zoro1
01-18-2024, 08:44 AM
الجهر بالبسملة في الصلاة
الشيخ إسماعيل الشرقاوي
الجهر بالبسملة في الصلاة
الإمتاع بفتاوى التلاوة والاستماع (7)
(فتاوى وأحكام شرعية حول تلاوة وسماع الآيات القرآنية)
البسملة آية من الفاتحة، وقد اختلف العلماء في الجهر بها في الصلاة على ثلاثة أقوال:
الأول: إن البسملة آية من الفاتحة؛ لذا يجب الجهر بها، واستدل أصحاب هذا المذهب بحديث أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- رضي الله عنها -: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قرأ يقطع قراءته، آية آية: ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة: 1 - 3][1].
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم[2].
وفي رواية عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يزل يجهر في السورتين[3]، ببسم الله الرحمن الرحيم حتى قُبض[4].
وأما القول الثاني: إن البسملة آية مستقلة نزلت للتبرك والفصل بين السور، وقراءتها في الفاتحة جائزة بل مستحبة، لكنها غير واجبة؛ وتصح الصلاة بدونها، وهذا المذهب يقول: لا يجهر بالبسملة، ولكن تقال سرًّا، واستدلوا بما رواه أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: صليت خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - فلم أسمع أحدًا منهم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم[5]، وشدَّد بعضهم، فقال ببدعية الجهر بها؛ ودليلهم ما رواه يزيد بن عبدالله بن مغفَّل - رضي الله عنهما - قال: سمعني أبي وأنا أقرأ: ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة: 1 - 3]، فلما انصرف قال: يا بني إياك والحدث في الإسلام؛ فإني صليت خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخلف أبي بكر، وخلف عمر وعثمان - رضي الله تعالى عنهم - فكانوا لا يستفتحون القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم، ولم أر رجلاً قط أبغض إليه الحدث منه"[6].
وأما القول الثالث: إن البسملة آية من الفاتحة، ويجوز الجهر بها، ويسن إخفاؤها، وهو خير الأقوال، وبه يزول الخلاف والإشكال، وقد قال به أبو هريرة - رضي الله عنه.
فعن نعيم المجمر - رضي الله عنه - قال: "صليت وراء أبي هريرة - رضي الله عنه - فقرأ: ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة: 1]، فلما بلغ: ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 7]، قال: آمين، فقال الناس: آمين، ثم يقول إذا سلم "أما والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم[7].
وعن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن؛ فهي خداج - ثلاثًا - غير تمام))، فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام، فقال: اقرأ بها في نفسك؛ فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((قال الله -تعالى-: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل؛ فإذا قال العبد: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2]؛ قال الله -تعالى-: حمدني عبدي.
وإذا قال: ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة: 3]؛ قال الله -تعالى-: أثنى علي عبدي.
وإذا قال: ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 4]؛ قال: مجدني عبدي، وقال مرة: فوض إلي عبدي.
فإذا قال: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]؛ قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل.
فإذا قال: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 6، 7]؛ قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل))[8].
وقال الشيخ عطية صقر - رحمه الله -:
ويمكن أن يقال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يجهر بها أحيانًا، ويُسِرُّ بها أحيانًا أخرى، وما دام الأمر خلافيًّا، فلا يجوز التعصب لأي رأى.
وأرى أن الإتيان بها ينفع ولا يضر، وأن عدم الإتيان بها لا يبطل الصلاة[9]، والله أعلم.
[1] أثر صحيح، رواه الدارقطني (1/37) (1/312)، والحاكم (2909) (2/252)، (2910) (2/252) (والترمذي (5/185)، وأحمد (6/302)، وأبو داود (4001) (2/433)، والطبراني في الكبير (603) (23/278)، والبيهقي في الشعب (2319) (2/435)، (2587) (2/520) وفي الكبرى (2212) (2/44)، وابن راهويه في مسنده (1872) (4/103).
[2] صحيح رواه الحاكم (750) (1/326)، والدارقطني (6) (1/303)، والطبراني في الكبير (10651) (10/277)، (11442) (11/185)، وفي الأوسط (35) (1/15)، والبيهقي في الكبرى (2227) (2/47).
[3] السورتين أي الفاتحة والتي بعدها.
[4] أثر حسن رواه الدارقطني (9) (1/304).
[5] صحيح رواه مسلم (399) (1/299)، والنسائي في الصغرى (907) (2/135)، وفي الكبرى (979) (1/315)، وأحمد (12868) (3/179)، (12105) (3/111)، (13361) (3/223)، (13943) (3/275)، (13989) (3/278)، وابن خزيمة (495) (1/249)، (496) (1/250)، وابن حبان (1799) (5/103)، والدارقطني (1) (1/314)، (3،5) (1/315)، (8) (1/316)، والطيالسي (1975) (1/266)، والطبراني في الأوسط (1080) (2/16)، (7234) (7/187)، وأبو يعلى (3005) (5/360)، (3245)، (6/18)، (4159) (7/180)، وعبدالرزاق (2711) (2/113)، وابن أبي شيبة (4144) (1/361)، والبيهقي في الكبرى (2243) (2/51)، (2247،2248) (2/52)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1099) (1/202)، وأبو نعيم في الحلية (7/316)، (8/51)، وعبد ابن حميد (1191) (1/359)، وابن الجعد (922) (1/146)، (1986) (1/293)، وابن جارود في المنتقى (181،182،183) (1/55)، وخيثمة الأطرابلسي في حديثه (1/72)، وأبو القاسم البغوي (11) (1/38).
[6] أثر حسن رواه أحمد (16833) (4/85)، وعبدالرزاق (2600) (2/88)، وابن ماجة (815) (1/267)، والترمذي (244) (2/12)، والنسائي (908) (2/135)، ورواه في الكبرى (980) (1/315)، وابن أبي شيبة (4128) (1/359)، والبيهقي في الكبرى (2248) (2/52).
[7] صحيح رواه ابن حبان (1797) (5/100)، (1801) (5/104)، والنسائي (905) (2/134)، وابن خزيمة (499) (1/251)، (688) (1/342)، والحاكم (849) (1/357)، والدارقطني (14) (1/305)، والبيهقي في الكبرى (2223) (2/46)، (2282) (2/58)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1086) (1/199)، وابن جارود في المنتقى (184) (1/56).
[8] صحيح رواه مسلم (595) (1/296).
[9] فتاوى الأزهر (8/461،489)، وانظر: الإنصاف فيما بين العلماء من الاختلاف في "بسم الله الرحمن الرحيم"؛ لابن عبدالبر.
الألوكة
............................
الشيخ إسماعيل الشرقاوي
الجهر بالبسملة في الصلاة
الإمتاع بفتاوى التلاوة والاستماع (7)
(فتاوى وأحكام شرعية حول تلاوة وسماع الآيات القرآنية)
البسملة آية من الفاتحة، وقد اختلف العلماء في الجهر بها في الصلاة على ثلاثة أقوال:
الأول: إن البسملة آية من الفاتحة؛ لذا يجب الجهر بها، واستدل أصحاب هذا المذهب بحديث أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- رضي الله عنها -: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قرأ يقطع قراءته، آية آية: ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة: 1 - 3][1].
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم[2].
وفي رواية عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يزل يجهر في السورتين[3]، ببسم الله الرحمن الرحيم حتى قُبض[4].
وأما القول الثاني: إن البسملة آية مستقلة نزلت للتبرك والفصل بين السور، وقراءتها في الفاتحة جائزة بل مستحبة، لكنها غير واجبة؛ وتصح الصلاة بدونها، وهذا المذهب يقول: لا يجهر بالبسملة، ولكن تقال سرًّا، واستدلوا بما رواه أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: صليت خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - فلم أسمع أحدًا منهم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم[5]، وشدَّد بعضهم، فقال ببدعية الجهر بها؛ ودليلهم ما رواه يزيد بن عبدالله بن مغفَّل - رضي الله عنهما - قال: سمعني أبي وأنا أقرأ: ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة: 1 - 3]، فلما انصرف قال: يا بني إياك والحدث في الإسلام؛ فإني صليت خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخلف أبي بكر، وخلف عمر وعثمان - رضي الله تعالى عنهم - فكانوا لا يستفتحون القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم، ولم أر رجلاً قط أبغض إليه الحدث منه"[6].
وأما القول الثالث: إن البسملة آية من الفاتحة، ويجوز الجهر بها، ويسن إخفاؤها، وهو خير الأقوال، وبه يزول الخلاف والإشكال، وقد قال به أبو هريرة - رضي الله عنه.
فعن نعيم المجمر - رضي الله عنه - قال: "صليت وراء أبي هريرة - رضي الله عنه - فقرأ: ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة: 1]، فلما بلغ: ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 7]، قال: آمين، فقال الناس: آمين، ثم يقول إذا سلم "أما والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم[7].
وعن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن؛ فهي خداج - ثلاثًا - غير تمام))، فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام، فقال: اقرأ بها في نفسك؛ فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((قال الله -تعالى-: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل؛ فإذا قال العبد: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2]؛ قال الله -تعالى-: حمدني عبدي.
وإذا قال: ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة: 3]؛ قال الله -تعالى-: أثنى علي عبدي.
وإذا قال: ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 4]؛ قال: مجدني عبدي، وقال مرة: فوض إلي عبدي.
فإذا قال: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]؛ قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل.
فإذا قال: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 6، 7]؛ قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل))[8].
وقال الشيخ عطية صقر - رحمه الله -:
ويمكن أن يقال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يجهر بها أحيانًا، ويُسِرُّ بها أحيانًا أخرى، وما دام الأمر خلافيًّا، فلا يجوز التعصب لأي رأى.
وأرى أن الإتيان بها ينفع ولا يضر، وأن عدم الإتيان بها لا يبطل الصلاة[9]، والله أعلم.
[1] أثر صحيح، رواه الدارقطني (1/37) (1/312)، والحاكم (2909) (2/252)، (2910) (2/252) (والترمذي (5/185)، وأحمد (6/302)، وأبو داود (4001) (2/433)، والطبراني في الكبير (603) (23/278)، والبيهقي في الشعب (2319) (2/435)، (2587) (2/520) وفي الكبرى (2212) (2/44)، وابن راهويه في مسنده (1872) (4/103).
[2] صحيح رواه الحاكم (750) (1/326)، والدارقطني (6) (1/303)، والطبراني في الكبير (10651) (10/277)، (11442) (11/185)، وفي الأوسط (35) (1/15)، والبيهقي في الكبرى (2227) (2/47).
[3] السورتين أي الفاتحة والتي بعدها.
[4] أثر حسن رواه الدارقطني (9) (1/304).
[5] صحيح رواه مسلم (399) (1/299)، والنسائي في الصغرى (907) (2/135)، وفي الكبرى (979) (1/315)، وأحمد (12868) (3/179)، (12105) (3/111)، (13361) (3/223)، (13943) (3/275)، (13989) (3/278)، وابن خزيمة (495) (1/249)، (496) (1/250)، وابن حبان (1799) (5/103)، والدارقطني (1) (1/314)، (3،5) (1/315)، (8) (1/316)، والطيالسي (1975) (1/266)، والطبراني في الأوسط (1080) (2/16)، (7234) (7/187)، وأبو يعلى (3005) (5/360)، (3245)، (6/18)، (4159) (7/180)، وعبدالرزاق (2711) (2/113)، وابن أبي شيبة (4144) (1/361)، والبيهقي في الكبرى (2243) (2/51)، (2247،2248) (2/52)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1099) (1/202)، وأبو نعيم في الحلية (7/316)، (8/51)، وعبد ابن حميد (1191) (1/359)، وابن الجعد (922) (1/146)، (1986) (1/293)، وابن جارود في المنتقى (181،182،183) (1/55)، وخيثمة الأطرابلسي في حديثه (1/72)، وأبو القاسم البغوي (11) (1/38).
[6] أثر حسن رواه أحمد (16833) (4/85)، وعبدالرزاق (2600) (2/88)، وابن ماجة (815) (1/267)، والترمذي (244) (2/12)، والنسائي (908) (2/135)، ورواه في الكبرى (980) (1/315)، وابن أبي شيبة (4128) (1/359)، والبيهقي في الكبرى (2248) (2/52).
[7] صحيح رواه ابن حبان (1797) (5/100)، (1801) (5/104)، والنسائي (905) (2/134)، وابن خزيمة (499) (1/251)، (688) (1/342)، والحاكم (849) (1/357)، والدارقطني (14) (1/305)، والبيهقي في الكبرى (2223) (2/46)، (2282) (2/58)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1086) (1/199)، وابن جارود في المنتقى (184) (1/56).
[8] صحيح رواه مسلم (595) (1/296).
[9] فتاوى الأزهر (8/461،489)، وانظر: الإنصاف فيما بين العلماء من الاختلاف في "بسم الله الرحمن الرحيم"؛ لابن عبدالبر.
الألوكة
............................