مشاهدة النسخة كاملة : "القول النجيح في صلاة التسبيح"


فريق منتدى الدي في دي العربي
08-06-2022, 02:23 PM
(كتبه / أبو إسحاق الحيقي)

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد :
لقد ورد في صلاة التسبيح روايات متعددة عن جمع من الصحابة رضوان الله عليهم ، من هذه الروايات ، رواية ابن عباس رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس بن عبد المطلب : "يَا عَبَّاسُ! يَا عَمَّاهُ! أَلاَ أُعْطِيكَ؟ أَلاَ أَمْنَحُكَ؟ أَلاَ أَحْبُوكَ؟ أَلاَ أَفْعَلُ لَكَ؟ عَشْرَ خِصَالٍ إِذَا أَنْتَ فَعَلْتَ ذَلِكَ ؛ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ذَنْبَكَ ، أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ ، وَقَدِيمَهُ ، وَحَدِيثَهُ ، وَخَطَأَهُ ، وَعَمْدَهُ ، وَصَغِيرَهُ ، وَكَبِيرَهُ ، وَسِرَّهُ ، وَعَلاَنِيَتَهُ ، عَشْرُ خِصَالٍ أَنْ تُصَلِّيَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ، تَقْرَأُ في كُلِّ رَكْعَةٍ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ ، فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ ، قُلْتَ وَأَنْتَ قَائِمٌ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ ، خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً ، ثُمَّ تَرْكَعُ فَتَقُولُ وَأَنْتَ رَاكِعٌ عَشْرًا ، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ مِنَ الرُّكُوعِ فَتَقُولُهَا عَشْرًا ، ثُمَّ تَهْوِى سَاجِدًا فَتَقُولُهَا وَأَنْتَ سَاجِدٌ عَشْرًا ، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ مِنَ السُّجُودِ فَتَقُولُهَا عَشْرًا ، ثُمَّ تَسْجُدُ فَتَقُولُهَا عَشْرًا ، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ مِنَ السُّجُودِ فَتَقُولُهَا عَشْرًا ، فَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ في كُلِّ رَكْعَةٍ ، تَفْعَلُ في أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ ، إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُصَلِّيَهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً فَافْعَلْ ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَفِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّةً ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي عُمُرِكَ مَرَّةً". رواه أبو داود (1297) ، والترمذي (بدون رقم) ، وابن ماجة (1387) ، وابن خزيمة (1216) ، والطبراني في : الكبير (11622) ، والدارقطني في : الترجيح لحديث صلاة التسبيح (ص:40) ، والحاكم (1/ 318) ، والبيهقي في الكبرى (3/ 51-52) وفي : الدعوات (393) وفي : الصغرى (2/ 418 - 419) وغيرهم ، وصححه أو حسنه مجموعة من أهل العلم ، منهم : الحاكم ، وابن السكن ، والآجري ، وأبو موسى المديني ، والديلمي ، وأبو الحسن بن المفضل ، وأبو محمد عبد الرحيم المصري ، والبلقيني ، والعلائي ، والزركشي ، وابن ناصر الدين الدمشقى ، وابن حجر العسقلاني ، والسيوطي ، والزبيدي ، والبيهقي ، وأبو الحسن المقدسي ، وابن شاهين ، وابن الصلاح ، وأبو الحسن السندي ، واللكنوي ، والمباركفوري ، وابن الجزري ، ونُسِبَ تصحيحه إلى : عبدالله بن المبارك ، وأحمد بن حنبل ، والإمام مسلم ، وأبي داود ، وابنه أبي بكر بن أبي داود ، والدارقطني ، وابن منده ، والخطيب البغدادي ، وأبي سعد السمعاني ، وغيرهم.
- وممن صحح الحديث من المعاصرين : العلامة الألباني والعلامة أحمد شاكر.
- وضعفه مجموعة من أهل العلم ، منهم : الترمذي ، والعقيلي ، وأبو بكر بن العربي ، والذهبي ، وغيرهم.
- وممن حكم عليه بالوضع : ابن تيمية ، وابن عبد الهادي ، وسراج الدين القزويني ، وابن الجوزي ، والشوكاني ، وغيرهم.

ولهذا اختلف الفقهاء في حكمها :
فمنهم من عدها سنة ، ومنهم من استحبها ، ومنهم من عدها من البدع.
وسبب الاختلاف : في حكم هذه الصلاة هو : الاختلاف في تصحيح الأحاديث الواردة فيها وتضعيفها.
قال الشيخ الألباني - رحمه الله - : "وسبب هذا الاختلاف الشديد يعود إلى أمرين اثنين : الأمر الأول : أن هذه الصلاة - حقيقة - لم ترد بإسناد صحيح تقوم به الحجة.
والسبب الثاني : أنها خالفت كل الصلوات المشروعات في هيئتها ؛ فكانت شاذة من هذه الحيثية.
فالذين حكموا بوضعها نظروا إلى هاتين الحقيقتين : أنه لا إسناد لها صحيح تقوم به الحجة ؛ ثم المتن مخالف في كل الصلوات الثابتة في السنة.
لكن الذين ذهبوا إلى تصحيحها أو تحسينها - على الأقل - فوجهة نظرهم : أنه صحيح أن هذه الصلاة ، أو حديث التسبيح ليس له إسناد صحيح مستقل ؛ ولكن له طرق كثيرة ؛ ومن قاعدة علماء الحديث : أن الحديث الضعيف يتقوَّى بكثرة الطرق ، وهذا الحديث له طرقٌ يتقوى بها ، هذا من جهة.
من جهة أخرى : قد ثبت عن بعض السلف ، وهو بالذات عبد الله بن المبارك وهو من كبار شيوخ الإمام أحمد ؛ فقد كان يذهب إلى صلاتها فكان يصلِّيها ، ويبعد بالنسبة لمثل هذا الإمام أن يعمل بحديث غير ثابت لديه ، فإذا نظرنا إلى هذه المجموعة وخلاصتها : حديث صلاة التسبيح جاء من طرق يقوي بعضها بعضًا ، زائد إلى أن عبد الله بن المبارك كان يصليها ؛ تطمئن النفس حينذاك لصحة الحديث" اهـ

المصنفات في صلاة التسبيح :
وقد صنف كثير من أهل العلم في صلاة التسبيح ، نذكر منهم ما يلي :
1- الدارقطني (ت: 385هـ) وهو أول من جمع طرق أحاديث هذه الصلاة في جزء.
2- ابن منده (ت:395هـ) ، ذكره السيوطي في : اللآلئ المصنوعة (2/43)
3- الخطيب البغدادي (ت:463هـ) ، وكتابه مطبوع باسم : "ذكر صلاة التسبيح والأحاديث التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها واختلاف ألفاظ الناقلين لها" جمع كل الروايات الواردة فيها.
4- أبو سعد عبدالكريم السمعاني (ت:562هـ) ، ذكره الذهبي في : تذكرة الحفاظ (4/1317)
5- أبو موسى المديني الأصبهاني (ت:581) ، وسمى كتابه : "تصحيح صلاة التسبيح من الحجج الواضحة والكلام الفصيح"
6- تاج الدين السبكي (ت:771هـ) ، وسمى كتابه : "الترشيح لصلاة التسبيح"
وسماه في : إيضاح المكنون (3/281): "ترشيح التوشيح وترجيح التصحيح"
7- محمد ابن أبي الفتح البعلي (ت:709هـ) ، سماه : "الجزء الصحيح في الكلام على صلاة التسبيح"
8- ابن ناصر الدين الدمشقي (ت:842هـ) ، وسمى كتابه : "الترجيح لحديث صلاة التسبيح"
9- ابن حجر العسقلاني (ت:852هـ) ، أملى طرق حديث صلاة التسبيح في مجالس.
10- جلال الدين السيوطي (ت:911هـ) ، وسماه : "تصحيح حديث صلاة التسبيح"
11- شمس الدين محمد ابن طولون (ت:953هـ) ، وسماه : "التوشيح لبيان صلاة التسبيح"
12- علوي بن أحمد السقاف (ت: 1335هـ) ، وسماه : "القول الجامع النجيح في أحكام صلاة التسبيح"
13- أحمد الصديق الغُماري (ت: 1380هـ) ، وسماه : "الترجيح لقول من صحح صلاة التسبيح"
14- جاسم الفهيد الدوسري ، وسماه : "التنقيح لما جاء في صلاة التسبيح"

تنبيه :
ومما ينبغي التنبيه عليه ما يلي :
1- أن القائلين بسنيتها أو استحبابها قالوا : إنما تصح صلاتها فردية ، ولا تصلح جماعة.
2- أنها لا تخصص بزمان دون زمان ، أو مكان دون مكان ، كرمضان ، أو ليلة السابع والعشرين منه ، أو مسجد معين وهكذا ، وكذلك لا تصلى في أوقات الكراهة.

والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين

Adsense Management by Losha