فريق منتدى الدي في دي العربي
06-23-2022, 01:00 PM
القول العلي في فضائل الإمام علي
عبدالله ميزر الحداد
اختار الله سبحانه وتعالى الصحابة الكرام لنصرة دينه، وشرَّفهم بمرافقة رسوله، وفي مقدمة الصحابة نجِدُ الراشدين الأربعة؛ ومنهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه، فهم خواص الخواص، وعلي رضي الله عنه وصل إلى أسمى درجات الأولياء، وأعلى درجات الأصفياء، فهو ابن عمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم المقرب من قلبه الشريف، والذي تربى في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهو أول من أسلم من الفتيان، فقد سارع إلى الإسلام في يوم البعثة الأول، وخالط الإيمان سويداء قلبه.
وعليٌّ ممن أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا، فهو من آل البيت الأطهار، ومن أصحاب الكساء الأشراف، إلى جانب السيدة فاطمة، والسبطين الحسن والحسين رضي الله عن الجميع.
وهو أسد الله الغالب، وبطل الإسلام، وليث الحروب، ومرعب الأعداء المشركين، صاحب الشجاعة الفذة، والمبارزات المشهورة.
وهو العابد الخاشع، الصائم القائم، الورع الزاهد، الذي استُشهد، وهو صائم.
وعليٌّ رضي الله عنه هو العالم الكبير والفقيه الجليل الذي حلَّ كبار المعضلات بعلمه وحكمته، وقد كان سيدنا عمر رضي الله عنه يتعوذ من معضلة لا يستطيع حلها أبو الحسن، وقديمًا قال النحويون: (مسألة ولا أبو حسن لها).
وعلي رضي الله عنه يُضرب بعلمه المثل، ولقد كانت سيدة عالمات الإسلام أم المؤمنين عائشة تحيل السائلين عليه.
وعليٌّ هو المستشار الأمين والناصح المخلص، الذي لم يدخر جهدًا في مساعدة إخوانه الخلفاء الراشدين الذين سبقوه.
وعليٌّ هو الخليفة الراشدي المهدي الرابع، الذي اجتهد في خلافته فأصاب، وكان على الحق.
وعليٌّ أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين المهديين، ومن العشرة المبشرين.
ولو ذهبنا نستقصي صفات الإمام علي، وما أكرمه الله به من الشمائل، وأعطاه من الخصائص، لطال بنا المقام، وامتلأت الصفحات والصفحات، ولكن هدفنا الاختصار، ومرادنا الإيجاز، وأن يتم ما بدأناه في مقالات سابقة، من ذكر فضائل الخلفاء الراشدين المهديين.
وقد وردت لسيدنا علي فضائل كثيرة جدًّا في كتب الحديث الشريف، حتى قال الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه: "ما جاء لأحد من الفضائل بأسانيد جياد مثلما جاء لعلي رضي الله عنه".
وكلها فضائل عظيمة جليلة تجعلنا نعلم شيئًا من فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وأنا أعلم علم اليقين أنني لست بأهل للتحدث عن سيدنا علي وإخوانه الراشدين، ولكنني في هذا المقال أذكر فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه الكثيرة الجليلة، مستعينًا بالله العزيز الحميد، راجيًا منه التوفيق والتسديد.
فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب من الكتاب والسنة:
1- قال الله تعالى في سورة الأحزاب:
﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ [الأحزاب: 33]، وهذه فضيلة عظيمة، ومنقبة جليلة لسيدنا علي بن أبي طالب، وهي مفخرة جميلة له رضي الله عنه، وستأتي قصة الآية، وحديث الكساء في هذا المقال.
2- قال الله تعالى في سورة الحج:
﴿ هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ ﴾ [الحج: 19].
نزلت هذه الآية في الذين تبارزوا يوم بدر؛ وهم: عليٌّ، وحمزة، وعبيدة بن الحارث من الصحابة، وعتبة وشيبة ابني ربيعة، والوليد بن عتبة من المشركين، وفي هذه الآية فضيلة ظاهرة لعلي رضي الله عنه ومنقبة حميدة.
3- عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: ((خرج النبي صلى الله عليه وسلم غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي، فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ [الأحزاب: 33]))؛ [رواه مسلم في صحيحه 2424].
وهذا هو حديث الكساء المشهور، وقد رواه أيضًا الإمام أحمد، والترمذي، والحاكم، والبيهقي، والبغوي، وغيرهم، عن السيدة أم سلمة، وعن عمر بن أبي سلمة، ووائلة بن الأسقع.
وحديث الكساء حديث عظيم فيه فضيلة كبيرة جليلة لأمير المؤمنين علي رضي الله عنه، فهو بهذا الحديث من أهل الكساء، أكابر أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا.
4- عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال:
لما نزلت هذه الآية: ﴿ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ﴾ [آل عمران: 61]، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًّا وفاطمة وحسنًا وحسينًا، فقال: اللهم هؤلاء أهلي))؛ [رواه مسلم والترمذي].
5- عن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة...))؛ [رواه الترمذي، والنسائي، وأحمد، وصححه الألباني، وللحديث تتمة].
6- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة: ((إني وإياكِ وهذين وهذا الراقد – يعني: عليًّا - يوم القيامة في مكان واحد))؛ [أخرجه الطيالسي والطبراني، وصححه الألباني]، وهذين: يعني: الحسن والحسين رضي الله عنهما.
7- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أيضًا قال: ((والذي فلق الحبة، وبرأ النَّسَمَة، إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إليَّ: ألَّا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق))؛ [رواه مسلم، والترمذي، والنسائي]، وفيه فضيلة ظاهرة عظيمة لعلي رضي الله عنه.
8- عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((القائم بعدي في الجنة، والذي يقوم بعده في الجنة، والثالث والرابع في الجنة))؛ [رواه ابن عساكر، وصححه الألباني].
9- عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليٍّ: ((أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لا نبي بعدي))؛ [رواه البخاري ومسلم والنسائي].
10- عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: ((لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع، ونزل غدير خمٍّ، أخذ بيد عليٍّ، فقال: من كنت وليه فهذا وليه، اللهم والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه))؛ [رواه بهذا اللفظ: الترمذي، والنسائي، والطبراني، والحاكم، وصححه الألباني، وهذا الحديث المشهور بحديث الغدير حديث صحيح جدًّا، وقد جاء عن كثير من الصحابة، والجزء الأول منه متواتر].
11- عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لأدفعنَّ الراية اليوم إلى رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، فتطاول القوم فقال: أين عليٌّ؟ فقالوا: هو يشتكي، فدعا به، فبزق نبي الله صلى الله عليه وسلم في كفيه، ثم مسح بهما عيني عليٍّ، ودفع إليه الراية، ففتح الله عليه يومئذٍ))؛ [رواه بهذا اللفظ: مسلم، والترمذي، والحديث مشهور، وقد أخرجه البخاري بلفظ ثانٍ عن سهل بن سعد الساعدي، وفيه زيادة: ((يفتح الله على يديه))].
وهذا الحديث من أعظم مناقب الإمام علي بن أبي طالب، وأجلِّ فضائله، وفيه شهادة بكمال إيمانه ويقينه رضي الله عنه.
12- عن البراء بن عازب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليٍّ رضي الله عنه: ((أنت مني، وأنا منك))؛ [رواه البخاري، ومسلم، والترمذي، والحديث فيه قصة طويلة].
13- عن أبي هريرة رضي الله عنه: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد حراء، ومعه أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، فتحرك بهم الجبل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اسكن حراء؛ فإنما عليك نبي أو صديق أو شهيد))؛ [رواه مسلم، والترمذي، وابن حبان، وغيرهم].
14- عن أسماء بنت عميس رضي الله عنها، قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة: ((قد أنكحتك أحبَّ أهل بيتي إليَّ))؛ [رواه النسائي والحاكم وغيرهما، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رجاله رجال الصحيح].
15- عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: ((أقرؤنا أُبَيٌّ، وأقضانا عليٌّ))؛ [رواه البخاري في صحيحه].
16- عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال: ((كان عمر بن الخطاب يتعوذ من معضلة ليس لها أبو الحسن))؛ [رواه ابن سعد، وابن عساكر].
فهذه بعض فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه وأرضاه، ولسيدنا علي من الفضائل غيرها الكثير، ولكن نكتفي بما قدمنا، ونتوقف عند الذي ذكرنا، وكان في النية التطويل، واستيفاء مناقب الإمام علي، ولكن رأيت أنَّ ما ذكرته فيه الكفاية، وفيه من بيان فضل أمير المؤمنين علي وعظمته الشيء الكثير، وهذه هي أهم وأجل فضائل سيدنا علي.
وحسب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب من الفخر أنه من أقرب الناس إلى رسول الله نسبًا ومحتدًا، وحسبه أنه من أهل الكساء الأطهار.
وحسبه أنه أول من أسلم من الفتيان، وأنه البطل الشجاع الذي لم يغلبه فارس، ولم ينتصر عليه مبارز، وحسبه فخرًا أنه الصائم القائم، العالم الخاشع، وحسبه فخرًا أنه أعلم الصحابة الكرام بالقضاء، وحسبه شرفًا أنه عاش حميدًا، ومات شهيدًا، فعلي رضي الله عنه هو أمير المؤمنين حقًّا، ورابع الخلفاء الراشدين المهديين صدقًا وعدلًا، وبهذا يتم لي ما أردته من ذكر فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه وأرضاه، وحشرنا في زمرته، وأماتنا على حبه وسيرته، بعد أن ذكرت فضائل إخوانه الراشدين الذين سبقوه، والحمد لله أولًا وآخرًا.
وصلى الله على محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه، ومن انتهج نهجه، وسلم تسليمًا كثيرًا.
المصادر والمراجع:
1- كتاب علي بن أبي طالب؛ عبدالستار الشيخ.
2- صحيح البخاري؛ الإمام محمد بن إسماعيل البخاري.
3- صحيح مسلم؛ الإمام مسلم بن الحجاج.
4- مسند أحمد بن حنبل؛ الإمام أحمد بن حنبل.
5- سنن الترمذي؛ الإمام الترمذي.
6- سنن النسائي؛ الإمام النسائي.
7- سنن ابن ماجه؛ الإمام ابن ماجه.
8- السلسلة الصحيحة؛ الإمام الألباني.
9- المستدرك على الصحيحين؛ الإمام الحاكم النيسابوري.
10- صحيح ابن حبان؛ الإمام ابن حبان.
11- مسند الطيالسي؛ الإمام الطيالسي.
12- طبقات ابن سعد؛ محمد بن سعد.
13- تاريخ ابن عساكر؛ الحافظ ابن عساكر.
14- أصول التفسير؛ العلامة محمد بن صالح العثيمين.
عبدالله ميزر الحداد
اختار الله سبحانه وتعالى الصحابة الكرام لنصرة دينه، وشرَّفهم بمرافقة رسوله، وفي مقدمة الصحابة نجِدُ الراشدين الأربعة؛ ومنهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه، فهم خواص الخواص، وعلي رضي الله عنه وصل إلى أسمى درجات الأولياء، وأعلى درجات الأصفياء، فهو ابن عمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم المقرب من قلبه الشريف، والذي تربى في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهو أول من أسلم من الفتيان، فقد سارع إلى الإسلام في يوم البعثة الأول، وخالط الإيمان سويداء قلبه.
وعليٌّ ممن أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا، فهو من آل البيت الأطهار، ومن أصحاب الكساء الأشراف، إلى جانب السيدة فاطمة، والسبطين الحسن والحسين رضي الله عن الجميع.
وهو أسد الله الغالب، وبطل الإسلام، وليث الحروب، ومرعب الأعداء المشركين، صاحب الشجاعة الفذة، والمبارزات المشهورة.
وهو العابد الخاشع، الصائم القائم، الورع الزاهد، الذي استُشهد، وهو صائم.
وعليٌّ رضي الله عنه هو العالم الكبير والفقيه الجليل الذي حلَّ كبار المعضلات بعلمه وحكمته، وقد كان سيدنا عمر رضي الله عنه يتعوذ من معضلة لا يستطيع حلها أبو الحسن، وقديمًا قال النحويون: (مسألة ولا أبو حسن لها).
وعلي رضي الله عنه يُضرب بعلمه المثل، ولقد كانت سيدة عالمات الإسلام أم المؤمنين عائشة تحيل السائلين عليه.
وعليٌّ هو المستشار الأمين والناصح المخلص، الذي لم يدخر جهدًا في مساعدة إخوانه الخلفاء الراشدين الذين سبقوه.
وعليٌّ هو الخليفة الراشدي المهدي الرابع، الذي اجتهد في خلافته فأصاب، وكان على الحق.
وعليٌّ أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين المهديين، ومن العشرة المبشرين.
ولو ذهبنا نستقصي صفات الإمام علي، وما أكرمه الله به من الشمائل، وأعطاه من الخصائص، لطال بنا المقام، وامتلأت الصفحات والصفحات، ولكن هدفنا الاختصار، ومرادنا الإيجاز، وأن يتم ما بدأناه في مقالات سابقة، من ذكر فضائل الخلفاء الراشدين المهديين.
وقد وردت لسيدنا علي فضائل كثيرة جدًّا في كتب الحديث الشريف، حتى قال الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه: "ما جاء لأحد من الفضائل بأسانيد جياد مثلما جاء لعلي رضي الله عنه".
وكلها فضائل عظيمة جليلة تجعلنا نعلم شيئًا من فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وأنا أعلم علم اليقين أنني لست بأهل للتحدث عن سيدنا علي وإخوانه الراشدين، ولكنني في هذا المقال أذكر فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه الكثيرة الجليلة، مستعينًا بالله العزيز الحميد، راجيًا منه التوفيق والتسديد.
فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب من الكتاب والسنة:
1- قال الله تعالى في سورة الأحزاب:
﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ [الأحزاب: 33]، وهذه فضيلة عظيمة، ومنقبة جليلة لسيدنا علي بن أبي طالب، وهي مفخرة جميلة له رضي الله عنه، وستأتي قصة الآية، وحديث الكساء في هذا المقال.
2- قال الله تعالى في سورة الحج:
﴿ هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ ﴾ [الحج: 19].
نزلت هذه الآية في الذين تبارزوا يوم بدر؛ وهم: عليٌّ، وحمزة، وعبيدة بن الحارث من الصحابة، وعتبة وشيبة ابني ربيعة، والوليد بن عتبة من المشركين، وفي هذه الآية فضيلة ظاهرة لعلي رضي الله عنه ومنقبة حميدة.
3- عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: ((خرج النبي صلى الله عليه وسلم غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي، فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ [الأحزاب: 33]))؛ [رواه مسلم في صحيحه 2424].
وهذا هو حديث الكساء المشهور، وقد رواه أيضًا الإمام أحمد، والترمذي، والحاكم، والبيهقي، والبغوي، وغيرهم، عن السيدة أم سلمة، وعن عمر بن أبي سلمة، ووائلة بن الأسقع.
وحديث الكساء حديث عظيم فيه فضيلة كبيرة جليلة لأمير المؤمنين علي رضي الله عنه، فهو بهذا الحديث من أهل الكساء، أكابر أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا.
4- عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال:
لما نزلت هذه الآية: ﴿ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ﴾ [آل عمران: 61]، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًّا وفاطمة وحسنًا وحسينًا، فقال: اللهم هؤلاء أهلي))؛ [رواه مسلم والترمذي].
5- عن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة...))؛ [رواه الترمذي، والنسائي، وأحمد، وصححه الألباني، وللحديث تتمة].
6- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة: ((إني وإياكِ وهذين وهذا الراقد – يعني: عليًّا - يوم القيامة في مكان واحد))؛ [أخرجه الطيالسي والطبراني، وصححه الألباني]، وهذين: يعني: الحسن والحسين رضي الله عنهما.
7- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أيضًا قال: ((والذي فلق الحبة، وبرأ النَّسَمَة، إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إليَّ: ألَّا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق))؛ [رواه مسلم، والترمذي، والنسائي]، وفيه فضيلة ظاهرة عظيمة لعلي رضي الله عنه.
8- عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((القائم بعدي في الجنة، والذي يقوم بعده في الجنة، والثالث والرابع في الجنة))؛ [رواه ابن عساكر، وصححه الألباني].
9- عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليٍّ: ((أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لا نبي بعدي))؛ [رواه البخاري ومسلم والنسائي].
10- عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: ((لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع، ونزل غدير خمٍّ، أخذ بيد عليٍّ، فقال: من كنت وليه فهذا وليه، اللهم والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه))؛ [رواه بهذا اللفظ: الترمذي، والنسائي، والطبراني، والحاكم، وصححه الألباني، وهذا الحديث المشهور بحديث الغدير حديث صحيح جدًّا، وقد جاء عن كثير من الصحابة، والجزء الأول منه متواتر].
11- عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لأدفعنَّ الراية اليوم إلى رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، فتطاول القوم فقال: أين عليٌّ؟ فقالوا: هو يشتكي، فدعا به، فبزق نبي الله صلى الله عليه وسلم في كفيه، ثم مسح بهما عيني عليٍّ، ودفع إليه الراية، ففتح الله عليه يومئذٍ))؛ [رواه بهذا اللفظ: مسلم، والترمذي، والحديث مشهور، وقد أخرجه البخاري بلفظ ثانٍ عن سهل بن سعد الساعدي، وفيه زيادة: ((يفتح الله على يديه))].
وهذا الحديث من أعظم مناقب الإمام علي بن أبي طالب، وأجلِّ فضائله، وفيه شهادة بكمال إيمانه ويقينه رضي الله عنه.
12- عن البراء بن عازب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليٍّ رضي الله عنه: ((أنت مني، وأنا منك))؛ [رواه البخاري، ومسلم، والترمذي، والحديث فيه قصة طويلة].
13- عن أبي هريرة رضي الله عنه: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد حراء، ومعه أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، فتحرك بهم الجبل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اسكن حراء؛ فإنما عليك نبي أو صديق أو شهيد))؛ [رواه مسلم، والترمذي، وابن حبان، وغيرهم].
14- عن أسماء بنت عميس رضي الله عنها، قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة: ((قد أنكحتك أحبَّ أهل بيتي إليَّ))؛ [رواه النسائي والحاكم وغيرهما، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رجاله رجال الصحيح].
15- عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: ((أقرؤنا أُبَيٌّ، وأقضانا عليٌّ))؛ [رواه البخاري في صحيحه].
16- عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال: ((كان عمر بن الخطاب يتعوذ من معضلة ليس لها أبو الحسن))؛ [رواه ابن سعد، وابن عساكر].
فهذه بعض فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه وأرضاه، ولسيدنا علي من الفضائل غيرها الكثير، ولكن نكتفي بما قدمنا، ونتوقف عند الذي ذكرنا، وكان في النية التطويل، واستيفاء مناقب الإمام علي، ولكن رأيت أنَّ ما ذكرته فيه الكفاية، وفيه من بيان فضل أمير المؤمنين علي وعظمته الشيء الكثير، وهذه هي أهم وأجل فضائل سيدنا علي.
وحسب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب من الفخر أنه من أقرب الناس إلى رسول الله نسبًا ومحتدًا، وحسبه أنه من أهل الكساء الأطهار.
وحسبه أنه أول من أسلم من الفتيان، وأنه البطل الشجاع الذي لم يغلبه فارس، ولم ينتصر عليه مبارز، وحسبه فخرًا أنه الصائم القائم، العالم الخاشع، وحسبه فخرًا أنه أعلم الصحابة الكرام بالقضاء، وحسبه شرفًا أنه عاش حميدًا، ومات شهيدًا، فعلي رضي الله عنه هو أمير المؤمنين حقًّا، ورابع الخلفاء الراشدين المهديين صدقًا وعدلًا، وبهذا يتم لي ما أردته من ذكر فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه وأرضاه، وحشرنا في زمرته، وأماتنا على حبه وسيرته، بعد أن ذكرت فضائل إخوانه الراشدين الذين سبقوه، والحمد لله أولًا وآخرًا.
وصلى الله على محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه، ومن انتهج نهجه، وسلم تسليمًا كثيرًا.
المصادر والمراجع:
1- كتاب علي بن أبي طالب؛ عبدالستار الشيخ.
2- صحيح البخاري؛ الإمام محمد بن إسماعيل البخاري.
3- صحيح مسلم؛ الإمام مسلم بن الحجاج.
4- مسند أحمد بن حنبل؛ الإمام أحمد بن حنبل.
5- سنن الترمذي؛ الإمام الترمذي.
6- سنن النسائي؛ الإمام النسائي.
7- سنن ابن ماجه؛ الإمام ابن ماجه.
8- السلسلة الصحيحة؛ الإمام الألباني.
9- المستدرك على الصحيحين؛ الإمام الحاكم النيسابوري.
10- صحيح ابن حبان؛ الإمام ابن حبان.
11- مسند الطيالسي؛ الإمام الطيالسي.
12- طبقات ابن سعد؛ محمد بن سعد.
13- تاريخ ابن عساكر؛ الحافظ ابن عساكر.
14- أصول التفسير؛ العلامة محمد بن صالح العثيمين.