فريق منتدى الدي في دي العربي
03-17-2016, 06:29 PM
تكفير المسلمين بغير حجة ولا برهان
الشيخ ندا أبو أحمد
هذه من الطَّامات والمخالفات التي انتشرت في الآونة الأخيرة، ومن المعلوم أن تكفير أحد المسلمين من غير حجة ولا برهان.
• أمرٌ في غاية الخطورة، وتكْمُن خطورته في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَن قال لأخيه يا كافر[1] فقد باء بها[2] أحدهما)) - وفي راوية: ((فإن كان كما قال، وإلا حارت عليه[3]))؛ (رواه البخاري ومسلم).
♦ وأخرج البخاري ومسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما؛ فإن كان كما قال، وإلا رجعَت عليه)).
♦ وفي "صحيح مسلم" من حديث أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((... ومَن دعا رجلاً بالكفر، أو قال: عدو الله([4]) وليس كذلك إلا حار عليه)).
♦ وفي رواية عند البخاري:
((لا يَرمي رجلٌ رجلاً بالفسوق، ولا يرميه بالكفر - إلا ارتدَّت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك)).
فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبر في الأحاديث السابقة أن الذي يَصِف أخاه المسلم بالكفر فقد ارتكَب ذنبًا عظيمًا إن لم يكن أخاه كذلك؛ لماذا؟ لأن الذي يرمي أخاه بالكفر؛ فإنه يرميه بالإلحاد والزندقة، والمروقِ من الدين، الخارج عن حدود الإسلام؛ فإن كان صادقًا فيما يقول فلا إثم عليه، وإن كذَب في قوله لأخيه: "يا كافر"، فقد عصى الله ورجعَت هذه الكلمة عليه؛ لأنه وصفَه بما ليس فيه، فكأنه افترى عليه بما لا يَليق به، فاستحق هذا الذم.
♦ وأخرج الإمام مسلمٌ من حديث أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((ليس مِن رجلٍ ادَّعى لغير أبيه وهو يَعلمه إلا كفَر، ومَن ادعى ما ليس له فليس منا، ولْيتبَوَّأ مقعده من النار، ومَن دعا رجلاً بالكفر، أو قال: عدو الله وليس كذلك؛ إلا حار عليه)).
♦ قال النووي رحمه الله في "شرحه على مسلم" (1/ 49) مُعلِّقًا على الحديث:
"هذا الحديث ممَّا عدَّه بعض العلماء من المشكِلات، من حيث إنَّ ظاهره غيرُ مُراد، وذلك أن مذهب أهل الحق أنه لا يَكفُر المسلمُ بالمعاصي: كالقتل، والزِّنى، وكذا قوله لأخيه: "يا كافر"، من غير اعِتقاد بُطلان دينِ الإسلام، وإذا عُرِف ما ذكَرنا، فقيل في تأويل الحديث أوجُه:
أحدُها: أنه محمول على المستحِلِّ لذلك، وهذا يَكفُر، وعلى هذا معنى: "باء بها" - أي: بكلمة الكفر - وكذا: "حار عليه"، وهو معنى رجعَت عليه - أي: كلمة الكفر - فباء، وحار، ورجَع، بمعنًى واحد.
الوجه الثاني:معناه رجعَت عليه نَقيصتُه لأخيه، ومعصية تكفيره.
الوجه الثالث: أنه محمولٌ على الخوارج الْمُكفِّرين للمؤمنين، وهذا نقله القاضي عِياض عن الإمام مالكٍ رحمه الله، وهو ضعيف؛ لأن المذهب المختار الذي اختاره المحقِّقون أن الخوارج لا يكفرون كسائر أهل البدع.
الوجه الرابع: معناه أن ذلك يَؤول به إلى الكفر؛ وذلك أنَّ المعاصيَ كما قالوا: "بَريد الكفر"، ويُخاف على المكثِر منها أن يكون عاقبةُ شؤمها المصيرَ إلى الكفر.
الوجه الخامس: فقد رجع عليه تكفيره، فليس الراجع حقيقةَ الكفر بل التكفير؛ لكونه جعَل أخاه المسلم كافرًا، فكأنما كفَّر نفسه؛ إما لأنه كفَّر مَن هو مثله، وإما لأنه كفَّر مَن لا يكفِّره إلا كافرٌ يَعتقد بُطلان دين الإسلام، والله أعلم.
♦ وأما قوله فيمَن ادعى لغير أبيه وهو يَعلم أنه غير أبيه: ((كفر)) - ففيه تأويلان:
التأويل الأول: أنه في حق المستحل.
التأويل الثاني: أنه كُفر النِّعمة والإحسان، وحق الله تعالى، وحق أبيه، وليس المراد الكفرَ الذي يخرجه من مِلَّة الإسلام، وهذا كما قال صلى الله عليه وسلم للنساء: ((تَكفُرن)) ثم فَسَّره بكُفرانِهنَّ الإحسان، وكفران العشير"؛ اهـ.
[1] مَن قال لأخيه: "يا كافر"؛ أي: رماه بالكفر، ونسبه إلى المروق، والإلحاد، والزندقة.
[2] باء بها؛ أي: رجع بالإلحاد والزندقة والمروق من الدين.
[3] حارت عليه؛ أي: رجعت عليه.
[4] أو قال: "عدو الله"؛ أي: المحارب لله، التارك لأوامره.
الشيخ ندا أبو أحمد
هذه من الطَّامات والمخالفات التي انتشرت في الآونة الأخيرة، ومن المعلوم أن تكفير أحد المسلمين من غير حجة ولا برهان.
• أمرٌ في غاية الخطورة، وتكْمُن خطورته في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَن قال لأخيه يا كافر[1] فقد باء بها[2] أحدهما)) - وفي راوية: ((فإن كان كما قال، وإلا حارت عليه[3]))؛ (رواه البخاري ومسلم).
♦ وأخرج البخاري ومسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما؛ فإن كان كما قال، وإلا رجعَت عليه)).
♦ وفي "صحيح مسلم" من حديث أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((... ومَن دعا رجلاً بالكفر، أو قال: عدو الله([4]) وليس كذلك إلا حار عليه)).
♦ وفي رواية عند البخاري:
((لا يَرمي رجلٌ رجلاً بالفسوق، ولا يرميه بالكفر - إلا ارتدَّت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك)).
فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبر في الأحاديث السابقة أن الذي يَصِف أخاه المسلم بالكفر فقد ارتكَب ذنبًا عظيمًا إن لم يكن أخاه كذلك؛ لماذا؟ لأن الذي يرمي أخاه بالكفر؛ فإنه يرميه بالإلحاد والزندقة، والمروقِ من الدين، الخارج عن حدود الإسلام؛ فإن كان صادقًا فيما يقول فلا إثم عليه، وإن كذَب في قوله لأخيه: "يا كافر"، فقد عصى الله ورجعَت هذه الكلمة عليه؛ لأنه وصفَه بما ليس فيه، فكأنه افترى عليه بما لا يَليق به، فاستحق هذا الذم.
♦ وأخرج الإمام مسلمٌ من حديث أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((ليس مِن رجلٍ ادَّعى لغير أبيه وهو يَعلمه إلا كفَر، ومَن ادعى ما ليس له فليس منا، ولْيتبَوَّأ مقعده من النار، ومَن دعا رجلاً بالكفر، أو قال: عدو الله وليس كذلك؛ إلا حار عليه)).
♦ قال النووي رحمه الله في "شرحه على مسلم" (1/ 49) مُعلِّقًا على الحديث:
"هذا الحديث ممَّا عدَّه بعض العلماء من المشكِلات، من حيث إنَّ ظاهره غيرُ مُراد، وذلك أن مذهب أهل الحق أنه لا يَكفُر المسلمُ بالمعاصي: كالقتل، والزِّنى، وكذا قوله لأخيه: "يا كافر"، من غير اعِتقاد بُطلان دينِ الإسلام، وإذا عُرِف ما ذكَرنا، فقيل في تأويل الحديث أوجُه:
أحدُها: أنه محمول على المستحِلِّ لذلك، وهذا يَكفُر، وعلى هذا معنى: "باء بها" - أي: بكلمة الكفر - وكذا: "حار عليه"، وهو معنى رجعَت عليه - أي: كلمة الكفر - فباء، وحار، ورجَع، بمعنًى واحد.
الوجه الثاني:معناه رجعَت عليه نَقيصتُه لأخيه، ومعصية تكفيره.
الوجه الثالث: أنه محمولٌ على الخوارج الْمُكفِّرين للمؤمنين، وهذا نقله القاضي عِياض عن الإمام مالكٍ رحمه الله، وهو ضعيف؛ لأن المذهب المختار الذي اختاره المحقِّقون أن الخوارج لا يكفرون كسائر أهل البدع.
الوجه الرابع: معناه أن ذلك يَؤول به إلى الكفر؛ وذلك أنَّ المعاصيَ كما قالوا: "بَريد الكفر"، ويُخاف على المكثِر منها أن يكون عاقبةُ شؤمها المصيرَ إلى الكفر.
الوجه الخامس: فقد رجع عليه تكفيره، فليس الراجع حقيقةَ الكفر بل التكفير؛ لكونه جعَل أخاه المسلم كافرًا، فكأنما كفَّر نفسه؛ إما لأنه كفَّر مَن هو مثله، وإما لأنه كفَّر مَن لا يكفِّره إلا كافرٌ يَعتقد بُطلان دين الإسلام، والله أعلم.
♦ وأما قوله فيمَن ادعى لغير أبيه وهو يَعلم أنه غير أبيه: ((كفر)) - ففيه تأويلان:
التأويل الأول: أنه في حق المستحل.
التأويل الثاني: أنه كُفر النِّعمة والإحسان، وحق الله تعالى، وحق أبيه، وليس المراد الكفرَ الذي يخرجه من مِلَّة الإسلام، وهذا كما قال صلى الله عليه وسلم للنساء: ((تَكفُرن)) ثم فَسَّره بكُفرانِهنَّ الإحسان، وكفران العشير"؛ اهـ.
[1] مَن قال لأخيه: "يا كافر"؛ أي: رماه بالكفر، ونسبه إلى المروق، والإلحاد، والزندقة.
[2] باء بها؛ أي: رجع بالإلحاد والزندقة والمروق من الدين.
[3] حارت عليه؛ أي: رجعت عليه.
[4] أو قال: "عدو الله"؛ أي: المحارب لله، التارك لأوامره.