فريق منتدى الدي في دي العربي
06-22-2022, 10:01 PM
منقول
ولقد تأملت نفسي بالإضافة إلى عشيرتي الذين أنفقوا أعمارهم في اكتساب الدنيا، وأنفقت زمن الصبوة والشباب في طلب العلم، فرأيتني لم يفتني مما نالوه إلا ما لو حصل لي ندمت عليه.
ثم تأملت حالي، فإذا عيشي في الدنيا أجود من عيشهم، وجاهي بين الناس أعلى من جاههم. وما نلته من معرفة العلم لا يقاوم. فقال لي إبليس: ونسيت تعبك وسهرك!!؟
فقلت له: أيها الجاهل، تقطيع الأيدي لا وقع له عند رؤية يوسف، وما طالت طريق أدت إلى صديق:
جزى اللّه المسير إليه خيراً ::: وإن ترك المطايا كالمزاد
ولقد كنت في حلاوة طلبي العلم، ألقى من الشدائد ما هو عندي أحلى من العسل لأجل ما أطلب وأرجو.
كنت في زمان الصبا آخذ معي أرغفة يابسة فأخرج في طلب الحديث، وأقعد على نهر عيسى، فلا أقدر على أكلها إلا عند الماء. فكلما أكلت لقمة شربت عليها، وعين همتي لا ترى إلا لذة تحصيل العلم.
فأثمر ذلك عندي أني عرفت بكثرة سماعي لحديث الرسول ï·؛ وأحواله وآدابه، وأحوال أصحابه وتابعيهم، فصرت في معرفة طريقه كابن أجود.
وأثمر ذلك عندي من المعاملة ما لا يُدرى بالعلم، حتى إنني أذكر في زمان الصبوة، ووقت الغلمة والعزبة قدرتي على أشياء كانت النفس تتوق إليها توقان العطشان إلى الماء الزلال، ولم يمنعني عنها إلا ما أثمر عندي العلم من خوف الله ï·».
ولولا خطايا لا يخلو منها البشر، لقد كنت أخاف على نفسي من العجب. غير أنه عز وجل صانني، وعلمني، وأطلعني من أسرار العلم معرفته، وإيثار الخلوة به، حتى أنه لو حضر معي معروف وبشر لرأيتها رحمة.
ثم عاد فغمسني في التقصير والتفريط، حتى رأيت أقل الناس خيراً مني. وتارة يوقظني لقيام الليل ولذة مناجاته، وتارة يحرمني ذلك مع سلامة بدني!
ولولا بشارة العلم بأن هذا نوع تهذيب وتأديب لخرجت إما إلى العجب عند العمل، وإما إلى اليأس عند البطالة.
لكن رجائي في فضله قد عادل خوفي منه. وقد يغلب الرجاء بقوة أسبابه، لأني رأيت أنه قد رباني منذ كنت طفلاً، فإن أبي مات وأنا لا أعقل، والأم لم تلتفت إلي. فركز في طبعي حب العلم. وما زال يوقعني على المهم فالمهم، ويحملني إلى من يحملني على الأصوب، حتى قوم أمري.
وكم قد قصدني عدو فصده عني. وإذ رأيته قد نصرني وبصرني ودافع عني ووهب لي، قوى رجائي في المستقبل بما قد رأيت في الماضي.
ولقد تاب على يدي في مجالس الذكر أكثر من مئتي ألف! وأسلم على يدي أكثر من مئتي نفس!!
وكم سالت عين متجبر بوعظي لم تكن تسيل. ويحق لمن تلمح هذا الإنعام أن يرجو التمام. وربما لاحت أسباب الخوف بنظري إلى تقصيري وزللي. ولقد جلست يوماً فرأيت حولي أكثر من عشرة آلاف ما فيهم إلا من قد رق قلبه، أو دمعت عينه. فقلت لنفسي: يا نفس كيف بك إن نجوا وهلكتِ!!؟ فصحت بلسان وجدي: إلهي وسيدي.. إن قضيت علي بالعذاب غداً فلا تعلمهم بعذابي، صيانة لكرمك لا لأجلي، لئلا يقولوا عذب من دل عليه! إلهي قد قيل لنبيك ï·؛: دعني أقتل ابن أبي المنافق! فقال ï·؛: لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه! إلهي فاحفظ حسن عقائدهم فيّ بكرمك أن تعلمهم بعذاب الدليل عليك!
حاشاك والله يا رب من تكدير الصافي:
لا تبر عودا أنت ريشته ::: حاشا لباني الجود أن ينقضا
لا تعطش الزرع الذي نبته ::: بصوب إنعامك قد روضا
ولقد تأملت نفسي بالإضافة إلى عشيرتي الذين أنفقوا أعمارهم في اكتساب الدنيا، وأنفقت زمن الصبوة والشباب في طلب العلم، فرأيتني لم يفتني مما نالوه إلا ما لو حصل لي ندمت عليه.
ثم تأملت حالي، فإذا عيشي في الدنيا أجود من عيشهم، وجاهي بين الناس أعلى من جاههم. وما نلته من معرفة العلم لا يقاوم. فقال لي إبليس: ونسيت تعبك وسهرك!!؟
فقلت له: أيها الجاهل، تقطيع الأيدي لا وقع له عند رؤية يوسف، وما طالت طريق أدت إلى صديق:
جزى اللّه المسير إليه خيراً ::: وإن ترك المطايا كالمزاد
ولقد كنت في حلاوة طلبي العلم، ألقى من الشدائد ما هو عندي أحلى من العسل لأجل ما أطلب وأرجو.
كنت في زمان الصبا آخذ معي أرغفة يابسة فأخرج في طلب الحديث، وأقعد على نهر عيسى، فلا أقدر على أكلها إلا عند الماء. فكلما أكلت لقمة شربت عليها، وعين همتي لا ترى إلا لذة تحصيل العلم.
فأثمر ذلك عندي أني عرفت بكثرة سماعي لحديث الرسول ï·؛ وأحواله وآدابه، وأحوال أصحابه وتابعيهم، فصرت في معرفة طريقه كابن أجود.
وأثمر ذلك عندي من المعاملة ما لا يُدرى بالعلم، حتى إنني أذكر في زمان الصبوة، ووقت الغلمة والعزبة قدرتي على أشياء كانت النفس تتوق إليها توقان العطشان إلى الماء الزلال، ولم يمنعني عنها إلا ما أثمر عندي العلم من خوف الله ï·».
ولولا خطايا لا يخلو منها البشر، لقد كنت أخاف على نفسي من العجب. غير أنه عز وجل صانني، وعلمني، وأطلعني من أسرار العلم معرفته، وإيثار الخلوة به، حتى أنه لو حضر معي معروف وبشر لرأيتها رحمة.
ثم عاد فغمسني في التقصير والتفريط، حتى رأيت أقل الناس خيراً مني. وتارة يوقظني لقيام الليل ولذة مناجاته، وتارة يحرمني ذلك مع سلامة بدني!
ولولا بشارة العلم بأن هذا نوع تهذيب وتأديب لخرجت إما إلى العجب عند العمل، وإما إلى اليأس عند البطالة.
لكن رجائي في فضله قد عادل خوفي منه. وقد يغلب الرجاء بقوة أسبابه، لأني رأيت أنه قد رباني منذ كنت طفلاً، فإن أبي مات وأنا لا أعقل، والأم لم تلتفت إلي. فركز في طبعي حب العلم. وما زال يوقعني على المهم فالمهم، ويحملني إلى من يحملني على الأصوب، حتى قوم أمري.
وكم قد قصدني عدو فصده عني. وإذ رأيته قد نصرني وبصرني ودافع عني ووهب لي، قوى رجائي في المستقبل بما قد رأيت في الماضي.
ولقد تاب على يدي في مجالس الذكر أكثر من مئتي ألف! وأسلم على يدي أكثر من مئتي نفس!!
وكم سالت عين متجبر بوعظي لم تكن تسيل. ويحق لمن تلمح هذا الإنعام أن يرجو التمام. وربما لاحت أسباب الخوف بنظري إلى تقصيري وزللي. ولقد جلست يوماً فرأيت حولي أكثر من عشرة آلاف ما فيهم إلا من قد رق قلبه، أو دمعت عينه. فقلت لنفسي: يا نفس كيف بك إن نجوا وهلكتِ!!؟ فصحت بلسان وجدي: إلهي وسيدي.. إن قضيت علي بالعذاب غداً فلا تعلمهم بعذابي، صيانة لكرمك لا لأجلي، لئلا يقولوا عذب من دل عليه! إلهي قد قيل لنبيك ï·؛: دعني أقتل ابن أبي المنافق! فقال ï·؛: لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه! إلهي فاحفظ حسن عقائدهم فيّ بكرمك أن تعلمهم بعذاب الدليل عليك!
حاشاك والله يا رب من تكدير الصافي:
لا تبر عودا أنت ريشته ::: حاشا لباني الجود أن ينقضا
لا تعطش الزرع الذي نبته ::: بصوب إنعامك قد روضا