مشاهدة النسخة كاملة : الإرشاد للوقوف على حقيقة الإلحاد


فريق منتدى الدي في دي العربي
12-19-2017, 02:34 PM
<span style="font-family: traditional arabic">الإرشاد للوقوف على حقيقة الإلحاد
الحمد لله ولي المتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلَّى الله وسلم وبارك على إمام المتقين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد :-
فإن العالم المعاصر يعاني من مشكلات كثيرة بالرغم من التقدم المادي الهائل الذي نعيش فيه والخيرات العظيمة التي وفرها العلم لحياة الإنسان ورفاهيته ، إلا أننا نعيش في ظل مشكلات رهيبة يتولد بعضها عن بعض، ويؤثر بعضها في وجود بعض.
ومن هذه المشكلات القلق النفسي والاضطراب، وانتشار الجريمة، وانعدام الأخلاق والفردية والأنانية، والظلم بكل معانيه وصوره، والانحلال والفساد، فالفضائح السياسية والمالية نسمعها كل يوم تقريباً ، ولا يكاد يخلو بلد من بلدان العالم من هذه المشكلات، ولم يستطع تقدم الإنسان المادي أن يقضي أو أن يخفف من هذه المشكلات بل على العكس من ذلك كلما ارتقت حياة الإنسان المادية كلما ظهرت وانتشرت هذه المشكلات.
وبالرغم من كثرة هذه المشكلات وتعددها فإن أعظم هذه المشكلات وأكبرها أثراً في ظهور الفساد والاضطراب والقلق هي مشكلة الإلحاد ؛ فهذه المشكلة في الحقيقة هي أم المشكلات وسببها جميعاً (1).
ومما يؤسف له أنه قد بدأت تجتاحُ العالمَ العربيَّ منذ بداياتِ هذا القرن موجة من الإلحادِ والرّدةِ ، لم تعرفْ لها المنطقة مثيلاً ، في الوقتِ الذي بدأتْ فيهِ هذه المذاهبُ بالانحسار في العالم الغربيِّ ، وأخذتِ الناسُ تناغمُ بينَ العلم والدين ، وتُهادنُ بينهما ، بعدَ مرحلةِ قطيعةٍ كبرى بينهما ، نشأتْ في منتصفِ القرن الثامن عشر الميلاديِّ ، وأدّتْ إلى اجتياح الإلحادِ والكفر ، في أوساطِ المفكّرينَ والفلاسفةِ ، واجتياح النظام العلمانيِّ للحياةِ العامّةِ في أوروبا ، بعدَ أن هيمنتْ عليها الكنيسة قروناً طويلة من الزمان .
ومما ينبغي علمه أن مسألة الإلحاد في الدين والطعن فيه، ليست مسألة جديدة ؛ حيث وجد منذ عصور الإسلام الأولى من يقدح فيه أو يلحد في آياته .
قال تعالى: ?إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَايَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِيآمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَبَصِ يرٌ? فصلت: 40
وقال جل وعلا : ?وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَيُلْحِ دُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ? الأعراف:180
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : (أشهر من عُرِف تجاهله وتظاهره بإنكار الصانع فرعونُ ، وقد كان مستيقناً في الباطن كما قال له موسى [عليه السلام] :
{قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاءِ إلاَّ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ} [الإسراء:102]
وقال - تعالى - عنه وعن قومه: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْ هَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل : 14] ( 2 )
وقد كان ظهور الإلحاد واستعلان الملحدين بمقالاتهم يسير عكساً مع إيقاع العقوبة بهم، فحيث أعملت العقوبة انزوى هؤلاء وخنسوا واستخفَوا بعقائدهم ، وحيث أمنوا العقوبة ظهروا وأعلنوا الكفر البواح والطعن في الدين وجهروا به.
وما زال الأمر يسير على هذا المنوال عبر العصور حتى يومنا هذا ، والمتابع لما يدور على الساحة في بلادنا ، يلحظ في العقد الأخير كثرة ظهور هؤلاء ، وكثرة ما يصرحون به من كفر صريح وردة صلعاء ما كانوا يجرؤون على إعلانها من قبل ( 3 ).
وبالرغم من أن العالم الإسلامي ما زال يتمسك نوعاً ما بالإسلام ويقر بالتوحيد ويؤمن بالبعث والجنة والنار إلا أن موجة الإلحاد العارمة تطغى عليه من كل جانب ، وتشكك أبناءه في دينهم وعقيدتهم ويحسن بنا ونحن نجابه هذه المشكلة أن نبحث بحثاً موضوعياً علمياً في أسباب هذه المشكلة وكيفية علاجها ، وقديما قالوا : ان الحكم علي الشيء فرع عن تصوره ، فحري بنا الآن أن نبين ما هو الإلحاد .
وفيما يلي نتناول هذا الموضوع بشيء من البسط؛ بغية محاولة التعرف على حقيقته وأسبابه،والخطوا ت العملية الواجب اتخاذها للتصدي له.

أولاً: معنى الإلحاد في اللغة والاصطلاح :
الإلحاد لغة :

قال ابن منظور: "الإِلحاد فِي اللُّغَةِ المَيْلُ عَنِ القصْد... وأَصل الإِلحادِ: المَيْلُ والعُدول عَنِ الشَّيْءِ" ( 4 )
وقال الفيروز آبادي: "ألْحَدَ: مالَ ، وعَدَلَ ، ومارَى ، وجادَلَ ( 5 )"
وقال الطبري: "أصل "الإلحاد" في كلام العرب : العدول عن القصد، والجورُ عنه، والإعراض. ثم يستعمل في كل معوَجّ غير مستقيم"( 6 )
أما التعريف الإصطلاحي للإلحاد :
جاء في "معجم لغة الفقهاء" أنه : "الكفر بجميع الأديان، وإنكارجميع الرسالات" ( 7 )
ولعل هذا هو أقرب التعريفات الاصطلاحية لما يراد بالإلحاد في عصرنا ؛ ذلك أن أهل الكتاب رغم ميلهم عن الحق إلا أنه لا يقال عنهم : ملحدون، وكذا من ترك الإسلام للنصرانية مثلاً لا يقال: إنه ألحد، بل يقال : ارتد وتنصر، ولا يقال: إنه ملحد ، وإن كان مال عن الحق والإسلام
وعلى هذا فالإلحاد كما يقول صاحب ( الموسوعة الميسرة فى الأديان والمذاهب) هو :
مذهب فلسفي يقوم على فكرة عدمية أساسها إنكار وجود الله الخالق سبحانه وتعالى ؛ فيدّعي الملحدون بأن الكون وجد بلا خالق وأن المادة أزلية أبدية ، وهي الخالق والمخلوق في نفس الوقت . ومما لا شك فيه أن كثيراً من دول العالم الغربي والشرقي تعاني من نزعة إلحادية عارمة جسدتها الشيوعية المنهارة والعلمانية المخادعة ( 8 )
ومما تجدر الإشارة إليه أن لفظ الإلحاد عند المتقدمين لم يكن محصوراً في هذا المعنى المذكور، بل هو يشمله ويشمل كل انحراف عن عقيدة الإسلام ؛ ولذا نرى ابن تيمية -رحمه الله- مثلاً يصف أهل الحلول والاتحاد بالإلحاد، رغم عدم إنكارهم للرسالات.
إذاً فالمراد بالإلحاد الذي نحن بصدد الحديث عنه هو : كل فكر يتعلق بإنكار وجود خالق هذا الكون سبحانه وتعالى ، سواء أكان عند المتقدمين من الدهرية أو عند من جاء بعدهم من الشيوعيين الماركسيين بمعنى أن وصف الإلحاد يشمل كل من لم يؤمن بالله تعالى ويزعم أن الكون وجد بذاته في الأزل نتيجة تفاعلات جاءت عن طريق الصدفة دون تحديد وقت لها ، واعتقاد أن ما وصل إليه الإنسان منذ أن وجد وعلى امتداد التاريخ من أحوال في كل شؤونه إنما وجد عن طريق التطور لا أن هناك قوة إلهية تدبره وتتصرف فيه.
ولا ريب أن الإلحاد فكرة شيطانية باطلة لا يقبلها عقل ولا منطق غذاها اليهود لتحطيم حضارات وأديان العالم كله لإقامة حكمهم في الأرض كلها كما دونوه في كتبهم.
وقد يسأل سائل فيقول وما مصلحة اليهود من وراء ظهور الإلحاد؟
والجواب هو إضافة إلى ما سبق فإن اليهود يبغضون ديانات العالم كله ، فإذا تمكن اليهود من إبعاد الناس عن حضاراتهم ودياناتهم واستبدلوا ذلك بالإلحاد فإنه سيسهل حينئذ أن يتقارب اليهود مع غيرهم وسيسهل قيادتهم أيضا إلى تحقيق المخططات اليهودية التي تنتظر التنفيذ ( 9 )
ويعد أتباع العلمانية هم المؤسسون الحقيقيين للإلحاد ، ومن هؤلاء : أتباع الشيوعية والوجودية والداروينية، فالحركة الصهيونية أرادت نشر الإلحاد في الأرض فنشرت العلمانية لإفساد أمم الأرض بالإلحاد والمادية المفرطة والانسلاخ من كل الضوابط التشريعية والأخلاقية كي تهدم هذه الأمم نفسها بنفسها ، وعندما يخلو الجو لليهود يستطيعون حكم العالم.
نشر اليهود نظريات ماركس في الاقتصاد والتفسير المادي للتاريخ ونظريات فرويد في علم النفس ونظرية دارون في أصل الأنواع ونظريات دور كايم في علم الاجتماع ، وكل هذه النظريات من أسس الإلحاد في العالم.
أما انتشار الحركات الإلحادية بين المسلمين في الوقت الحاضر، فقد بدأت بعد سقوط الخلافة الإسلامية.
صدر كتاب في تركيا عنوانه: مصطفى كمال للكاتب قابيل آدم يتضمن مطاعن قبيحة في الأديان وبخاصة الدين الإسلامي. وفيه دعوة صريحة للإلحاد بالدين وإشادة بالعقلية الأوروبية.
إسماعيل أحمد أدهم. حاول نشر الإلحاد في مصر، وألف رسالة بعنوان لماذا أنا ملحد ؟وطبعها بمطبعة التعاون بالإسكندرية حوالي سنة 1926م.
إسماعيل مظهر أصدر في سنة 1928م مجلة العصور في مصر، وكان قبل توبته تدعو للإلحاد والطعن في العرب والعروبة طعناً قبيحاً معيداً تاريخ الشعوبية، ومتهماً العقلية العربية بالجمود والانحطاط ، ومشيداً بأمجاد بني إسرائيل ونشاطهم وتفوقهم واجتهادهم.
أسست في مصر سنة 1928م جماعة لنشر الإلحاد تحت شعار الأدب واتخذت دار العصور مقراً لها واسمها رابطة الأدب الجديد وكان أمين سرها كامل كيلاني.. وقد تاب إلى الله بعدذلك ( 10 ).
* إن وصف الإلحاد في مجتمعنا بأنه ظاهرة وصف غير دقيق في الوقت الراهن...لكنه ظاهرة عالمية بلا شك وحسب الدراسات الحديثة فإن نسبة الإلحاد بين سكان العالم تصل إلى السدس
إذ تفيد بعض الإحصاءات الغربية أن بين كل ستة أشخاص في العالم يوجد ملحد واحد وهذه نسبة كبيرة جدا وقد فرضت نفسها على المستوى العالمي في الوقت الراهن.
والمتأمل في كثير من الأطروحات الفكرية العالمية يجدها تنحو منحى الإلحاد والمتابع للمعارك الفكرية بين الأحزاب المختلفة في الغرب وأمريكا يعرف مدى قوة تلك الأطروحات ومدى كثرة أتباعها على المستوى العالمي و لهذا علاقة كبيرة بالمذهب الرأسمالي وشيوع مذهب الفردانية والإغراق في المادية.
وإذا نقلت نظرك إلى الشرق وجدت الظاهرة أخف وإن جئت إلى مجتمعنا فإنك كما تعلم فإن الإسلام حصن حصين لأبنائه وخطر الإلحاد عليهم أضعف من خطره على المجتمعات غير المسلمة.
لكن هذا لا يعني السكوت والغفلة عن انتشاره ضمن حزمة العولمة وما ينتج عنها.
إذا أضفت لذلك ما حققه التقدم الغربي ماديا وقارنته بتخلف المجتمعات الإسلامية لربما وجدت أن هذا سبب كبير في تأثرشبابنا بالجوانب السلبية للعولمة ومن أشدها خطر الانحلال الأخلاقي في جانب السلوك والانحلال الفكري في جانب المعتقد وفي الغالب أنهما وجهان لعملة واحدة إذ أن الإباحية تصاحب الإلحاد.
لهذا فإن الوضع إن استمر على ما هو عليه فإن مجتمعنا رغم تدينه إلا أنه مرشح وبقوة لأن يصبح الإلحاد فيه ظاهرة بين الشباب وبخاصة مع عدم وجود الممانعة المناسبة لحجم ضغوط العولمة وإغراءات الحياة المادية وتفشي الرأسمالية وزخمها الإعلامي القاهر أضف إلى ذلك أن مجتمعنا في غالبيته مكون من الشباب الذي ربما تعرض للقلق الوجودي كما سيرد في الأسباب.
هذا على فرض أن الوضع كان طبيعيا دون تخطيط من قبل الغرب ..لكننا لا يمكن أن نغفل ما تتعرض له مجتمعات المسلمين اليوم من حملات متتابعة للطعن في ثوابتها ومحاولة شغلها عن بناء مستقبلها وإغراقها في مشاكلات الهوية والصراعات الفكرية والأسئلة الوجودية والصدامات الفلسفية استمرارا لنظرية هدم الإسلام من الداخل بأيدي أبناءه.
يحدث هذا في نفس الوقت الذي نشهد فيه ضعفا في الحملات الوقائية الموجهة للشباب لتحصنهم من تلك الأخطار..

* أسباب ظهور وانتشار الإلحاد:
إننا حينما نتحدث عن الأسباب فلا يمكن أن نعزوها إلى الأسباب الفكرية وحدها إذ أن شخصية الفرد مكونة من جوانب روحية ونفسية وعقلية واجتماعية ونفسية وكل جانب من هذه الجوانب له حاجات تنتظر إشباعها.. كما أن لها دورا مهما في تكامل الشخصية.
والملحد هو إنسان تعرض لمؤثرات تسببت في بناء شخصيته وأثرت في تكوينه الفكري مع جانبه العقدي ليظهر على سلوكه ويصبغ تصرفاته وعلاقاته الاجتماعية وطريقة إشباعه لحاجاته حتى أصبحت له مبادىء واتجاهات وأفكار توجه سلوكه وتصرفاته وتشكل مذهبه في الحياة والعلاقات....
فلظهور الإلحاد أسباب كثيرة كغيره من الظواهر الأخرى ولا شك أن أكبر الأسباب هو إغواء إبليس لمن اتبعه فقد أقسم على أن يبعد الناس عن ربهم ويغويهم عن اتباع أمره وشرعه عز وجل
ثم انضافت إلى ذلك أسباب أخرى هي من صنع الإنسان كالرغبة الجامحة عند البعض في الانفلات التام عن الدين وأوامره ونواهيه لتحقيق رغباته الشهوانية المختلفة .
وبعض تلك الأسباب يعود إلى أمور سياسية كحب اليهود السيطرة على العالم. وبعضها يعود إلى طغيان الديانات المحرفة و على رأسها النصرانية التي هي صورة عن الوثنية حيث جاءت بأفكارلا يقبلها عقل ولا يقرها منطق وفوق ذلك طغيان الرهبان والبابوات الذين وصلوا إلى حد لايطاق من إذلال الناس واستعبادهم مما جعلها أغلالا يتمنى أصحابها الخروج عنها إلى أي وجهة تكون فتلقفهم الملاحدة فأخرجوهم من الرمضاء إلى النار..
وبعض تلك الأسباب يعود إلى ظهور مذاهب فكرية كانت هي الأخرى كابوسا ثقيلا جعل الناس يلهثون إلى التشبث بأي حركة أو فكر كالرأسمالية التي أشعلت في النفوس حب الأنانية والجشع المادي والحقد والبغضاء مما سهل الأمر على الملاحدة للوصول إلى قلوب الناس والتضليل عليهم بأن في النظام الإلحادي الجديد كل ما يتمنوه من السعادة والعيش الرغيد
وقد قيل:

يقضى على المرء في أيام محنته ..... حتى يرى حسنا ما ليس بالحسن ( 11)
وقد حاولت حصر أهم الأسباب التي رصدها كثير من الباحثين في مسألة الإلحاد وأبرزها في نظري ما يلي :
1 - غياب القدوة الصالحة في الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام.. فينشأ الشاب وهولا يعرف دينه حق المعرفة ولا يحبه كما يجب فيسهل عليه تركه لأي سبب .
2 - تعرض الشاب وخاصة في بدايات تكوينه الفكري وقبل نضجه للفكر الإلحادي من خلال قراءته الكتب الفلسفية واتصاله بمفكرين ملاحدة وإعجابه بأدبهم وأطروحاتهم ، وخاصة من كان له أسلوب عرض جميل كأدبائهم .
3 - تغلب الشهوات على بعض الشباب ويرون أن الدين يمنعهم منها ويشكل حاجزا بينهم وبين رغبتهم في الاستمتاع بالحياة.. وعدم معرفتهم لحكمة تحريمها مع غلبة الشهوة تجعلهم يرغبون في الإلحاد .
4 - انفتاح العالم الفضائي بشقيه - القنوات والانترنت- وما يُبث فيهما من شهوات وشبهات تأخذ كل واحدة منها بنصيبها من شبابنا مع عدم وجود حملة تحصين مضادة لأثارها السلبية .
5 - أنظمة الحكم وما سببته للناس من فتن في دينهم فبعضه ايروج الإلحاد ويقيم المؤسسات التعليمية والأنشطة التي تبثه بين الناشئة ، وأخرى تدعي أنها تعتني بالدين ؛ ومؤسساتها –ربما عن قصد أوغير قصد- ممثل سيء للدين مما يتسبب في ردة فعل عكسية من الدين والمتدينين
ولسان حال هؤلاء الشباب يقول: إذا كان هذا حال حملة الدين من الظلم والانكباب على الدنيا فكوننا بلا دين أفضل !
6 - عدم قيام مؤسسات التربية من تعليم ومعاهد وجامعات بأنشطة تذكر للوقوف في وجه موجة الإلحاد الجديدة ؛ وبطء استجابتها للمستجدات العالمية والحراك الاجتماعي والشبابي .
7 - دور النشر والمقاهي الثقافية ووسائل الإعلام والمواقع الالكترونية التي تروج الفكر الإلحادي دون وجود بدائل منافسة لها يلجأ إليها الشباب
8 - وجود فئات من المجتمع التي خلطت بين الدين والعادات وأساءت للدين من خلال حماسها غير المنضبط وجهلها العريض ليتحول الدين عندها إلى مظاهرلا يصاحبها في كثير من الأحيان جواهر نقية فتسببت في حدوث ردّ فعل معاكس عند بعض الشباب.
ولا يفوتني هنا ما أثبتته الدراسات النفسية في مجال الاضطرابات السلوكية تحت ما يسمى بالجنوح الكاذب والذي ينزع فيه بعض الشباب لمخالفة القواعد والأنظمة بسبب شعورهم بالاضطهاد وخاصة في البيئات التسلطية
9 - إشكاليات الحضارة وأزمة الهوية السائدة بين الشباب مع عدم وجود المحاضن التربوية المقنعة التي تحوي الفكر والإيمان إضافة إلى السلوك.
10 - انتشار الظلم وعدم قدرة الضعفاء على الوصول إلى حقهم حتى مع اللجوء إلى المؤسسات الحكومية في العالم الإسلامي بشكل عام وكان لنا في الربيع العربي موعظة في خطر الظلم وشيوعه بين الناس .
11 - كثرة الحروب والفتن التي تهز قناعات الشباب في عقيدة القضاء والقدر واختلال فهمهم لقيم الحياة ومعانى الألوهية والربوبية والجزاء والحساب.
كما أن الكثير من ضغوط الحياة المعاصرة تسببت في ظهور مرض نفسي يشيع بين المثقفين ويسمى"القلق الوجودي" وهو مركب من القلق والاكتئاب بسبب ما يرون أنهم عاجزين عن تفسيره من انحرافات في الحياة أو تضاد بين الأحداث المختلفة وبين قناعاتهم الفلسفية وقد تدفع ببعضهم للأفكار الإلحادية ما لم يكن لهم بصيرة في مسائل القضاء والقدر والتصور الإسلامي للحياة والكون ( 12 ).
12 - الدعم الخارجي: وهذا من العوامل الخطيرة والمؤثرة بقوة، حيث كثرت الروايات -وأحياناً الشهادات- من بعض من وقعوا في الفتنة ثم نجوا منها ، أن الخلايا التغريبية والإلحادية تتلقى دعماً خارجياً مختلف الصور والأشكال ( 13 )
13 - أخطاء المتدينين : وهذا من أخطر وأشد الأسباب ، حيث أنه يصعب على كثير من الناس التفريق بين الدعوة والداعية ، والفكرة ومعتنقها ، فهم يجعلون تصرفات الناس حاكمة على أفكارهم ومعتقداتهم بالصحة أوالبطلان
ولا ينجو من هذا الخلط الخاطئ إلا من رحم الله ؛ ولهذا قال تعالى مخاطباً عباده المؤمنين :
?وَلاَ تَتَّخِذُواْ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌبَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُواْ الْسُّوءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَلَكُمْعَذَابٌ عَظِيمٌ? [النحل:94]
قال ابن كثير: حذر تعالى عباده من اتخاذ الأيمان دخلاً – أي : خديعةً ومكراً- ؛ لئلا تزل قدم بعد ثبوتها : مَثَل لمن كان على الاستقامة فحاد عنها ، وزل عن طريق الهدى ؛ بسبب الأيمان الحانثة المشتملة على الصد عن سبيل الله ؛ لأن الكافر إذا رأى أن المؤمن قد عاهده ثم غدر به ، لم يبق له وثوق بالدين ، فانصد بسببه عن الدخول في الإسلام ( 14)!
فانظر كيف اعتبر الله عز وجل هذا المانع ، وجعله سبباً مؤكِّداً للنهي عن الأيمان الكاذبة ، رغم أنها محرمة لذاتها ؛ لتعلم خطورة الأمر وأهميته
ومن هذه الأخطاء: الخلافات العلنية بين الاتجاهات الإسلامية المختلفة، بل بين المنتمين إلى مدرسة واحدة في الأصول والفروع ، لكنهم اختلفوا في تطبيقها على أرض الواقع، وتنزيلها على المسائل المعينة
ويزداد الأمر سوءاً عندما ينتقل الأمرمن مجرد اختلاف إلى اتهامات وتشنيعات وسباب وانتقاص، فأي فتنة على قلب العامي أعظم من هذا
ومنها: ما قد يظهر من بعض المتدينين من شدة وغلظة في التعامل مع الناس بصفة عامة، ومع المقصرين أو المخطئين بصفة خاصة، مما قد يزرع في القلوب نفرة من أهل الحق، وصداً عن سماع أو قبول هذا الحق الذي معهم.
ومنها: ما قد يصدر من انحرافات سلوكية أو أخلاقية من بعض المتدينين، وقد يكون لبعضهم مكانته في المجتمع ، فيكون هذا سبباً في صد بعض الناس عن الدين، ويكون منفذاً لدعاة الإلحاد ومثيري الشبه ، لا سيما مع تركيز الإعلام التغريبي على هذه الأخطاء وتضخيمها والمبالغة في بيان عوارها ( 15 )

* أهم الحول لمواجهة انتشار تيار الإلحاد وغيره من تلك الأفكار المدمرة لعقول شباب الأمة :
إن مواجهة هذا التيار المدمر لشباب الأمة وللمجتمع ، الموجب لغضب الله عز وجل وسخطه في الدنيا والآخرة ، يستلزم تضافر جهود كل المعنيين بهذا الأمر، بدءاً من الأسرة ، مروراً بأهل الحي الواحد، فى المسجد، فى المدرسة، فى الجامعة ، إلى كافة الهيئات والجمعيات الدعوية ، إلى خطباء المساجد والدعاة وأهل العلم وطلبته ، انتهاء بأجهزة الدولة المعنية على مختلف المستويات .
ولعلي أذكر هنا بعض الأفكاروالرؤي التى تساعد فى مواجهة انتشار هذا التيار والتصدي له.
أولا : العناية بالرسوخ العلمي الذي يناقش تفاصيل القضايا العقدية والفكرية القديمة والمعاصرة ، وهضم المسائل الفلسفية وأصول الأفكار بدراسات جادة ، ومتخصصة في هذا المجال.
ثانيا : فتح المراكز المتخصصة في رصد الأفكار التي تبث في مواقع النت وكتابات الكتاب ، ومعالجتها من خلال اجتماع فئات من المتخصصين في المجالات الشرعية والفكرية والعلمية وتعميق النقاش بها.
ثالثا : رصد القيم العلمية والتي تعزز أفكار الإلحاد من خلال كشوفات العلوم الحديثة والتي يعتمد عليها هؤلاء الملاحدة في تعزيز نظريتهم لمسائل الخلق والنشأة وسيرورة التكوين، مثل علوم الفيزياء والأحياء والجينوم الاحفورات التاريخية وغيرها.
رابعا : ضرورة بث مشروع " التحصين " بالحد الأدنى من القيم التي ترسخ الإيمان القائم على التأمل العقلي الذي يبطل الحجج المخالفة ، وهذا يعني تجديد مناهج التلقين للعلوم الإسلامية لتكون متوافقة مع تغيرات العصر وأفكاره وما يطرأ فيه من قيم علمية وفكرية وفلسفية جديدة.
خامساً : هناك مواقع في النت متخصصة لرد الشبهات تحتاج إلى إعادة تقييم وزيادة، مع ضرورة الإشراف على سلوك المناقشين وطرائقهم ، وفتح جمعيات متخصصة في تحكيم مايصدر منها وخاصة أنها جهود فردية يعتريها النقص والاجتهاد الذي تكون نتائجه عكسية على المتلقي وخاصة أنها تخوض في مسائل حساسة.
سادساً : تعميق الصلة مع المراكز المهتمة بجوانب الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، وتكميلها بأبحاث مواجهة الإلحاد حتى تكتمل الصورة في ذهن المهتمين في هذا الجانب.
سابعاً : إعداد فريق كبير وتدريبهم وتهيئتهم علمياً وعقلياً على فنون المناظرة وأصول الجدل في المنتديات التي تبث مثل هذه الإفكار ، وتحصينهم وتجهيزهم بكل ما يحتاجون من دعم نفسي وعلمي وفكري لمواجهة مثل هذه الإفكار ، وحبذا لو يكون هؤلاء من المتمكنين في العلم الشرعي والمختصين في باب العقائد.
ثامناً : إظهار المباحث المهتمة بالدلائل العقلية والنقلية في الكتاب والسنة والتي تبطل وترد أفكار الدهريين والملاحدة
تاسعاً : الاعتناء بمباحث " دلائل النبوة " ، والتي هي جزء من الإعجازالذي يرسخ الإيمان واليقين بصحة الرسالة المحمدية ، وفرزها على مستويات كثيرة تتوافق مع مستويات الأعمار والعقول والأفهام ، للمبتدين والعامة والمنتهين في هذا الباب.
عاشراً : إعداد حلقات نقاش مستمرة ومتواصلة في فرز الأفكار الألحادية ، ومناقشتها وإخراج النشرات بشكل متتابع ومستمر.
حادي عشر : الاستفادة من المتخصصين في الأقسام العلمية في تبسيط كثير من النظريات العلمية في الفيزياء والفلك والجيلوجيا والأحياء وغيرها حتى يتم الاستفادة منها فيرد شبهات المبطلين.
ثاني عشر : حصر الكتب التراثية والمعاصرة جميعها ومن كافة الفرق الإسلامية والتي اعتنت في مواجهة أهل الإلحاد والدهريين والفلاسفة الخلص ومناقشتهم لتكون في مكتبة يسهل على من يريد أن يتخصص في الوصول إليها.
هذه بعض الأفكار والرؤى حول هذا الموضوع الهام ، وأملي أن يسهم الجميع في تعزيزالفكرة والعناية بها ، لأنني أدرك أن المستقبل القريب سوف يشهد تصاعداً لهذه القضية، وكثرة في معتنقي هذه الأفكار والتي بدأت تظهر في الآونة الأخيرة ( 16 )

أبو مالك عبد المعطي بن إبراهيم الأزهري
.
مقال كتبته بمجلة كلمة الحق بتاريخ .
‏2 أبريل، 2015‏، الساعة ‏10:05 م‏
____________

1 - الإلحاد أسباب هذه الظاهرة وطرق علاجها - الشي خعبد الرحمن عبد الخالق حفظه الله
2 - مجموع الفتاوى: 4/245
3 - الإلحاد حقيقته أسباب ظهوره وطرق معالجته –هيثم الكناني
4 - لسان العرب 3 / 389، مادة "لحد"
5 - القاموس المحيط 1 / 317
6 - تفسير الطبري 13/ 283
7 - معجم لغة الفقهاء ص87
8 – الموسوعة الميسرة فى الأديان والمذاهب والأحزابالمعاصر ة 2 / 803
9 – موسوعة المذاهب الفكرية المعاصرة – علوي السقاف 1/ 422
10 – السابق
11 – المذاهب الفكرية المعاصرة – د. غالب عواجي 2 /1011
12 - حتى لا يصبح الإلحاد ظاهرة بيننا - خالد بن محمد الشهري
13 - الإلحاد: حقيقته - أسباب ظهوره - وطرق معالجته – هيثم الكناني
14 - تفسير ابن كثير 4/ 600
15 - الإلحاد: حقيقته - أسباب ظهوره - وطرق معالجته – هيثم الكناني
16 - أفكار ورؤى لمواجهة موجة " الإلحاد " ! – بدر العامر ( دكتوراستفهام )

<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
(<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
)

Adsense Management by Losha