تركي السعوديه
04-05-2016, 12:15 AM
عند مراجعتنا للتعاريف والأقوال الخاصة بالإيمان سواء كانت في المضمون الخاص بالشكل العام أو غيره، نجد بأنَّ تلك الأقوال في المُجمل قد اقتربت من الحقيقة أحياناً أو ابتعدت عنها أحيناً أخرى، سواء كان ذلك عن قصد أو من دونهِ.
وإننا لم نصدف ان وجدنا في بحثنا، ذلك التعريف الحقيقي الذي يشفي الصدور ويظهر الموضوع ويغطيه من جميع جوانبه الدنيوية منها والسماوية إن صح التعبير.
لتقريب موضوع الإيمان عند البشر، نقول بأن الإيمان إنما هو التصديق الكامل بالشيء، والمبني على الثقة المُطلقة والعمياء بشيء ما، سواء كان ذلك الشيء محسوس وملموس أم لم يكن كذلك.
ففي حياتنا كبشر نجد بأنَّ الإنسان لا يستطيع العيش أو حتى التحرك من هُنا إلى هُناك دون الإيمان، وبغض النظر عن ذلك الشيء الذي يجب أن نؤمن بهِ.
مثلاً عندما نشرب الماء، فإننا نثق ونُصدق ونؤمِن بأن مصدر هذهِ الماء هو مصدر موثوق لا شك فيهِ، وإذا حدث وأن شككنا بالمصدر فإننا سوف نتوقف عن الشرب، وهذا طبيعي، فمجرد وجود أي شك بأنَّ الماء في هذهِ العبوة أو تلك أو من هذا المصدر أو ذاك إنما هو ماء ملوث وقد يؤدي إلى الوفاة فإننا نرفض الشرب منهُ، ونبدأ بالبحث عن مصدر آخر نثق بهِ ونؤمن بمصداقيته كي نأخذ الماء منهُ ونشربهُ بكل ثقة واطمئنان، ونحن بذلك مطمئنين على حياتنا وحياة من نحب من حولنا.
وعليه فإنَّ عدم وجود الإيمان الصادق بأنَّ مصدر هذا الماء هو مصدر موثوق ويخدم صالح الإنسان ولا يضر بهِ، قد يؤدي بالناس إلى الموت على أن يقدموا على شرب ذلك الماء.
هذا الأمر ينطبق على كل شيء في حياتنا حتى الهواء والأرض التي نمشي عليها والطريق الذي نسلكهه وهكذا دواليك.
إذاً المسألة في حقيقتها هي أن نؤمن فنعيش، أو لا نؤمن فنموت.
الإنسان يجب أن يؤمن بأنَّ المياه التي يشربها غير سامة أو ملوثة ليستطيع أن يشرب، حتى وإن لم يرى أو يعلم بالمصدر.
الإنسان يجب أن يؤمن بأنَّ الطعام الذي يأكلهُ غير سام أو ملوث ليستطيع أن يأكلهُ، حتى وإن لم يرى أو يعلم بالمصدر.
الإنسان يجب أن يؤمن بأنَّ الهواء الذي يتنفسهُ غير سام أو ملوث ليستطيع أن يستنشقهُ، حتى وإن لم يرى أو يعلم بالمصدر.
الإنسان يجب أن يؤمن بأنَّ الأرض الذي يمشي عليها غير محفورة أو رخوة ليستطيع أن يمشي عليها، حتى وإن لم يرى أو يعلم بالمصدر.
الإنسان يجب أن يؤمن بأنَّ الملابس الذي يلبسها غير سامة أو ملوثة ليستطيع أن يلبسهاُ، حتى وإإن لم يرى أو يعلم بالمصدر.
الإنسان يجب أن يؤمن بأنَّ السائق الذي يسوق الحافلة غير نائم أو سكران ليستطيع أن يركب الحافلة، حتى وإن لم يرى أو يعلم بذلك السائق.
الإنسان يجب أن يؤمن بأنَّ البناء الذي يعيش تحته غير متراخٍ أو متشقق ليستطيع أن ينام تحته، حتى وإن لم يرى أو يعلم بمصدر البناء.
الإنسان يجب أن يؤمن بأنَّ البائع الذي يبيعه المواد ليس بنصاب أو مجرم ليستطيع الشراء منه، حتى وإن لم يرى أو يعلم بحقيقة ذلك الشخص.
الإنسان يجب أن يؤمن بأنَّ أباه وأمَّهُ اللذان يعيش معهما يحبانهُ ويريدان مصلحتهِ ليستطيع أن يسمع كلامهما، حتى وإن لم يرى أو يعلم بماضيهِم وبنيتهِم.
بالصورة ذاتها والمبدأ ذاته، نقيس كل الأمور المُحيطة بالإنسان في حياتهِ على الأرض، وذلك إذا أراد الإنسان أن يحياها ويستمر بالعيش عليها، لأن هُناك من البشر الذي لا يثق بأيٍ من تلك الأمور فيطلب إنهاء حياته على الأرض وينتحر.
هذا كان بخصوص الإيمان الضروري للحياة على الأرض، فماذا يمكننا أن نقول بعد أن تنتهي حياة الإنسان الأرضية؟
نقول كما قلنا بخصوص حياة الإنسان الأرضية، حيث كما أنَّ هُناك من يرغبون في أن يستمروا بالعيش على الأرض بعدما مُنحت لهُم الحياة الأرضية، فيكون لزاماً عليهِم حينها أن يكون لديهِم الإيمان والثقة بالمعطيات المُحيطة بهِم دون أن يروا المصدر أو محاولة العلم بهِ.
وإنَّ هُناك من لا يرغبون في أن يؤمنوا أو يثقوا بتلك المُعطيات فيطلبون الموت والاستغناء عن حياتهِم الأرضية تلك فيرفضوا العيش ويُقبلوا على الموت بطريقتهِم الخاصة، سواء كانت بالموت البطيء عن طريق تعاطي المواد السامة كالسجائر والمخدرات وغيرها كثير، أو بالموت السريع عن طريق الانتحار المُباشر.
بالمقياس ذاتهُ نقيس الأمور بخصوص الحياة ما بعد الموت، حيث كما أنَّ هُناك من يرغبون بالعيش بعد الموت، فيكون لزاماً عليهِم أن يكون لديهِم إيمان وثقة بالمصدر الذي يعدهُم بتلك الحياة، ليبحثون بين الأديان والفلسفات عن أفضل عروض الحياة بعد الموت والتي يوفرها هذا الدين أو ذاك.
من يُريد أن يتحول إلى بقرة أو أي حيوان آخر بعد موتهِ، عليهِ أن يثق ويؤمن بدين الهندوسية ويثق بآلهتهِم المُتعددة.
ومن يرغب بأن يتحول إلى العيش تحت سطح الأرض بعد موتهِ، عليهِ أن يثق ويؤمن بدين البوذية ويثق ببوذا.
أما من يرغب بأن يتحول إلى سيد على الأرض وباقي البشر عبيد لهُ بعد موتهِ، عليهِ أن يثق ويؤمن بدين اليهودية.
وهُناك من يرغب بأن يتحول إلى ملاك على الأرض بعد موتهِ، وهم من عليهِم أن يثقوا ويؤمنوا بالمسيحية والنصرانية.
يبقى من يرغب بأن يُخلَّد بنعيم الجنَّة بعد موتهِ، هؤلاء عليهِم أن يؤمنوا ويثقوا بالله وباليوم الآخر وبدين الإسلام ورسولهِ الكريم.
فكل دين أو فلسفة تعِد الناس بشيء ما، لتجد من البشر من يرغبون بهذا ويبتعدون عن ذاك.
نجد أيضاً من لا يرغبون بالعيش بعد الموت فلا يؤمنوا بشيء مثل المُلحدين وغيرهِم، وهُم بذلك كشأن اللذين لا يرغبون بالعيش على الأرض فينتحرون.
مما سبق نستنتج بأن متطلبات العيش على الأرض هو الإيمان، وكذلك متطلبات العيش بعد الأرض هو الإيمان كذلك.
والذي لا يؤمن بالمجهول في حياتهِ على الأرض يكون مصيره الانتحار، كذلك الذي لا يؤمن بالمجهول في حياتهِ ما بعد الأرض يكون مصيره العذاب.
إذاً الذي يطلب السعادة الأبدية بعد الموت إنما ينالها عن طريق الإيمان وحده.
والذي يرفض السعادة الأبدية إنما هو بذلك يطلب التعاسة الأبدية فينالها عن طريق عدم الإيمان بالله وحده.
بما أنَّ إيمان الفرد بالحياة على الأرض أو عدم إيمانه بها إنما يُثبت بأنَّ هُناك من يمنح الحياة لمن يطلبها، وهُناك من يُمنح الموت الذي هو نقيض الحياة على الأرض لمن يطلبهُ أيضاً وهو الله سُبحانه.
يكون بالمقابل إيمان الفرد فيما بعد الحياة على الأرض أو عدم إيمان الفرد فيما بعد الحياة على الأرض، إنما يُثبت بأنَّ هُناك من يمنح السعادة الأبدية لمن يطلبها، وهُناك من يَمنح العذاب الأبدي والذي هو نقيض السعادة الأبدية لمن يطلبهُ وهو الله سُبحانه.
فكل البشر يعلمون يقيناً وبدون شك بأن نقيض الحياة هو الموت، إذاً عليهِم أن يعلموا يقيناً يأن نقيض السعادة الأبدية التي يحلم بها المؤمنون بالله واليوم الآخر، هو العذاب الأبدي لمن لا يؤمنون بالله واليوم الآخر.
إذاً الإيمان بالحياة يُقابله الإيمان بالسعادة الأبدية بعد الحياة.
وعدم الإيمان بالحياة يكون الموت، يُقابلهُ عدم الإيمان بالسعادة الأبدية يُكون العذاب الأبدي.
وكون البشر يؤمن بالحياة وبنقيضهِ الموت فهم يؤمنون بالضرورة في الله الذي خلق الحياة والموت.
الله قد وعد المؤمنون بهِ بالسعادة الأبدية كونهُم يطلبوها بإيمانهِم، والله يعِد الذين لا يؤمنون بهِ بالعذاب الأبدي كونهُم يطلبوا ذلك العذاب بعدم الإيمان بهِ أيضاً، فالله لا يظلم أحدا.
قد يقول قائل بأنَّ البشر يحيون بإرادتهِم ولكنَّهُم لا يموتون بإرادتهِم، وهذا كلام مغلوط ومردود على صاحبهِ.
الذي يطلب الحياة بصدق يا إخوتي إنما يطلبها في الدٌنيا والآخرة، لذلك فهو يُمارس الإيمان الحق بالدُنيا والآخرة، ليعيش بالدُنيا ويسعد إلى الأبد في الآخرة.
أما الذي لا يطلب الحياة إنما يرفضها في الدُنيا والآخرة عن طريق عدم الإيمان بخالقها، لذلك فهو يُمارس الكُفر بالله في الدُنيا والآخرة ليعيش حياة قصيرة في الدٌنيا وهو نوع من الانتحار، يتبعها عذاب أبدي بالآخرة.
إذاً الذي لا يؤمن بالله إنما يطلب الموت بإرادتهِ، وبالتالي فهو يطلب العذاب الأبدي بإرادتهِ أيضاً.
أما الذي يؤمن بالله إنما يطلب الحياة بإرادتهِ، وبالتالي فهو يطلب الحياة والسعادة الأبدية بإرادتهِ أيضاً.
وكُلاً سوف ينال مُرادهُ إن شاء الله، ولا يظلم ربك أحدا.
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المُرسلين محمد وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.
محمد "محمد سليم" الكاظمي
وإننا لم نصدف ان وجدنا في بحثنا، ذلك التعريف الحقيقي الذي يشفي الصدور ويظهر الموضوع ويغطيه من جميع جوانبه الدنيوية منها والسماوية إن صح التعبير.
لتقريب موضوع الإيمان عند البشر، نقول بأن الإيمان إنما هو التصديق الكامل بالشيء، والمبني على الثقة المُطلقة والعمياء بشيء ما، سواء كان ذلك الشيء محسوس وملموس أم لم يكن كذلك.
ففي حياتنا كبشر نجد بأنَّ الإنسان لا يستطيع العيش أو حتى التحرك من هُنا إلى هُناك دون الإيمان، وبغض النظر عن ذلك الشيء الذي يجب أن نؤمن بهِ.
مثلاً عندما نشرب الماء، فإننا نثق ونُصدق ونؤمِن بأن مصدر هذهِ الماء هو مصدر موثوق لا شك فيهِ، وإذا حدث وأن شككنا بالمصدر فإننا سوف نتوقف عن الشرب، وهذا طبيعي، فمجرد وجود أي شك بأنَّ الماء في هذهِ العبوة أو تلك أو من هذا المصدر أو ذاك إنما هو ماء ملوث وقد يؤدي إلى الوفاة فإننا نرفض الشرب منهُ، ونبدأ بالبحث عن مصدر آخر نثق بهِ ونؤمن بمصداقيته كي نأخذ الماء منهُ ونشربهُ بكل ثقة واطمئنان، ونحن بذلك مطمئنين على حياتنا وحياة من نحب من حولنا.
وعليه فإنَّ عدم وجود الإيمان الصادق بأنَّ مصدر هذا الماء هو مصدر موثوق ويخدم صالح الإنسان ولا يضر بهِ، قد يؤدي بالناس إلى الموت على أن يقدموا على شرب ذلك الماء.
هذا الأمر ينطبق على كل شيء في حياتنا حتى الهواء والأرض التي نمشي عليها والطريق الذي نسلكهه وهكذا دواليك.
إذاً المسألة في حقيقتها هي أن نؤمن فنعيش، أو لا نؤمن فنموت.
الإنسان يجب أن يؤمن بأنَّ المياه التي يشربها غير سامة أو ملوثة ليستطيع أن يشرب، حتى وإن لم يرى أو يعلم بالمصدر.
الإنسان يجب أن يؤمن بأنَّ الطعام الذي يأكلهُ غير سام أو ملوث ليستطيع أن يأكلهُ، حتى وإن لم يرى أو يعلم بالمصدر.
الإنسان يجب أن يؤمن بأنَّ الهواء الذي يتنفسهُ غير سام أو ملوث ليستطيع أن يستنشقهُ، حتى وإن لم يرى أو يعلم بالمصدر.
الإنسان يجب أن يؤمن بأنَّ الأرض الذي يمشي عليها غير محفورة أو رخوة ليستطيع أن يمشي عليها، حتى وإن لم يرى أو يعلم بالمصدر.
الإنسان يجب أن يؤمن بأنَّ الملابس الذي يلبسها غير سامة أو ملوثة ليستطيع أن يلبسهاُ، حتى وإإن لم يرى أو يعلم بالمصدر.
الإنسان يجب أن يؤمن بأنَّ السائق الذي يسوق الحافلة غير نائم أو سكران ليستطيع أن يركب الحافلة، حتى وإن لم يرى أو يعلم بذلك السائق.
الإنسان يجب أن يؤمن بأنَّ البناء الذي يعيش تحته غير متراخٍ أو متشقق ليستطيع أن ينام تحته، حتى وإن لم يرى أو يعلم بمصدر البناء.
الإنسان يجب أن يؤمن بأنَّ البائع الذي يبيعه المواد ليس بنصاب أو مجرم ليستطيع الشراء منه، حتى وإن لم يرى أو يعلم بحقيقة ذلك الشخص.
الإنسان يجب أن يؤمن بأنَّ أباه وأمَّهُ اللذان يعيش معهما يحبانهُ ويريدان مصلحتهِ ليستطيع أن يسمع كلامهما، حتى وإن لم يرى أو يعلم بماضيهِم وبنيتهِم.
بالصورة ذاتها والمبدأ ذاته، نقيس كل الأمور المُحيطة بالإنسان في حياتهِ على الأرض، وذلك إذا أراد الإنسان أن يحياها ويستمر بالعيش عليها، لأن هُناك من البشر الذي لا يثق بأيٍ من تلك الأمور فيطلب إنهاء حياته على الأرض وينتحر.
هذا كان بخصوص الإيمان الضروري للحياة على الأرض، فماذا يمكننا أن نقول بعد أن تنتهي حياة الإنسان الأرضية؟
نقول كما قلنا بخصوص حياة الإنسان الأرضية، حيث كما أنَّ هُناك من يرغبون في أن يستمروا بالعيش على الأرض بعدما مُنحت لهُم الحياة الأرضية، فيكون لزاماً عليهِم حينها أن يكون لديهِم الإيمان والثقة بالمعطيات المُحيطة بهِم دون أن يروا المصدر أو محاولة العلم بهِ.
وإنَّ هُناك من لا يرغبون في أن يؤمنوا أو يثقوا بتلك المُعطيات فيطلبون الموت والاستغناء عن حياتهِم الأرضية تلك فيرفضوا العيش ويُقبلوا على الموت بطريقتهِم الخاصة، سواء كانت بالموت البطيء عن طريق تعاطي المواد السامة كالسجائر والمخدرات وغيرها كثير، أو بالموت السريع عن طريق الانتحار المُباشر.
بالمقياس ذاتهُ نقيس الأمور بخصوص الحياة ما بعد الموت، حيث كما أنَّ هُناك من يرغبون بالعيش بعد الموت، فيكون لزاماً عليهِم أن يكون لديهِم إيمان وثقة بالمصدر الذي يعدهُم بتلك الحياة، ليبحثون بين الأديان والفلسفات عن أفضل عروض الحياة بعد الموت والتي يوفرها هذا الدين أو ذاك.
من يُريد أن يتحول إلى بقرة أو أي حيوان آخر بعد موتهِ، عليهِ أن يثق ويؤمن بدين الهندوسية ويثق بآلهتهِم المُتعددة.
ومن يرغب بأن يتحول إلى العيش تحت سطح الأرض بعد موتهِ، عليهِ أن يثق ويؤمن بدين البوذية ويثق ببوذا.
أما من يرغب بأن يتحول إلى سيد على الأرض وباقي البشر عبيد لهُ بعد موتهِ، عليهِ أن يثق ويؤمن بدين اليهودية.
وهُناك من يرغب بأن يتحول إلى ملاك على الأرض بعد موتهِ، وهم من عليهِم أن يثقوا ويؤمنوا بالمسيحية والنصرانية.
يبقى من يرغب بأن يُخلَّد بنعيم الجنَّة بعد موتهِ، هؤلاء عليهِم أن يؤمنوا ويثقوا بالله وباليوم الآخر وبدين الإسلام ورسولهِ الكريم.
فكل دين أو فلسفة تعِد الناس بشيء ما، لتجد من البشر من يرغبون بهذا ويبتعدون عن ذاك.
نجد أيضاً من لا يرغبون بالعيش بعد الموت فلا يؤمنوا بشيء مثل المُلحدين وغيرهِم، وهُم بذلك كشأن اللذين لا يرغبون بالعيش على الأرض فينتحرون.
مما سبق نستنتج بأن متطلبات العيش على الأرض هو الإيمان، وكذلك متطلبات العيش بعد الأرض هو الإيمان كذلك.
والذي لا يؤمن بالمجهول في حياتهِ على الأرض يكون مصيره الانتحار، كذلك الذي لا يؤمن بالمجهول في حياتهِ ما بعد الأرض يكون مصيره العذاب.
إذاً الذي يطلب السعادة الأبدية بعد الموت إنما ينالها عن طريق الإيمان وحده.
والذي يرفض السعادة الأبدية إنما هو بذلك يطلب التعاسة الأبدية فينالها عن طريق عدم الإيمان بالله وحده.
بما أنَّ إيمان الفرد بالحياة على الأرض أو عدم إيمانه بها إنما يُثبت بأنَّ هُناك من يمنح الحياة لمن يطلبها، وهُناك من يُمنح الموت الذي هو نقيض الحياة على الأرض لمن يطلبهُ أيضاً وهو الله سُبحانه.
يكون بالمقابل إيمان الفرد فيما بعد الحياة على الأرض أو عدم إيمان الفرد فيما بعد الحياة على الأرض، إنما يُثبت بأنَّ هُناك من يمنح السعادة الأبدية لمن يطلبها، وهُناك من يَمنح العذاب الأبدي والذي هو نقيض السعادة الأبدية لمن يطلبهُ وهو الله سُبحانه.
فكل البشر يعلمون يقيناً وبدون شك بأن نقيض الحياة هو الموت، إذاً عليهِم أن يعلموا يقيناً يأن نقيض السعادة الأبدية التي يحلم بها المؤمنون بالله واليوم الآخر، هو العذاب الأبدي لمن لا يؤمنون بالله واليوم الآخر.
إذاً الإيمان بالحياة يُقابله الإيمان بالسعادة الأبدية بعد الحياة.
وعدم الإيمان بالحياة يكون الموت، يُقابلهُ عدم الإيمان بالسعادة الأبدية يُكون العذاب الأبدي.
وكون البشر يؤمن بالحياة وبنقيضهِ الموت فهم يؤمنون بالضرورة في الله الذي خلق الحياة والموت.
الله قد وعد المؤمنون بهِ بالسعادة الأبدية كونهُم يطلبوها بإيمانهِم، والله يعِد الذين لا يؤمنون بهِ بالعذاب الأبدي كونهُم يطلبوا ذلك العذاب بعدم الإيمان بهِ أيضاً، فالله لا يظلم أحدا.
قد يقول قائل بأنَّ البشر يحيون بإرادتهِم ولكنَّهُم لا يموتون بإرادتهِم، وهذا كلام مغلوط ومردود على صاحبهِ.
الذي يطلب الحياة بصدق يا إخوتي إنما يطلبها في الدٌنيا والآخرة، لذلك فهو يُمارس الإيمان الحق بالدُنيا والآخرة، ليعيش بالدُنيا ويسعد إلى الأبد في الآخرة.
أما الذي لا يطلب الحياة إنما يرفضها في الدُنيا والآخرة عن طريق عدم الإيمان بخالقها، لذلك فهو يُمارس الكُفر بالله في الدُنيا والآخرة ليعيش حياة قصيرة في الدٌنيا وهو نوع من الانتحار، يتبعها عذاب أبدي بالآخرة.
إذاً الذي لا يؤمن بالله إنما يطلب الموت بإرادتهِ، وبالتالي فهو يطلب العذاب الأبدي بإرادتهِ أيضاً.
أما الذي يؤمن بالله إنما يطلب الحياة بإرادتهِ، وبالتالي فهو يطلب الحياة والسعادة الأبدية بإرادتهِ أيضاً.
وكُلاً سوف ينال مُرادهُ إن شاء الله، ولا يظلم ربك أحدا.
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المُرسلين محمد وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.
محمد "محمد سليم" الكاظمي