تركي السعوديه
04-05-2016, 12:15 AM
منذ زمن بعيد والإنسان في حيرة بخصوص أصله ومنبعه!
فإذا تتبعنا أصل الإنسان في الكتب السماوية وجدناه ذو مكانة وقدسية ومهابة إضافةً إلى الرفعة والسمو الخلقي مقارنةً مع باقي خلق الله.
وإذا تتبعنا أصل الإنسان في الكُتب الوضعية لوجدنا لهُ فروع وروابط إضافة إلى تشابه الأعضاء والوظائف مع العديد من المخلوقات الأرضية المُحيطة بهِ، ناهيك عن وجود بعض المُتحجرات التي قد يستدل منها الإنسان عن تاريخ وجوده على الأرض.
والسؤال هُنا كيف السبيل في إيجاد جواب مُقنع وعقلاني بين هذا وذاك، بحيث يتم فصل الأمر نهائياً من دون أن يتم إهمال أي من الحقائق والثوابت التي يتمسك بها الإنسان سواء كان مؤمن بالله وبوجود الجنَّة والنار ليستدل بهما عن أصل الإنسان، أو كان كافر بالله ويؤمن بالطين والحجر ليستدل عن طريقهما عن أصل الإنسان كذلك.
إنَّ من المسلمات العقلية والفكرية هي صعوبة إن لم يكن استحالة الجمع بين كِلا المُتناقضين، فعلى الإنسان حينها أن يختار بين الإثنين، وأن يحسم أمره بين الأمرين، فإنَّهُ ليس من المعقول الاستمرار في هذا الجِدال العقيم على مر السنين من دون أن يكون هُناك حسم بخصوص هذا الشأن المصيري والمُهِم والعظيم بشأن الإنسان.
فمما لا شك فيهِ أنَّ المخلوقات الأرضية لها طبيعة جسدية تكوينية تجعلها مناسبة ومثاليه في حياتها الأرضية، ذلك كون المخلوقات الأرضية والعضوية بالتحديد، تتمتع بأجهزة عضوية وخلقية تكاد تكون موحدة، كالخلية وانقسام الخلية كذلك الأمر مع الأجهزة الهضمية والعصبية وغيرها من الأمور الحياتية، ناهيك عن التطور التدريجي للمخلوقات سواء عندما يبدأ الأمر ببيضة مُخصبة، لينتهي بهِ الحال إلى جسد مُتكامل الأعضاء مُستقل البٌنية، ليكون لهُ في النتيجة بداية عن طريق الولادة، ونهاية عن طريق الموت والفناء.
أمَّا ما يخص المخلوقات السماوية وحسب مصادرها الموثَّقة بالكتب السماوية، فهي كائنات قد تمَّ خلقها كما هي، وخلقُها بذلك يكون كاملاً لا يخضع إلى تطوير أو تحوير، لذلك فهي لا تعرف الولادة كما إنها لا تعرف الموت والفناء، كونها خُلقت لتكون أزلية بأمر ربها لا لتكون وقتية ومرحلية.
وإذا نظرنا إلى حقيقة الإنسان وجدناه بين هذا وذاك، فهو مخلوق قد خلقهُ الله في الجَنَّة شأنهُ شأن الملائكة والجان وغيرهِم من سكان الجِنان، ثُمَّ شات الأقدار أن يُخرَج من الجنَّة ليكون من سُكان أهل الأرض.
وعملية التنقل هذهِ تطَّلب إجراءات معينة فيما يخص طبيعة التكوين، فكما قلنا سابقاً بأن طبيعة الجسد وكذلك العقل في الجنَّة تختلف عمَّا هي في الأرض، ويبقى الشيء الوحيد بين الجسدين هي الروح التي لا يُمكن تغيرها أو العبث بها سواء في الجنَّة أم النار لكونها من ذات الله، وأمرها يعود لله وحده سُبحانهُ لا إله إلا هو.
فأجساد المخلوقات وكذلك الإنسان في الجنَّة لا تُخرِج نجاسة بأي حال من الأحوال، ومصدر العلوم والمفاهيم في الجنَّة هو الله وحده لا أحد غيره، فلا مكان هُناك للفلسفة أو الابتكار والاختراع، فكل ما يقوله الخالق أو يُعلمه ويعتمده ويحكم به هو واجب التنفيذ دون تردد أو مراجعة وتمحيص.
أما أجساد أهل الأرض فهي وكما نعرف تُخرج النجاسة والفضلات على الدوام، وكذلك مصدر علوم أهل الأرض متقلبة ومتغيرة وغير معتمدة لكونها بحاجة إلى التغيير والتطوير على الدوام، لذلك نجد الفلسفات البشرية والعلوم الوضعية والقوانين المُبتكرة متقلبة وغير مستقرة.
بخصوص الإنسان تحديداً وبناءاً لما سبق شرحهُ نجد بأنَّ الذي تغيَّر بالإنسان جراء تواجده عللى الأرض ولحاجتهِ المُلحة إلى أعضاء تشبه في طبيعتها أعضاء أهل الأرض، كان التغير في حجم الجسد وفي أعضائهِ الداخلية ليتمكن حينها من العيش على الأرض إسوة بأهلها، ولهذا السبب نجد هذا التشابه في الأعضاء بين الإنسان وبين المخلوقات المُحيطة به.
كذلك الحال بالنسبة لعلوم الإنسان، فبسبب فتنة الشيطان لهُ التي كانت من أهم نتائجها استبعاده عن الجنَّة، أدى ذلك إلى نسيانهِ للعلوم التي علمها إياه رب العالمين ليكون إسوة بمحيطه من مخلوقات الله التي لا علم لها وتصرفها نابع من غريزة البقاء لديها، وهذا هو حال الإنسان إلى الآن، فهو لا زال يبحث عن العلوم التي تبقيه حياً فقط ولا يبحث عن حقيقتها وأصلها وكما يجب أن تكون.
طبعاً كلامُنا هذا يحتاج إلى دليل، والدليل إنما نجدهُ في الروح التي قلنا عنها قبل قليل بأنها لم تخضع إلى التغيير وبقت على سجيتها وطبيعتها كما كانت في الجِنان، ولكي نًثبت هذا الكلام علينا أن نسأل أنفسنا ثلاث أسئلة فقط:
1- لماذا لا يرضى الإنسان بطعام واحد كما هو الحال مع الحيوان الذي يتشابه معه بالأعضاء؟ جوابنا هو كون الروح التي في داخل الإنسان والتي عاشت في الجِنان لا ترضى بأقل مما كانت عليه في الجِنان من تنوع وتلذذ بالطعام.
2- لماذا لا يقبل الإنسان بزوج واحد كيفما كان كما يفعل الحيوان الذي يتشابه مع الإنسان؟ جوابنا هو كون صفة الروح التي في داخل الإنسان، فهي من الجمال والروعة والرُقي والكمال بحيث لا تقبل على نفسها غير الجمال والروعة والكمال.
3- لماذا لا يستقر الإنسان في أي مكان وكيفما كان كما يفعل الحيوان الذي يتشابه مع الإنسان؟ جوابنا هو كون الروح التي في الإنسان والتي اعتادت على سُكنا القصور والرفاهية بالعيش بالجِنان لا تقبل بأي مسكن كان غير التمييز والتفرد بالمكان.
إذاً فيما سبق يتضح لنا بأنَّ روح الإنسان هي التي تُميزه عن الحيوان، وكون هُناك أعضاء في الإنسان كجسد وعقل تكاد تتشابه مع الحيوان، فهذا بسبب حاجة الإنسان لكي يعيش على الأرض كما يعيش الحيوان، ولكن يبقى الإنسان إنسان والحيوان حيوان.
وبمجرد أن يعود الإنسان إلى سًكنى الجِنان كما وعدهُ الرحمن يعود الإنسان كما كان، فتستقر روحه ويكتمل تكوين جسده بلا نقصان، ويستعيد ما نسى من علم علمهُ إياه الرحمن فيكون في أحسن تقويم كما كان.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المُرسلين محمد وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.
محمد "محمد سليم" الكاظمي
فإذا تتبعنا أصل الإنسان في الكتب السماوية وجدناه ذو مكانة وقدسية ومهابة إضافةً إلى الرفعة والسمو الخلقي مقارنةً مع باقي خلق الله.
وإذا تتبعنا أصل الإنسان في الكُتب الوضعية لوجدنا لهُ فروع وروابط إضافة إلى تشابه الأعضاء والوظائف مع العديد من المخلوقات الأرضية المُحيطة بهِ، ناهيك عن وجود بعض المُتحجرات التي قد يستدل منها الإنسان عن تاريخ وجوده على الأرض.
والسؤال هُنا كيف السبيل في إيجاد جواب مُقنع وعقلاني بين هذا وذاك، بحيث يتم فصل الأمر نهائياً من دون أن يتم إهمال أي من الحقائق والثوابت التي يتمسك بها الإنسان سواء كان مؤمن بالله وبوجود الجنَّة والنار ليستدل بهما عن أصل الإنسان، أو كان كافر بالله ويؤمن بالطين والحجر ليستدل عن طريقهما عن أصل الإنسان كذلك.
إنَّ من المسلمات العقلية والفكرية هي صعوبة إن لم يكن استحالة الجمع بين كِلا المُتناقضين، فعلى الإنسان حينها أن يختار بين الإثنين، وأن يحسم أمره بين الأمرين، فإنَّهُ ليس من المعقول الاستمرار في هذا الجِدال العقيم على مر السنين من دون أن يكون هُناك حسم بخصوص هذا الشأن المصيري والمُهِم والعظيم بشأن الإنسان.
فمما لا شك فيهِ أنَّ المخلوقات الأرضية لها طبيعة جسدية تكوينية تجعلها مناسبة ومثاليه في حياتها الأرضية، ذلك كون المخلوقات الأرضية والعضوية بالتحديد، تتمتع بأجهزة عضوية وخلقية تكاد تكون موحدة، كالخلية وانقسام الخلية كذلك الأمر مع الأجهزة الهضمية والعصبية وغيرها من الأمور الحياتية، ناهيك عن التطور التدريجي للمخلوقات سواء عندما يبدأ الأمر ببيضة مُخصبة، لينتهي بهِ الحال إلى جسد مُتكامل الأعضاء مُستقل البٌنية، ليكون لهُ في النتيجة بداية عن طريق الولادة، ونهاية عن طريق الموت والفناء.
أمَّا ما يخص المخلوقات السماوية وحسب مصادرها الموثَّقة بالكتب السماوية، فهي كائنات قد تمَّ خلقها كما هي، وخلقُها بذلك يكون كاملاً لا يخضع إلى تطوير أو تحوير، لذلك فهي لا تعرف الولادة كما إنها لا تعرف الموت والفناء، كونها خُلقت لتكون أزلية بأمر ربها لا لتكون وقتية ومرحلية.
وإذا نظرنا إلى حقيقة الإنسان وجدناه بين هذا وذاك، فهو مخلوق قد خلقهُ الله في الجَنَّة شأنهُ شأن الملائكة والجان وغيرهِم من سكان الجِنان، ثُمَّ شات الأقدار أن يُخرَج من الجنَّة ليكون من سُكان أهل الأرض.
وعملية التنقل هذهِ تطَّلب إجراءات معينة فيما يخص طبيعة التكوين، فكما قلنا سابقاً بأن طبيعة الجسد وكذلك العقل في الجنَّة تختلف عمَّا هي في الأرض، ويبقى الشيء الوحيد بين الجسدين هي الروح التي لا يُمكن تغيرها أو العبث بها سواء في الجنَّة أم النار لكونها من ذات الله، وأمرها يعود لله وحده سُبحانهُ لا إله إلا هو.
فأجساد المخلوقات وكذلك الإنسان في الجنَّة لا تُخرِج نجاسة بأي حال من الأحوال، ومصدر العلوم والمفاهيم في الجنَّة هو الله وحده لا أحد غيره، فلا مكان هُناك للفلسفة أو الابتكار والاختراع، فكل ما يقوله الخالق أو يُعلمه ويعتمده ويحكم به هو واجب التنفيذ دون تردد أو مراجعة وتمحيص.
أما أجساد أهل الأرض فهي وكما نعرف تُخرج النجاسة والفضلات على الدوام، وكذلك مصدر علوم أهل الأرض متقلبة ومتغيرة وغير معتمدة لكونها بحاجة إلى التغيير والتطوير على الدوام، لذلك نجد الفلسفات البشرية والعلوم الوضعية والقوانين المُبتكرة متقلبة وغير مستقرة.
بخصوص الإنسان تحديداً وبناءاً لما سبق شرحهُ نجد بأنَّ الذي تغيَّر بالإنسان جراء تواجده عللى الأرض ولحاجتهِ المُلحة إلى أعضاء تشبه في طبيعتها أعضاء أهل الأرض، كان التغير في حجم الجسد وفي أعضائهِ الداخلية ليتمكن حينها من العيش على الأرض إسوة بأهلها، ولهذا السبب نجد هذا التشابه في الأعضاء بين الإنسان وبين المخلوقات المُحيطة به.
كذلك الحال بالنسبة لعلوم الإنسان، فبسبب فتنة الشيطان لهُ التي كانت من أهم نتائجها استبعاده عن الجنَّة، أدى ذلك إلى نسيانهِ للعلوم التي علمها إياه رب العالمين ليكون إسوة بمحيطه من مخلوقات الله التي لا علم لها وتصرفها نابع من غريزة البقاء لديها، وهذا هو حال الإنسان إلى الآن، فهو لا زال يبحث عن العلوم التي تبقيه حياً فقط ولا يبحث عن حقيقتها وأصلها وكما يجب أن تكون.
طبعاً كلامُنا هذا يحتاج إلى دليل، والدليل إنما نجدهُ في الروح التي قلنا عنها قبل قليل بأنها لم تخضع إلى التغيير وبقت على سجيتها وطبيعتها كما كانت في الجِنان، ولكي نًثبت هذا الكلام علينا أن نسأل أنفسنا ثلاث أسئلة فقط:
1- لماذا لا يرضى الإنسان بطعام واحد كما هو الحال مع الحيوان الذي يتشابه معه بالأعضاء؟ جوابنا هو كون الروح التي في داخل الإنسان والتي عاشت في الجِنان لا ترضى بأقل مما كانت عليه في الجِنان من تنوع وتلذذ بالطعام.
2- لماذا لا يقبل الإنسان بزوج واحد كيفما كان كما يفعل الحيوان الذي يتشابه مع الإنسان؟ جوابنا هو كون صفة الروح التي في داخل الإنسان، فهي من الجمال والروعة والرُقي والكمال بحيث لا تقبل على نفسها غير الجمال والروعة والكمال.
3- لماذا لا يستقر الإنسان في أي مكان وكيفما كان كما يفعل الحيوان الذي يتشابه مع الإنسان؟ جوابنا هو كون الروح التي في الإنسان والتي اعتادت على سُكنا القصور والرفاهية بالعيش بالجِنان لا تقبل بأي مسكن كان غير التمييز والتفرد بالمكان.
إذاً فيما سبق يتضح لنا بأنَّ روح الإنسان هي التي تُميزه عن الحيوان، وكون هُناك أعضاء في الإنسان كجسد وعقل تكاد تتشابه مع الحيوان، فهذا بسبب حاجة الإنسان لكي يعيش على الأرض كما يعيش الحيوان، ولكن يبقى الإنسان إنسان والحيوان حيوان.
وبمجرد أن يعود الإنسان إلى سًكنى الجِنان كما وعدهُ الرحمن يعود الإنسان كما كان، فتستقر روحه ويكتمل تكوين جسده بلا نقصان، ويستعيد ما نسى من علم علمهُ إياه الرحمن فيكون في أحسن تقويم كما كان.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المُرسلين محمد وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.
محمد "محمد سليم" الكاظمي