فريق منتدى الدي في دي العربي
09-06-2022, 05:33 PM
بين مطالب النسوية وفتوى الكد والسعاية
كتبه/ سامح بسيوني
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فمحاولات المُنَظَّمات النسوية الممولة غربيًّا، والتي تهدف إلى هدم الأسرة -التي تعد ركن الاستقرار في المجتمعات الإسلامية- لا تنتهي، ولهم في ذلك خطوات ممنهجة؛ تبدأ بمحاولات منع الحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين، وتفخيخ العلاقة بين الزوج وزوجته أو عبر تصعيب الزواج ووضع الشروط المسبقة المانعة من بناء الأسر عن طريق ما يُقدَّم مِن مشاريع قوانين من بعض تلك المنظمات النسوية أو منظمات المجتمع المدني ذات التمويل الغربي، والتي تعمل بمثل هذه الأطروحات على تحقيق الفوضى المجتمعية والتي يسعى إليها أعداء الوطن كمسارٍ بديلٍ عن الفوضى الخلَّاقة التي فشلوا في فرضها في بلادنا عبر السنوات الماضية.
ومن أمثلة ما يحاولون طرحه الآن في مثل تلك المشاريع: اقتسام مال الزوج عند الطلاق كما يحدث في الغرب؛ حيث قُدِّمت بعض الاقتراحات، بأن تجعل في وثيقة الزواج مادة للاتفاق على النسبة التي تحصل عليها المرأة في حالة الطلاق من مال الزوج كما يحدث في الدول الغربية من مقاسمة المال بين الرجل والمرأة بعد الطلاق، مع محاولة تمرير الأمر برأي شرعي؛ استنادًا إلى فتوى "الكد والسعاية" المعروفة في المذهب المالكي في بلاد المغرب العربي، وهي فتوى خاصة لبعض المالكية في بعض مناطق المغرب التي العرف فيها أن المرأة تعمل مع زوجها في ماله، وخلاصتها: أن المرأة التي تقوم بعمل في مال زوجها مما جَرَى به العرف وتساهم في تنميته: كزراعة أرضه، وتربية ماشيته، يمكنها عند تقسيم الميراث، أن تدعي أنها لم تكن متطوعة، ومِن ثَمَّ يقضى لها بسهم في هذا المال.
ويمكن الرد على ذلك الطرح على النحو الآتي:
فتوي الكد والسعاية ليست فتوى واحدة، وليست محل إجماع من المالكية عامة، بل ولا من مالكية المغرب خاصة، وفتاوى المالكية تتحدث عن عمل الزوجة في مال زوجها، وليس عن إنفاق مال؛ سواء كان عندها مال مدخر، أو مال اكتسبته من عمل عند الغير؛ بالإضافة إلى أن فتوى الكد والسعاية لا تخص الزوجة، بل كل أفراد الأسرة، وأن لكلٍّ مِن الزوج والزوجة ذمة مالية مستقلة، والمهر يؤكد هذا، فهو شيء يدفعه الزوج من ماله إلى الزوجة ليصبح ملكًا لها، وفوق هذا أوجبت الشريعة على الزوج النفقة على زوجته وإن كانت ذات مال، وانفصال الذمة المالية للزوج عن زوجته أمر مجمع عليه في الشريعة، بخلاف ما درج عليه الغرب من أن عقد الزواج كما لو كان متضمنا عقد شركة، فيعتبر أن نماء مجموع ثروتي الزوج والزوجة هو ملك لهما مناصفة.
وإن كان ذلك كذلك عندهم؛ فلا مجال لوجوب مهر على الرجل، ولا وجوب نفقة عليه، فالنفقة ستكون من مجموع كسبهما، كما أنه لا مجال أن يدفع نفقة حضانة لها إن انفصلا أو طلقت، ففتوى الكد والسعاية طبقًا لما ذكر عاليه بـُنيت على تحرُّج المرأة أن تُطالب بذلك المقابل، وبالتالي فمَن يطرح الآن اشتراط المرأة في عقد الزواج حصولها على مقابل الكد والسعاية ينسف الأصل الذي بُنيت عليه الفتوى، وهو استشعار الزوجة للحرج.
ولذلك أيضًا: فالقول باشتراط مسألة الكد والسعاية، في وثيقة الزواج، قد يفُضي إلى فساد العقد؛ لجمعه بين معنى الزواج والشركة، أو الزواج والإجارة، أو الزواج والقرض، وهي الصور التي يمكن أن يظهر بها عمل المرأة الذي يمكن توصيفه بأنه شراكة أو إيجار عمل أو قرض.
كما أن حفظ حق المرأة في مالها أو حال عملها في مال زوجها يمكن أن يكون عن طريق بتوعية الزوجة -كما في لائحة المأذونين الحالية-: بأن لها ذمة مالية مستقلة، وأنها إذا كانت عاملة "موظفة مثلًا"، أو لها مال أو يهبها ذووها مال، وكانت ستنفق منه في البيت، فالأصل فيه أنه سيكون ذلك تبرعًا منها، ولو احتسبت ذلك قرضًا حسنًا يرده الزوج بقيمته فيما بعد، وعليها أن تبيِّن هذا لزوجها.
وكذلك المرأة التي يحتاج زوجها إلى ذهبها أو يأتيها ميراثها فتضعه في البيت؛ فعليها أن تبيِّن أنها فعلت هذا على سبيل القرض ويرد بمثله، أما مَن تعمل في مال زوجها، كرعاية زرعه أو ماشيته أو تجارته، ونحو ذلك؛ فعلى المأذون أن يبيِّن لها أن عملها تطوع؛ إلا أن تطلب أجرة، وأما من تعمل في شيء يملكونه سويًّا أو في إحياء موات "استصلاح أرض مثلًا" أو غيره مما يحتمل الشركة فتطلب من زوجها المشاركة في الشركة بوضوحٍ وبعقد منفصلٍ.
كتبه/ سامح بسيوني
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فمحاولات المُنَظَّمات النسوية الممولة غربيًّا، والتي تهدف إلى هدم الأسرة -التي تعد ركن الاستقرار في المجتمعات الإسلامية- لا تنتهي، ولهم في ذلك خطوات ممنهجة؛ تبدأ بمحاولات منع الحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين، وتفخيخ العلاقة بين الزوج وزوجته أو عبر تصعيب الزواج ووضع الشروط المسبقة المانعة من بناء الأسر عن طريق ما يُقدَّم مِن مشاريع قوانين من بعض تلك المنظمات النسوية أو منظمات المجتمع المدني ذات التمويل الغربي، والتي تعمل بمثل هذه الأطروحات على تحقيق الفوضى المجتمعية والتي يسعى إليها أعداء الوطن كمسارٍ بديلٍ عن الفوضى الخلَّاقة التي فشلوا في فرضها في بلادنا عبر السنوات الماضية.
ومن أمثلة ما يحاولون طرحه الآن في مثل تلك المشاريع: اقتسام مال الزوج عند الطلاق كما يحدث في الغرب؛ حيث قُدِّمت بعض الاقتراحات، بأن تجعل في وثيقة الزواج مادة للاتفاق على النسبة التي تحصل عليها المرأة في حالة الطلاق من مال الزوج كما يحدث في الدول الغربية من مقاسمة المال بين الرجل والمرأة بعد الطلاق، مع محاولة تمرير الأمر برأي شرعي؛ استنادًا إلى فتوى "الكد والسعاية" المعروفة في المذهب المالكي في بلاد المغرب العربي، وهي فتوى خاصة لبعض المالكية في بعض مناطق المغرب التي العرف فيها أن المرأة تعمل مع زوجها في ماله، وخلاصتها: أن المرأة التي تقوم بعمل في مال زوجها مما جَرَى به العرف وتساهم في تنميته: كزراعة أرضه، وتربية ماشيته، يمكنها عند تقسيم الميراث، أن تدعي أنها لم تكن متطوعة، ومِن ثَمَّ يقضى لها بسهم في هذا المال.
ويمكن الرد على ذلك الطرح على النحو الآتي:
فتوي الكد والسعاية ليست فتوى واحدة، وليست محل إجماع من المالكية عامة، بل ولا من مالكية المغرب خاصة، وفتاوى المالكية تتحدث عن عمل الزوجة في مال زوجها، وليس عن إنفاق مال؛ سواء كان عندها مال مدخر، أو مال اكتسبته من عمل عند الغير؛ بالإضافة إلى أن فتوى الكد والسعاية لا تخص الزوجة، بل كل أفراد الأسرة، وأن لكلٍّ مِن الزوج والزوجة ذمة مالية مستقلة، والمهر يؤكد هذا، فهو شيء يدفعه الزوج من ماله إلى الزوجة ليصبح ملكًا لها، وفوق هذا أوجبت الشريعة على الزوج النفقة على زوجته وإن كانت ذات مال، وانفصال الذمة المالية للزوج عن زوجته أمر مجمع عليه في الشريعة، بخلاف ما درج عليه الغرب من أن عقد الزواج كما لو كان متضمنا عقد شركة، فيعتبر أن نماء مجموع ثروتي الزوج والزوجة هو ملك لهما مناصفة.
وإن كان ذلك كذلك عندهم؛ فلا مجال لوجوب مهر على الرجل، ولا وجوب نفقة عليه، فالنفقة ستكون من مجموع كسبهما، كما أنه لا مجال أن يدفع نفقة حضانة لها إن انفصلا أو طلقت، ففتوى الكد والسعاية طبقًا لما ذكر عاليه بـُنيت على تحرُّج المرأة أن تُطالب بذلك المقابل، وبالتالي فمَن يطرح الآن اشتراط المرأة في عقد الزواج حصولها على مقابل الكد والسعاية ينسف الأصل الذي بُنيت عليه الفتوى، وهو استشعار الزوجة للحرج.
ولذلك أيضًا: فالقول باشتراط مسألة الكد والسعاية، في وثيقة الزواج، قد يفُضي إلى فساد العقد؛ لجمعه بين معنى الزواج والشركة، أو الزواج والإجارة، أو الزواج والقرض، وهي الصور التي يمكن أن يظهر بها عمل المرأة الذي يمكن توصيفه بأنه شراكة أو إيجار عمل أو قرض.
كما أن حفظ حق المرأة في مالها أو حال عملها في مال زوجها يمكن أن يكون عن طريق بتوعية الزوجة -كما في لائحة المأذونين الحالية-: بأن لها ذمة مالية مستقلة، وأنها إذا كانت عاملة "موظفة مثلًا"، أو لها مال أو يهبها ذووها مال، وكانت ستنفق منه في البيت، فالأصل فيه أنه سيكون ذلك تبرعًا منها، ولو احتسبت ذلك قرضًا حسنًا يرده الزوج بقيمته فيما بعد، وعليها أن تبيِّن هذا لزوجها.
وكذلك المرأة التي يحتاج زوجها إلى ذهبها أو يأتيها ميراثها فتضعه في البيت؛ فعليها أن تبيِّن أنها فعلت هذا على سبيل القرض ويرد بمثله، أما مَن تعمل في مال زوجها، كرعاية زرعه أو ماشيته أو تجارته، ونحو ذلك؛ فعلى المأذون أن يبيِّن لها أن عملها تطوع؛ إلا أن تطلب أجرة، وأما من تعمل في شيء يملكونه سويًّا أو في إحياء موات "استصلاح أرض مثلًا" أو غيره مما يحتمل الشركة فتطلب من زوجها المشاركة في الشركة بوضوحٍ وبعقد منفصلٍ.