقرة: 272]، وقوله تعالى: ? مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ? [البقرة: 245]، ? لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ? [آل عمران: 92]، اعتمادًا على هذه النصوص القرآنية وغيرها، تسابق المسلمون إلى الخيرات، فأنفق أبو بكر كلَّ مالِه، وعمر نصفَ ماله، وعثمان جهَّز جيش العُسْرة بكل ما يستطيع.وفي هذا السباق شقَّ الرسول صلى الله عليه وسلم مجرى جديدًا ثابتًا للإنفاق (صدقة جارية باقية)، هو نظام الوقف.وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أول مَن ضرب المثل الأعلى لأمته في الوقف، فأوقف سبعةَ بساتين، وكان بعض المحارِبين قد أوصى حين مات أن يترك أمرها للرسول صلى الله عليه وسلم يتصرَّف فيها كيف يشاء، فأوقفها رسول الله صلى الله عليه وسلم على الفقراء والمساكين والغزاة وذوي الحاجات.ولَمَّا نزل قول الله تعالى: ? لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ? [آل عمران: 92]، قال أبو طلحة الأنصاري: يا رسول الله، إن أحب أموالي إليَّ بَيْرُحاء وهي بئرٌ طيِّبة الماء، وإنها صدقة لله أرجو برَّها وذخرها عند الله تبارك وتعالى، فضَعْها يا رسول الله حيث أراك الله تعالى، فقال عليه صلى الله عليه وسلم: ((بخٍ بخٍ، ذلك مالٌ رابح، حبِّس الأصلَ وسبِّل الثمرةَ))، وكانت هذه الصدقةُ أولَ وقف في الإسلام قام به الصحابة رضي الله عنهم.ومن هنا نشأ الوقف، وهو الذي كان يمدُّ كلَّ المؤسسات الاجتماعية بالموارد المالية التي تُعينها على أداء رسالتها الإنسانية النبيلة، وكان الوقف هو الحجر الأساس الذي قامت عليه كل المؤسسات الخيرية في تاريخ حضارتِنا.ثم أوقف عمر بن الخطاب أرضَه بخيبر، وأوقف أبو بكر وعثمان وعلي والزبير ومعاذ وغيرهم، حتى لم يبقَ صحابي إلا أوقفمن (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
)أمواله شيئًا.قال جابر بن عبدالله الأنصاري: فما أعلم أحدًا ذا مقدرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلممن (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
) المهاجرين والأنصار إلا حبس مالًا من (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
) ماله صدقةً موقوفة، لا تُشترى ولا تورث ولا توهب، ثم تتابع المسلمون على ذلك جيلًا بعد جيل.وكانت هذه المؤسسات نوعين: نوع تُنشِئه الدولة وتوقف عليه الأوقاف الواسعة، ونوع يُنشِئه الأفراد من أمراء وقوَّاد وأغنياء ونساء.فمن أهم المؤسسات الخيرية المساجدُ التي حظِيَت بنصيبمن (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
) الوقف، ومنها المدارس والمستشفيات، ومنها بناء الخانات والفنادق للمسافرين المنقطعين وغيرهم من ذوي الفقر.ومنها: التكايا والزوايا التي ينقطع فيها مَن شاء لعبادة الله عز جل، ومنها بناء بيوتٍ خاصة للفقراء يسكنُها مَن لا يجد ما يشتري به أو يستأجر دارًا، ومنها السقايات؛ أي: تسبيل الماء في الطرقات العامة للناس جميعًا.ومنها المطاعم الشعبية التي كان يُفرَّق فيها الطعام؛من (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
) خبز ولحم وحساء (شوربة) وحلوى[1] (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
_ftn1)، ومنها بيوتٌ للحجاج في مكة ينزلونها حين يَفِدون إلى بيت الله الحرام، وقد كثرت هذه البيوت حتى عمَّت أرض مكة كلها.ومنها حفر الآبار في الفلوات؛ لسقي الماشية والزروع والمسافرين، فقد كانت كثيرة جدًّا بين بغداد ومكة، وبين دِمَشق والمدينة، وبين عواصم المدن الإسلامية ومُدنها وقُراها، ومنها: أمكنة المرابطة على الثغور؛ لمواجهة خطر الغزو الأجنبي على البلاد.ومن المؤسسات الاجتماعية ما كان وَقفًا لإصلاح الطرقات والقناطر والجسور، ومنها ما كان للمقابر، يتبرَّع الرجل بالأرض الواسعة؛ لتكون مقبرة عامة.ومنها ما كان لشراء أكفان الموتى الفقراء وتجهيزهم ودفنهم.وهناك مؤسسات للُّقطاء واليتامى ولختانِهم ورعايتهم، ومؤسسات للمُقعَدين والعميان والعجزة، يعيشون فيها موفوري الكرامة، لهم كل ما يحتاجونمن (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
) سكن وغذاء ولباس وتعليم أيضًا.وهناك مؤسسات لتزويج الشباب والفتيات العزاب ممن تضيق أيديهم أو أيدي أوليائهم عن نفقات الزواج وتقديم المهور[2] (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
_ftn2).ومن أطرف مؤسسات الوقف: مؤسسة لإمداد الأمهات بالحليب والسكر، وقد كان مَبَرَّاتِ صلاح الدين الأيوبي رضي الله عنه أنه جعل في أحد أبواب القلعة في دمشق ميزابًا يسيل منه الحليب، وميزابًا آخر يسيل منه الماء المذاب فيه السكر، تأتي إليه الأمهات يومين في كل أسبوع؛ ليأخذن لأطفالهن وأولادهن ما يحتاجون إليه.ومِن المؤسسات الخيرية الطريفة أيضًا وقف الزبادي للأولاد الذين يكسرون الزبادي[3] (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
_ftn3)، فيأتون إلى هذه المؤسسة؛ ليأخذوا زبادي جديدة بدلًامن (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
)المكسورة.ومنها المؤسسات التي أقيمت لعلاج الحيوانات المريضة، أو لإطعامها، أو لرعيها حين عجزها[4] (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
_ftn4).الوقف الإسلامي وأثره الحضاري:لقد كانت الأمة خلال العصور الإسلامية المتتابعة - كما رأينا - أكثرمن (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
) الدولة؛ هي التي تنهض بعبء الأعمال الاجتماعية والدعوية والثقافية والتربوية، وكانت هي التي تنشئ المؤسسات التي تحقِّق الكفاية والتطور والحفاظ على المقومات الحضارية للأمة.وبما أن همَّ الدولة كان منصرفًا - في الأعم الأغلب - إلى النواحي السياسية والعسكرية، فقد شعرت الأمة بواجبِها تجاه النواحي الحضارية، لا سيما والخطاب الإسلامي يتَّجِه إلى كل المسلمين؛ أفرادًا وجماعاتٍ، وحكامًا ومحكومين.كما أن هذا الخطاب يجعل كثيرًا أثرياء وحكام ووزراء ومتوسطي الدخل - كلٌّ حسب طاقته - في مساندة القضايا الاجتماعية والحركة العلمية، وأتاحوا المعرفة والتربية لكافَّة أبناء المجتمع.ففي القرى والمدن والكتاتيب، وزوايا العلم وحلقات الدرس، والمارستانات (المستشفيات) والربط والمكتبات وأعضاء هيئات التدريس والوعظ - كان الوقف هو الراعي الأول لهذه النشاطات، وقد وصلت المدارس والكتاتيب الوقفية إلى البوادي والقرى النائية؛ لدرجة أن بعض الكتب في تراثنا تخصصت في ضبط الأماكن التي وقفها مَن ساق الله الخيرَ على يديه، دُورٍ للقرآن الكريم، وأخرى للحديث، وثالثة للفقه المذهبي، ورابعة للطب، مع تراجم لأبرز مَن عمِلوا بها أو أشرفوا عليها.وأيًّا كان الأمر - بعد هذه النماذج التي تتبَّعها وغيرَها الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله، فإن مؤسسة الوقف الخيري أو الإسلامي قامت بدوركبير (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
) في حماية كيان الأمة الإسلامية؛ عقيدةً وحضارةً.وإذا كان التاريخ الإسلامي حافلًا بالحكَّام أو بالدول التي شغلت نفسها بوسائل الحفاظ على مصالحها الشخصية، وعلى وسائل تثبيت حكمها، أو توسعة الأرض التي تقع تحت سيطرتها، والدخول بالتالي في منازعات مع جيرانها، أو مقاومة معارضيها - فإن خيارَ الأمة ومُخلصيها قد قاموا بهذه الفروض الكفائية، ووهَبوا أموالهم أوقافًا نذروها في حياتهم وبعد حياتهم لأعمال جليلة عظيمة، وقد سردَتْ كتب التاريخ والنوازل والحضارة والفقه كثيرًامن (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
) هذه الصور التي لا تكاد تُحصى، والتي ألمحنا إلى صور قليلة منها في السطور السابقة[5] (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
_ftn5).
[1] (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
_ftnref1) مصطفى السباعي: من روائع حضارتنا، ص (96، 97).
[2] (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
_ftnref2) المرجع السابق، ص (97).
[3] (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
_ftnref3) [الزُّبْدِيّة : وعاء من الخزف يخثَّر فيها اللبن. والجمع : زباديّ].
[4] (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
_ftnref4) المرجع السابق، ص (99).
[5] (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
_ftnref5) مصطفى السباعي: روائع حضارتنا، ص (98، 99).
)
موضوع عن الوقف في الإسلام
"الوقف: المؤسسة الاجتماعية الأولى للأمة"
نشأة الوقف الإسلامي وتطوره:اعتمادًا على حثِّ الإسلام أتباعَه على أن يُنفقوا في سبيل الله حتى ينالوا التقوى والبر، قال تعالى: ? وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُم ْ ? [البقرة: 272]، وقوله تعالى: ? مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ? [البقرة: 245]، ? لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ? [آل عمران: 92]، اعتمادًا على هذه النصوص القرآنية وغيرها، تسابق المسلمون إلى الخيرات، فأنفق أبو بكر كلَّ مالِه، وعمر نصفَ ماله، وعثمان جهَّز جيش العُسْرة بكل ما يستطيع.وفي هذا السباق شقَّ الرسول صلى الله عليه وسلم مجرى جديدًا ثابتًا للإنفاق (صدقة جارية باقية)، هو نظام الوقف.وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أول مَن ضرب المثل الأعلى لأمته في الوقف، فأوقف سبعةَ بساتين، وكان بعض المحارِبين قد أوصى حين مات أن يترك أمرها للرسول صلى الله عليه وسلم يتصرَّف فيها كيف يشاء، فأوقفها رسول الله صلى الله عليه وسلم على الفقراء والمساكين والغزاة وذوي الحاجات.ولَمَّا نزل قول الله تعالى: ? لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ? [آل عمران: 92]، قال أبو طلحة الأنصاري: يا رسول الله، إن أحب أموالي إليَّ بَيْرُحاء وهي بئرٌ طيِّبة الماء، وإنها صدقة لله أرجو برَّها وذخرها عند الله تبارك وتعالى، فضَعْها يا رسول الله حيث أراك الله تعالى، فقال عليه صلى الله عليه وسلم: ((بخٍ بخٍ، ذلك مالٌ رابح، حبِّس الأصلَ وسبِّل الثمرةَ))، وكانت هذه الصدقةُ أولَ وقف في الإسلام قام به الصحابة رضي الله عنهم.ومن هنا نشأ الوقف، وهو الذي كان يمدُّ كلَّ المؤسسات الاجتماعية بالموارد المالية التي تُعينها على أداء رسالتها الإنسانية النبيلة، وكان الوقف هو الحجر الأساس الذي قامت عليه كل المؤسسات الخيرية في تاريخ حضارتِنا.ثم أوقف عمر بن الخطاب أرضَه بخيبر، وأوقف أبو بكر وعثمان وعلي والزبير ومعاذ وغيرهم، حتى لم يبقَ صحابي إلا أوقفمن (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
)أمواله شيئًا.قال جابر بن عبدالله الأنصاري: فما أعلم أحدًا ذا مقدرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلممن (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
) المهاجرين والأنصار إلا حبس مالًا من (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
) ماله صدقةً موقوفة، لا تُشترى ولا تورث ولا توهب، ثم تتابع المسلمون على ذلك جيلًا بعد جيل.وكانت هذه المؤسسات نوعين: نوع تُنشِئه الدولة وتوقف عليه الأوقاف الواسعة، ونوع يُنشِئه الأفراد من أمراء وقوَّاد وأغنياء ونساء.فمن أهم المؤسسات الخيرية المساجدُ التي حظِيَت بنصيبمن (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
) الوقف، ومنها المدارس والمستشفيات، ومنها بناء الخانات والفنادق للمسافرين المنقطعين وغيرهم من ذوي الفقر.ومنها: التكايا والزوايا التي ينقطع فيها مَن شاء لعبادة الله عز جل، ومنها بناء بيوتٍ خاصة للفقراء يسكنُها مَن لا يجد ما يشتري به أو يستأجر دارًا، ومنها السقايات؛ أي: تسبيل الماء في الطرقات العامة للناس جميعًا.ومنها المطاعم الشعبية التي كان يُفرَّق فيها الطعام؛من (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
) خبز ولحم وحساء (شوربة) وحلوى[1] (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
_ftn1)، ومنها بيوتٌ للحجاج في مكة ينزلونها حين يَفِدون إلى بيت الله الحرام، وقد كثرت هذه البيوت حتى عمَّت أرض مكة كلها.ومنها حفر الآبار في الفلوات؛ لسقي الماشية والزروع والمسافرين، فقد كانت كثيرة جدًّا بين بغداد ومكة، وبين دِمَشق والمدينة، وبين عواصم المدن الإسلامية ومُدنها وقُراها، ومنها: أمكنة المرابطة على الثغور؛ لمواجهة خطر الغزو الأجنبي على البلاد.ومن المؤسسات الاجتماعية ما كان وَقفًا لإصلاح الطرقات والقناطر والجسور، ومنها ما كان للمقابر، يتبرَّع الرجل بالأرض الواسعة؛ لتكون مقبرة عامة.ومنها ما كان لشراء أكفان الموتى الفقراء وتجهيزهم ودفنهم.وهناك مؤسسات للُّقطاء واليتامى ولختانِهم ورعايتهم، ومؤسسات للمُقعَدين والعميان والعجزة، يعيشون فيها موفوري الكرامة، لهم كل ما يحتاجونمن (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
) سكن وغذاء ولباس وتعليم أيضًا.وهناك مؤسسات لتزويج الشباب والفتيات العزاب ممن تضيق أيديهم أو أيدي أوليائهم عن نفقات الزواج وتقديم المهور[2] (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
_ftn2).ومن أطرف مؤسسات الوقف: مؤسسة لإمداد الأمهات بالحليب والسكر، وقد كان مَبَرَّاتِ صلاح الدين الأيوبي رضي الله عنه أنه جعل في أحد أبواب القلعة في دمشق ميزابًا يسيل منه الحليب، وميزابًا آخر يسيل منه الماء المذاب فيه السكر، تأتي إليه الأمهات يومين في كل أسبوع؛ ليأخذن لأطفالهن وأولادهن ما يحتاجون إليه.ومِن المؤسسات الخيرية الطريفة أيضًا وقف الزبادي للأولاد الذين يكسرون الزبادي[3] (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
_ftn3)، فيأتون إلى هذه المؤسسة؛ ليأخذوا زبادي جديدة بدلًامن (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
)المكسورة.ومنها المؤسسات التي أقيمت لعلاج الحيوانات المريضة، أو لإطعامها، أو لرعيها حين عجزها[4] (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
_ftn4).الوقف الإسلامي وأثره الحضاري:لقد كانت الأمة خلال العصور الإسلامية المتتابعة - كما رأينا - أكثرمن (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
) الدولة؛ هي التي تنهض بعبء الأعمال الاجتماعية والدعوية والثقافية والتربوية، وكانت هي التي تنشئ المؤسسات التي تحقِّق الكفاية والتطور والحفاظ على المقومات الحضارية للأمة.وبما أن همَّ الدولة كان منصرفًا - في الأعم الأغلب - إلى النواحي السياسية والعسكرية، فقد شعرت الأمة بواجبِها تجاه النواحي الحضارية، لا سيما والخطاب الإسلامي يتَّجِه إلى كل المسلمين؛ أفرادًا وجماعاتٍ، وحكامًا ومحكومين.كما أن هذا الخطاب يجعل كثيرًا أثرياء وحكام ووزراء ومتوسطي الدخل - كلٌّ حسب طاقته - في مساندة القضايا الاجتماعية والحركة العلمية، وأتاحوا المعرفة والتربية لكافَّة أبناء المجتمع.ففي القرى والمدن والكتاتيب، وزوايا العلم وحلقات الدرس، والمارستانات (المستشفيات) والربط والمكتبات وأعضاء هيئات التدريس والوعظ - كان الوقف هو الراعي الأول لهذه النشاطات، وقد وصلت المدارس والكتاتيب الوقفية إلى البوادي والقرى النائية؛ لدرجة أن بعض الكتب في تراثنا تخصصت في ضبط الأماكن التي وقفها مَن ساق الله الخيرَ على يديه، دُورٍ للقرآن الكريم، وأخرى للحديث، وثالثة للفقه المذهبي، ورابعة للطب، مع تراجم لأبرز مَن عمِلوا بها أو أشرفوا عليها.وأيًّا كان الأمر - بعد هذه النماذج التي تتبَّعها وغيرَها الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله، فإن مؤسسة الوقف الخيري أو الإسلامي قامت بدوركبير (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
) في حماية كيان الأمة الإسلامية؛ عقيدةً وحضارةً.وإذا كان التاريخ الإسلامي حافلًا بالحكَّام أو بالدول التي شغلت نفسها بوسائل الحفاظ على مصالحها الشخصية، وعلى وسائل تثبيت حكمها، أو توسعة الأرض التي تقع تحت سيطرتها، والدخول بالتالي في منازعات مع جيرانها، أو مقاومة معارضيها - فإن خيارَ الأمة ومُخلصيها قد قاموا بهذه الفروض الكفائية، ووهَبوا أموالهم أوقافًا نذروها في حياتهم وبعد حياتهم لأعمال جليلة عظيمة، وقد سردَتْ كتب التاريخ والنوازل والحضارة والفقه كثيرًامن (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
) هذه الصور التي لا تكاد تُحصى، والتي ألمحنا إلى صور قليلة منها في السطور السابقة[5] (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
_ftn5).
[1] (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
_ftnref1) مصطفى السباعي: من روائع حضارتنا، ص (96، 97).
[2] (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
_ftnref2) المرجع السابق، ص (97).
[3] (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
_ftnref3) [الزُّبْدِيّة : وعاء من الخزف يخثَّر فيها اللبن. والجمع : زباديّ].
[4] (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
_ftnref4) المرجع السابق، ص (99).
[5] (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
_ftnref5) مصطفى السباعي: روائع حضارتنا، ص (98، 99).