فريق منتدى الدي في دي العربي
12-19-2017, 10:14 AM
[التمهيد لشرح كتاب التوحيد للشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله 340-343]:
قوله: روى مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(من أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه، لم تقبل له صلاة أربعين يوما).
هكذا ذكر المؤلف -رحمه الله- حديث الباب بهذا اللفظ، وعزاه لمسلم، وقد نبه الشراح على أن لفظه في مسلم:(من أتى عرافا، فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين يوما) بدون لفظة " فصدقه " أما لفظة " فصدقه " فقد رواها الإمام أحمد في مسنده.
وعلى هذا: فالمؤلف -رحمه الله تعالى- ذكر هذا اللفظ، وعزاه لمسلم على طريقة أهل العلم في عزو الحديث لأحد صاحبي الصحيح إذا كان أصله فيهما لاتحاد الطريق أو نحو ذلك.
قوله:(من أتى عرافا فسأله عن شيء، فصدقه، لم تقبل له صلاة أربعين يوما) هذا الحديث فيه جزاء الذي يأتي العراف ويسأله، فمن أتى عرافا فسأله عن شيء- ولو لم يصدقه- فإنه لا تقبل له صلاة أربعين يوما.
والمقصود من قوله: (لم تقبل له صلاة أربعين يوما) أنها تقع مجزئة لا يجب عليه قضاؤها، ولكن لا ثواب له فيها؛ لأن الذنب والإثم الذي اقترفه حين أتى العراف فسأله عن شيء، يقابل ثواب الصلاة أربعين يوما، فأسقط هذا هذا، ويدل ذلك على عظم ذنب الذي يأتي العراف فيسأله عن شيء ولو لم يصدقه.
وهذا عند أهل العلم على حالتين:
الحالة الأولى: من أتى العراف فسأله عن شيء رغبة في الاطلاع، أما من أتى العراف فسأله للإنكار عليه وحتى يتحقق أنه عراف فلا يدخل في ذلك؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.
الحالة الثانية: أن يأتي العراف أو الكاهن فيسأله عن شيء، فإذا أخبره الكاهن أو العراف صدقه بما يقول، فالحديث الأول الذي عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فيه أنه (لم تقبل له صلاة أربعين يوما)، والحديث الثاني فيه أنه (كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم).
فيتضح بالحديثين أن الحالة الثانية -وهي من أتى العراف أو الكاهن فسأله عن شيء فصدقه- أنه يكفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وأنه لا تقبل له صلاة أربعين يوما.
وهذه الحالة تدل على أن الذي أتى الكاهن أو العراف فصدقه، أنه لم يخرج عن الملة؛ لأنه حد -عليه الصلاة والسلام- عدم قبول صلاته بأربعين يوما، والذي أتى الكاهن إذا حكم عليه بأنه كافر كفرا أكبر ومرتد وخارج من الملة فإن صلاته لا تقبل بتاتا حتى يرجع إلى الإسلام.
وقد قال طائفة من أهل العلم: دل قوله: (فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوما) على أن قوله: (كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم) أنه كفر أصغر، وليس بالكفر المخرج من الملة، وهذا القول هو القول الأول، وهو الصحيح، وهو الذي يتعين؛ جمعا بين النصوص، فإن قول النبي عليه الصلاة والسلام:(من أتى عرافا فسأله عن شيء، فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوما) يدل على أنه لم يخرج من الإسلام، والحديث الآخر وهو قوله:(من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم).يدل على كفره، فعلمنا بذلك أن كفره كفر أصغر، وليس كفرا مخرجا من الملة.
هذا أحد الأقوال في مسألة كفر من أتى الكاهن فصدقه بما يقول.
والقول الثاني: أنه يتوقف فيه، فلا يقال يكفر كفرا أكبر، ولا يقال: أصغر، وإنما يقال: إتيان الكهان وتصديقهم كفر بالله- جل وعلا-، ويسكت عن ذلك، ويطلق القول كما جاء في الأحاديث، وهذا لأجل التهديد والتخويف حتى لا يتجاسر الناس على هذا الأمر. وهذا هو مذهب الإمام أحمد في المنصوص عنه.
والقول الثالث من أقوال أهل العلم: أن الذي يصدق الكاهن كافر كفرا أكبر مخرج من الملة.
وهذا القول فيه نظر من جهتين:
الجهة الأولى: ما ذكرنا من الدليل من أن قوله عليه الصلاة والسلام:(لم تقبل له صلاة أربعين يوما) يدل على أنه لم يكفر الكفر الأكبر، ولو كان كفر الكفر الأكبر لم يحد عدم قبول صلاته بتلك المدة من الأيام.
والجهة الثانية: أن تصديق الكاهن فيه شبهة، وادعاء علم الغيب أو تصديق أحد ممن يدعي علم الغيب كفر بالله- جل وعلا- كفرا أكبر، لكن هذا الكاهن الذي ادعى علم الغيب يخبر بالأمور المغيبة فيما صدق فيه عن طريق استراق الجن للسمع، فيكون إذا هو نقل ذلك الخبر عن الجني، والجن نقلوه عما سمعوه في السماء، وهذه شبهة. فقد يأتي الآتي إلى الكاهن ويقول: أنا أصدقه فيما أخبر من الغيب!! لأنه قد جاءه علم ذلك الغيب من السماء عن طريق الجن!! وهذه الشبهة تمنع من تكفير من صدق الكاهن الكفر الأكبر.
فالقول الأظهر: أن كفره كفر أصغر وليس بأكبر؛ لدلالة الأحاديث؛ ولظهور التعليل في ذلك.
قوله: (فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم) يعني القرآن؛ لأنه قد جاء في القرآن وما بينه النبي صلى الله عليه وسلم من السنة أن الكاهن، والساحر، والعراف لا يفلحون، وأنهم يكذبون ولا يصدقون.
قوله: روى مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(من أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه، لم تقبل له صلاة أربعين يوما).
هكذا ذكر المؤلف -رحمه الله- حديث الباب بهذا اللفظ، وعزاه لمسلم، وقد نبه الشراح على أن لفظه في مسلم:(من أتى عرافا، فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين يوما) بدون لفظة " فصدقه " أما لفظة " فصدقه " فقد رواها الإمام أحمد في مسنده.
وعلى هذا: فالمؤلف -رحمه الله تعالى- ذكر هذا اللفظ، وعزاه لمسلم على طريقة أهل العلم في عزو الحديث لأحد صاحبي الصحيح إذا كان أصله فيهما لاتحاد الطريق أو نحو ذلك.
قوله:(من أتى عرافا فسأله عن شيء، فصدقه، لم تقبل له صلاة أربعين يوما) هذا الحديث فيه جزاء الذي يأتي العراف ويسأله، فمن أتى عرافا فسأله عن شيء- ولو لم يصدقه- فإنه لا تقبل له صلاة أربعين يوما.
والمقصود من قوله: (لم تقبل له صلاة أربعين يوما) أنها تقع مجزئة لا يجب عليه قضاؤها، ولكن لا ثواب له فيها؛ لأن الذنب والإثم الذي اقترفه حين أتى العراف فسأله عن شيء، يقابل ثواب الصلاة أربعين يوما، فأسقط هذا هذا، ويدل ذلك على عظم ذنب الذي يأتي العراف فيسأله عن شيء ولو لم يصدقه.
وهذا عند أهل العلم على حالتين:
الحالة الأولى: من أتى العراف فسأله عن شيء رغبة في الاطلاع، أما من أتى العراف فسأله للإنكار عليه وحتى يتحقق أنه عراف فلا يدخل في ذلك؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.
الحالة الثانية: أن يأتي العراف أو الكاهن فيسأله عن شيء، فإذا أخبره الكاهن أو العراف صدقه بما يقول، فالحديث الأول الذي عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فيه أنه (لم تقبل له صلاة أربعين يوما)، والحديث الثاني فيه أنه (كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم).
فيتضح بالحديثين أن الحالة الثانية -وهي من أتى العراف أو الكاهن فسأله عن شيء فصدقه- أنه يكفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وأنه لا تقبل له صلاة أربعين يوما.
وهذه الحالة تدل على أن الذي أتى الكاهن أو العراف فصدقه، أنه لم يخرج عن الملة؛ لأنه حد -عليه الصلاة والسلام- عدم قبول صلاته بأربعين يوما، والذي أتى الكاهن إذا حكم عليه بأنه كافر كفرا أكبر ومرتد وخارج من الملة فإن صلاته لا تقبل بتاتا حتى يرجع إلى الإسلام.
وقد قال طائفة من أهل العلم: دل قوله: (فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوما) على أن قوله: (كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم) أنه كفر أصغر، وليس بالكفر المخرج من الملة، وهذا القول هو القول الأول، وهو الصحيح، وهو الذي يتعين؛ جمعا بين النصوص، فإن قول النبي عليه الصلاة والسلام:(من أتى عرافا فسأله عن شيء، فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوما) يدل على أنه لم يخرج من الإسلام، والحديث الآخر وهو قوله:(من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم).يدل على كفره، فعلمنا بذلك أن كفره كفر أصغر، وليس كفرا مخرجا من الملة.
هذا أحد الأقوال في مسألة كفر من أتى الكاهن فصدقه بما يقول.
والقول الثاني: أنه يتوقف فيه، فلا يقال يكفر كفرا أكبر، ولا يقال: أصغر، وإنما يقال: إتيان الكهان وتصديقهم كفر بالله- جل وعلا-، ويسكت عن ذلك، ويطلق القول كما جاء في الأحاديث، وهذا لأجل التهديد والتخويف حتى لا يتجاسر الناس على هذا الأمر. وهذا هو مذهب الإمام أحمد في المنصوص عنه.
والقول الثالث من أقوال أهل العلم: أن الذي يصدق الكاهن كافر كفرا أكبر مخرج من الملة.
وهذا القول فيه نظر من جهتين:
الجهة الأولى: ما ذكرنا من الدليل من أن قوله عليه الصلاة والسلام:(لم تقبل له صلاة أربعين يوما) يدل على أنه لم يكفر الكفر الأكبر، ولو كان كفر الكفر الأكبر لم يحد عدم قبول صلاته بتلك المدة من الأيام.
والجهة الثانية: أن تصديق الكاهن فيه شبهة، وادعاء علم الغيب أو تصديق أحد ممن يدعي علم الغيب كفر بالله- جل وعلا- كفرا أكبر، لكن هذا الكاهن الذي ادعى علم الغيب يخبر بالأمور المغيبة فيما صدق فيه عن طريق استراق الجن للسمع، فيكون إذا هو نقل ذلك الخبر عن الجني، والجن نقلوه عما سمعوه في السماء، وهذه شبهة. فقد يأتي الآتي إلى الكاهن ويقول: أنا أصدقه فيما أخبر من الغيب!! لأنه قد جاءه علم ذلك الغيب من السماء عن طريق الجن!! وهذه الشبهة تمنع من تكفير من صدق الكاهن الكفر الأكبر.
فالقول الأظهر: أن كفره كفر أصغر وليس بأكبر؛ لدلالة الأحاديث؛ ولظهور التعليل في ذلك.
قوله: (فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم) يعني القرآن؛ لأنه قد جاء في القرآن وما بينه النبي صلى الله عليه وسلم من السنة أن الكاهن، والساحر، والعراف لا يفلحون، وأنهم يكذبون ولا يصدقون.