مشاهدة النسخة كاملة : فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم !! ..


فريق منتدى الدي في دي العربي
06-03-2021, 09:54 PM
فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم

تفريع على وصف حال المنافقين من الهلع عند سماع ذكر القتال فإنه إذا جد أمر القتال ، أي حان أن يندب المسلمون إلى القتال سيضطرب أمر المنافقين ويتسللون لواذا من حضور الجهاد ، وأن الأولى لهم حينئذ أن يخلصوا الإيمان ويجاهدوا كما يجاهد المسلمون الخلص وإلا فإنهم لا محيص لهم من أحد أمرين : إما حضور القتال بدون نية فتكون عليهم الهزيمة ويخسروا أنفسهم باطلا ، وإما أن ينخزلوا عن القتال كما فعل ابن أبي وأتباعه يوم أحد .


و ( إذا ) ظرف للزمان المستقبل وهو الغالب فيها فيكون ما بعدها مقدرا وجوده ، أي فإذا جد أمر القتال وحدث .

وجملة فلو صدقوا الله دليل جواب ( إذا ) لأن ( إذا ) ضمنت هنا معنى الشرط ، أي كذبوا الله وأخلفوا فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم ، واقتران جملة الجواب بالفاء للدلالة على تضمين ( إذا ) معنى الشرط ، وذلك أحسن من تجريده عن الفاء إذا كانت جملة الجواب شرطية أيضا .

والتعريف في " الأمر " تعريف العهد ، أو اللام عن المضاف إليه ، أي أمر القتال المتقدم آنفا في قوله وذكر فيها القتال .

والعزم : القطع وتحقق الأمر ، أي كونه لا محيص منه .

واستعير العزم للتعيين واللزوم على طريقة المكنية بتشبيه ما عبر عنه بالأمر ، أي القتال برجل عزم على عمل ما وإثبات العزم له تخييلة كإثبات الأظفار للمنية ، وهذه طريقة السكاكي في جميع أمثلة المجاز العقلي ، وهي طريقة دقيقة لكن بدون اطراد ولكن عندما يسمح بها المقام .

وجعل في الكشاف إسناد " العزم " إلى " الأمر " مجازا عقليا ، وحقيقته أن يسند لأصحاب العزم على طريق الجمهور في مثله وهو هنا بعيد إذ ليس المعنى على حصول الجد من أصحاب الأمر ، ونظيره قوله تعالى إن ذلك من عزم الأمور فالكلام فيها سواء .

[ ص: 111 ] ومعنى صدقوا الله قالوا له الصدق ، وهو مطابقة الكلام لما في نفس الأمر ، أي لو صدقوا في قولهم : نحن مؤمنون ، وهم إنما كذبوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ أظهروا له خلاف ما في نفوسهم ، فجعل الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذبا على الله تفظيعا له وتهويلا لمغبته ، أي لو أخلصوا الإيمان وقاتلوا بنية الجهاد لكان خيرا لهم في الدنيا والآخرة ، ففي الدنيا خير العزة والحرمة وفي الآخرة خير الجنة .

فهذه الآية إنباء مما سيكون منهم حين يجد الجد ويجيء أوان القتال وهي من معجزات القرآن في الإخبار بالغيب فقد عزم أمر القتال يوم أحد وخرج المنافقون مع جيش المسلمين في صورة المجاهدين فلما بلغ الجيش إلى الشوط بين المدينة وأحد قال عبد الله بن أبي ابن سلول رأس المنافقين : ما ندري علام نقتل أنفسنا هاهنا أيها الناس ؟ ورجع هو وأتباعه وكانوا ثلث الجيش وذلك سنة ثلاث من الهجرة ، أي بعد نزول هذه الآية بنحو ثلاث سنين .

وقوله فلو صدقوا الله جواب كما تقدم ، وفي الكلام إيجاز لأن قوله لكان خيرا يؤذن بأنه إذا عزم الأمر حصل لهم ما لا خير فيه .

ولفظ " خيرا " ضد الشر بوزن فعل ، وليس هو هنا بوزن أفعل .

قوله تعالى : ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت فأولى لهم طاعة وقول معروف فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم .

قوله تعالى : ويقول الذين آمنوا أي المؤمنون المخلصون . لولا نزلت سورة اشتياقا للوحي وحرصا على الجهاد وثوابه . ومعنى لولا هلا . فإذا أنزلت سورة محكمة لا نسخ فيها . قال قتادة : كل سورة ذكر فيها الجهاد فهي محكمة ، وهي أشد القرآن على المنافقين . وفي قراءة عبد الله ( فإذا أنزلت سورة محدثة ) أي : محدثة النزول . وذكر فيها القتال أي فرض فيها الجهاد . وقرئ ( فإذا أنزلت سورة وذكر فيها القتال ) على البناء للفاعل ونصب القتال . رأيت الذين في قلوبهم مرض أي شك ونفاق . ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت أي نظر مغموصين مغتاظين بتحديد وتحديق ، كمن يشخص [ ص: 223 ] بصره عند الموت ، وذلك لجبنهم عن القتال جزعا وهلعا ، ولميلهم في السر إلى الكفار .

قوله تعالى : فأولى لهم طاعة وقول معروف فأولى لهم قال الجوهري : وقولهم : أولى لك ، تهديد ووعيد . قال الشاعر :


فأولى ثم أولى ثم أولى وهل للدر يحلب من مرد



قال الأصمعي : معناه قاربه ما يهلكه ، أي : نزل به . وأنشد :


فعادى بين هاديتين منها وأولى أن يزيد على الثلاث



أي : قارب أن يزيد . قال ثعلب : ولم يقل أحد في أولى أحسن مما قال الأصمعي . وقال المبرد : يقال لمن هم بالعطب ثم أفلت : أولى لك ، أي : قاربت العطب . كما روي أن أعرابيا كان يوالي رمي الصيد فيفلت منه فيقول : أولى لك . ثم رمى صيدا فقاربه ثم أفلت منه فقال :


فلو كان أولى يطعم القوم صدتهم ولكن أولى يترك القوم جوعا



وقيل : هو كقول الرجل لصاحبه : يا محروم ، أي شيء فاتك وقال الجرجاني : هو مأخوذ من الويل ، فهو أفعل ، ولكن فيه قلب ، وهو أن عين الفعل وقع موقع اللام . وقد تم الكلام على قوله : فأولى لهم قال قتادة : كأنه قال العقاب أولى لهم . وقيل : أي : وليهم المكروه . ثم قال : طاعة وقول معروف أي طاعة وقول معروف أمثل وأحسن ، وهو مذهب سيبويه والخليل . وقيل : إن التقدير أمرنا طاعة وقول معروف ، فحذف المبتدأ فيوقف على فأولى لهم وكذا من قدر يقولون منا طاعة . وقيل : إن الآية الثانية متصلة بالأولى . واللام في قوله : لهم بمعنى الباء ، أي : الطاعة أولى وأليق بهم ، وأحق لهم من ترك امتثال أمر الله . وهي قراءة أبي ( يقولون طاعة ) وقيل : إن : طاعة نعت لسورة ، على تقدير : فإذا أنزلت سورة ذات طاعة ، فلا يوقف على هذا على فأولى لهم قال ابن عباس : إن قولهم طاعة إخبار من الله - عز وجل - عن المنافقين . والمعنى لهم طاعة وقول معروف ، قيل : وجوب الفرائض عليهم ، فإذا أنزلت الفرائض شق عليهم نزولها . فيوقف على هذا على فأولى

قوله تعالى : فإذا عزم الأمر أي جد القتال ، أو وجب فرض القتال ، كرهوه . فكرهوه جواب إذا وهو محذوف . وقيل : المعنى فإذا عزم أصحاب الأمر . لو صدقوا الله أي في الإيمان والجهاد . لكان خيرا لهم من المعصية والمخالفة .

الجامع لأحكام القرآن قوله تعالى ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة

فريق دي في دي سات
09-08-2021, 02:21 PM
اللهم اغفر لنا ما لا يعلمون ولا تؤاخذنا بما يقولون واجعلنا خير مما يظنون .. امين امين ..

nadjm
06-27-2024, 11:45 AM
بارك الله فيك اخي على الموضوع

Adsense Management by Losha