فريق منتدى الدي في دي العربي
12-19-2017, 05:03 PM
<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
شرح حديث
(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه))؛ رواه البخاري ومسلم.
منزلة الحديث:
• هذا الحديث عظيم تتفرع منه آداب الخير، وقيل فيه: إنه نصف الإسلام؛ لأن الأحكام تتعلق بالحق، أو الخلق، وهذا أفاد الثاني[1].
• قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: هذا من جوامع الكلم؛ لأن القول كله إما خير وإما شر آيل إلى أحدهما، فدخل في الخير كل مطلوب من الأقوال فرضها وندبها، فأذن فيه على اختلاف أنواعه، ودخل فيه ما يؤول إليه، وما عدا ذلك مما هو شر أو يؤول إلى الشر، فأمر عند إرادة الخوض فيه بالصمت[2].
• قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله: هذا الحديث من القواعد العميمة العظيمة؛ لأنه بين فيه أحكام اللسان الذي هو أكثر الجوارح فعلًا، فهو بهذا الاعتبار يصح أن يقال فيه: إنه ثلث الإسلام[3].
• وقيل: هو من الآداب الإسلامية الواجبة[4].
سبب ورود الحديث:
كما في الجامع الكبير عن محمد بن عبدالله بن سلام: أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: آذاني جاري، فقال: ((اصبر))، ثم عاد إليه الثانية، فقال: آذاني جاري، فقال: ((اصبر))، ثم عاد إليه الثالثة فقال: آذاني جاري، فقال: ((اعمِدْ إلى متاعك فاقذفه في السكة، فإذا أتى عليك آتٍ، فقل: آذاني جاري، فتحق عليه اللعنة، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت))[5].
غريب الحديث:
• يؤمن: أي الإيمان الكامل.
• ليصمت: يسكت.
شرح الحديث:
((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر)) المراد بقوله: ((يؤمن)) الإيمان الكامل، وخصه بالله واليوم الآخر إشارة إلى المبدأ أو المعاد؛ أي: من آمن بالله الذي خلَقه، وآمن بأنه سيجازيه بعمله، فليفعل الخصال المذكورات[6].
((فليقل خيرًا أو ليصمت))، قال النووي رحمه الله: فمعناه أنه إذا أراد أن يتكلم فإن كان ما يتكلم به خيرًا محققًا يثاب عليه واجبًا أو مندوبًا، فليتكلم، وإن لم يظهر له أنه خير يثاب عليه، فليُمسِكْ عن الكلام، سواء ظهر له أنه حرام أو مكروه أو مباح مستوي الطرفين، فعلى هذا يكون الكلام المباح مأمورًا بتركه، مندوبًا إلى الإمساك عنه؛ مخافة من انجراره إلى المحرم أو المكروه، وهذا يقع في العادة كثيرًا أو غالبًا، وقد قال الله تعالى: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18][7].
وقال الإمام الجليل أبو محمد بن أبي زيد إمام المالكية بالمغرب في زمنه: جميع آداب الخير تتفرع من أربعة أحاديث: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت))[8]، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((من حسن إسلام المرء: تركُه ما لا يعنيه))[9]، وقوله صلى الله عليه وسلم للذي اختصر له الوصية: ((لا تغضب))[10]، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه))[11].
عن أبي عبيد قال: ما رأيت رجلًا قط أشد تحفظًا في منطقه من عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه[12].
وعن بلال بن الحارث المزني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها سَخَطَه إلى يوم يلقاه))[13].
ويقال: مَن سكت فسَلِمَ كمَن قال فغَنِم، وقيل لبعضهم: لم لزمت السكوت؟ قال: لأني لم أندم على السكوت قط، وقد ندمت على الكلام مرارًا.
وقال لقمان لابنه: لو كان الكلام من فضة، كان السكوت من ذهب، ومعناه - كما قال ابن المبارك -: لو كان الكلام في طاعة الله من فضة، لكان السكوت عن معصية الله من ذهب.
وقال ذو النون المصري رحمه الله: أحسن الناس لنفسه أملَكُهم للسانه.
((ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليُكرِمْ جاره)) من كمال الإيمان، وصدق الإسلام: الإحسان إلى الجار، والبر به، والكف عن أذاه، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وحسبنا دليلًا على ذلك أن الله تعالى قرَنَ الإحسان إلى الجار مع الأمر بعبادته وحده سبحانه؛ إذ قال تعالى: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ ﴾ [النساء: 36].
قال العلماء: إذا كان الجار مسلمًا ذا قرابة، فله ثلاثة حقوق: حق الجوار والإسلام والقرابة، وإن كان مسلمًا غير ذي قرابة فله حقان: حق الإسلام وحق الجوار، وإذا كان كافرًا غير ذي قرابة فله حق واحد: حق الجوار.
وإيذاء الجار خَلَلٌ في الإيمان يسبب الهلاك، وهو من كبائر الذنوب، كما روى البخاري ومسلم، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أي الذنب أعظم؟ قال: ((أن تجعل لله ندًّا وهو خلقك))، قيل: ثم أي؟ قال: ((أن ت*** ولدك مخافةَ أن يطعَمَ معك))، قيل: ثم أي؟ قال: ((أن تزانيَ حليلة جارك))؛ أي: تغري زوجته حتى توافقك على الزنا والعياذ بالله!
والند: هو الشريك والمثيل.
وروى البخاري: عن أبي شريح رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن))، قيل: من يا رسول الله؟ قال: ((مَن لا يأمَنُ جارُه بوائقَه))؛ أي: لا يسلَمُ مِن شروره وأذاه.
وأخرج أحمد والبزار وابن حبان: من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله، إن فلانة تكثر من صلاتها وصدقتها وصيامها، غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها، قال: ((هي في النار)).
((ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه))؛ لأنه من أخلاق الأنبياء والصالحين، وآداب الإسلام، وكان إبراهيم الخليل عليه السلام يكنى أبا الضيفان، وكان يمشي الميل والميلين في طلب الضيف.
والضيف: هو الذي نزل بك وأنت في بلدك وهو مارٌّ مسافر، فهو غريب محتاج، وإكرام الضيف من الإيمان، ومن مظاهر حُسن الإسلام.
فقد روى مسلمٌ في صحيحه من حديث أبي شريح الخزاعي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الضيافة ثلاثة أيام، وجائزته يوم وليلة))، والجائزة: العطية والمنحة والصلة، وذلك لا يكون إلا مع الاختيار.
وقال النووي رحمه الله: قد أجمع المسلمون على الضيافة، وأنها من متأكدات الإسلام، ثم قال الشافعي ومالك وأبو حنيفة - رحمهم الله تعالى - والجمهور: هي سنَّة ليست بواجبة، وقال الليث وأحمد: هي واجبة يومًا وليلة.
قال الإمام أحمد رحمه الله: هي واجبة يومًا وليلة على أهل البادية وأهل القرى دون أهل المدن[14].
ملحوظة :
ينبغي للضيف ألا يزيد في إقامته على ثلاثة أيام، إلا إذا ألح من أضافه عن طيب نفس، ويعلم ذلك بالقرائن، وينبغي له أن ينصرف طيب النفس، وإن جرى في حقه تقصير؛ لأنه من حسن الخُلُق والتواضع، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم كما عند مسلم: ((ولا يحل لرجل مسلم أن يقيم عند أخيه حتى يؤثمه))، قال: يا رسول الله، وكيف يؤثمه؟ قال: ((يقيم عنده، ولا شيء له يَقْرِيهِ به)).
الفوائد من الحديث:
1 - وجوب إكرام الجار؛ بكف الأذى، وبذل المعروف.
2 - وجوب إكرام الضيف.
3 - رعاية الإسلام للجوار والضيافة، فهذا يدل على كمال الإسلام.
4 - التحذير من آفات اللسان.
5 - في الحديث الحث على التخلق بمكارم الأخلاق.
6 - هذه الخصال من شُعَب الإيمان.
[1] الجواهر اللؤلؤية شرح الأربعين النووية (149).
[2] فتح الباري (10/ 461 ح 6019).
[3] فتح المبين (137) فيض القدير (6/ 273 ح 8979).
[4] تعليقات على الأربعين النووية لابن عثيمين رحمه الله (27).
[5] البيان والتعريف (3/ 235).
[6] فتح الباري (10/ 460 ح 6019).
[7] شرح مسلم للنووي (2/ 17 ح 47).
[8] رواه البخاري (4/ 94 ح 6018).
[9] رواه الترمذي (2318) والبغوي في شرح السنة (14/ 321 ح 4133).
[10] رواه البخاري (4/ 112 ح 6116).
[11] رواه البخاري (1/ 21 ح 13).
[12] الصمت وحفظ اللسان، لابن أبي الدنيا (252 رقم 422).
[13] رواه الترمذي (2319)، وقال الألباني: (صحيح)؛ (صحيح الجامع رقم 1619).
[14] شرح مسلم للنووي (12/ 27 ح 1726 باب الضيافة).
شرح حديث
(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه))؛ رواه البخاري ومسلم.
منزلة الحديث:
• هذا الحديث عظيم تتفرع منه آداب الخير، وقيل فيه: إنه نصف الإسلام؛ لأن الأحكام تتعلق بالحق، أو الخلق، وهذا أفاد الثاني[1].
• قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: هذا من جوامع الكلم؛ لأن القول كله إما خير وإما شر آيل إلى أحدهما، فدخل في الخير كل مطلوب من الأقوال فرضها وندبها، فأذن فيه على اختلاف أنواعه، ودخل فيه ما يؤول إليه، وما عدا ذلك مما هو شر أو يؤول إلى الشر، فأمر عند إرادة الخوض فيه بالصمت[2].
• قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله: هذا الحديث من القواعد العميمة العظيمة؛ لأنه بين فيه أحكام اللسان الذي هو أكثر الجوارح فعلًا، فهو بهذا الاعتبار يصح أن يقال فيه: إنه ثلث الإسلام[3].
• وقيل: هو من الآداب الإسلامية الواجبة[4].
سبب ورود الحديث:
كما في الجامع الكبير عن محمد بن عبدالله بن سلام: أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: آذاني جاري، فقال: ((اصبر))، ثم عاد إليه الثانية، فقال: آذاني جاري، فقال: ((اصبر))، ثم عاد إليه الثالثة فقال: آذاني جاري، فقال: ((اعمِدْ إلى متاعك فاقذفه في السكة، فإذا أتى عليك آتٍ، فقل: آذاني جاري، فتحق عليه اللعنة، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت))[5].
غريب الحديث:
• يؤمن: أي الإيمان الكامل.
• ليصمت: يسكت.
شرح الحديث:
((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر)) المراد بقوله: ((يؤمن)) الإيمان الكامل، وخصه بالله واليوم الآخر إشارة إلى المبدأ أو المعاد؛ أي: من آمن بالله الذي خلَقه، وآمن بأنه سيجازيه بعمله، فليفعل الخصال المذكورات[6].
((فليقل خيرًا أو ليصمت))، قال النووي رحمه الله: فمعناه أنه إذا أراد أن يتكلم فإن كان ما يتكلم به خيرًا محققًا يثاب عليه واجبًا أو مندوبًا، فليتكلم، وإن لم يظهر له أنه خير يثاب عليه، فليُمسِكْ عن الكلام، سواء ظهر له أنه حرام أو مكروه أو مباح مستوي الطرفين، فعلى هذا يكون الكلام المباح مأمورًا بتركه، مندوبًا إلى الإمساك عنه؛ مخافة من انجراره إلى المحرم أو المكروه، وهذا يقع في العادة كثيرًا أو غالبًا، وقد قال الله تعالى: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18][7].
وقال الإمام الجليل أبو محمد بن أبي زيد إمام المالكية بالمغرب في زمنه: جميع آداب الخير تتفرع من أربعة أحاديث: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت))[8]، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((من حسن إسلام المرء: تركُه ما لا يعنيه))[9]، وقوله صلى الله عليه وسلم للذي اختصر له الوصية: ((لا تغضب))[10]، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه))[11].
عن أبي عبيد قال: ما رأيت رجلًا قط أشد تحفظًا في منطقه من عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه[12].
وعن بلال بن الحارث المزني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها سَخَطَه إلى يوم يلقاه))[13].
ويقال: مَن سكت فسَلِمَ كمَن قال فغَنِم، وقيل لبعضهم: لم لزمت السكوت؟ قال: لأني لم أندم على السكوت قط، وقد ندمت على الكلام مرارًا.
وقال لقمان لابنه: لو كان الكلام من فضة، كان السكوت من ذهب، ومعناه - كما قال ابن المبارك -: لو كان الكلام في طاعة الله من فضة، لكان السكوت عن معصية الله من ذهب.
وقال ذو النون المصري رحمه الله: أحسن الناس لنفسه أملَكُهم للسانه.
((ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليُكرِمْ جاره)) من كمال الإيمان، وصدق الإسلام: الإحسان إلى الجار، والبر به، والكف عن أذاه، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وحسبنا دليلًا على ذلك أن الله تعالى قرَنَ الإحسان إلى الجار مع الأمر بعبادته وحده سبحانه؛ إذ قال تعالى: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ ﴾ [النساء: 36].
قال العلماء: إذا كان الجار مسلمًا ذا قرابة، فله ثلاثة حقوق: حق الجوار والإسلام والقرابة، وإن كان مسلمًا غير ذي قرابة فله حقان: حق الإسلام وحق الجوار، وإذا كان كافرًا غير ذي قرابة فله حق واحد: حق الجوار.
وإيذاء الجار خَلَلٌ في الإيمان يسبب الهلاك، وهو من كبائر الذنوب، كما روى البخاري ومسلم، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أي الذنب أعظم؟ قال: ((أن تجعل لله ندًّا وهو خلقك))، قيل: ثم أي؟ قال: ((أن ت*** ولدك مخافةَ أن يطعَمَ معك))، قيل: ثم أي؟ قال: ((أن تزانيَ حليلة جارك))؛ أي: تغري زوجته حتى توافقك على الزنا والعياذ بالله!
والند: هو الشريك والمثيل.
وروى البخاري: عن أبي شريح رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن))، قيل: من يا رسول الله؟ قال: ((مَن لا يأمَنُ جارُه بوائقَه))؛ أي: لا يسلَمُ مِن شروره وأذاه.
وأخرج أحمد والبزار وابن حبان: من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله، إن فلانة تكثر من صلاتها وصدقتها وصيامها، غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها، قال: ((هي في النار)).
((ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه))؛ لأنه من أخلاق الأنبياء والصالحين، وآداب الإسلام، وكان إبراهيم الخليل عليه السلام يكنى أبا الضيفان، وكان يمشي الميل والميلين في طلب الضيف.
والضيف: هو الذي نزل بك وأنت في بلدك وهو مارٌّ مسافر، فهو غريب محتاج، وإكرام الضيف من الإيمان، ومن مظاهر حُسن الإسلام.
فقد روى مسلمٌ في صحيحه من حديث أبي شريح الخزاعي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الضيافة ثلاثة أيام، وجائزته يوم وليلة))، والجائزة: العطية والمنحة والصلة، وذلك لا يكون إلا مع الاختيار.
وقال النووي رحمه الله: قد أجمع المسلمون على الضيافة، وأنها من متأكدات الإسلام، ثم قال الشافعي ومالك وأبو حنيفة - رحمهم الله تعالى - والجمهور: هي سنَّة ليست بواجبة، وقال الليث وأحمد: هي واجبة يومًا وليلة.
قال الإمام أحمد رحمه الله: هي واجبة يومًا وليلة على أهل البادية وأهل القرى دون أهل المدن[14].
ملحوظة :
ينبغي للضيف ألا يزيد في إقامته على ثلاثة أيام، إلا إذا ألح من أضافه عن طيب نفس، ويعلم ذلك بالقرائن، وينبغي له أن ينصرف طيب النفس، وإن جرى في حقه تقصير؛ لأنه من حسن الخُلُق والتواضع، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم كما عند مسلم: ((ولا يحل لرجل مسلم أن يقيم عند أخيه حتى يؤثمه))، قال: يا رسول الله، وكيف يؤثمه؟ قال: ((يقيم عنده، ولا شيء له يَقْرِيهِ به)).
الفوائد من الحديث:
1 - وجوب إكرام الجار؛ بكف الأذى، وبذل المعروف.
2 - وجوب إكرام الضيف.
3 - رعاية الإسلام للجوار والضيافة، فهذا يدل على كمال الإسلام.
4 - التحذير من آفات اللسان.
5 - في الحديث الحث على التخلق بمكارم الأخلاق.
6 - هذه الخصال من شُعَب الإيمان.
[1] الجواهر اللؤلؤية شرح الأربعين النووية (149).
[2] فتح الباري (10/ 461 ح 6019).
[3] فتح المبين (137) فيض القدير (6/ 273 ح 8979).
[4] تعليقات على الأربعين النووية لابن عثيمين رحمه الله (27).
[5] البيان والتعريف (3/ 235).
[6] فتح الباري (10/ 460 ح 6019).
[7] شرح مسلم للنووي (2/ 17 ح 47).
[8] رواه البخاري (4/ 94 ح 6018).
[9] رواه الترمذي (2318) والبغوي في شرح السنة (14/ 321 ح 4133).
[10] رواه البخاري (4/ 112 ح 6116).
[11] رواه البخاري (1/ 21 ح 13).
[12] الصمت وحفظ اللسان، لابن أبي الدنيا (252 رقم 422).
[13] رواه الترمذي (2319)، وقال الألباني: (صحيح)؛ (صحيح الجامع رقم 1619).
[14] شرح مسلم للنووي (12/ 27 ح 1726 باب الضيافة).