فريق منتدى الدي في دي العربي
08-13-2022, 08:42 AM
زكاة الزيتون
موفَّق شيخ إبراهيم
الحمد لله والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمَّد رسول الله، وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزيتون من الأموال الزكوية، وهو المنقول عن ابن عباس رضي الله عنهما، وعن الزهريِّ، والأوزاعيِّ، والليث، والثوريِّ، والحنفية في القول المعتمد عندهم، والمالكية، وهو أحد القولين في مذهب أحمد، وقول الشافعيِّ في القديم؛ للعموم الوارد في آية سورة الأنعام في قوله تعالى:" وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ". [الأنعام:141]، بعد ذكر النخل والزرع والزيتون والرمان، وللعموم الوارد أيضاً في الحديث الذي سيرد في سياق مناقشتنا، والحق هنا هو الزكاة، لأن الأمر يقتضي الوجوب، ودليلنا من جهة السنة، قول النبي صلى الله عليه وسلم:" في ما سقت السماء العشر "، وهذا عام فنحمله على عمومه إلا ما خصَّه الدليل، ودليلنا من جهة القياس أن هذا مقتات بزيته،فوجبت فيه الزكاة كالسمسم.
وعليه فمن أخرجت أرضه خمسة أوسق من الزيتون، فعليه أن يخرج من الذي حصل منها من الزيت قلَّ أو كثر، نصف العشر إذا كانت الأرض تسقى بكلفة - ماكينة أو نحوه ا- أما إذا لم تكن تسقى بكلفة، بأن كانت تسقى بماء المطر أو البحر أو نحو ذلك، فالواجب فيها هو العشر.
وذهب بعض الفقهاء إلى أن الزيتون لا زكاة فيه، على أن زكاة الخارج تختصُّ بالحبوب والثمار، التي تكال وتدخر، وأنه لا زكاة فيما سوى ذلك، وذلك لأنها إذا كانت لا تدخر فلا تتم بها النعمة، أما التي تدخر فإنه ينتفع بها في الحال، وفي المآل، بخلاف التي لا تدخر. فمثلاً الفواكه التي تؤكل رطبة ولا تدخر، هذه لا ينتفع بها إلا في الحال.
ولكن الآن ثمة بلدان يقوم جزء من اقتصادها على الزيت والزيتون؛وفي الدائرة الأضيق مثلاً محافظة إدلب في الشمال السوري، والتي غالب أهلها يتبعون المذهب الشافعي والفتوى فيه على المذهب، بنفي الزكاة عليه، فإن تمَّ العمل بهذه الفتوى، فلن ينعم الفقير بسدِّ حاجته من زكاة أهل البلد على المدى الطويل، بمعنى تكريس الفقر إلى ما شاء الله، وهذا لا يتَّفق مع روح الشريعة؛ والله أعلم وأحكم.
مسألتان ذواتا صلةٍ:
اختلف العلماء في مؤنة الزرع والحرث والحصد هل تخصم من المحصول، ولا تجب فيها الزكاة؟ أم أنها تحسب من مال المالك؟
فجمهور العلماء من أهل المذاهب الأربعة وغيرهم، يرون أنها لا تخصم من المحصول، ويجب عليه إخراج زكاة الجميع.
قال الكمال بن الهمام في فتح القدير:" وكل شيء أخرجته الأرض مما فيه العشر، لا يحتسب فيه أجر العامل ونفقة البقر، لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم حكم بتفاوت الواجب لتفاوت المؤنة، فلا معنى لرفعها ".
وقال النوويُّ في المجموع: "قال أصحابنا: ومؤنة تجفيف التمر وجذاده،وحصاد الحب وحمله ودياسه وتصفيته وحفظه وغير ذلك، من مؤنةتكون كلها من خالص مال المالك، لا يحسب منها شيء من مال الزكاةبلا خلاف" انتهى.
وذهب بعض العلماء إلى أن المؤنة تحط من رأس المال المحصود،وتخرج الزكاة عن الباقي إن بلغ نصاباً، وهذا ما نقله صاحب الحاويعن عطاء بن أبي رباح قال:" تكون المؤنة من وسط المال لا يختصبتحملها المالك دون الفقراء، لأن المال للجميع فوزعت المؤنة عليهم ".
ومقصوده أن النفقة التي أنفقها صاحب الزرع، لابد أن يأخذ بدلها منالمحصول، فيكون كأنه اشتراه، لأن المال لا يعتبر زيادة وكسباً إذا كانقد أنفق مثله في الحصول عليه.
وقد أيَّد هذا الرأي ابن العربيِّ في شرحه على سنن الترمذي المعروف: بعارضة الأحوذي، وهو القول الراجح، والله أعلم، لأن ذلك هو الأشبهبروح الشريعة، التي قررت إسقاط نسبة من الزكاة في مقابل السقيبالآلة، كما ورد في الحديث الآنف الذكر.
وبناءً على ذلك، فلا يجب إخراج الزكاة إلا فيما بقي بعد مؤنة الحصادإذا بلغ نصاباً، وفيه العشر إن كان سقيه بماء السماء، ونصف العشرإن كان سقيه بآلة.
وقد اختلف أهل العلم في زكاة الزيتون إذا بلغ نصاباً وهو ما يساوي ??? كغ، هل يخرج الواجب حباً أو زيتاً أو يخرج عشر الثمن، إن كان لا يسقى بكلفة ونصف عشره إن كان يسقى بكلفة؟ والراجح والله أعلم أنه مخيَّر بين إخراجه زيتوناً أو زيتاً، والأفضل أن يخرجه زيتاً وهذا مذهب الحنابلة، وهذا إذا كان الزيتون يخرج منه زيت، فإن لم يكن كذلك فالواجب إخراج زكاته حباً.
وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين.
موفَّق شيخ إبراهيم
الحمد لله والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمَّد رسول الله، وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزيتون من الأموال الزكوية، وهو المنقول عن ابن عباس رضي الله عنهما، وعن الزهريِّ، والأوزاعيِّ، والليث، والثوريِّ، والحنفية في القول المعتمد عندهم، والمالكية، وهو أحد القولين في مذهب أحمد، وقول الشافعيِّ في القديم؛ للعموم الوارد في آية سورة الأنعام في قوله تعالى:" وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ". [الأنعام:141]، بعد ذكر النخل والزرع والزيتون والرمان، وللعموم الوارد أيضاً في الحديث الذي سيرد في سياق مناقشتنا، والحق هنا هو الزكاة، لأن الأمر يقتضي الوجوب، ودليلنا من جهة السنة، قول النبي صلى الله عليه وسلم:" في ما سقت السماء العشر "، وهذا عام فنحمله على عمومه إلا ما خصَّه الدليل، ودليلنا من جهة القياس أن هذا مقتات بزيته،فوجبت فيه الزكاة كالسمسم.
وعليه فمن أخرجت أرضه خمسة أوسق من الزيتون، فعليه أن يخرج من الذي حصل منها من الزيت قلَّ أو كثر، نصف العشر إذا كانت الأرض تسقى بكلفة - ماكينة أو نحوه ا- أما إذا لم تكن تسقى بكلفة، بأن كانت تسقى بماء المطر أو البحر أو نحو ذلك، فالواجب فيها هو العشر.
وذهب بعض الفقهاء إلى أن الزيتون لا زكاة فيه، على أن زكاة الخارج تختصُّ بالحبوب والثمار، التي تكال وتدخر، وأنه لا زكاة فيما سوى ذلك، وذلك لأنها إذا كانت لا تدخر فلا تتم بها النعمة، أما التي تدخر فإنه ينتفع بها في الحال، وفي المآل، بخلاف التي لا تدخر. فمثلاً الفواكه التي تؤكل رطبة ولا تدخر، هذه لا ينتفع بها إلا في الحال.
ولكن الآن ثمة بلدان يقوم جزء من اقتصادها على الزيت والزيتون؛وفي الدائرة الأضيق مثلاً محافظة إدلب في الشمال السوري، والتي غالب أهلها يتبعون المذهب الشافعي والفتوى فيه على المذهب، بنفي الزكاة عليه، فإن تمَّ العمل بهذه الفتوى، فلن ينعم الفقير بسدِّ حاجته من زكاة أهل البلد على المدى الطويل، بمعنى تكريس الفقر إلى ما شاء الله، وهذا لا يتَّفق مع روح الشريعة؛ والله أعلم وأحكم.
مسألتان ذواتا صلةٍ:
اختلف العلماء في مؤنة الزرع والحرث والحصد هل تخصم من المحصول، ولا تجب فيها الزكاة؟ أم أنها تحسب من مال المالك؟
فجمهور العلماء من أهل المذاهب الأربعة وغيرهم، يرون أنها لا تخصم من المحصول، ويجب عليه إخراج زكاة الجميع.
قال الكمال بن الهمام في فتح القدير:" وكل شيء أخرجته الأرض مما فيه العشر، لا يحتسب فيه أجر العامل ونفقة البقر، لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم حكم بتفاوت الواجب لتفاوت المؤنة، فلا معنى لرفعها ".
وقال النوويُّ في المجموع: "قال أصحابنا: ومؤنة تجفيف التمر وجذاده،وحصاد الحب وحمله ودياسه وتصفيته وحفظه وغير ذلك، من مؤنةتكون كلها من خالص مال المالك، لا يحسب منها شيء من مال الزكاةبلا خلاف" انتهى.
وذهب بعض العلماء إلى أن المؤنة تحط من رأس المال المحصود،وتخرج الزكاة عن الباقي إن بلغ نصاباً، وهذا ما نقله صاحب الحاويعن عطاء بن أبي رباح قال:" تكون المؤنة من وسط المال لا يختصبتحملها المالك دون الفقراء، لأن المال للجميع فوزعت المؤنة عليهم ".
ومقصوده أن النفقة التي أنفقها صاحب الزرع، لابد أن يأخذ بدلها منالمحصول، فيكون كأنه اشتراه، لأن المال لا يعتبر زيادة وكسباً إذا كانقد أنفق مثله في الحصول عليه.
وقد أيَّد هذا الرأي ابن العربيِّ في شرحه على سنن الترمذي المعروف: بعارضة الأحوذي، وهو القول الراجح، والله أعلم، لأن ذلك هو الأشبهبروح الشريعة، التي قررت إسقاط نسبة من الزكاة في مقابل السقيبالآلة، كما ورد في الحديث الآنف الذكر.
وبناءً على ذلك، فلا يجب إخراج الزكاة إلا فيما بقي بعد مؤنة الحصادإذا بلغ نصاباً، وفيه العشر إن كان سقيه بماء السماء، ونصف العشرإن كان سقيه بآلة.
وقد اختلف أهل العلم في زكاة الزيتون إذا بلغ نصاباً وهو ما يساوي ??? كغ، هل يخرج الواجب حباً أو زيتاً أو يخرج عشر الثمن، إن كان لا يسقى بكلفة ونصف عشره إن كان يسقى بكلفة؟ والراجح والله أعلم أنه مخيَّر بين إخراجه زيتوناً أو زيتاً، والأفضل أن يخرجه زيتاً وهذا مذهب الحنابلة، وهذا إذا كان الزيتون يخرج منه زيت، فإن لم يكن كذلك فالواجب إخراج زكاته حباً.
وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين.