: سبيل المؤمنين


08-10-2022, 03:41 PM
سبيل المؤمنين



إن للمؤمنين سبيلا قويما، ومنهجا واض*ا، ليس دربا مشقوقا، أو طريقا مطروقا، بل سبيلا دكّته أقدام السابلة، ممتلئ ب*شود المؤمنين الغفيرة، وبجماعات الصال*ين الوفيرة، طريق مكتظ بالز*ام، شبيه بالسبل الموصلة إلى الجنّة، التي يتزا*م عليها العباد.

والله تعالى يكره أمورا، ولكنه ي*بّها في مواطن:
• فيكره القتل، وإزهاق الدم، ولكنّه ي*بّها في سبيله!
• ويكره الخيلاء، ومشية التغطرس، ولكنّها ي*بها عند التقاء الصفوف.
• ويكره سب*انه العجلة، لأنه ي*ب الأناة، ولكنّه ي*ب العجلة للخير، والتي تعني المسارعة، والمسابقة في أعمال البر.
• ويكره سب*انه المزا*مة، وي*ب اللين بأيدي الضعفاء، ولكنّه ي*ب الز*ام على أبواب الخير، ي*ب الز*ام عند ال*جر، وعند أبواب الجنة، وي*ب الز*ام في سبيل المؤمنين! لذلك فقد آوى من أوى إلى *لقة الذكر، مع الز*ام ال*اصل فيها، فقال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: «رجل أوى إلى الله فآواه الله»، ثم قال: «هم القوم لا يشقى بهم جليسهم».

فعلى المؤمن أن يأطر نفسه على هذا السبيل القويم، وأن يتتبع مواطن ز*ام المؤمنين، فإنْ تزا*م السلف والخلف على *كم شرعي، وتلقّته جمهرتهم بالقبول، فهو _ بإذن الله _ من مواطن المزا*مة الم*بوبة لدى الله، لأنه سب*انه لن يهدي خير أمّة إلى خير رسول، وخير كتاب، وخير هدي، ثم يجعل غالبيّتهم يتنكّبون ال*ق القويم ولو في مسألة قص ظفر، أو تشميت عاطس، فكيف بمسائل عظام، تدور *ولها مصال* الفئام.

سيأتي متفيهق ليقول: لم يتعبّدنا الله إلا بما في كتابه أو سنّة رسوله، وكأن السير على نهج المؤمنين لم يأت في كتاب ولا سنّة! وهذا - والعلم عند أهل العلم - من ضرب الكتاب بعضه ببعض، والدخول إلى ال*ق بنيّة الخروج منه! ور*م الله أبا تراب، علي بن أبي طالب عندما جعلها *كمة سائرة، و*جة ظاهرة فقال لمن قال لا ن*كم إلا كتاب الله: كلمة *ق، أريد بها باطل.

بل للمؤمنين نهج مضيء، وهدي وضيء، سمّاه ال*ق سب*انه في سورة الفات*ة بــ صراط الذين أنعمت عليهم فأمرنا أن نسأل المولى الهداية لهذا الصراط المستقيم، في صلاتنا سبعة عشرة مرّة وأكثر، لأننا سنواجه سبعة عشر شبهة وأكثر ت*اول صدّنا عن هذا الصراط.

يشعر سالك هذا النهج، والعامل بهذا الهدي بانشرا*، وكأنه *ين يسير مع السائرين في خُرفة من خرف الجنة، يسترو* نسائمها، ويجد ري*ها دون عمل الخير الذي يقوم به، وكأن ال*ق المطلق أقرب إلى أ*دهم من شراك نعله.

يكاد السائر في هذا الطريق أن يسمع صوت رسول الله، ويلم* طيف أبي بكر، ويرى هيئة عمر، ويشعر بهيبة ابن المسيب، ويلمس كف الزهري، ويسمع همس ابن *نبل، وي*سّ ب*ضور ابن تيمية، نعم فهو يستنشق عبير الأتقياء، ويسمع خفق نعالهم في هذا السبيل القويم، وهذا الصراط المستقيم.

لا يجوز لإنسان علم عن هذا السبيل ولو بالظن أن يغادره، أو يتنكّبه، أو يتردد في السير عليه، لأن عاقبة هذا التردد وخيمة، وأثرها على القلب شديد!

إن كل انصرافة ينصرفها قلب المؤمن عن سبيل المؤمنين، تجلب له قشّة من هشيم المنافقين، إلى أن يمتلئ ذلك القلب بالهشيم، فتأكله النار.

إن من يذهب اليوم إلى القول بجواز الاختلاط الم*رّم، ويقول في الغد بجواز الغناء، ثم يتسام* بعد غد مع المنافقين، ثم يزعم أن الإصلا* السياسي أولى من العقدي، ثم يمسي على لمز صال*، ويصب* على طعن عالم، إن هذا الإنسان لم ينتهج سبيل المؤمنين، ولم يتولّهم، ومن لم يتوّلهم يولّه الله ما تولّى!

إن من *قوق هؤلاء المؤمنين الموالاة، وهي تقتضي الم*بة والنصرة، ولا والله ما تولّى المؤمنين من قسم لهم من قلبه البغض، ولمن لسانه المعاداة تلو المعاداة، والتي تبدأ بالسخرية، وتثنّي بتشويه السمعة، وتثلّث بالاستعداء الثقافي!

إن من أعظم أبواب الخير التي يرزقها العبد، الذلة لإخوته المؤمنين، واستشعار أن ر*مة ما ت*ف به إن كان ب*ضرتهم، *تى لقد صرّ* الأول بأن خطأ الجماعة أ*ب إليه من صواب الفرد!، إنك عند الله عظيم عندما ترى مؤمنا قد أعفى ل*يته، أو قصّر ثوبه، أو تمسّك بما صرنا نظنّه من قشور الدين، في زمن كل ما فيه يدعوا إلى ترك ذلك التمسّك، زمن صار إعلامه، وص*فه، ومثقفوه، وأستاذته، و*تى بعض علمائه، يدعون إلى التخفف من مظاهر الالتزام الظاهري، ب*جّة التركيز على الالتزام الباطني، وكأنّهما ضدّان!

أقول إنك عند الله عظيم عندما ترى هذا المتمسّك، فتخضع خضوعا ما لا لشخصه، بل لتلك السنّة التي ارتضاها رب العالمين لسيّد المرسلين، فتخضع وتذل، *تى وإن كنت مقصرا، ولكنّ قلبك يكبر هذا الرجل المتمسّك بالسنّة يوم فساد الأمة.

بل لو تدبّرنا أمر الله تعالى للنبي الكريم بأن يعامل المؤمنين معاملة خاصة فقال سب*انه: {وَاخْفِضْ جَنَا*َكَ لِلْمُؤْمِنِينَ } [ال*جر : 88]! لعلمنا أين مكان أولئك الذين صارت أعراض أهل الخير غبوقهم وصبو*هم، والله المستعان على ما يصفون.

*اصل الكلام، هو أنّ للمؤمنين سبيلا، أُمرنا بالسير عليه، بل توعّدنا بالإضلال إن لم نسر عليه، فيجب علينا أن نب*ث عنه، وهو في ال*قيقة لا ي*تاج إلى ب*ث، بل هو ما عليه عامّة المؤمنين، وما ارتضته قلوب روّاد المساجد، وما ذربت به ألسنة أهل العلم، هذا هو سبيل المؤمنين، يقول ال*ق سب*انه: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء : 115].

______________________________ ______________________________ __

Adsense Management by Losha