مشاهدة النسخة كاملة : شرح حديث: المسلم لا ينجس


فريق منتدى الدي في دي العربي
12-18-2017, 10:51 AM
شرح حديث: المسلم لا ينجس




الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
)




عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّهُ لَقِيَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ جُنُبٌ، فَانْسَلَّ فَذَهَبَ فَاغْتَسَلَ، فَتَفَقَّدَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا جَاءَهُ قَالَ: "أَيْنَ كُنْتَ؟ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ" قَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ! لَقِيتَنِي وَأَنَا جُنُبٌ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُجَالِسَكَ حَتَّى أَغْتَسِلَ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "سُبْحَانَ الله إِنَّ الْمُؤْمِنَ لاَ يَنْجَسُ".

وبنحو هذه القصة وقعت لحذيفة رضي الله عنه والحديث له عند مسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الْمُسْلِمَ لاَ يَنْجَسُ".

ألفاظ الحديث:
• ( وَهُوَ جُنُبٌ ): أي أصابته جنابة وسبق تعريفها، والذي أصابته الجنابة في الحديث أبو هريرة رضي الله عنه فالضمير (هو )يعود على أبي هريرة رضي الله عنه لا على النبي صلّى الله عليه وسلّم، والأصل في الضمير أنه يرجع إلى أقرب مذكور إذا تقدمه أكثر من مذكور كقولك (حضر خالد وسعيد وجاره) فالهاء في (جاره) تعود على سعيد، إلا في المتضايفين فإنه يعود على المضاف دون المضاف إليه كقوله تعالى: ? وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ? [سورة إبراهيم: 34] (ها) في قوله (تحصوها) تقدَّمها مذكوران النَّعمة والله جل في علاه وأقربهما لفظ (الله) جل في علاه ومع ذلك الضمير يعود على المضاف وهو( نعمت) لا على المضاف إليه، إذاً القاعدة أن كل ضميرِ غَيْبَة له مرجع يعود إليه، والأصل في هذا الضمير أنه يرجع إلى أقرب مذكور إذا تقدمه أكثر من مذكور إلا في المتضايفين كما سبق بيانه فهذه هي القاعدة إلا أن هذه القاعدة تنخرم إذا كانت هناك قرينة تدل على غير هذه القاعدة، ففي هذا الحديث الضمير (هو) أقرب مذكور إليه (النبي صلّى الله عليه وسلّم) وليس (أبا هريرة رضي الله عنه) ومع ذلك جعلناه عائداً على أبي هريرة رضي الله عنه فهو الجنب لا النبي صلّى الله عليه وسلّم. لماذا؟ لوجود قرينة تدل على ذلك وهي قول أبي هريرة رضي الله عنه: " يا رسول الله لقيتني وأنا جنب ".

• (فَانْسَلَّ): أي ذهب بخفية، وفي رواية قال أبو هريرة رضي الله عنه: (فانسلَلت) وفي رواية (فانخنَست) فالانسلال الذهاب بخفية، والانخناس هو الانقباض والتأخر ومنه قول سعيد بن جبير وقول ابن عباس رضي الله عنهما: " الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا سها وغفل وسوس، وإذا ذكر الله خنس " وكذا قال مجاهد وقتادة كما في تفسير ابن كثير ومنه سمي الشيطان ب (الخناس ).

• (أَيْنَ كُنْتَ؟ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ): وفي رواية البخاري (يا أباهر) قال البخاري: "باب من دعا صاحبه فنقص من اسمه حرفاً ".وكذلك كان يفعله مع عائشة رضي الله عنها فيقول: (يا عائشُ) وهذا من ملاطفته لها، وهذا يسمى في اللغة الترخيم وهو حذف آخر المنادى تخفيفاً.

• (سُبْحَانَ الله إِنَّ الْمُؤْمِنَ لاَ يَنْجَسُ) (سبحان الله) تأتي للتعجب، وتأتي للإنكار، وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا تعجب من شيء قالا (سبحان الله) ففي الصحيحين لما مرَّ رجلان بالنبي صلّى الله عليه وسلّم ومعه امرأة قال لهما: " على رسلكما إنها صفية بنت حيي رضي الله عنها، قالا: سبحان الله يا رسول الله " وكذلك التكبير يأتي للتعجب ففي الصحيحين سأل عمر رضي الله عنه النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم: طلقت نساءك؟ قال: لا قال عمر رضي الله عنه: الله أكبر " وكذلك ما جاء عند الترمذي وصححه حينما قالوا: " يا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال: رسول الله صلّى الله عليه وسلّم " الله أكبر إنها السنن " فالتكبير والتسبيح مشروعان عند التعجب ومن أهل العلم من كره التكبير عند التعجب وهو قول مرجوح ولذا بوَّب البخاري في صحيحه " باب التكبير والتسبيح عند التعجب " ومثله النووي في الأذكار.
وتأتي سبحان الله للإنكار كما في حديث الباب ويحتمل أنها للتعجب ورجحه النووي.

• (لاَ يَنْجَسُ): الجيم فيها لغتان صحيحتان ضمها وفتحها وفي الماضي لغتان أيضاً نجُس بضم الجيم ومضارعه بضمها ينجُس، نجِس بكسر الجيم ومضارعه بفتحها ينجَس.

من فوائد الحديث:
الفائدة الأولى: الحديث دليل على احترام أبي هريرة رضي الله عنه للنبي صلّى الله عليه وسلّم وتوقيره له حيث كره أن يجالسه حتى يغتسل وأخذ منه أهل العلم استحباب احترام أهل الفضل ومجالستهم على أحسن صفة وأكمل هيئة قال النووي: " وقد استحب العلماء لطالب العلم، أن يحسن حاله في حال مجالسة شيخه " [انظر: " شرحه المسلم " عند هذا الحديث (4 / 289)].
الفائدة الثانية: في الحديث دلالة على جواز خروج الجنب لبعض حاجته دون أن يغتسل، فلم ينكر النبي صلّى الله عليه وسلّم على أبي هريرة رضي الله عنه بل تقدم أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة وهن تسع نسوة وفي رواية إحدى عشرة وهذا يعني أنه يخرج من بيت لآخر دون غسل وتقدم أن فيه احتمال آخر، وحديث الباب يدل على جواز تأخير الاغتسال من الجنابة ما لم يحضر ما يوجبه كالصلاة.
الفائدة الثالثة: الحديث دليل على طهارة المسلم حيث قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: " إن المؤمن لا ينجس " وفي حديث حذيفة رضي الله عنه " إن المسلم لا ينجس " والمقصود أنه لا ينجس نجاسة معنوية سواء كان جنباً أو على غير جنابة وهذا بإجماع المسلمين.

قال النووي [في: " شرح مسلم" (4 / 288)]: "هذا الحديث أصل عظيم في طهارة المسلم حياً وميتاً، فأما الحي فظاهر بإجماع المسلمين حتى الجنين إذا ألقته وعليه رطوبة فرجها، قال بعض أصحابنا، هو طاهر بإجماع المسلمين " وكذلك المسلم طاهر ميتاً أيضاَ، روى البخاري معلقاً قول ابن عباس رضي الله عنه: " المسلم لا ينجس حياً ولا ميتاً " فنفي النجاسة هنا المعنوية، وأما الحسية فالمسلم ينجس نجاسة حسية إذا أصابته النجاسة. وفي الحديث دلالة على أن الكافر ينجس نجاسة معنوية لأن نفي النجاسة إنما هو عن المسلم.

وهذه مسألة اختلف فيها أهل العلم على قولين:
القول الأول: أن الكافر نجاسته نجاسة معنوية وبه قال جمهور العلماء، فنجاسته نجاسة في الاعتقاد والدين.
واستدلوا: بمفهوم حديث الباب حيث نفي النجاسة هنا عن المسلم المقصود بها النجاسة المعنوية بدليل أن إصابة المسلم بنجاسة على بدنه كالبول والغائط ودم الحيض يحكم بأنه تنجس نجاسة حسية ولكن طهارته معنوياً ثابتة بالإجماع لحديث الباب، ومفهوم أن الكافر نجاسته معنوية وستأتي بقية الأدلة.

القول الثاني: أن الكافر نجاسته نجاسة حسية فعينه نجسة، وبه قال الإمام مالك وأهل الظاهر
واستدلوا: بقوله تعالى: ? إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ? [التوبة: 28]

وقالوا هذا الذي يقتضيه ظاهر الآية، والقول الأول هو الأظهر لما يلي:
أولاً: أن الله - عزّ وجل - أباح نكاح نساء أهل الكتاب المحصنات للمسلمين ومعلوم أن ملامستهن وعرقهن لا يسلم منه أزواجهن ومع ذلك لم يوجب الشرع غسل ما مسهن فلو كانت نجاسة حسية لأمر بذلك.

ثانياً: جاء في صحيح مسلم أن النبي صلّى الله عليه وسلّم ربط ثمامة بن أُثال في المسجد حينما كان مشركاً ولو كانت نجاسته حسية لم يدخل المسجد أصلاً.

ثالثاً: أباح الله لنا ذبائح أهل الكتاب وطعام الكفار عامة ومن المعلوم أن طعامهم لا يسلم من مسهم ولو كانت نجاستهم حسية لتنجس كل ما يلمسونه بأيديهم وثبت أن النبي صلّى الله عليه وسلّم توضأ من مزادة امرأة مشركة كما في الصحيحين من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه، وأكله من الشاة التي أهدتها له اليهودية كما في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه، وأكل عند يهودي خبز شعير وإهالة سنخة كما عند البخاري من حديث أنس رضي الله عنه والإهالة الشحم المذاب وغيرها من الأدلة تدل على أنها ليست نجاسة حسية.

رابعاً: أنه لو كانت نجاسة الكافر حسية لاستفاض ذلك بين الصحابة لأنه مما تعم به البلوى ويجب إزالته ومع ذلك لم يرد في حديث أنه كذلك مما يدل على أن نجاسته نجاسة معنوية لا حسية.

رابط الموضوع: <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>

Adsense Management by Losha