فريق منتدى الدي في دي العربي
03-17-2016, 06:29 PM
جدران (قصة قصيرة)
د. شادن شاهين
اهتزت جدران الشقة فجأة على صوت سقوط مُدوٍّ، هُرعتُ إلى مصدر الصوت، فوجدتُ أنَّ مكتبتي الكبيرة التي تحوى مئات الكتب والملفات الورقية قد سقطتْ أرضًا، واختلطتْ أوراقي ومُقتنياتي كلها.
كان مشهدًا صادمًا، أُرتِج عليَّ للحظات، ووقفتُ أدلك رأسي الأصلع الكبير، وأعدل نظارتي العظمية السوداء على أنفي الضخم، مرَّرتُ عيني على مشهد أكوام الأوراق والكتب المختلطة.
• عليَّ أنْ أعيد ترتيب كل شيء بنفسي رغم إرهاقي الشديد، لا مفر.
همستُ بها ساخطًا..
شمرتُ عن ساعدي، ثم شرعتُ في العمل.
كانت المكتبة ثقيلة للغاية، لكنني اضطررتُ لرفعها من الأرض وحدي، فلا أحد يساعدني هنا.
بدأتُ بترتيب الأوراق المتناثرة، ورقة ورقة، أتعَرَّف على محتوى الورقة، ثم أُصنِّفها، جمعتُ أكوامًا كثيرة من الأوراق، ثم بدأتُ بحفظ كل مجموعة في ملف، مرتْ ساعات طويلة جدًّا وأنا أُنجز تلك المهمة الشاقة، حتى بلغ بي العطش والجوع مبلغهما، وأصابني إرهاق شديد ودوار، وتغطَّى جسدي بالكامل بالعرق، لكنني كنت مضطرًّا لإتمام المَهمة.
• انتهيتُ أخيرًا من ترتيب ذلك الكم الهائل من الأوراق! الآن سأقوم بتنظيم الكتب.
قلتُها في حماس
• نجيب، نجييييييييب.
استيقظتُ فزِعًا على صوت نداء أمي، نظرتُ حولي في ذهول، فوجدتُ مكتبتي في مكانها لم يصبها سوء.
• كان حلمًا إذًا!
قلتُها وقد استشطتُ غضبًا، نهضتُ من فراشي كعاصفةٍ وخرجتُ إلى الردهة، وددتُ لو أن بيدي أي شيء أكسره.
• كل ذلك التعب والتركيز ذهب هباءً في حلم؟!
تساءلتُ وأنا أكاد أجن.
• ما بك يا ولدي؟
سألتني أمي بارتباك ملحوظ.
• لا شيء، مجرد حلم!
تنهدتْ في ارتياح، ربَّتت على كتفي بحنان.
• متى أطمئن عليك يا ولدي؟
• وهل تطمئن الأم أبدًا؟!
رددتُ بسخافة غير مقصودة، ثم توجهتُ إلى حجرتي بلا استئذان، صفقتُ الباب بنفاد صبر، شعرتُ برأسي يكاد ينفجر، كانت الساعة الخامسة صباحًا، فقررتُ محاولة معاودة النوم.
غرقتُ في النوم سريعًا من فرط إرهاقي، حتى اخترق أذني صراخ تلك الجارة، هببتُ مذعورًا، هُرعتُ مع أمي إلى الشقة المقابلة، طرقنا الباب بإلحاح، ففتحتْ لنا الجارة وهي تبكي وتنتحب.
• ماذا حدث؟!
سألتْ أمي بحروف مُرتعِدة.
• ضاعت ورقة ملكية البيت، لا بدَّ أنَّ ذلك النصاب سرقها، إنه ينكر البيع الآن، ضاع تعب العمر كله، سنبيت في الشارع.
ردَّت الجارة وهي تصرخ وتولول.
• اهدئي قليلًا، سنبحث عنها مرةً أخرى، لعلها هنا أو هناك.
قالت أمي محاوِلةً التهدئة.
اصطحبتنا الجارة إلى حجرة واسعة بها خزانة أوراق عملاقة، هالني منظرها، وفورًا، بدأ ثلاثتنا رحلة البحث المريعة عن الورقة الضائعة.
كنت أفتش بنصف عين، بينما سقط جفني المرهق تمامًا على العين الأخرى، فعلتُ المستحيل للإبقاء على ذلك النصف مفتوحًا، وأنا أفتش بين مئات الأوراق في خزانة تلك المرأة الغريبة.
كانت الخزانة تحوي أكوامًا من الأوراق الملخبطة، منها شهادات دراسية قديمة، وخطابات رسمية موجهة إلى عديد من الجهات الحكومية، التي ربما اختفى بعضها الآن، وخطابات أخرى شخصية، تبدو من طفل لا يَزيد عمره عن الثامنة، وأوراق بها قِطَع تبدو إملائية لطفل متعثِّر في تعلم الكتابة، وفواتير شرائية عمرها أكثر من ثلاثين عامًا، وفواتير كهرباء ومياه من نفس العمر تقريبًا، ووصْفات طبخ، وأوراق تبدو مقتطعة من دفاتر مذكرات قديمة، ومسودات لكتابات أدبية، وأوراق تذكيرية مُصْفرة بمهام كان مطلوبًا إنجازها، وصفحات مقتطعة من بعض الصحف والمجلات، ووصفات طبية، وخواطر مبعثرة، ورسومات فنية لهاوٍ، ورسومات هندسية لمبانٍ، وحسابات ميزانيات منزلية، وقوائم بأسعار مطاعم مختلفة، وإعلانات عن أماكن ترفيهية، والكثير من الشخبطة الغامضة، وغيرها كثير من الأوراق التي ترقد عادةً في سلام، في سلات المهملات.
• هل وجدتِ شيئًا يا أمي؟
سألتُ في يأس.
• لا، ولا يبدو أنني سأجد.
ردتْ في ملل.
دارت رأسي بقوة من فرط الإجهاد، فوقع من يدي الملف، وسقطتُ على الأرض.
وجدتُ يدًا حانية تربتْ على خدي برفق وتنثر قطرات من المياه على وجهي، فتحتُ عيني، فوجدتُني ملقى على الأرض بجوار فراشي.
صرختُ من القهر.
• إنه الحلم مرةً ثانية! واحتقن رأسي من التنقيب بين مئات الأوراق هباءً للمرة الثانية!
رددتُ في نفسي.
أمسكتُ برأسي المتعب، ورحتُ أدقُّه على ركبتي وأصرخ كمجنون.
• حبيبي، اهدأ!
صرختْ أمي ملتاعةً.
• تمالكتُ نفسي، ونهضتُ، نظرتُ إلى الساعة، كان عقرب الثواني يجري مذعورًا ليعانق العقربين عند تمام السابعة صباحًا.
مسحتُ وجهي بيدي، لعلي أمسح عن عقلي صور الليلة المشؤومة، ارتديتُ ملابسي على عجل، وقررتُ قطع إجازتي الطويلة والعودة إلى عملي.
كانت الشوارع مزدحمة بجنون، والكل يثرثر في أذني بتفاهاته، لا أحد يشعر بي، لا أحد يعلم شيئًا عن أحلامي الشيطانية وما تفعله بعقلي المكدود.
دخلتُ الشركة قبل موعدي بقليل، لمحني المدير على الباب، ابتسم ابتسامة طفولية مرتبكة ورحَّب بي، ثم دعاني إلى حجرة مكتبه.
• لقد صدر قرار بنقلك لمكان أنسب لكفاءتك.
قالها ببطء مفتعل.
تحسستُ رأسي بارتباك.
• ولكن..
حاولتُ الاعتراض..
• لا داعي للجدال بخصوص ذلك الأمر، هيا لتتعرف على مهامك الجديدة.
قاطعني في حسم.
سرتُ بجواره في رواق الشركة الأزرق الطويل، ورأسي يدور بشدة، حتى توقف أمام جناح كبير كُتَب على بابه "الأرشيف".
دخلنا معًا، فأشار بيده إلى آلاف الملفات متباينة الألوان.
• ستكون مسؤولًا عن كل تلك الملفات.
دارتِ الدنيا بي بشدة!
• إنه الحلم السخيف مرة أخرى، لن أدعه يهزمني هذه المرة، لن ألدغ من نفس الجحر للمرة الثالثة.
صرختُ في جنون، ولطمتُ الرجل على وجهه، ثم لطمتُ نفسي، ورحت أردد بأعلى صوتي:
• استيقِظ يا نجيب، استيقِظ من الحلم يا نجيييييييييب.
تراجع مدير الشركة للوراء في خطوات حذرة، وعادت له ابتسامته الطفولية المرتبكة، وهمس لي:
• إذا كان الأرشيف لا يعجبك، فلا داعي له مطلقًا.
ضحكتُ بهيستيريا.
• انتصرتُ عليك أيها الحلم السخيف، ها هي نهاية مختلفة هذه المرة، لن أقضي الليل كله أفتش بين أكوام الورق.
لاحظتُ أنَّ المدير يشير لشخص ما خلفي، التفتُّ، فوجدتُ رجلي الأمن يقيدانني بلا كلمة واحدة، حاولتُ المقاومة، لكنهما اصطحباني عَنوةً إلى مكتب المدير.
شعرتُ باختناق شديد وعاودتُ الصراخ:
• استيقِظ يا نجييييييب، استيقِظ يا نجييييييب.
بعد قليل جاء ثلاثة من الغرباء واقتادوني إلى مشفى قديم على طرف المدينة، شعرتُ أني عاجز عن احتمال ذلك الكابوس الجاثم على صدري، فلم أكف عن الصياح طيلة الطريق.
• متى توقظني أمي، فتنقذني؟
تساءلتُ كمجنون.
مضى وقت طويل، ولا زلتُ أدق جدران الحلم اللعين، وأمدُّ عنقي من بين قضبانه، أحاول أنْ أتحرر منه، لكن أحدًا لا يحاول إيقاظي أبدًا.
(تمت)
من مجموعتي القصصية: "فتافيت سكر"
د. شادن شاهين
اهتزت جدران الشقة فجأة على صوت سقوط مُدوٍّ، هُرعتُ إلى مصدر الصوت، فوجدتُ أنَّ مكتبتي الكبيرة التي تحوى مئات الكتب والملفات الورقية قد سقطتْ أرضًا، واختلطتْ أوراقي ومُقتنياتي كلها.
كان مشهدًا صادمًا، أُرتِج عليَّ للحظات، ووقفتُ أدلك رأسي الأصلع الكبير، وأعدل نظارتي العظمية السوداء على أنفي الضخم، مرَّرتُ عيني على مشهد أكوام الأوراق والكتب المختلطة.
• عليَّ أنْ أعيد ترتيب كل شيء بنفسي رغم إرهاقي الشديد، لا مفر.
همستُ بها ساخطًا..
شمرتُ عن ساعدي، ثم شرعتُ في العمل.
كانت المكتبة ثقيلة للغاية، لكنني اضطررتُ لرفعها من الأرض وحدي، فلا أحد يساعدني هنا.
بدأتُ بترتيب الأوراق المتناثرة، ورقة ورقة، أتعَرَّف على محتوى الورقة، ثم أُصنِّفها، جمعتُ أكوامًا كثيرة من الأوراق، ثم بدأتُ بحفظ كل مجموعة في ملف، مرتْ ساعات طويلة جدًّا وأنا أُنجز تلك المهمة الشاقة، حتى بلغ بي العطش والجوع مبلغهما، وأصابني إرهاق شديد ودوار، وتغطَّى جسدي بالكامل بالعرق، لكنني كنت مضطرًّا لإتمام المَهمة.
• انتهيتُ أخيرًا من ترتيب ذلك الكم الهائل من الأوراق! الآن سأقوم بتنظيم الكتب.
قلتُها في حماس
• نجيب، نجييييييييب.
استيقظتُ فزِعًا على صوت نداء أمي، نظرتُ حولي في ذهول، فوجدتُ مكتبتي في مكانها لم يصبها سوء.
• كان حلمًا إذًا!
قلتُها وقد استشطتُ غضبًا، نهضتُ من فراشي كعاصفةٍ وخرجتُ إلى الردهة، وددتُ لو أن بيدي أي شيء أكسره.
• كل ذلك التعب والتركيز ذهب هباءً في حلم؟!
تساءلتُ وأنا أكاد أجن.
• ما بك يا ولدي؟
سألتني أمي بارتباك ملحوظ.
• لا شيء، مجرد حلم!
تنهدتْ في ارتياح، ربَّتت على كتفي بحنان.
• متى أطمئن عليك يا ولدي؟
• وهل تطمئن الأم أبدًا؟!
رددتُ بسخافة غير مقصودة، ثم توجهتُ إلى حجرتي بلا استئذان، صفقتُ الباب بنفاد صبر، شعرتُ برأسي يكاد ينفجر، كانت الساعة الخامسة صباحًا، فقررتُ محاولة معاودة النوم.
غرقتُ في النوم سريعًا من فرط إرهاقي، حتى اخترق أذني صراخ تلك الجارة، هببتُ مذعورًا، هُرعتُ مع أمي إلى الشقة المقابلة، طرقنا الباب بإلحاح، ففتحتْ لنا الجارة وهي تبكي وتنتحب.
• ماذا حدث؟!
سألتْ أمي بحروف مُرتعِدة.
• ضاعت ورقة ملكية البيت، لا بدَّ أنَّ ذلك النصاب سرقها، إنه ينكر البيع الآن، ضاع تعب العمر كله، سنبيت في الشارع.
ردَّت الجارة وهي تصرخ وتولول.
• اهدئي قليلًا، سنبحث عنها مرةً أخرى، لعلها هنا أو هناك.
قالت أمي محاوِلةً التهدئة.
اصطحبتنا الجارة إلى حجرة واسعة بها خزانة أوراق عملاقة، هالني منظرها، وفورًا، بدأ ثلاثتنا رحلة البحث المريعة عن الورقة الضائعة.
كنت أفتش بنصف عين، بينما سقط جفني المرهق تمامًا على العين الأخرى، فعلتُ المستحيل للإبقاء على ذلك النصف مفتوحًا، وأنا أفتش بين مئات الأوراق في خزانة تلك المرأة الغريبة.
كانت الخزانة تحوي أكوامًا من الأوراق الملخبطة، منها شهادات دراسية قديمة، وخطابات رسمية موجهة إلى عديد من الجهات الحكومية، التي ربما اختفى بعضها الآن، وخطابات أخرى شخصية، تبدو من طفل لا يَزيد عمره عن الثامنة، وأوراق بها قِطَع تبدو إملائية لطفل متعثِّر في تعلم الكتابة، وفواتير شرائية عمرها أكثر من ثلاثين عامًا، وفواتير كهرباء ومياه من نفس العمر تقريبًا، ووصْفات طبخ، وأوراق تبدو مقتطعة من دفاتر مذكرات قديمة، ومسودات لكتابات أدبية، وأوراق تذكيرية مُصْفرة بمهام كان مطلوبًا إنجازها، وصفحات مقتطعة من بعض الصحف والمجلات، ووصفات طبية، وخواطر مبعثرة، ورسومات فنية لهاوٍ، ورسومات هندسية لمبانٍ، وحسابات ميزانيات منزلية، وقوائم بأسعار مطاعم مختلفة، وإعلانات عن أماكن ترفيهية، والكثير من الشخبطة الغامضة، وغيرها كثير من الأوراق التي ترقد عادةً في سلام، في سلات المهملات.
• هل وجدتِ شيئًا يا أمي؟
سألتُ في يأس.
• لا، ولا يبدو أنني سأجد.
ردتْ في ملل.
دارت رأسي بقوة من فرط الإجهاد، فوقع من يدي الملف، وسقطتُ على الأرض.
وجدتُ يدًا حانية تربتْ على خدي برفق وتنثر قطرات من المياه على وجهي، فتحتُ عيني، فوجدتُني ملقى على الأرض بجوار فراشي.
صرختُ من القهر.
• إنه الحلم مرةً ثانية! واحتقن رأسي من التنقيب بين مئات الأوراق هباءً للمرة الثانية!
رددتُ في نفسي.
أمسكتُ برأسي المتعب، ورحتُ أدقُّه على ركبتي وأصرخ كمجنون.
• حبيبي، اهدأ!
صرختْ أمي ملتاعةً.
• تمالكتُ نفسي، ونهضتُ، نظرتُ إلى الساعة، كان عقرب الثواني يجري مذعورًا ليعانق العقربين عند تمام السابعة صباحًا.
مسحتُ وجهي بيدي، لعلي أمسح عن عقلي صور الليلة المشؤومة، ارتديتُ ملابسي على عجل، وقررتُ قطع إجازتي الطويلة والعودة إلى عملي.
كانت الشوارع مزدحمة بجنون، والكل يثرثر في أذني بتفاهاته، لا أحد يشعر بي، لا أحد يعلم شيئًا عن أحلامي الشيطانية وما تفعله بعقلي المكدود.
دخلتُ الشركة قبل موعدي بقليل، لمحني المدير على الباب، ابتسم ابتسامة طفولية مرتبكة ورحَّب بي، ثم دعاني إلى حجرة مكتبه.
• لقد صدر قرار بنقلك لمكان أنسب لكفاءتك.
قالها ببطء مفتعل.
تحسستُ رأسي بارتباك.
• ولكن..
حاولتُ الاعتراض..
• لا داعي للجدال بخصوص ذلك الأمر، هيا لتتعرف على مهامك الجديدة.
قاطعني في حسم.
سرتُ بجواره في رواق الشركة الأزرق الطويل، ورأسي يدور بشدة، حتى توقف أمام جناح كبير كُتَب على بابه "الأرشيف".
دخلنا معًا، فأشار بيده إلى آلاف الملفات متباينة الألوان.
• ستكون مسؤولًا عن كل تلك الملفات.
دارتِ الدنيا بي بشدة!
• إنه الحلم السخيف مرة أخرى، لن أدعه يهزمني هذه المرة، لن ألدغ من نفس الجحر للمرة الثالثة.
صرختُ في جنون، ولطمتُ الرجل على وجهه، ثم لطمتُ نفسي، ورحت أردد بأعلى صوتي:
• استيقِظ يا نجيب، استيقِظ من الحلم يا نجيييييييييب.
تراجع مدير الشركة للوراء في خطوات حذرة، وعادت له ابتسامته الطفولية المرتبكة، وهمس لي:
• إذا كان الأرشيف لا يعجبك، فلا داعي له مطلقًا.
ضحكتُ بهيستيريا.
• انتصرتُ عليك أيها الحلم السخيف، ها هي نهاية مختلفة هذه المرة، لن أقضي الليل كله أفتش بين أكوام الورق.
لاحظتُ أنَّ المدير يشير لشخص ما خلفي، التفتُّ، فوجدتُ رجلي الأمن يقيدانني بلا كلمة واحدة، حاولتُ المقاومة، لكنهما اصطحباني عَنوةً إلى مكتب المدير.
شعرتُ باختناق شديد وعاودتُ الصراخ:
• استيقِظ يا نجييييييب، استيقِظ يا نجييييييب.
بعد قليل جاء ثلاثة من الغرباء واقتادوني إلى مشفى قديم على طرف المدينة، شعرتُ أني عاجز عن احتمال ذلك الكابوس الجاثم على صدري، فلم أكف عن الصياح طيلة الطريق.
• متى توقظني أمي، فتنقذني؟
تساءلتُ كمجنون.
مضى وقت طويل، ولا زلتُ أدق جدران الحلم اللعين، وأمدُّ عنقي من بين قضبانه، أحاول أنْ أتحرر منه، لكن أحدًا لا يحاول إيقاظي أبدًا.
(تمت)
من مجموعتي القصصية: "فتافيت سكر"