مشاهدة النسخة كاملة : إلجام العوام عن التصوُّف والكلام - أ مراد وعمارة


فريق منتدى الدي في دي العربي
08-01-2022, 06:48 PM
السلام عليكم،

هذا الموضوع إضافة لهذا الموضوع
كيف تمكنت الدعوة الصوفية من عقول وقلوب العوام في بلاد الإسلام ؟

<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>


إلــجام العوام عن التصوُّف والكلام

لا يجب إلزام الناس بسلوك منهج التصوُّف، لأنَّ ذلك من اختصاص أهل البر والإحسان، على سبيل الاستحباب في سلوك طريق التعبُّد والتزهُّد. وأعني بالتصوُّف تصوُّف أهل السنة والجماعة، الذي كان عليه السلف والمشايخ من بعدهم من أمثال السري السقطي ومعروف الكرخي وأبي سليمان الداراني ويحيى بن معاذ الرازي والجنيد القواريري وعبد القادر الجيلاني وأبي إسماعيل الهروي والعدوي وأبي مدين شعيب البجائي وأبي الحسن الشاذلي والقبَّاري والواسطي وابن تيمية وابن القيم.. ومَن بعدهم.. أمَّا تصوُّف أهل البدع فهو ضلال عن الدين الحق لا يحل، كما أجمع عليه أهل العلم من السلف والخلف.
كما لا يجب إلزام الناس باعتقاد تفاصيل أهل الكلام [سواء من مذهب الأشاعرة أو مذهب الحنابلة].. لأنَّ ذلك من اختصاص أهل العلم، على سبيل الاستحباب في إعمال النظر في دقائق الكلام من أجل النضال عن العقائد.. ولست أقصد الكلام المذموم الذي هو كلام أهل البدع فذلك لا يحلُّ بكلِّ حال.. كما أجمع عليه أهل العلم من السلف والخلف.
ما دخل العامة في ذلك. يكفي الناس أن يكونوا مسلمين، اسمًا وانتماء، مؤدِّين ما فرضه الله عليهم من الأركان الخمس، مُجْتَنِبين ما حرَّمه عليهم من الموبقات السبع، ومن كبائر الذنوب من الإثم والفواحش ظاهرها وباطنها.. مع تلافيهم ما عسى أن يقعوا فيه من ذلك بالتوبة والاستغفار. فمن فعل ذلك كان من أولياء الله المتَّقين، كامل الإيمان، ويُدعى يوم القيامة من أبواب الجنة الثمانية.. فإذا أحسن وزاد، كان جزاؤه الإحسان وزيادة، فإنَّ فوق كل كامل في العلم والإيمان من هو أكمل وأعلم.
إنَّ الطرائق الصوفية والمناهج الكلامية (أشعريةً وحنبلية) ليست أحزابا للاحتشاد وعقد الولاء والبراء، ولا معْلما ولا شعارا في الانتماء إلى الدين، وإنما هي مدارس للترقي في العلم، أو محاضن للترقِّي في الولاية، وذلك كله من الاجتهاد والإحسان في باب النضال عن دين الله تعالى، أو في باب السلوك والتقرُّب إلى الله تعالى، وذلك شأن يخُصُّ أهل العلم والولاية، أو العلماء بدين الله، والعلماء بالله..
وهذا كما لا يجب على الناس جميعا أن يكونوا كلُّهم قرَّاء ومحدِّثين وفقهاء ومُجاهدين ووُعَّاظا، فهذه كلُّها مجالات يختصُّ بها أقوام على وجه الندب تارة، أو على وجه النيابة عن الأمَّة في أداء واجب هو من فروض الكفاية. فكذلك الخوض في دقائق أهل الكلام، أو التزام طرائق الشيوخ في التعبد والتزهُّد..
فإذا جعل ذلك سببا للاحتشاد والاجتماع، يُعقد عليه الولاء والبراء، آل إلى التشاحن والتباغض والعصبية، والتداعي بدعوى الجاهلية، ثم إلى الاقتتال والافتراق في الدين، وهو ما نهى الله عنه وحذَّر منه، كما في قوله تعالى: (إن الذين فرَّقوا دينَهم وكانوا شيَعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون).
وإنما الذي يجب على الناس هو التسليم لأهل العلم والولاية فيما هو من شأنهم واختصاصهم وأحوالهم، مع التوقير والتبجيل.
ولا ينتصب لهم الجاهل خصيما إلاَّ كان بذلك حقيرا ذميما.
تأمَّل عامَّة الفتن والخصومات في الأمَّة تجدها من جهتين:
من جهل جاهل يُخاصم مشايخ العلم والولاية، أو من عُدوان شيوخ يشحنون قلوب الناس، يملؤونها غلاًّ وعداوة على المخالف لهم في العلم والولاية.. فأولئك بجهلهم وهؤلاء بظلمهم، (وكان الإنسان ظلوما جهولا). فَالزم جماعة المسلمين والألفة بينهم، وانْأَ بنفسك عن ذيْنك، واهرب منهما هروبك من النار تنجُ.
الأستاذ مراد وعمارة - وزارة الشؤون الدينية والأوقاف - الجزائر

Adsense Management by Losha