zoro1
02-15-2024, 08:35 AM
شرح حديث أبي هريرة: "من كانت عنده مظلمة لأخيه"
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « من كانت عنده مَظْلِمَةٌ لأخيه، من عِرضِه أو من شيءٍ، فلْيتحلَّلْهُ منه اليوم قبل أن لا يكون دينارٌ ولا درهم؛ إن كان له عمل صالحٌ أُخِذ منه بقدر مَظلِمتهِ، وإن لم يكن له حسناتٌ أُخِذ من سيئات صاحبه فحُمِل عليه »؛ رواه البخاري.
قال سَماحة العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
قال المؤلف رحمه الله فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من كان عنده مَظْلِمَةٌ لأخيه، مِن عِرضِه أو من شيء، فليتحلَّلْه منه اليوم - يعني في الدنيا - قبل أن لا يكون دينار ولا درهم))، وذلك يوم القيامة، فإنه في الدنيا يمكن أن يتحلَّل الإنسان من المظالم التي عليه بأدائها إلى أهلها، أو استحلالِهم منها، لكن في الآخرة ليس هناك شيءٌ إلا الأعمال الصالحة، فإذا كان يوم القيامة اقتُصَّ من الظالم للمظلوم من حسناته؛ يؤخذ من حسناته التي هي رأس ماله في ذلك اليوم، فإنْ بقي منه شيء وإلا أُخِذ من سيئات المظلوم وحُمِلت على الظالم، والعياذ بالله، فازداد بذلك سيئاتٍ إلى سيئاته.
وظاهر هذا الحديث أنه يجب على الإنسان أن يَتحلَّلَ من ظُلمِ أخيه حتى في العِرض، سواء عَلِم أم لم يعلم، وذلك أن المظالم إما أن تكون بالنفس، أو بالمال، أو بالعِرض؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرامٌ عليكم)).
فإن كانت بالنفس؛ مثل أن يكون قد جنى عليه، أو ضربه حتى جرحه، أو قطع عضوًا من أعضائه، أو قتَلَ له قتيلًا، فإنه يَتحلَّل منه بأن يمكِّنَ صاحبَ الحق من القِصاص، أو من بذل الدية إذا لم يكن القصاص.
أما إن كانت في المال، فإنه يعطيه ماله، إذا كان عنده مال لأحد، فالواجب أن يُعطيَه صاحبَه، فإن غاب عنه ولم يعرف مكانه وأَيِسَ منه، فإنه يَتصدَّقُ به عنه، والله سبحانه وتعالى يعلم ويؤدي إلى صاحب الحق حقَّه، وإن كان قد مات - أي صاحبُ الحق - فإنه يوصِّله إلى ورثته؛ لأن المال بعد الموت ينتقل إلى الورثة، فلا بد أن يسلمه للورثة، فإن لم يَعلَمْهم بأنْ جَهِلَهم ولم يَدْرِ عنهم، تَصدَّقَ به عنهم، والله تعالى يعلمهم ويعطيهم حقَّهم.
أما إن كانت في العِرض؛ مثل أن يكون قد سبَّ شخصًا في مجلس أو اغتابه، فلا بد أن يَتحلَّل منه إذا كان قد عَلِم بأنه سبَّه، فيذهب إليه ويقول: أنا فعلتُ كذا وفعلت كذا، وأنا جئتُك معتذرًا، فإنْ عذَرَه فهذا من نعمة الله على الجميع؛ لأن الله يقول: ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ [الشورى: 40]، وإن لم يعفُ فلْيُعطِه مالًا، ليشبعه من المال حتى يحلله، فإن أبى فإن الله تعالى إذا عَلِم أن توبة الظالم توبةٌ حقيقية، فإنه سبحانه وتعالى يُرضِي المظلومَ يوم القيامة.
وقال بعض العلماء في مسألة العِرض: إن كان المظلوم لم يَعلَمْ فلا حاجة أن يُعلِمَه، مثل أن يكون قد سبَّه في مجلس من المجالس وتاب، فإنه لا حاجة أن يُعلِمَه، ولكن يستغفر له ويدعو له، ويُثني عليه بالخير في المجالس التي كان يسُبُّه فيها، وبذلك يتحلل منه.
ألا إن الأمر خطير، وحقوق الناس لا بد أن تُعطى لهم، إما في الدنيا وإما في الآخرة.
المصدر: «شرح رياض الصالحين» (2/ 508 - 510)
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « من كانت عنده مَظْلِمَةٌ لأخيه، من عِرضِه أو من شيءٍ، فلْيتحلَّلْهُ منه اليوم قبل أن لا يكون دينارٌ ولا درهم؛ إن كان له عمل صالحٌ أُخِذ منه بقدر مَظلِمتهِ، وإن لم يكن له حسناتٌ أُخِذ من سيئات صاحبه فحُمِل عليه »؛ رواه البخاري.
قال سَماحة العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
قال المؤلف رحمه الله فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من كان عنده مَظْلِمَةٌ لأخيه، مِن عِرضِه أو من شيء، فليتحلَّلْه منه اليوم - يعني في الدنيا - قبل أن لا يكون دينار ولا درهم))، وذلك يوم القيامة، فإنه في الدنيا يمكن أن يتحلَّل الإنسان من المظالم التي عليه بأدائها إلى أهلها، أو استحلالِهم منها، لكن في الآخرة ليس هناك شيءٌ إلا الأعمال الصالحة، فإذا كان يوم القيامة اقتُصَّ من الظالم للمظلوم من حسناته؛ يؤخذ من حسناته التي هي رأس ماله في ذلك اليوم، فإنْ بقي منه شيء وإلا أُخِذ من سيئات المظلوم وحُمِلت على الظالم، والعياذ بالله، فازداد بذلك سيئاتٍ إلى سيئاته.
وظاهر هذا الحديث أنه يجب على الإنسان أن يَتحلَّلَ من ظُلمِ أخيه حتى في العِرض، سواء عَلِم أم لم يعلم، وذلك أن المظالم إما أن تكون بالنفس، أو بالمال، أو بالعِرض؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرامٌ عليكم)).
فإن كانت بالنفس؛ مثل أن يكون قد جنى عليه، أو ضربه حتى جرحه، أو قطع عضوًا من أعضائه، أو قتَلَ له قتيلًا، فإنه يَتحلَّل منه بأن يمكِّنَ صاحبَ الحق من القِصاص، أو من بذل الدية إذا لم يكن القصاص.
أما إن كانت في المال، فإنه يعطيه ماله، إذا كان عنده مال لأحد، فالواجب أن يُعطيَه صاحبَه، فإن غاب عنه ولم يعرف مكانه وأَيِسَ منه، فإنه يَتصدَّقُ به عنه، والله سبحانه وتعالى يعلم ويؤدي إلى صاحب الحق حقَّه، وإن كان قد مات - أي صاحبُ الحق - فإنه يوصِّله إلى ورثته؛ لأن المال بعد الموت ينتقل إلى الورثة، فلا بد أن يسلمه للورثة، فإن لم يَعلَمْهم بأنْ جَهِلَهم ولم يَدْرِ عنهم، تَصدَّقَ به عنهم، والله تعالى يعلمهم ويعطيهم حقَّهم.
أما إن كانت في العِرض؛ مثل أن يكون قد سبَّ شخصًا في مجلس أو اغتابه، فلا بد أن يَتحلَّل منه إذا كان قد عَلِم بأنه سبَّه، فيذهب إليه ويقول: أنا فعلتُ كذا وفعلت كذا، وأنا جئتُك معتذرًا، فإنْ عذَرَه فهذا من نعمة الله على الجميع؛ لأن الله يقول: ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ [الشورى: 40]، وإن لم يعفُ فلْيُعطِه مالًا، ليشبعه من المال حتى يحلله، فإن أبى فإن الله تعالى إذا عَلِم أن توبة الظالم توبةٌ حقيقية، فإنه سبحانه وتعالى يُرضِي المظلومَ يوم القيامة.
وقال بعض العلماء في مسألة العِرض: إن كان المظلوم لم يَعلَمْ فلا حاجة أن يُعلِمَه، مثل أن يكون قد سبَّه في مجلس من المجالس وتاب، فإنه لا حاجة أن يُعلِمَه، ولكن يستغفر له ويدعو له، ويُثني عليه بالخير في المجالس التي كان يسُبُّه فيها، وبذلك يتحلل منه.
ألا إن الأمر خطير، وحقوق الناس لا بد أن تُعطى لهم، إما في الدنيا وإما في الآخرة.
المصدر: «شرح رياض الصالحين» (2/ 508 - 510)