فريق منتدى الدي في دي العربي
03-16-2016, 01:52 AM
زوجي يريد مبلغا من المال مقابل الطلاق
الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي
السؤال
♦ ملخص السؤال:
فتاة عُقِد عَقْدُ زواجها على ابن عمها مُجبرة مِن أبيها، لكنها لا تُحبه، وتعدُّه كأخيها وتتقزَّز منه، وعندما أخبرتْه بأنها لا تريده طلَب منها مالًا ليُطلِّقها.
♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة عُقِدَ عَقْدُ زواجي على ابن عمي، ولم أكن موافقةً عليه، بل أجبَرني والدي عليه!
المشكلة أني أشعر أنه مثل أخي، وأتقزَّز منه، ولا أنجذب إليه، طلبتُ الطلاق لكنه رفَض، ثم وافق مقابل أن أدفعَ له مبلغًا من المال مقابل الطلاق.
فما رأيكم؟
الجواب
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فإنَّ أسرتك قد أساءتْ إليك، وخالفت الشرعَ الحنيف لَمَّا أجبَرتْك على الزواج بمَن لا ترغبين فيه، فلا يجوز في الشريعة الإسلامية إجبارُ الفتاة على الزواج، وإن تَمَّ العقدُ وأنت كارهة فالزواجُ باطلٌ؛ فرضا المرأةِ أيتها الابنة الكريمة شرطٌ في صحَّة عقد الزواج، وعدم اعتباره جنايةٌ على المرأة، واستهانةٌ بعواطفها وإحساسها، وإهدارٌ لرأيها الذي اعتبَره الإسلامُ جزءًا مِن تكريمها بعد إهانات الجاهليات القديمة والحديثة.
ثم إنَّ إهمالَ موافَقة المرأة له تأثيرٌ مدمِّر على البيتِ المسلمِ، وعلى استقرار الحياة الزوجية نفسها، ويُفضي غالبًا إلى استحالة العِشرة كما حدَث معك، فالحياةُ الزوجيةُ إنما تَقومُ على المودة والرحمةِ والأُلفةِ، ولا يتصوَّر هذا بغير الرضا.
فأخبِري ابنَ عمِّك بحُكم الشرع في ذلك الزواج، وذكِّريه بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، والتي منها: ما رواه البخاري ومسلم مِن حديث أبي هريرة: ((لا تُنكح الأيم حتى تُستأمر، ولا تُنكح البكرُ حتى تُستأذن))، قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنها؟ قال: ((أن تسكتَ)).
وفي الصحيحين أيضًا عن عائشة، قالتْ: قلتُ: يا رسول الله، يُستأمر النساء في أبضاعهنَّ؟ قال: ((نعم))، قلت: فإنَّ البكر تستأمر فتستحيي فتسكت، قال: ((سكاتها إذنُها))، وهو دليلٌ على تحريم إجبار الأب لابنته البكر على النكاح، وغيره مِن الأولياء بالأولى؛ كما قال الصنعانيُّ في "سُبُل السلام".
وروى مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((الأيم أحقُّ بنفسها مِن وليِّها، والبكرُ تُستأذن في نفسها، وإذنها صماتُها))، وفي رواية: ((الثيبُ أحقُّ بنفسها من وليها، والبكرُ يَستأذنها أبوها في نفسها، وإذنها صماتها))، وروى أحمد أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أشيروا على النساء في أنفسهنَّ))، وصححه الألباني.
وقد ورد في السُّنَّة المشرَّفة ما يدُلُّ صراحةً على بطلان عقد نكاح المجبَرة، وأنها تُخيَّر؛ فعن بُرَيْدة بن الحُصَيبِ، عن أبيه رضي الله عنهما، قال: جاءتْ فتاةٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالتْ: إن أبي زوجني ابن أخيه ليرفعَ بي خسيسته، قال: فجَعَل الأمرَ إليها، فقالتْ: قد أجزتُ ما صنَع أبي، ولكن أردتُ أن تعلم النساء أن ليس إلى الآباء مِن الأمر شيء؛ رواه أحمد، والنسائي، وابن ماجه.
وروى البخاري عن خنساءَ بنت خِذام الأنصارية: "أنَّ أباها زوَّجها وهي ثيبٌ، فكَرِهَتْ ذلك، فأتتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فردَّ نكاحَه"؛ أي: فَسَخَهُ وفرَّق بينهما.
ورواه النَّسائيُّ عن جابر: أن رجلًا زوَّج ابنته وهي بِكِّر مِن غير أمرِها، فأتت النبيَّ صلى الله عليه وسلم فَفرَّق بينهما"، وعن ابن عباس: "أن جارية بكرًا أتت النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقالتْ: إنَّ أبي زوجني - وهي كارهة - فردَّ النبي صلى الله عليه وسلم نكاحَها"؛ رواه التِّرمذي وابن ماجه، وصححه الألباني.
قال الإمام ابن القيم في "زاد المعاد في هدي خير العباد" (5/ 88) بعدما ذَكَر بعضَ هذه الأحاديث: "وموجب هذا الحكم أنه لا تُجبر البكر البالغ على النكاح، ولا تُزوَّج إلا برضاها، وهذا قولُ جمهور السلف، ومذهبُ أبي حنيفة، وأحمد في إحدى الروايات عنه، وهو القول الذي نَدين الله به، ولا نعتقد سواه، وهو الموافقُ لحُكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره ونهيه، وقواعد شريعته، ومصالح أمته".
وورد في موسوعة الفقه الإسلامي (4/ 23): "المرأة التي تعرف مصالح النكاح لا يَجوز إجبارها على النكاح، لا مِن أبيها ولا مِن غيره من الأولياء، فيكون أمرُها بيدها؛ سواء كانت بكرًا أو ثيِّبًا.
ولا يجوز لأحد إجبار ابنته البالغة العاقلة على النكاح ممن لا ترضاه، ولا يجوز إجبار المرأة على البقاء مع زوج لا ترضاه، ويجب تلبيةُ طلَبِها إذا طلبت فسخ نكاحها".
وقال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب للعثيمين (19/ 2): "القولُ الراجح في هذه المسألة: أنه لا يحل للأب ولا لغيره أن يجبرَ المرأة على التزوُّج بمن لا تريد وإن كان كفئًا".
فذَكِّري ابن عمك بهذه الأقوال، وقولي له: لا يجوز شرعًا أن يعيشَ معكِ، كما أنه لا يليق برجل إجبار امرأة لا تُريده على الحياه معه، ولا يحق له أن يطلبَ منك مالًا مقابل فراقك، وإنما يأخذ ما أعطاه لك لأنَّ عقد الزواج بينكما باطلٌ، فيحرم طلَب الفدية ليطلقك.
واللهَ أسألُ أن يجعلَ لك فَرَجًا ومَخرجًا
الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي
السؤال
♦ ملخص السؤال:
فتاة عُقِد عَقْدُ زواجها على ابن عمها مُجبرة مِن أبيها، لكنها لا تُحبه، وتعدُّه كأخيها وتتقزَّز منه، وعندما أخبرتْه بأنها لا تريده طلَب منها مالًا ليُطلِّقها.
♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة عُقِدَ عَقْدُ زواجي على ابن عمي، ولم أكن موافقةً عليه، بل أجبَرني والدي عليه!
المشكلة أني أشعر أنه مثل أخي، وأتقزَّز منه، ولا أنجذب إليه، طلبتُ الطلاق لكنه رفَض، ثم وافق مقابل أن أدفعَ له مبلغًا من المال مقابل الطلاق.
فما رأيكم؟
الجواب
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فإنَّ أسرتك قد أساءتْ إليك، وخالفت الشرعَ الحنيف لَمَّا أجبَرتْك على الزواج بمَن لا ترغبين فيه، فلا يجوز في الشريعة الإسلامية إجبارُ الفتاة على الزواج، وإن تَمَّ العقدُ وأنت كارهة فالزواجُ باطلٌ؛ فرضا المرأةِ أيتها الابنة الكريمة شرطٌ في صحَّة عقد الزواج، وعدم اعتباره جنايةٌ على المرأة، واستهانةٌ بعواطفها وإحساسها، وإهدارٌ لرأيها الذي اعتبَره الإسلامُ جزءًا مِن تكريمها بعد إهانات الجاهليات القديمة والحديثة.
ثم إنَّ إهمالَ موافَقة المرأة له تأثيرٌ مدمِّر على البيتِ المسلمِ، وعلى استقرار الحياة الزوجية نفسها، ويُفضي غالبًا إلى استحالة العِشرة كما حدَث معك، فالحياةُ الزوجيةُ إنما تَقومُ على المودة والرحمةِ والأُلفةِ، ولا يتصوَّر هذا بغير الرضا.
فأخبِري ابنَ عمِّك بحُكم الشرع في ذلك الزواج، وذكِّريه بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، والتي منها: ما رواه البخاري ومسلم مِن حديث أبي هريرة: ((لا تُنكح الأيم حتى تُستأمر، ولا تُنكح البكرُ حتى تُستأذن))، قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنها؟ قال: ((أن تسكتَ)).
وفي الصحيحين أيضًا عن عائشة، قالتْ: قلتُ: يا رسول الله، يُستأمر النساء في أبضاعهنَّ؟ قال: ((نعم))، قلت: فإنَّ البكر تستأمر فتستحيي فتسكت، قال: ((سكاتها إذنُها))، وهو دليلٌ على تحريم إجبار الأب لابنته البكر على النكاح، وغيره مِن الأولياء بالأولى؛ كما قال الصنعانيُّ في "سُبُل السلام".
وروى مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((الأيم أحقُّ بنفسها مِن وليِّها، والبكرُ تُستأذن في نفسها، وإذنها صماتُها))، وفي رواية: ((الثيبُ أحقُّ بنفسها من وليها، والبكرُ يَستأذنها أبوها في نفسها، وإذنها صماتها))، وروى أحمد أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أشيروا على النساء في أنفسهنَّ))، وصححه الألباني.
وقد ورد في السُّنَّة المشرَّفة ما يدُلُّ صراحةً على بطلان عقد نكاح المجبَرة، وأنها تُخيَّر؛ فعن بُرَيْدة بن الحُصَيبِ، عن أبيه رضي الله عنهما، قال: جاءتْ فتاةٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالتْ: إن أبي زوجني ابن أخيه ليرفعَ بي خسيسته، قال: فجَعَل الأمرَ إليها، فقالتْ: قد أجزتُ ما صنَع أبي، ولكن أردتُ أن تعلم النساء أن ليس إلى الآباء مِن الأمر شيء؛ رواه أحمد، والنسائي، وابن ماجه.
وروى البخاري عن خنساءَ بنت خِذام الأنصارية: "أنَّ أباها زوَّجها وهي ثيبٌ، فكَرِهَتْ ذلك، فأتتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فردَّ نكاحَه"؛ أي: فَسَخَهُ وفرَّق بينهما.
ورواه النَّسائيُّ عن جابر: أن رجلًا زوَّج ابنته وهي بِكِّر مِن غير أمرِها، فأتت النبيَّ صلى الله عليه وسلم فَفرَّق بينهما"، وعن ابن عباس: "أن جارية بكرًا أتت النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقالتْ: إنَّ أبي زوجني - وهي كارهة - فردَّ النبي صلى الله عليه وسلم نكاحَها"؛ رواه التِّرمذي وابن ماجه، وصححه الألباني.
قال الإمام ابن القيم في "زاد المعاد في هدي خير العباد" (5/ 88) بعدما ذَكَر بعضَ هذه الأحاديث: "وموجب هذا الحكم أنه لا تُجبر البكر البالغ على النكاح، ولا تُزوَّج إلا برضاها، وهذا قولُ جمهور السلف، ومذهبُ أبي حنيفة، وأحمد في إحدى الروايات عنه، وهو القول الذي نَدين الله به، ولا نعتقد سواه، وهو الموافقُ لحُكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره ونهيه، وقواعد شريعته، ومصالح أمته".
وورد في موسوعة الفقه الإسلامي (4/ 23): "المرأة التي تعرف مصالح النكاح لا يَجوز إجبارها على النكاح، لا مِن أبيها ولا مِن غيره من الأولياء، فيكون أمرُها بيدها؛ سواء كانت بكرًا أو ثيِّبًا.
ولا يجوز لأحد إجبار ابنته البالغة العاقلة على النكاح ممن لا ترضاه، ولا يجوز إجبار المرأة على البقاء مع زوج لا ترضاه، ويجب تلبيةُ طلَبِها إذا طلبت فسخ نكاحها".
وقال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب للعثيمين (19/ 2): "القولُ الراجح في هذه المسألة: أنه لا يحل للأب ولا لغيره أن يجبرَ المرأة على التزوُّج بمن لا تريد وإن كان كفئًا".
فذَكِّري ابن عمك بهذه الأقوال، وقولي له: لا يجوز شرعًا أن يعيشَ معكِ، كما أنه لا يليق برجل إجبار امرأة لا تُريده على الحياه معه، ولا يحق له أن يطلبَ منك مالًا مقابل فراقك، وإنما يأخذ ما أعطاه لك لأنَّ عقد الزواج بينكما باطلٌ، فيحرم طلَب الفدية ليطلقك.
واللهَ أسألُ أن يجعلَ لك فَرَجًا ومَخرجًا