فريق منتدى الدي في دي العربي
07-28-2022, 08:31 PM
دروس من قصة المرأة التي اتخذت رِجْلَيْن من خشب
(موعظة الأسبوع)
كتبه/ سعيد محمود
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
مقدمة:
- هي قصة من قصص بني إسرائيل، وقعت أيام اشتغال بني إسرائيل بالمظاهر الكاذبة، وقد أدَّى ذلك بهم إلى الدمار والهلاك؛ عن أبي سعيد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (كانَتِ امْرَأَةٌ مِن بَنِي إسْرائِيلَ، قَصِيرَةٌ تَمْشِي مع امْرَأَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ، فاتَّخَذَتْ رِجْلَيْنِ مِن خَشَبٍ، وخاتَمًا مِن ذَهَبٍ مُغْلَقٌ مُطْبَقٌ، ثُمَّ حَشَتْهُ مِسْكًا، وهو أطْيَبُ الطِّيبِ، فَمَرَّتْ بيْنَ المَرْأَتَيْنِ، فَلَمْ يَعْرِفُوها، فقالَتْ بيَدِها هَكَذا) ونَفَضَ شُعْبَةُ يَدَهُ. (رواه مسلم). وفي رواية أحمد: (فَكَانَتْ إذَا مَرَّتْ بِالْمَجْلِسِ حَرَّكَتْهُ، فَنَفَحَ رِيحُهُ) (رواه أحمد، وصححه الألباني). وفي رواية ابن حبان: (*فَاتَّخَذَتْ *لَهَا *نَعْلَيْنِ *مِنْ *خَشَبٍ) (رواه ابن حبان، وصححه الألباني).
- ورواه ابن خزيمة في كتاب التوحيد، عن أبي سعيد: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خطب خطبة فأطالها، وذكر فيها أمر الدنيا والآخرة فذكر: (أَوَّلَ مَا هَلَكَ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَنَّ امْرَأَةَ الْفَقِيرِ كَانَتْ تُكَلِّفُهُ مِنَ الثِّيَابِ أَوِ الصِّبْغِ، أَوْ قَالَ: مِنَ الصِّيغَةِ مَا تُكَلِّفُ امْرَأَةُ الْغَنِيَّ، فَذَكَرَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ قَصِيرَةً، وَاتَّخَذَتْ رِجْلَيْنِ مِنْ خَشَبٍ وَخَاتَمًا لَهُ غَلَقٌ وَطَبَقٌ، وَحَشَتْهُ مِسْكًا، *وَخَرَجَتْ *بَيْنَ *امْرَأَتَيْنِ *طَوِيلَتَيْنِ *أَوْ *جَسِيمِتَيْنِ، فَبَعَثُوا إِنْسَانًا يَتَّبِعُهُمْ فَعَرَفَ الطَّوِيلَتَيْن ِ، وَلَمْ يَعْرِفْ صَاحِبَةَ الرِّجْلَيْنِ مِنْ خَشَبٍ) (رواه ابن خزيمة، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة).
- شرح مجمل للقصة (من شرح مسلم للنووي)، ثم الإشارة إلى الدروس والعِبَر الآتية:
الدرس الأول: خطر التنافس في أمور الدنيا:
- كانت بداية فساد بني إسرائيل من جهة التنافس على مظاهر الدنيا الكاذبة (الملابس - الحلي والزينة والحفلات - تزيين البيوت والإسراف في ذلك)، قال -صلى الله عليه وسلم-: (أَوَّلَ مَا هَلَكَ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَنَّ امْرَأَةَ الْفَقِيرِ كَانَتْ تُكَلِّفُهُ مِنَ الثِّيَابِ أَوِ الصِّبْغِ، أَوْ قَالَ: مِنَ الصِّيغَةِ مَا تُكَلِّفُ امْرَأَةُ الْغَنِيَّ).
- خطر التنافس في أمور الدنيا على البيوت والأسرة (ديون وقروض ربوية - طلاق - سجن - ... ): قال -تعالى-: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) (البقرة:286)، وقال -تعالى-: (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ) (النساء:34). وروي في الحديث: "مَا اسْتَفَادَ الْمُؤْمِنُ بَعْدَ تَقْوَى اللَّهِ خَيْرًا لَهُ مِنْ زَوْجَةٍ صَالِحَةٍ إِنْ أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ، وَإِنْ نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ، وَإِنْ أَقْسَمَ عَلَيْهَا أَبَرَّتْهُ، وَإِنْ غَابَ عَنْهَا نَصَحَتْهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهِ" (رواه ابن ماجه، والطبراني، وضعفه الألباني)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّكُمْ رَاعٍ ومَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ؛ فَالإِمَامُ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ في أهْلِهِ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمَرْأَةُ في بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وهي مَسْؤُولَةٌ عن رَعِيَّتِهَا... ) (متفق عليه)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (فَوَاللَّهِ ما الفَقْرَ أخْشَى علَيْكُم، ولَكِنِّي أخْشَى أنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كما بُسِطَتْ علَى مَن كانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كما تَنَافَسُوهَا، وتُهْلِكَكُمْ كما أهْلَكَتْهُمْ) (متفق عليه). وكانت المرأة من نساء السلف تقول لزوجها: "اتَّقِ الله فينا، ولا تطعمنا إلا الحلال؛ فإنا نصبر على جوع الدنيا، ولا نصبر على نار الآخرة".
- الصالحون يتنافسون في أمور الآخرة: قال تعالى: (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ? وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (الحديد:21).
الدرس الثاني: العبرة بالأعمال والقلوب، وليس بالصور والمظاهر:
- لقد ازداد الفساد الاجتماعي في بنى إسرائيل، حتى وصل إلى التنافس في تغيير الفطرة وما عليه خلق الإنسان: (الشاهد من القصة هو احتقار المرأة القصيرة نفسها، وبحثها عن وسيلة محرمة لتغيير خلقتها).
- وهذا من كيد الشيطان الذي توعد به الإنسان في كل زمان: (وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا . وَلَأُضِلَّنَّه ُمْ وَلَأُمَنِّيَنّ َهُمْ وَلَآمُرَنَّهُم ْ فَلَيُبَتِّكُنّ َ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُم ْ فَلَيُغَيِّرُنّ َ خَلْقَ اللَّهِ) (نساء:118-119).
- ولقد حقق الشيطان مراده في كثير من الناس (عمليات التجميل المحرمة - أدوات الزينة التي تغير الخلقة -... ): قال تعالى: (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ) (سبأ:20).
- لقد غفل هؤلاء عن أن التفاضل يكون في الدِّين، وأنه يكون بالأعمال الصالحة والتقرب إلى الله: قال تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) (الحجرات:13)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ، وَلَا إِلَى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ *يَنْظُرُ *إِلَى *قُلُوبِكُمْ) (رواه مسلم)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّه لَيَأْتي الرَّجُلُ العَظِيمُ السَّمِينُ يَومَ القِيامَةِ، لا يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَناحَ بَعُوضَةٍ، وقالَ: اقْرَؤُوا: (فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا) (الكهف:105) (متفق عليه)، وقال -صلى الله عليه وسلم- عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- لما ضحك بعض الناس من دقه ساقية: (ممَّ تَضحكونَ؟) قالوا: مِن دقَّةِ ساقَيهِ، فقالَ: (والَّذي نَفسي بيدِهِ لهِيَ أثقَلُ في الميزانِ مِن أُحُدٍ) (رواه أحمد، وابن حبان، وحسنه الألباني)، وقال سعيد بن المسيب: "إن لُقْمانَ كانَ أسْوَدَ، مِن سُودانِ مِصْرَ، ذا مَشافِرَ، أعْطاهُ اللَّهُ الحِكْمَةَ ومَنَعَهُ النُّبُوَّةَ" (الدرر المنثور للسيوطي).
الدرس الثالث: خطر فتنة النساء:
- في ثنايا القصة نلمح تحذير النبي -صلى الله عليه وسلم- من فتنة النساء، والحذر من تفننهن في طرق الغواية والإضلال: (الشاهد من القصة: هو تفنن المرأة في صناعة النعلين والخاتم لإغواء الرجال).
- المرأة أعظم الفتن التي يستعملها الشيطان في غواية الرجل (المال - الأولاد - المنصب - الاضطهاد - المرض - ...): قال -تعالى-: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) (آل عمران:14)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (ما تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أضَرَّ علَى الرِّجالِ مِنَ النِّساءِ) (متفق عليه)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إذا استَعطرتِ المرأةُ، فمرَّتْ علَى القومِ ليجِدوا ريحَها، فَهيَ كذا وَكَذا)، قال قولًا شديدًا. (رواه أبو داود، والترمذي، وحسنه الألباني).
- ولذا سد الإسلام بتشريعاته كل منابع الفتنة بالمرأة، من خلال تدابير وقائية: (فرض الحجاب - تحريم الاختلاط - تحريم التطيب للمرأة بين الأجانب - الأمر بغض البصر - تحريم الخلوة - وغير ذلك).
- وذم الإسلام مَن لا يغار على نسائه مِن نظر الرجال، ولا يأمرهن بالصيانة والعفة: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يدخل الجنة ديوث" (رواه الطيالسي، وضعفه الألباني)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (ثلاثةٌ لا ينظرُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ إليهم يومَ القيامةِ؛ العاقُّ لوالِدَيهِ، والمرأةُ المترجِّلةُ، والدَّيُّوثُ) (رواه أحمد والنسائي، وصححه الألباني).
- ومدح الإسلام مَن يغار على نسائه في غير ريبة: قال -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللَّهَ يَغَارُ، وإنَّ المُؤْمِنَ يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللهِ أَنْ يَأْتِيَ المُؤْمِنُ ما حَرَّمَ عليه) (متفق عليه).
خاتمة:
- إشارة إجمالية إلى الغرض من القصة، وهو: تحذير النبي -صلى الله عليه وسلم- مِن مسايرة أهل الباطل والغفلة؛ حتى لا يصيبنا ما أصابهم من الهلاك والزوال.
نسأل الله أن ينجينا مِن الفتن، ما ظهر منها وما بطن.
(موعظة الأسبوع)
كتبه/ سعيد محمود
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
مقدمة:
- هي قصة من قصص بني إسرائيل، وقعت أيام اشتغال بني إسرائيل بالمظاهر الكاذبة، وقد أدَّى ذلك بهم إلى الدمار والهلاك؛ عن أبي سعيد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (كانَتِ امْرَأَةٌ مِن بَنِي إسْرائِيلَ، قَصِيرَةٌ تَمْشِي مع امْرَأَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ، فاتَّخَذَتْ رِجْلَيْنِ مِن خَشَبٍ، وخاتَمًا مِن ذَهَبٍ مُغْلَقٌ مُطْبَقٌ، ثُمَّ حَشَتْهُ مِسْكًا، وهو أطْيَبُ الطِّيبِ، فَمَرَّتْ بيْنَ المَرْأَتَيْنِ، فَلَمْ يَعْرِفُوها، فقالَتْ بيَدِها هَكَذا) ونَفَضَ شُعْبَةُ يَدَهُ. (رواه مسلم). وفي رواية أحمد: (فَكَانَتْ إذَا مَرَّتْ بِالْمَجْلِسِ حَرَّكَتْهُ، فَنَفَحَ رِيحُهُ) (رواه أحمد، وصححه الألباني). وفي رواية ابن حبان: (*فَاتَّخَذَتْ *لَهَا *نَعْلَيْنِ *مِنْ *خَشَبٍ) (رواه ابن حبان، وصححه الألباني).
- ورواه ابن خزيمة في كتاب التوحيد، عن أبي سعيد: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خطب خطبة فأطالها، وذكر فيها أمر الدنيا والآخرة فذكر: (أَوَّلَ مَا هَلَكَ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَنَّ امْرَأَةَ الْفَقِيرِ كَانَتْ تُكَلِّفُهُ مِنَ الثِّيَابِ أَوِ الصِّبْغِ، أَوْ قَالَ: مِنَ الصِّيغَةِ مَا تُكَلِّفُ امْرَأَةُ الْغَنِيَّ، فَذَكَرَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ قَصِيرَةً، وَاتَّخَذَتْ رِجْلَيْنِ مِنْ خَشَبٍ وَخَاتَمًا لَهُ غَلَقٌ وَطَبَقٌ، وَحَشَتْهُ مِسْكًا، *وَخَرَجَتْ *بَيْنَ *امْرَأَتَيْنِ *طَوِيلَتَيْنِ *أَوْ *جَسِيمِتَيْنِ، فَبَعَثُوا إِنْسَانًا يَتَّبِعُهُمْ فَعَرَفَ الطَّوِيلَتَيْن ِ، وَلَمْ يَعْرِفْ صَاحِبَةَ الرِّجْلَيْنِ مِنْ خَشَبٍ) (رواه ابن خزيمة، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة).
- شرح مجمل للقصة (من شرح مسلم للنووي)، ثم الإشارة إلى الدروس والعِبَر الآتية:
الدرس الأول: خطر التنافس في أمور الدنيا:
- كانت بداية فساد بني إسرائيل من جهة التنافس على مظاهر الدنيا الكاذبة (الملابس - الحلي والزينة والحفلات - تزيين البيوت والإسراف في ذلك)، قال -صلى الله عليه وسلم-: (أَوَّلَ مَا هَلَكَ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَنَّ امْرَأَةَ الْفَقِيرِ كَانَتْ تُكَلِّفُهُ مِنَ الثِّيَابِ أَوِ الصِّبْغِ، أَوْ قَالَ: مِنَ الصِّيغَةِ مَا تُكَلِّفُ امْرَأَةُ الْغَنِيَّ).
- خطر التنافس في أمور الدنيا على البيوت والأسرة (ديون وقروض ربوية - طلاق - سجن - ... ): قال -تعالى-: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) (البقرة:286)، وقال -تعالى-: (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ) (النساء:34). وروي في الحديث: "مَا اسْتَفَادَ الْمُؤْمِنُ بَعْدَ تَقْوَى اللَّهِ خَيْرًا لَهُ مِنْ زَوْجَةٍ صَالِحَةٍ إِنْ أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ، وَإِنْ نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ، وَإِنْ أَقْسَمَ عَلَيْهَا أَبَرَّتْهُ، وَإِنْ غَابَ عَنْهَا نَصَحَتْهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهِ" (رواه ابن ماجه، والطبراني، وضعفه الألباني)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّكُمْ رَاعٍ ومَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ؛ فَالإِمَامُ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ في أهْلِهِ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمَرْأَةُ في بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وهي مَسْؤُولَةٌ عن رَعِيَّتِهَا... ) (متفق عليه)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (فَوَاللَّهِ ما الفَقْرَ أخْشَى علَيْكُم، ولَكِنِّي أخْشَى أنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كما بُسِطَتْ علَى مَن كانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كما تَنَافَسُوهَا، وتُهْلِكَكُمْ كما أهْلَكَتْهُمْ) (متفق عليه). وكانت المرأة من نساء السلف تقول لزوجها: "اتَّقِ الله فينا، ولا تطعمنا إلا الحلال؛ فإنا نصبر على جوع الدنيا، ولا نصبر على نار الآخرة".
- الصالحون يتنافسون في أمور الآخرة: قال تعالى: (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ? وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (الحديد:21).
الدرس الثاني: العبرة بالأعمال والقلوب، وليس بالصور والمظاهر:
- لقد ازداد الفساد الاجتماعي في بنى إسرائيل، حتى وصل إلى التنافس في تغيير الفطرة وما عليه خلق الإنسان: (الشاهد من القصة هو احتقار المرأة القصيرة نفسها، وبحثها عن وسيلة محرمة لتغيير خلقتها).
- وهذا من كيد الشيطان الذي توعد به الإنسان في كل زمان: (وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا . وَلَأُضِلَّنَّه ُمْ وَلَأُمَنِّيَنّ َهُمْ وَلَآمُرَنَّهُم ْ فَلَيُبَتِّكُنّ َ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُم ْ فَلَيُغَيِّرُنّ َ خَلْقَ اللَّهِ) (نساء:118-119).
- ولقد حقق الشيطان مراده في كثير من الناس (عمليات التجميل المحرمة - أدوات الزينة التي تغير الخلقة -... ): قال تعالى: (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ) (سبأ:20).
- لقد غفل هؤلاء عن أن التفاضل يكون في الدِّين، وأنه يكون بالأعمال الصالحة والتقرب إلى الله: قال تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) (الحجرات:13)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ، وَلَا إِلَى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ *يَنْظُرُ *إِلَى *قُلُوبِكُمْ) (رواه مسلم)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّه لَيَأْتي الرَّجُلُ العَظِيمُ السَّمِينُ يَومَ القِيامَةِ، لا يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَناحَ بَعُوضَةٍ، وقالَ: اقْرَؤُوا: (فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا) (الكهف:105) (متفق عليه)، وقال -صلى الله عليه وسلم- عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- لما ضحك بعض الناس من دقه ساقية: (ممَّ تَضحكونَ؟) قالوا: مِن دقَّةِ ساقَيهِ، فقالَ: (والَّذي نَفسي بيدِهِ لهِيَ أثقَلُ في الميزانِ مِن أُحُدٍ) (رواه أحمد، وابن حبان، وحسنه الألباني)، وقال سعيد بن المسيب: "إن لُقْمانَ كانَ أسْوَدَ، مِن سُودانِ مِصْرَ، ذا مَشافِرَ، أعْطاهُ اللَّهُ الحِكْمَةَ ومَنَعَهُ النُّبُوَّةَ" (الدرر المنثور للسيوطي).
الدرس الثالث: خطر فتنة النساء:
- في ثنايا القصة نلمح تحذير النبي -صلى الله عليه وسلم- من فتنة النساء، والحذر من تفننهن في طرق الغواية والإضلال: (الشاهد من القصة: هو تفنن المرأة في صناعة النعلين والخاتم لإغواء الرجال).
- المرأة أعظم الفتن التي يستعملها الشيطان في غواية الرجل (المال - الأولاد - المنصب - الاضطهاد - المرض - ...): قال -تعالى-: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) (آل عمران:14)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (ما تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أضَرَّ علَى الرِّجالِ مِنَ النِّساءِ) (متفق عليه)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إذا استَعطرتِ المرأةُ، فمرَّتْ علَى القومِ ليجِدوا ريحَها، فَهيَ كذا وَكَذا)، قال قولًا شديدًا. (رواه أبو داود، والترمذي، وحسنه الألباني).
- ولذا سد الإسلام بتشريعاته كل منابع الفتنة بالمرأة، من خلال تدابير وقائية: (فرض الحجاب - تحريم الاختلاط - تحريم التطيب للمرأة بين الأجانب - الأمر بغض البصر - تحريم الخلوة - وغير ذلك).
- وذم الإسلام مَن لا يغار على نسائه مِن نظر الرجال، ولا يأمرهن بالصيانة والعفة: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يدخل الجنة ديوث" (رواه الطيالسي، وضعفه الألباني)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (ثلاثةٌ لا ينظرُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ إليهم يومَ القيامةِ؛ العاقُّ لوالِدَيهِ، والمرأةُ المترجِّلةُ، والدَّيُّوثُ) (رواه أحمد والنسائي، وصححه الألباني).
- ومدح الإسلام مَن يغار على نسائه في غير ريبة: قال -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللَّهَ يَغَارُ، وإنَّ المُؤْمِنَ يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللهِ أَنْ يَأْتِيَ المُؤْمِنُ ما حَرَّمَ عليه) (متفق عليه).
خاتمة:
- إشارة إجمالية إلى الغرض من القصة، وهو: تحذير النبي -صلى الله عليه وسلم- مِن مسايرة أهل الباطل والغفلة؛ حتى لا يصيبنا ما أصابهم من الهلاك والزوال.
نسأل الله أن ينجينا مِن الفتن، ما ظهر منها وما بطن.