فريق منتدى الدي في دي العربي
08-01-2022, 10:49 AM
لقمان الحكيم .. قائد تربوي مبدع
إيهاب برهم
من جميل هدي القرآن الكريم أن يعرض مشهدا حيا لقائد تربوي حكيم – ضليع في العلم والتوجيه والفقه بأمر التربية بشتى مجالاتها وخبير بنفس المتلقي على حد سواء – وهو يعظ و يوصي ابنه بوصايا تتربع على عرش هرم الوصايا ..استحق بها أن تسمى سورة من القرآن باسمه ( سورة لقمان ) .
افتتحت القصة بذكر مقدمة رائعة للقصة ، حيث محور الإدارة التربوية والإرشاد السلوكي والأهلية للتوجيه وقيادة النشء نحو الصلاح والخيروالرقي ، إنها :
– الحكمة ( وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ? وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ? وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ) لقمان : 12 . وهي تعني : المعرفة بحقائق ودقائق الأمور مع الإصابة في القول والفعل ، ووضع الأشياء في نصابها الصحيح مع الإتقان في العمل ..فهي قضية ثقيلة في ميزان الخلق والخالق ..رائدة في التربية وكل مجالات الحياة ?يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً? البقرة 269 .
ثم جاءت بقية صفات القائد التربوي والمصلح الفاعل متمحورة حول الحكمة .. :
– الشمولية في التربية وفي مادة التوجيه : فلم يقتصر لقمان الحكيم على جانب محدد في وصاياه وظل يدندن حوله – كما نرى اليوم من بعض الدعاة والمصلحين والتربويين – وأهمل بقية الجوانب بل نوع في المادة العلمية والتربوية لتشمل الدين العظيم بمفهومه العام لجوانب الحياة ..( عقيدة – شريعة – أخلاق ) .
ففي العقيدة – ( لا تشرك بالله ..) 13 ، وفي الشريعة والعبادة ( أقم الصلاة ..) 17 ، وفي الأخلاق (ووصينا الإنسان بوالديه ..، ,ولا تصعر خدك للناس ولاتمش في الأرض مرحا ..واقصد في مشيك واغضض من صوتك )14، 18 ، 19
إن التوجيه الشمولي للنشء والتربية الصحيحة المنسجمة الجوانب ..تخلق شخصية وسطية متوازنة ومتكاملة ، وهوية مسلمة مترابطة الميول و فاعلة في المجتمع . وإن طغيان جانب على حساب آخر ينتج حالة من الخلل و التفكك وعدم التوازن كما نرى ونشهد في واقعنا اليوم.
– فقه الأولويات في التربية : فمن حكمة لقمان أنه راعى الأولويات في التربية ، حيث ابتدأ بالعقيدة – أصل العلاقة مع الخالق سبحانه ( عالم الأفكار )- ، فهي القاعدة الصلبة للدين الإسلامي والرسالات السماوية وللتربية عموما بكل صورها ، وبصلاحها يصلح كل شيء ، ثم ثنى بالعبادات – تنظيم العلاقة مع الله ( معراج المسلم ) .. وثلث بالأخلاق – العلاقة مع الآخر في المجتمع والفاعلية فيه ( عالم الأشخاص ) . ومن العجب أن نرى بعض المصلحين والمربين والدعاة يخالفون فقه الأولويات ويضربون ضربة عشواء فيه ويتخبطون في سلمه ويتفرقون أيادي سبأ في تحديده !!
– التحبب للمتربين والمتلقين والتلطف بهم والعطف عليهم ، وهو أسلوب تربوي عريق وقد ظهرعند لقمان الحكيم بتكراره لـ ( يا بني ..) والتي تفيد التحبب و الاقتراب من ابنه لكسر الحواجز ..و في هذا حث للمتربي على الامتثال للموعظة .
ومن العجب أن نرى بعض المصلحين والمربين والدعاة يخالفون فقه الأولويات ويضربون ضربة عشواء فيه ويتخبطون في سلمه ويتفرقون أيادي سبأ في تحديده !!
– ضرب الأمثال : ففي عالم التربية والوعظ لابد من التمثيل من الواقع حتى تتضح الوصايا والمسائل والقضايا غير المحسوسة.وهذا ماثل في قول لقمان ( يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) 16 .وفي قوله ( إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ) 19 . وذلك يحقق غايات وأهداف التربية .
– تعليل الأمر و النهي أو التوجيه التربوي بعلل قوية وحجج وبراهين مقنعة للعقل و لمنطق الأشياء ، تدفع للعمل به والانجذاب نحوه والتمثل به..،وقد ظهر هذا في( إن الشرك لظلم عظيم ) 13، فبعد أن نهى لقمان ابنه عن الشرك ، علله بكونه ظلم عظيم – وأي ظلم هو – ..، وحين وصى بالوالدين لا سيما الأم علله بالقول (..حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى? وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ..) 14 . إن إطلاق المواعظ عارية من أي علل وأدلة مقنعة – كما يفعل الكثير من التربويين – لن يحقق النتائج المرجوة و لن يجني ثمرة التوجيه .
إيهاب برهم
من جميل هدي القرآن الكريم أن يعرض مشهدا حيا لقائد تربوي حكيم – ضليع في العلم والتوجيه والفقه بأمر التربية بشتى مجالاتها وخبير بنفس المتلقي على حد سواء – وهو يعظ و يوصي ابنه بوصايا تتربع على عرش هرم الوصايا ..استحق بها أن تسمى سورة من القرآن باسمه ( سورة لقمان ) .
افتتحت القصة بذكر مقدمة رائعة للقصة ، حيث محور الإدارة التربوية والإرشاد السلوكي والأهلية للتوجيه وقيادة النشء نحو الصلاح والخيروالرقي ، إنها :
– الحكمة ( وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ? وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ? وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ) لقمان : 12 . وهي تعني : المعرفة بحقائق ودقائق الأمور مع الإصابة في القول والفعل ، ووضع الأشياء في نصابها الصحيح مع الإتقان في العمل ..فهي قضية ثقيلة في ميزان الخلق والخالق ..رائدة في التربية وكل مجالات الحياة ?يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً? البقرة 269 .
ثم جاءت بقية صفات القائد التربوي والمصلح الفاعل متمحورة حول الحكمة .. :
– الشمولية في التربية وفي مادة التوجيه : فلم يقتصر لقمان الحكيم على جانب محدد في وصاياه وظل يدندن حوله – كما نرى اليوم من بعض الدعاة والمصلحين والتربويين – وأهمل بقية الجوانب بل نوع في المادة العلمية والتربوية لتشمل الدين العظيم بمفهومه العام لجوانب الحياة ..( عقيدة – شريعة – أخلاق ) .
ففي العقيدة – ( لا تشرك بالله ..) 13 ، وفي الشريعة والعبادة ( أقم الصلاة ..) 17 ، وفي الأخلاق (ووصينا الإنسان بوالديه ..، ,ولا تصعر خدك للناس ولاتمش في الأرض مرحا ..واقصد في مشيك واغضض من صوتك )14، 18 ، 19
إن التوجيه الشمولي للنشء والتربية الصحيحة المنسجمة الجوانب ..تخلق شخصية وسطية متوازنة ومتكاملة ، وهوية مسلمة مترابطة الميول و فاعلة في المجتمع . وإن طغيان جانب على حساب آخر ينتج حالة من الخلل و التفكك وعدم التوازن كما نرى ونشهد في واقعنا اليوم.
– فقه الأولويات في التربية : فمن حكمة لقمان أنه راعى الأولويات في التربية ، حيث ابتدأ بالعقيدة – أصل العلاقة مع الخالق سبحانه ( عالم الأفكار )- ، فهي القاعدة الصلبة للدين الإسلامي والرسالات السماوية وللتربية عموما بكل صورها ، وبصلاحها يصلح كل شيء ، ثم ثنى بالعبادات – تنظيم العلاقة مع الله ( معراج المسلم ) .. وثلث بالأخلاق – العلاقة مع الآخر في المجتمع والفاعلية فيه ( عالم الأشخاص ) . ومن العجب أن نرى بعض المصلحين والمربين والدعاة يخالفون فقه الأولويات ويضربون ضربة عشواء فيه ويتخبطون في سلمه ويتفرقون أيادي سبأ في تحديده !!
– التحبب للمتربين والمتلقين والتلطف بهم والعطف عليهم ، وهو أسلوب تربوي عريق وقد ظهرعند لقمان الحكيم بتكراره لـ ( يا بني ..) والتي تفيد التحبب و الاقتراب من ابنه لكسر الحواجز ..و في هذا حث للمتربي على الامتثال للموعظة .
ومن العجب أن نرى بعض المصلحين والمربين والدعاة يخالفون فقه الأولويات ويضربون ضربة عشواء فيه ويتخبطون في سلمه ويتفرقون أيادي سبأ في تحديده !!
– ضرب الأمثال : ففي عالم التربية والوعظ لابد من التمثيل من الواقع حتى تتضح الوصايا والمسائل والقضايا غير المحسوسة.وهذا ماثل في قول لقمان ( يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) 16 .وفي قوله ( إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ) 19 . وذلك يحقق غايات وأهداف التربية .
– تعليل الأمر و النهي أو التوجيه التربوي بعلل قوية وحجج وبراهين مقنعة للعقل و لمنطق الأشياء ، تدفع للعمل به والانجذاب نحوه والتمثل به..،وقد ظهر هذا في( إن الشرك لظلم عظيم ) 13، فبعد أن نهى لقمان ابنه عن الشرك ، علله بكونه ظلم عظيم – وأي ظلم هو – ..، وحين وصى بالوالدين لا سيما الأم علله بالقول (..حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى? وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ..) 14 . إن إطلاق المواعظ عارية من أي علل وأدلة مقنعة – كما يفعل الكثير من التربويين – لن يحقق النتائج المرجوة و لن يجني ثمرة التوجيه .