فريق منتدى الدي في دي العربي
08-06-2022, 02:23 PM
قال السعدى رحمه الله
{ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ }
أي: استخف عقولهم بما أبدى لهم من هذه الشبه، التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا حقيقة تحتها، وليست دليلا على حق ولا على باطل، ولا تروج إلا على ضعفاء العقول.
فأي دليل يدل على أن فرعون محق، لكون ملك مصر له، وأنهاره تجري من تحته؟
وأي دليل يدل على بطلان ما جاء به موسى لقلة أتباعه، وثقل لسانه، وعدم تحلية الله له،
ولكنه لقي ملأ لا معقول عندهم، فمهما قال اتبعوه، من حق وباطل.
{ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ }
فبسبب فسقهم، قيض لهم فرعون، يزين لهم الشرك والشر.
[تفسير السعدى]
*********
"القابليَّة للاستخفاف" مُعَلِّقًا على إعلان فرعون
"أنا ربُّكم الأعلى": "قالها الطاغية مخدوعًا بغفلة جماهيره وإذعانها وانقيادها، فما يخدع الطُّغَاة شيء ما تخدعهم غفلة الجماهير وذلَّتها وطاعتها وانقيادها،
وما الطاغية إلاَّ فرد لا يملك في الحقيقة قوَّةً ولا سلطانًا،
إنَّما هي الجماهير الغافلة الذلول، تمطي له ظهرها فيركب، وتَمُدُّ له أعناقها فيجر، وتَحنِي له رؤوسها فيستعلي، وتَتنازَل له عن حقِّها في العزَّة والكرامة فيَطغَى.
والجماهير تفعل هذا مخدوعةً من جِهَة، وخائفةً من جِهَة أخرى،
وهذا الخوف لا ينبَعِث إلاَّ من الوهْم، فالطاغية - وهو فرد - لا يُمكِن أن يكون أقوى من الألوف والملايين،
لو أنَّها شعرت بإنسانيَّتها وكرامتها وعزَّتها وحريَّتها، وكلُّ فردٍ فيها هو كفء للطاغية من ناحية القوَّة،
ولكن الطاغية يخدعها فيُوهِمها أنَّه يملك لها شيئًا، وما يُمكِن أن يَطغَى فردٌ في أمَّة كريمة أبدًا،
وما يُمكِن أن يطغى فردٌ في أمَّة رشيدة أبدًا، وما يُمكِن أن يطغى فردٌ في أمَّة تعرِف ربها وتُؤمِن به، وتأبى أن تتعبَّد لواحدٍ من خلقه لا يملك ضرًّا ولا رشدًا.
فأمَّا فرعون
فوَجَد في قومِه من الغفلة ومن الذلَّة ومن خَوَاء القلب من الإيمان ما جرؤ به على قول هذه الكلمة الكافرة الفاجرة: "أنا ربكم الأعلى"،
وما كان ليقولها أبدًا لو وجد أمَّةً واعيةً كريمةً مؤمنةً، تعرف أنه عبد ضعيف لا يقدِر على شيء،
وإنْ يسلبه الذباب شيئًا لا يستنقذ من الذباب شيئًا!". وليست المسألة متعلِّقةً بفترة تاريخية مُعيَّنة، ولا بحيِّز من الأرض، ولا بقومٍ دون آخَرين،
إنما هي مجموعةٌ من الخصائص تَتجَمَّع بالتَّراكُم في شعبٍ أو شعوبٍ تَنهار نفسيًّا فتَفقِد الثقة بذاتها، ولا تَقوَى على تَفعِيل طاقاتها البشرية والمادية، فتخلد إلى إسلام أمرها إلى كلِّ مُتَسلِّط يفعل بها ما يشاء، سواء كان احتلالاً خارجيًّا، أم حاكمًا جائرًا، فهي كالجسم الفاقِد للمناعة تَعبَث به العِلَل وتُنهِكه الأمراض، فيُحاوِل صدَّها بأدوية لا فاعليَّةَ لها فيَنتَهِي به الأمر إلى الاستِسلام، وربما لعن المرض والعلاج الفاشل وغفل عن حالته العامَّة، وعدم أداء مختلف الأجهزة والغُدَد والأعضاء لوظائفها، فالموت هنا مسألة وقت لا مَحَالة.
هل ترى الأمَّة المحصنة عقديًّا ونفسيًّا ترضى بالهون والدون، تُدِير الخدَّ الأيسر لِمَن لطم خدَّها الأيمن، تُبارِك جَلاَّديها وتَستَمتِع بالظُّلم الواقع بها؟!
أمَّا حين يأتي عليها حينٌ من الدهر وهي مهتزَّة الأركان، ضعيفة الأداء، عَدِيمة الفاعلية، كثيرة الأسقام الدينية والاجتماعية - فإنها تُصبِح مَطِيَّة سهلة لكلِّ جبَّار ظَلُوم، تجد له الأعذار وتلعَن نفسها، وبمُرور الزمن تستَمرِئ الوضع وتتخلَّى طَواعِيَة عن دفاعاتها النفسيَّة، وتَرفُض أيَّة مُحاوَلة للانعتاق؛ خوفًا من (الفتنة)، مُتَناسِيَة أنها في أتُّون الفتنة في أسوأ أشكالها وأكثرها بُغضًا عند الله - تعالى - وعند البشر الأسوياء. إذا كانت الفرعونيَّة مُصِيبة فإن القابليَّة للاستِخفاف تُساوِيها بل قد تَتجاوَزها؛ لأنها تُمثِّل التخلِّي عن خصائص الإنسان المكرَّم.
لقد ألقى القرآن الكريم باللائمة على أهل الكتاب لأنهم تَنازَلوا لرجال الدين، وقبلوا أن يُحِلُّوا لهم الحرام ويُحَرِّموا عليهم الحلال، واعتَبَر ذلك عبوديَّة لهم من دون الله - تعالى - كما ورد في تفسير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للآية الكريمة: ? اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ ? [التوبة: 31]،
فكيف إذا تنازَلُوا عن حريَّتهم وفرَّطوا في كرامتهم، وحنوا ظهورهم للطاغية، ومدوا له رِقابهم؟! [مقال بعنوان-القابلية للاستخفاف لعبد العزيز كحيل ]
**********
إن الشعوب إذا استمرأت الظلم ورضيت بالهوان وغلب عليها الخوف؛ أعطت الطاغية فرصة وشجعته على الاستمرار والزيادة في البغي. انظر كيف بلغ الخوف بقوم موسى - عليه السلام - حيث أعطاهم الله الملْك، ونجاهم من فرعون، وكتب الله لهم الأرض المقدسة أنها لهم، وطلب منهم مواجهة الجبارين فرفضوا؛ فكيف سينتصرون إذن: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْـمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ 21 قَالُوا يَا مُوسَى إنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإن يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإنَّا دَاخِلُونَ} [المائدة: 21 - 22] ولا شك أن غفلتهم وسكوتهم عن أعمـال فرعـون وقبـولَهم اسـتبداده هـو ما جرَّأه عليهم من قبل ولكنهم لم يتعظوا {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ} [الزخرف: 54]، وفي الوقت الذي كان موسى - عليه السلام - يحثهم على الصبر والاستعانة بالله على فرعون وجنوده، كانوا يواجهونه بالاستكانة والاحباط والذل والهوان: {وَقَالَ الْـمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ 127 قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ 128 قَالُوا أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَك ُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ}
******
اقتباس:
ولكنه لقي ملأ لا معقول عندهم، فمهما قال اتبعوه، من حق وباطل.
فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ} يقول صاحب الظلال "واستخفاف الطغاة للجماهير أمرٌ لا غرابة فيه؛ فهم يعزِلون الجماهير أولًا عن كل سُبل المعرفة، ويحجبون عنهم الحقائق حتى ينسوها، ولا يعودوا يبحثون عنها ويُلقون في روعهم ما يشاءون من المؤثرات حتى تنطبع نفوسهم بهذه المؤثرات المصطنعة. ومن ثم يسهل استخفافهم بعد ذلك ويلين قيادهم، فيذهبون بهم ذات اليمين وذات الشمال مطمئنين، ولا يملك الطاغية أن يفعل بالجماهير هذه الفعلة إلا وهم فاسقون لا يستقيمون على طريق، ولا يُمسِّكون بحبل الله، ولا يزِنون بميزان الإيمان، فأما المؤمنون فيصعب خداعهم واستخفافهم واللعب بهم كالريشة في مهب الريح"
*********
لقد استطاع الأعداء أن يُخيّلوا على ضعاف البصر والبصيرة من هذه الأمة ويوهموهم أنهم القوة التي لا تقهر وأنهم أصحاب النظام العالمي والشرعية الدولية بيدهم تدمير العالم . وأجاد اليهود هذه الصنعة
ولكن ما حيلة هؤلاء فى مواجهة الزلازل والأعاصير والفيضانات والاوبئة التي تجتاحهم
انظر الى شأن أوائلهم انظر لفعل ربك بقوم عاد الذين قالوا: ( مّنً أّشّدٍَ مٌنَّا قٍوَّةْ )
لقد سخر عليهم ربنا ريحًا صرصرًا عاتية ( فّأٍهًلٌكٍوا بٌرٌيحُ صّرًصّرُ عّاتٌيّةُ (6) سّخَّرّهّا عّلّيًهٌمً سّبًعّ لّيّالُ وثّمّانٌيّةّ أّيَّامُ حٍسٍومْا فّتّرّى القّوًمّ فٌيهّا صّرًعّى كّأّنَّهٍمً أّعًجّازٍ نّخًلُ خّاوٌيّةُ (7) فّهّلً تّرّى لّهٍم مٌَنً بّاقٌيةُ (8) )
ولما قال فرعون: ( أّنّا رّبٍَكٍمٍ الأّعًلّى )
( مّا عّلٌمًتٍ لّكٍم مٌَنً إلّهُ غّيًرٌي )
( أّلّيًسّ لٌي مٍلًكٍ مٌصًرّ وهّذٌهٌ الأّنًهّارٍ تّجًرٌي مٌن تّحًتٌي )
أجراها سبحانه من فوق رأسه - جزاءً وفاقًا -
ومات وهو يقول: ( آمّنتٍ أّنَّهٍ لا إلّهّ إلاَّ الذٌي آمّنّتً بٌهٌ بّنٍو إسًرّائٌيلّ وأّنّا مٌنّ المٍسًلٌمٌينّ - آلآنّ وقّدً عّصّيًتّ قّبًلٍ وكٍنتّ مٌنّ المٍفسٌدٌينّ فّالًيّوًمّ نٍنّجٌَيكّ بٌبّدّنٌكّ لٌتّكٍونّ لٌمّنً خّلًفّكّ آيّةْ )
{ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ }
أي: استخف عقولهم بما أبدى لهم من هذه الشبه، التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا حقيقة تحتها، وليست دليلا على حق ولا على باطل، ولا تروج إلا على ضعفاء العقول.
فأي دليل يدل على أن فرعون محق، لكون ملك مصر له، وأنهاره تجري من تحته؟
وأي دليل يدل على بطلان ما جاء به موسى لقلة أتباعه، وثقل لسانه، وعدم تحلية الله له،
ولكنه لقي ملأ لا معقول عندهم، فمهما قال اتبعوه، من حق وباطل.
{ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ }
فبسبب فسقهم، قيض لهم فرعون، يزين لهم الشرك والشر.
[تفسير السعدى]
*********
"القابليَّة للاستخفاف" مُعَلِّقًا على إعلان فرعون
"أنا ربُّكم الأعلى": "قالها الطاغية مخدوعًا بغفلة جماهيره وإذعانها وانقيادها، فما يخدع الطُّغَاة شيء ما تخدعهم غفلة الجماهير وذلَّتها وطاعتها وانقيادها،
وما الطاغية إلاَّ فرد لا يملك في الحقيقة قوَّةً ولا سلطانًا،
إنَّما هي الجماهير الغافلة الذلول، تمطي له ظهرها فيركب، وتَمُدُّ له أعناقها فيجر، وتَحنِي له رؤوسها فيستعلي، وتَتنازَل له عن حقِّها في العزَّة والكرامة فيَطغَى.
والجماهير تفعل هذا مخدوعةً من جِهَة، وخائفةً من جِهَة أخرى،
وهذا الخوف لا ينبَعِث إلاَّ من الوهْم، فالطاغية - وهو فرد - لا يُمكِن أن يكون أقوى من الألوف والملايين،
لو أنَّها شعرت بإنسانيَّتها وكرامتها وعزَّتها وحريَّتها، وكلُّ فردٍ فيها هو كفء للطاغية من ناحية القوَّة،
ولكن الطاغية يخدعها فيُوهِمها أنَّه يملك لها شيئًا، وما يُمكِن أن يَطغَى فردٌ في أمَّة كريمة أبدًا،
وما يُمكِن أن يطغى فردٌ في أمَّة رشيدة أبدًا، وما يُمكِن أن يطغى فردٌ في أمَّة تعرِف ربها وتُؤمِن به، وتأبى أن تتعبَّد لواحدٍ من خلقه لا يملك ضرًّا ولا رشدًا.
فأمَّا فرعون
فوَجَد في قومِه من الغفلة ومن الذلَّة ومن خَوَاء القلب من الإيمان ما جرؤ به على قول هذه الكلمة الكافرة الفاجرة: "أنا ربكم الأعلى"،
وما كان ليقولها أبدًا لو وجد أمَّةً واعيةً كريمةً مؤمنةً، تعرف أنه عبد ضعيف لا يقدِر على شيء،
وإنْ يسلبه الذباب شيئًا لا يستنقذ من الذباب شيئًا!". وليست المسألة متعلِّقةً بفترة تاريخية مُعيَّنة، ولا بحيِّز من الأرض، ولا بقومٍ دون آخَرين،
إنما هي مجموعةٌ من الخصائص تَتجَمَّع بالتَّراكُم في شعبٍ أو شعوبٍ تَنهار نفسيًّا فتَفقِد الثقة بذاتها، ولا تَقوَى على تَفعِيل طاقاتها البشرية والمادية، فتخلد إلى إسلام أمرها إلى كلِّ مُتَسلِّط يفعل بها ما يشاء، سواء كان احتلالاً خارجيًّا، أم حاكمًا جائرًا، فهي كالجسم الفاقِد للمناعة تَعبَث به العِلَل وتُنهِكه الأمراض، فيُحاوِل صدَّها بأدوية لا فاعليَّةَ لها فيَنتَهِي به الأمر إلى الاستِسلام، وربما لعن المرض والعلاج الفاشل وغفل عن حالته العامَّة، وعدم أداء مختلف الأجهزة والغُدَد والأعضاء لوظائفها، فالموت هنا مسألة وقت لا مَحَالة.
هل ترى الأمَّة المحصنة عقديًّا ونفسيًّا ترضى بالهون والدون، تُدِير الخدَّ الأيسر لِمَن لطم خدَّها الأيمن، تُبارِك جَلاَّديها وتَستَمتِع بالظُّلم الواقع بها؟!
أمَّا حين يأتي عليها حينٌ من الدهر وهي مهتزَّة الأركان، ضعيفة الأداء، عَدِيمة الفاعلية، كثيرة الأسقام الدينية والاجتماعية - فإنها تُصبِح مَطِيَّة سهلة لكلِّ جبَّار ظَلُوم، تجد له الأعذار وتلعَن نفسها، وبمُرور الزمن تستَمرِئ الوضع وتتخلَّى طَواعِيَة عن دفاعاتها النفسيَّة، وتَرفُض أيَّة مُحاوَلة للانعتاق؛ خوفًا من (الفتنة)، مُتَناسِيَة أنها في أتُّون الفتنة في أسوأ أشكالها وأكثرها بُغضًا عند الله - تعالى - وعند البشر الأسوياء. إذا كانت الفرعونيَّة مُصِيبة فإن القابليَّة للاستِخفاف تُساوِيها بل قد تَتجاوَزها؛ لأنها تُمثِّل التخلِّي عن خصائص الإنسان المكرَّم.
لقد ألقى القرآن الكريم باللائمة على أهل الكتاب لأنهم تَنازَلوا لرجال الدين، وقبلوا أن يُحِلُّوا لهم الحرام ويُحَرِّموا عليهم الحلال، واعتَبَر ذلك عبوديَّة لهم من دون الله - تعالى - كما ورد في تفسير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للآية الكريمة: ? اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ ? [التوبة: 31]،
فكيف إذا تنازَلُوا عن حريَّتهم وفرَّطوا في كرامتهم، وحنوا ظهورهم للطاغية، ومدوا له رِقابهم؟! [مقال بعنوان-القابلية للاستخفاف لعبد العزيز كحيل ]
**********
إن الشعوب إذا استمرأت الظلم ورضيت بالهوان وغلب عليها الخوف؛ أعطت الطاغية فرصة وشجعته على الاستمرار والزيادة في البغي. انظر كيف بلغ الخوف بقوم موسى - عليه السلام - حيث أعطاهم الله الملْك، ونجاهم من فرعون، وكتب الله لهم الأرض المقدسة أنها لهم، وطلب منهم مواجهة الجبارين فرفضوا؛ فكيف سينتصرون إذن: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْـمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ 21 قَالُوا يَا مُوسَى إنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإن يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإنَّا دَاخِلُونَ} [المائدة: 21 - 22] ولا شك أن غفلتهم وسكوتهم عن أعمـال فرعـون وقبـولَهم اسـتبداده هـو ما جرَّأه عليهم من قبل ولكنهم لم يتعظوا {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ} [الزخرف: 54]، وفي الوقت الذي كان موسى - عليه السلام - يحثهم على الصبر والاستعانة بالله على فرعون وجنوده، كانوا يواجهونه بالاستكانة والاحباط والذل والهوان: {وَقَالَ الْـمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ 127 قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ 128 قَالُوا أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَك ُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ}
******
اقتباس:
ولكنه لقي ملأ لا معقول عندهم، فمهما قال اتبعوه، من حق وباطل.
فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ} يقول صاحب الظلال "واستخفاف الطغاة للجماهير أمرٌ لا غرابة فيه؛ فهم يعزِلون الجماهير أولًا عن كل سُبل المعرفة، ويحجبون عنهم الحقائق حتى ينسوها، ولا يعودوا يبحثون عنها ويُلقون في روعهم ما يشاءون من المؤثرات حتى تنطبع نفوسهم بهذه المؤثرات المصطنعة. ومن ثم يسهل استخفافهم بعد ذلك ويلين قيادهم، فيذهبون بهم ذات اليمين وذات الشمال مطمئنين، ولا يملك الطاغية أن يفعل بالجماهير هذه الفعلة إلا وهم فاسقون لا يستقيمون على طريق، ولا يُمسِّكون بحبل الله، ولا يزِنون بميزان الإيمان، فأما المؤمنون فيصعب خداعهم واستخفافهم واللعب بهم كالريشة في مهب الريح"
*********
لقد استطاع الأعداء أن يُخيّلوا على ضعاف البصر والبصيرة من هذه الأمة ويوهموهم أنهم القوة التي لا تقهر وأنهم أصحاب النظام العالمي والشرعية الدولية بيدهم تدمير العالم . وأجاد اليهود هذه الصنعة
ولكن ما حيلة هؤلاء فى مواجهة الزلازل والأعاصير والفيضانات والاوبئة التي تجتاحهم
انظر الى شأن أوائلهم انظر لفعل ربك بقوم عاد الذين قالوا: ( مّنً أّشّدٍَ مٌنَّا قٍوَّةْ )
لقد سخر عليهم ربنا ريحًا صرصرًا عاتية ( فّأٍهًلٌكٍوا بٌرٌيحُ صّرًصّرُ عّاتٌيّةُ (6) سّخَّرّهّا عّلّيًهٌمً سّبًعّ لّيّالُ وثّمّانٌيّةّ أّيَّامُ حٍسٍومْا فّتّرّى القّوًمّ فٌيهّا صّرًعّى كّأّنَّهٍمً أّعًجّازٍ نّخًلُ خّاوٌيّةُ (7) فّهّلً تّرّى لّهٍم مٌَنً بّاقٌيةُ (8) )
ولما قال فرعون: ( أّنّا رّبٍَكٍمٍ الأّعًلّى )
( مّا عّلٌمًتٍ لّكٍم مٌَنً إلّهُ غّيًرٌي )
( أّلّيًسّ لٌي مٍلًكٍ مٌصًرّ وهّذٌهٌ الأّنًهّارٍ تّجًرٌي مٌن تّحًتٌي )
أجراها سبحانه من فوق رأسه - جزاءً وفاقًا -
ومات وهو يقول: ( آمّنتٍ أّنَّهٍ لا إلّهّ إلاَّ الذٌي آمّنّتً بٌهٌ بّنٍو إسًرّائٌيلّ وأّنّا مٌنّ المٍسًلٌمٌينّ - آلآنّ وقّدً عّصّيًتّ قّبًلٍ وكٍنتّ مٌنّ المٍفسٌدٌينّ فّالًيّوًمّ نٍنّجٌَيكّ بٌبّدّنٌكّ لٌتّكٍونّ لٌمّنً خّلًفّكّ آيّةْ )