zoro1
04-17-2024, 11:45 AM
شرح حديث: من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه
الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شرح حديث
من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه..
• عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امرئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ، فَقَدْ أَوْجَبَ الله لَهُ النَّارَ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ" فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَإِنْ كَانَ شَيْئا يَسِيراً، يَا رَسُولَ اللّهِ؟ قَالَ: "وَإِنْ قَضِيبا مِنْ أَرَاكٍ". رواه مسلم.
• وعن الأَشْعثِ بْنِ قَيْسٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ أَرْضٌ بِالْيَمَنِ. فَخَاصَمْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "هَلْ لَكَ بَيِّنَةٌ؟" فَقُلْتُ: لاَ. قَالَ: "فَيَمِينُهُ" قُلْتُ: إِذَنْ يَحْلِفَ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم -عِنْدَ ذلِكَ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ، يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امرئ مُسْلِمٍ، هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ" فَنَزَلَتْ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ الله وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنا قَلِيلاً ﴾ إِلَى آخِرِ الآيَةِ.
وجاء في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه نحو هذا الحديث.
• وعَنْ وَائِلٍ بْنِ حُجْرٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ وَرَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ إِلَى النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ الْحَضَرَمِيُّ: يَا رَسُولَ اللّهِ! إِنَّ هذَا قَدْ غَلَبَنِي عَلَى أَرْضٍ لِي كَانَتْ لأَبِي. فَقَالَ الْكِنْدِيُّ: هِيَ أَرْضِي فِي يَدِي أَزْرَعُهَا لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم -لِلْحَضْرَمِيِّ: "أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟" قَالَ: لاَ. قَالَ: "فَلَكَ يَمِينُهُ" قَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ! إِنَّ الرَّجُلَ فَاجِرٌ لاَ يُبَالِي عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ. وَلَيْسَ يَتَوَرَّعُ مِنْ شَيْءٍ. فَقَالَ: "لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إِلاَّ ذلِكَ" فَانْطَلَقَ لِيَحْلِفَ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا أَدْبَرَ: "أَمَا لَئِنْ حَلَفَ عَلَى مَالِهِ لَيَأْكُلَهُ ظُلْما، لَيَلْقَيَنَّ الله وَهُوَ عَنْهُ مُعْرِضٌ".
وفي رواية: "مَنِ اقْتَطَعَ أَرْضا ظَالِما، لَقِيَ اللّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ" رواه مسلم.
ترجمة رواة الأحاديث:
• الراوي الأول: أبو أمامة بن ثعلبة الأنصاري الحارثي رضي الله عنه، اختلف في اسمه قيل: ثعلبة، وقيل: سهيل، وقيل: عبد الله، وقيل: إياس، وهو قول الأكثر وبه جزم ابن الأثير في (أسد الغابة) حيث قال:" ولا يصح فيه غير إياس بن ثعلبة " له عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أحاديث، أحدها:" من اقتطع مال امرئ مسلم بغير حقه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين "، والثاني: " البذاءة من الإيمان "، والثالث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على أمه بعدما دفنت يعني أم أبي أمامة " انتهى.
وكان أبو أمامة رضي الله عنه ممن عزم على الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر فقال له خاله أبو بردة بن نيار رضي الله عنه: " أقم على أمك، قال أبو أمامة: بل أنت فأقم على أختك، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر أبو أمامة رضي الله عنه أن يقوم على أمه ولا يغزو فلما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من الغزوة وقد توفيت أمه فصلى عليها صلى الله عليه وسلم.
قال النووي رحمه الله: " واعلم أن أبا أمامة هذا ليس هو أبا أمامة الباهلي صدي بن عجلان المشهور رضي الله عنه، بل هذا غيره، واسم هذا إياس بن ثعلبة الأنصاري الحارثي من بني الحارث بن الخزرج، وقيل إنه بلوي وهو حليف بني حارثة، وهو ابن أخت أبي بردة بن نيار، هذا هو المشهور في اسمه رضي الله عنه ". [انظر شرح النووي لمسلم (2/ 338 )، وانظر أسد الغابة (6/ 17) والإصابة (7/ 16 )].
• الرواي الثاني: الأشعث بن قيس بن معديكرب بن معاوية بن جبلة الكندي يكنى أبا محمد رضي الله عنه، وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم سنة عشر من الهجرة في وفد كندة وكانوا ستين راكباً فأسلموا، وذكر ابن حجر رحمه الله في (الإصابة) أن اسمه: معد يكرب، ويلقب بالأشعث؛ لأنه أشعث الرأس، قيل: أنه ممن ارتد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان في اليمن، ولما سيّر أبو بكر رضي الله عنه الجنود إلى اليمن أُتي به أسيراً إلى أبي بكر رضي الله عنه، ثم أطلقه وزوجه أخته أم فروة، فدخل سوق الإبل، ولا يرى جملاً ولا ناقة إلا عَرْقبهُ، وصاح الناس فقالوا: كفر الأشعث فلما فرغ طرح سيفه، وقال:" إني والله ما كفرت، ولكن زوجني هذا الرجل أخته، ولو كنا ببلادنا (يقصد اليمن) لكانت لنا وليمة غير هذه، يا أهل المدينة انحروا وكلوا، ويا أصحاب الإبل تعالوا خذوا أثمانها" فما رُئي وليمة مثلها.
شهد الأشعث رضي الله عنه اليرموك بالشام، ثم سار إلى العراق فشهد القادسية والمدائن ونهاوند، ثم سكن الكوفة وشهد مع علي رضي الله عنه صفين وله معه أخبار، توفي سنة أربعين وقيل اثنين وأربعين رضي الله عنه
• الراوي الثالث: عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، تقدمت ترجمته في الحديث الحادي والثلاثين من كتاب الإيمان.
• الراوي الرابع: وائل بن حُجْر بن سعيد بن مسروق الحضرمي أبو هنيدة الحضرمي رضي الله عنه كان قيلاً (أي ملكاً دون الملك الكبير) من أقيال حضرموت، وكان أبوه من ملوكهم، وفد وائل رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم قادماً من اليمن فرحب به النبي صلى الله عليه وسلم وأكرمه، واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على الأقيال من حضرموت، وأقطعه أرضاً وأرسل معه معاوية وقال أقطعها إياه فاستلمها من معاوية وله قصة مع معاوية رضي الله عنه، ونزل وائل الكوفة وعاش فيها إلى أيام معاوية، وشهد مع على صفين وكان على راية حضرموت يومئذ- رضي الله عنه وأرضاه -. [انظر أسد الغابة (5/ 435) والإصابة (6/466 )]
تخريج الأحاديث:
حديث أبي أمامة رضي الله عنه أخرجه مسلم حديث (137)، وانفرد به عن البخاري،،أخرجه النسائي في " كتاب آداب القضاء " " باب القضاء في قليل الماء وكثيره " حديث (5434) وأخرجه ابن ماجه في "كتاب الحكام " " باب من حلف على يمين فاجرة ليقتطع بها مالاً" حديث (2324 ).
وأما حديث الأشعث بن قيس رضي الله عنه فأخرجه مسلم حديث (138 )، وأخرجه البخاري في " كتاب المساقاة " " باب الخصومة في البئر والقضاء فيه " حديث (2356 )، وأخرجه أبو داود في " كتاب الأيمان والنذور " " باب فيمن حلف يميناً ليقتطع بها مالاً لأحد " حديث (3243 )، وأخرجه الترمذي في " كتاب البيوع " " باب ما جاء في اليمين الفاجرة يقتطع بها مال المسلم " حديث (1269 )، وأخرجه ابن ماجه في " كتاب الأحكام " " باب البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه " حديث (2322 ).
وسياق هذا الحديث في أوله:
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم، هو فيها فاجر، لقي الله وهو عليه غضبان " قال فدخل الأشعث بن قيس فقال: ما يحدثكم أبو عبد الرحمن؟ قالوا: كذا وكذا قال: صدق أبو عبد الرحمن في نزلت كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ أَرْضٌ بِالْيَمَنِ..." الحديث.
وحديث ابن مسعود رضي الله عنه أخرجه مسلم أيضاً في الشواهد والمتابعات، وأخرجه البخاري في " كتاب التوحيد " باب قوله تعالى: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ [ القيامة 21، 22] حديث (7007).
وأما حديث وائل بن حجر رضي الله عنه فأخرجه مسلم حديث (139) وانفرد به عن البخاري، وأخرجه أبو داود في " كتاب الأيمان والنذور " " باب التغليظ في الأيمان الفاجرة " حديث (3245)، وأخرجه النسائي في " كتاب الأحكام " " باب ما جاء في أن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه " حديث (1340).
شرح ألفاظ الأحاديث:
• (مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئ): اقتطع افتعل من القطع، أي أخذ قطعة من صاحبه، واقتطع أبلغ من (قطع) لأنه يفيد العموم، و(الحق) أعم من المال؛ لأنه كل شيء مالاً كان أو غيره.
• (و إِنْ قَضِيبا مِنْ أَرَاك): بنصب " قَضِيبا " على أنه خبر كان المحذوفة مع اسمها، وهذا الحذف كثير ومشهور بعد إنْ " و " لو " كقول النبي صلى الله عليه وسلم " ولو خاتماً من حديد " وقوله صلى الله عليه وسلم " قَضِيبا مِنْ أَرَاك " أي عوداً من شجر الأراك وهو شجر يُستاك بأعواده.
• (مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ): صَبْر بفتح الصاد وسكون الباء، وأصل الصبر الحبس و الإمساك، ويمين الصبر: اليمين التي يحبس الحالف نفسه عليها.
• (هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ): آثم، أي هو حين أقدم على يمينه فاجر؛ لتعمده الكذب، وتسمى هذه اليمين الغموس.
• (أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟):البينة ما يبين الحق من الشهود، قوله: " فَيَمِينُهُ " أي: إذا لم تكن لك بينة فلك يمينه.
• (مِنْ حَضْرَ مَوْتَ): بلدة قرب عدن.
• (وَرَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ): بكسر الكاف وسكون النون حي باليمن، والنسب إليها كندي بسكون النون.
• (غَلَبَنِي عَلَى أَرْضٍ لِي): أي غصبها مني قهراً.
من فوائد الأحاديث:
الفائدة الأولى: الأحاديث دليل على عظم ذنب أكل حقوق الناس بالحلف الكاذب ولو كانت الحقوق يسيرة، فإن الظلم عاقبته وخيمة مهما كان قدر الظلم ولو كان بمقدار عود الأراك فكيف بمن جمع مع ظلمه يمينه الكاذب؟، فمن فعل ذلك فقد تعرَّض لعقوبات ثلاث جاءت في أحاديث الباب:
" فَقَدْ أَوْجَبَ الله لَهُ النَّارَ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ ".
" لَقِيَ اللّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ".
" لَيَلْقَيَنَّ الله وَهُوَ عَنْهُ مُعْرِضٌ " فإما أن يقال: أن المقصود بالإعراض هنا: الغضب، أو يقال: بجمع الحالين الغضب والإعراض، ولا مانع من اجتماعهما.
الفائدة الثانية: حديث أبي أمامة رضي الله عنه دليل على أن الوعيد شامل لكل حق اقتطعه العبد ظلماً بيمينه الفاجرة، وليس هذا خاص بالمال كما جاء في حديث الأشعث وحديث وائل بن حجر رضي الله عنه، وإنما عام في كل حق بقوله صلى الله عليه وسلم: " مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ"
الفائدة الثالثة: الأحاديث دليل على عظم التهاون باليمين ومن صور ذلك الحلف الكاذب، وهي تسمى: اليمين الغموس وأحاديث الباب دليل على أن اليمين الغموس لا كفارة فيها؛ لعدم ذكر الكفارة في الأحاديث، وفي قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 77]، وبعدم الكفارة قال الجمهور.
قال ابن بطال - رحمه الله -: " وبهذه الآيات والحديث احتج جمهور العلماء في أن اليمين الغموس لا كفارة فيها، لأنه صلى الله عليه وسلم ذكر في هذه اليمين المقصود بها الحنث والعصيان والعقوبة والإثم ولم يذكر هاهنا كفارة، ولو كان ها هنا كفارة لذكرها...قال ابن المنذر: والأخبار دالة على أن اليمين التي يحلف بها الرجل يقتطع بها مالاً حراماً هي أعظم من أن يكفرها ما يكفر اليمين، ولا نعلم سنة تدل على قول من أوجب الكفارة، بل هي دالة على قول من لم يوجبها" [شرح البخاري لابن بطال (6 / 133-134)].
الفائدة الرابعة: الأحاديث دليل على أنه عند التنازع والترافع للقاضي أن على المدعي البيّنة، وعلى المدَّعي عليه اليمين، وجاء بيان المراد بالبينة في حديث ابن مسعود رضي الله عنه حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم:" شاهداك أو يمينه " فالبينة اثنان من الشهود على الدعوى أو كما قال تعالى: ﴿ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ﴾ [البقرة: 282] فإن لم تكن للمدعي بينة، فيحلف المدّعى عليه على عدم صحة دعوى المدعي.
قال القرطبي رحمه الله: " دليل على أن المدعي يلزمه إقامة البينة، فإن لم يقمها حلف المدعي عليه، وهو أمر متفق عليه، وهو مستفاد من هذا الحديث، فأما ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: " البينة على المدعى واليمين على من أنكر " فليس بصحيح الرواية لأنه يدور على مسلم بن خالد الزنجي لكن معنى متنه صحيح بشهادة الحديث المتقدم له." [المفهم (1/ 348 - 349)].
ومما يتعلق بهذا الشأن من فوائد أحاديث الباب ما يلي:
1- أن البينة مقدمة على اليمين وبها يكتفي إن أثبتها المدعي ولا حاجة إلى اليمين إلا مع عدم البينة لقوله صلى الله عليه وسلم للمدعي " هَلْ لَكَ بَيِّنَةٌ؟" فَقُلْتُ: لاَ. قَالَ: "فَيَمِينُهُ ".
2- أن اليمين وإن كانت فاجرة فهي معتبرة قضاءً وبها يُحكم لأن الأحكام القضائية مبنية على الظاهر والله يتولى السرائر، بدليل قول الحضرمي عن الكندي الذي سيحلف: ": يَا رَسُولَ اللّهِ! إِنَّ الرَّجُلَ فَاجِرٌ لاَ يُبَالِي عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ. وَلَيْسَ يَتَوَرَّعُ مِنْ شَيْءٍ. فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إِلاَّ ذٰلِكَ "
قال النووي -رحمه الله -: " وفيه أن يمين الفاجر المدعى عليه تقبل كيمين العدل وتسقط عنه المطالبة بها". [شرح النووي لمسلم (2/ 342)]
3- أن حكم الحاكم لا يجيز لصاحب اليمين الفاجرة فعله، بدليل موعظة النبي صلى الله عليه وسلم للكندي حين أراد الحلف حيث قال له: " أَمَا لَئِنْ حَلَفَ عَلَى مَالِهِ لَيَأْكُلَهُ ظُلْما، لَيَلْقَيَنَّ الله وَهُوَ عَنْهُ مُعْرِضٌ " واستحب العلماء التذكير والموعظة في هذا الموطن لفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
قال النووي رحمه الله: " وفي هذا الحديث دلالة لمذهب مالك والشافعي وأحمد والجماهير أن حكم الحاكم لا يبيح للإنسان ما لم يكن له ". [شرح النووي لمسلم (2 / 341)].
الفائدة الخامسة: الأحاديث دليل على إثبات صفة الغضب لله تعالى، وهي من الصفات التي دلّ عليه الكتاب والسنة والإجماع، فمن الكتاب قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ ﴾ [الممتحنة: 13]، ومن السنة أحاديث الباب، وأجمع السلف على إثبات صفة الغضب لله تعالى كما يليق به سبحانه.
قال ابن القيم رحمه الله: " إن ما وصف الله سبحانه به نفسه من المحبة والرضا والفرح والغضب والبغض والسخط من أعظم صفات الكمال " [الصواعق المرسلة (4 / 1451)].
قال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله: " فإن قال قائل: هل الغضب صفة كمال؟
فالجواب: نعم، الغضب في محله صفة كمال؛ لأنه يدل على قدرة الغاضب على أن ينتقم، ولهذا لو اعتديت على إنسان يستطيع أن يقتص منك، لوجدته غاضباً، ويقابلك بمثل ما اعتديت به. لكن لو اعتديت على إنسان صغير، لا يستطيع أن يقابلك؛ فماذا يفعل؟ يبكي ولا يغضب، فالغضب في محلة صفة كمال، ولهذا اتصف الله تعالى به " [التعليق على مسلم (1 / 437)].
الفائدة السادسة: في الأحاديث عدة إشكالات:
الإشكال الأول: قول النبي صلى الله عليه وسلم فيمن اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه " فَقَدْ أَوْجَبَ الله لَهُ النَّارَ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ " ومعلوم أن هذا الذنب وإن كان عظيماً فهو غير مخرج من ملة الإسلام الذي يقضي بحرمان الكافر من الجنة ووجوب النار عليه، فكيف الجمع؟
الجواب: أن الوعيد في حديث الباب محمول على عدة أجوبة منها:
قيل: هذا الجزاء للمستحل إذا مات على ذلك، أي من اعتقد بأن أكل حقوق الناس بالأيمان الفاجرة حلال، وهو بهذا جعل نفسه مشرِّعاً مع الله باستحلال ما حرم الله وهذا شرك أكبر مخرج من الملة.
قيل: المعنى أن هذا الوعيد هو حقه لو جوزي به.
وقيل: المقصود أنه بفعله هذا استحق العذاب بالنار، وقد يعفو الله عنه، وقد حرم الله عليه دخول الجنة مع أول الداخلين وإن كان سيدخلها بعد ذلك.
الإشكال الثاني: ذكر سبب نزول قول الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 77]، وأنها نزلت في الأشعث بن قيس كما صرح رضي الله عنه في حديث الباب، كيف الجمع بين قول الأشعث رضي الله عنه أنها نزلت فيه، وعند البخاري من حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه: " أن رجلاً أقام سلعة وهو في السوق فحلف بالله لقد أعطي بها ما لم يُعط ليوقع فيها رجلاً من المسلمين فنزلت ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 77].
وذكر الطبري رحمه الله عن عكرمة قوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 174] والتي في آل عمران ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 77] [نزلت جميعاً في اليهود، وبيَّن أن هذا كتمانهم ما أنزل الله في التوراة من شأن النبي صلى الله عليه وسلم وحلفوا على ذلك ". [انظر تفسير الطبري (3/ 65)].
وغير ما تقدم في سبب نزول الآية فكيف الجمع بين تعدد النزول؟
الجواب: قيل: قد تتعدد الأسباب والمُنزَّل واحد، ولفظ الآية يشمل جميع الأسباب. [انظر فتح المنعم (1/ 440)].
وقيل: أنه لا يُحكم بأن ما تقدم سبب نزول إلا بعد التصريح بأنه سبب نزول كأن يقال سبب نزول كذا كذا؛ وأما لفظ (نزلت آية)، أو (نزل فيها)، ونحوها من الألفاظ فإنها تدل على أن الآية نزلت في معنى كذا وليس تصريحاً بأن هذا هو سبب نزولها. [انظر التعليق على مسلم لشيخنا ابن عثيمين (1 / 439)].
الإشكال الثالث: في قصة الأشعث بن قيس رضي الله عنه هو المدَّعي، وتقدم أنه كندي، وفي حديث وائل بن حجر رضي الله عنه المدَّعي حضرمي، والمدَّعى عليه كندي، فكيف الجمع إذا كانت القصتان واحدة؟
الجواب: الصحيح أنهما قصتان قصة الأشعث رضي الله عنه مع رجل آخر غير القصة الواردة في حديث وائل بن حجر رضي الله عنه بين الحضرمي والكندي، لاسيما وأنه لم يأتِ في حديث وائل ذكر للأشعث، ولا لنزول الآية التي جاءت في حديث الأشعث رضي الله عنه.
الإشكال الرابع: قول الأشعث بن قيس رضي الله عنه: " كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ أَرْضٌ بِالْيَمَنِ. فَخَاصَمْتُهُ " وجاء في رواية أخرى عند مسلم أن الخصومة كانت في بئر حيث قال: " كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومة في بئر " فكيف الجمع بين الروايتين؟
الجواب: قال ابن حجر رحمه الله: " ويجمع بأن المراد أرض البئر لا جميع الأرض". [الفتح (11/ 560)].
مستلة من إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم (كتاب الإيمان)
الالوكة
الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شرح حديث
من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه..
• عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امرئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ، فَقَدْ أَوْجَبَ الله لَهُ النَّارَ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ" فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَإِنْ كَانَ شَيْئا يَسِيراً، يَا رَسُولَ اللّهِ؟ قَالَ: "وَإِنْ قَضِيبا مِنْ أَرَاكٍ". رواه مسلم.
• وعن الأَشْعثِ بْنِ قَيْسٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ أَرْضٌ بِالْيَمَنِ. فَخَاصَمْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "هَلْ لَكَ بَيِّنَةٌ؟" فَقُلْتُ: لاَ. قَالَ: "فَيَمِينُهُ" قُلْتُ: إِذَنْ يَحْلِفَ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم -عِنْدَ ذلِكَ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ، يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امرئ مُسْلِمٍ، هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ" فَنَزَلَتْ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ الله وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنا قَلِيلاً ﴾ إِلَى آخِرِ الآيَةِ.
وجاء في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه نحو هذا الحديث.
• وعَنْ وَائِلٍ بْنِ حُجْرٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ وَرَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ إِلَى النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ الْحَضَرَمِيُّ: يَا رَسُولَ اللّهِ! إِنَّ هذَا قَدْ غَلَبَنِي عَلَى أَرْضٍ لِي كَانَتْ لأَبِي. فَقَالَ الْكِنْدِيُّ: هِيَ أَرْضِي فِي يَدِي أَزْرَعُهَا لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم -لِلْحَضْرَمِيِّ: "أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟" قَالَ: لاَ. قَالَ: "فَلَكَ يَمِينُهُ" قَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ! إِنَّ الرَّجُلَ فَاجِرٌ لاَ يُبَالِي عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ. وَلَيْسَ يَتَوَرَّعُ مِنْ شَيْءٍ. فَقَالَ: "لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إِلاَّ ذلِكَ" فَانْطَلَقَ لِيَحْلِفَ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا أَدْبَرَ: "أَمَا لَئِنْ حَلَفَ عَلَى مَالِهِ لَيَأْكُلَهُ ظُلْما، لَيَلْقَيَنَّ الله وَهُوَ عَنْهُ مُعْرِضٌ".
وفي رواية: "مَنِ اقْتَطَعَ أَرْضا ظَالِما، لَقِيَ اللّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ" رواه مسلم.
ترجمة رواة الأحاديث:
• الراوي الأول: أبو أمامة بن ثعلبة الأنصاري الحارثي رضي الله عنه، اختلف في اسمه قيل: ثعلبة، وقيل: سهيل، وقيل: عبد الله، وقيل: إياس، وهو قول الأكثر وبه جزم ابن الأثير في (أسد الغابة) حيث قال:" ولا يصح فيه غير إياس بن ثعلبة " له عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أحاديث، أحدها:" من اقتطع مال امرئ مسلم بغير حقه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين "، والثاني: " البذاءة من الإيمان "، والثالث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على أمه بعدما دفنت يعني أم أبي أمامة " انتهى.
وكان أبو أمامة رضي الله عنه ممن عزم على الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر فقال له خاله أبو بردة بن نيار رضي الله عنه: " أقم على أمك، قال أبو أمامة: بل أنت فأقم على أختك، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر أبو أمامة رضي الله عنه أن يقوم على أمه ولا يغزو فلما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من الغزوة وقد توفيت أمه فصلى عليها صلى الله عليه وسلم.
قال النووي رحمه الله: " واعلم أن أبا أمامة هذا ليس هو أبا أمامة الباهلي صدي بن عجلان المشهور رضي الله عنه، بل هذا غيره، واسم هذا إياس بن ثعلبة الأنصاري الحارثي من بني الحارث بن الخزرج، وقيل إنه بلوي وهو حليف بني حارثة، وهو ابن أخت أبي بردة بن نيار، هذا هو المشهور في اسمه رضي الله عنه ". [انظر شرح النووي لمسلم (2/ 338 )، وانظر أسد الغابة (6/ 17) والإصابة (7/ 16 )].
• الرواي الثاني: الأشعث بن قيس بن معديكرب بن معاوية بن جبلة الكندي يكنى أبا محمد رضي الله عنه، وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم سنة عشر من الهجرة في وفد كندة وكانوا ستين راكباً فأسلموا، وذكر ابن حجر رحمه الله في (الإصابة) أن اسمه: معد يكرب، ويلقب بالأشعث؛ لأنه أشعث الرأس، قيل: أنه ممن ارتد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان في اليمن، ولما سيّر أبو بكر رضي الله عنه الجنود إلى اليمن أُتي به أسيراً إلى أبي بكر رضي الله عنه، ثم أطلقه وزوجه أخته أم فروة، فدخل سوق الإبل، ولا يرى جملاً ولا ناقة إلا عَرْقبهُ، وصاح الناس فقالوا: كفر الأشعث فلما فرغ طرح سيفه، وقال:" إني والله ما كفرت، ولكن زوجني هذا الرجل أخته، ولو كنا ببلادنا (يقصد اليمن) لكانت لنا وليمة غير هذه، يا أهل المدينة انحروا وكلوا، ويا أصحاب الإبل تعالوا خذوا أثمانها" فما رُئي وليمة مثلها.
شهد الأشعث رضي الله عنه اليرموك بالشام، ثم سار إلى العراق فشهد القادسية والمدائن ونهاوند، ثم سكن الكوفة وشهد مع علي رضي الله عنه صفين وله معه أخبار، توفي سنة أربعين وقيل اثنين وأربعين رضي الله عنه
• الراوي الثالث: عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، تقدمت ترجمته في الحديث الحادي والثلاثين من كتاب الإيمان.
• الراوي الرابع: وائل بن حُجْر بن سعيد بن مسروق الحضرمي أبو هنيدة الحضرمي رضي الله عنه كان قيلاً (أي ملكاً دون الملك الكبير) من أقيال حضرموت، وكان أبوه من ملوكهم، وفد وائل رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم قادماً من اليمن فرحب به النبي صلى الله عليه وسلم وأكرمه، واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على الأقيال من حضرموت، وأقطعه أرضاً وأرسل معه معاوية وقال أقطعها إياه فاستلمها من معاوية وله قصة مع معاوية رضي الله عنه، ونزل وائل الكوفة وعاش فيها إلى أيام معاوية، وشهد مع على صفين وكان على راية حضرموت يومئذ- رضي الله عنه وأرضاه -. [انظر أسد الغابة (5/ 435) والإصابة (6/466 )]
تخريج الأحاديث:
حديث أبي أمامة رضي الله عنه أخرجه مسلم حديث (137)، وانفرد به عن البخاري،،أخرجه النسائي في " كتاب آداب القضاء " " باب القضاء في قليل الماء وكثيره " حديث (5434) وأخرجه ابن ماجه في "كتاب الحكام " " باب من حلف على يمين فاجرة ليقتطع بها مالاً" حديث (2324 ).
وأما حديث الأشعث بن قيس رضي الله عنه فأخرجه مسلم حديث (138 )، وأخرجه البخاري في " كتاب المساقاة " " باب الخصومة في البئر والقضاء فيه " حديث (2356 )، وأخرجه أبو داود في " كتاب الأيمان والنذور " " باب فيمن حلف يميناً ليقتطع بها مالاً لأحد " حديث (3243 )، وأخرجه الترمذي في " كتاب البيوع " " باب ما جاء في اليمين الفاجرة يقتطع بها مال المسلم " حديث (1269 )، وأخرجه ابن ماجه في " كتاب الأحكام " " باب البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه " حديث (2322 ).
وسياق هذا الحديث في أوله:
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم، هو فيها فاجر، لقي الله وهو عليه غضبان " قال فدخل الأشعث بن قيس فقال: ما يحدثكم أبو عبد الرحمن؟ قالوا: كذا وكذا قال: صدق أبو عبد الرحمن في نزلت كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ أَرْضٌ بِالْيَمَنِ..." الحديث.
وحديث ابن مسعود رضي الله عنه أخرجه مسلم أيضاً في الشواهد والمتابعات، وأخرجه البخاري في " كتاب التوحيد " باب قوله تعالى: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ [ القيامة 21، 22] حديث (7007).
وأما حديث وائل بن حجر رضي الله عنه فأخرجه مسلم حديث (139) وانفرد به عن البخاري، وأخرجه أبو داود في " كتاب الأيمان والنذور " " باب التغليظ في الأيمان الفاجرة " حديث (3245)، وأخرجه النسائي في " كتاب الأحكام " " باب ما جاء في أن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه " حديث (1340).
شرح ألفاظ الأحاديث:
• (مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئ): اقتطع افتعل من القطع، أي أخذ قطعة من صاحبه، واقتطع أبلغ من (قطع) لأنه يفيد العموم، و(الحق) أعم من المال؛ لأنه كل شيء مالاً كان أو غيره.
• (و إِنْ قَضِيبا مِنْ أَرَاك): بنصب " قَضِيبا " على أنه خبر كان المحذوفة مع اسمها، وهذا الحذف كثير ومشهور بعد إنْ " و " لو " كقول النبي صلى الله عليه وسلم " ولو خاتماً من حديد " وقوله صلى الله عليه وسلم " قَضِيبا مِنْ أَرَاك " أي عوداً من شجر الأراك وهو شجر يُستاك بأعواده.
• (مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ): صَبْر بفتح الصاد وسكون الباء، وأصل الصبر الحبس و الإمساك، ويمين الصبر: اليمين التي يحبس الحالف نفسه عليها.
• (هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ): آثم، أي هو حين أقدم على يمينه فاجر؛ لتعمده الكذب، وتسمى هذه اليمين الغموس.
• (أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟):البينة ما يبين الحق من الشهود، قوله: " فَيَمِينُهُ " أي: إذا لم تكن لك بينة فلك يمينه.
• (مِنْ حَضْرَ مَوْتَ): بلدة قرب عدن.
• (وَرَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ): بكسر الكاف وسكون النون حي باليمن، والنسب إليها كندي بسكون النون.
• (غَلَبَنِي عَلَى أَرْضٍ لِي): أي غصبها مني قهراً.
من فوائد الأحاديث:
الفائدة الأولى: الأحاديث دليل على عظم ذنب أكل حقوق الناس بالحلف الكاذب ولو كانت الحقوق يسيرة، فإن الظلم عاقبته وخيمة مهما كان قدر الظلم ولو كان بمقدار عود الأراك فكيف بمن جمع مع ظلمه يمينه الكاذب؟، فمن فعل ذلك فقد تعرَّض لعقوبات ثلاث جاءت في أحاديث الباب:
" فَقَدْ أَوْجَبَ الله لَهُ النَّارَ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ ".
" لَقِيَ اللّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ".
" لَيَلْقَيَنَّ الله وَهُوَ عَنْهُ مُعْرِضٌ " فإما أن يقال: أن المقصود بالإعراض هنا: الغضب، أو يقال: بجمع الحالين الغضب والإعراض، ولا مانع من اجتماعهما.
الفائدة الثانية: حديث أبي أمامة رضي الله عنه دليل على أن الوعيد شامل لكل حق اقتطعه العبد ظلماً بيمينه الفاجرة، وليس هذا خاص بالمال كما جاء في حديث الأشعث وحديث وائل بن حجر رضي الله عنه، وإنما عام في كل حق بقوله صلى الله عليه وسلم: " مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ"
الفائدة الثالثة: الأحاديث دليل على عظم التهاون باليمين ومن صور ذلك الحلف الكاذب، وهي تسمى: اليمين الغموس وأحاديث الباب دليل على أن اليمين الغموس لا كفارة فيها؛ لعدم ذكر الكفارة في الأحاديث، وفي قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 77]، وبعدم الكفارة قال الجمهور.
قال ابن بطال - رحمه الله -: " وبهذه الآيات والحديث احتج جمهور العلماء في أن اليمين الغموس لا كفارة فيها، لأنه صلى الله عليه وسلم ذكر في هذه اليمين المقصود بها الحنث والعصيان والعقوبة والإثم ولم يذكر هاهنا كفارة، ولو كان ها هنا كفارة لذكرها...قال ابن المنذر: والأخبار دالة على أن اليمين التي يحلف بها الرجل يقتطع بها مالاً حراماً هي أعظم من أن يكفرها ما يكفر اليمين، ولا نعلم سنة تدل على قول من أوجب الكفارة، بل هي دالة على قول من لم يوجبها" [شرح البخاري لابن بطال (6 / 133-134)].
الفائدة الرابعة: الأحاديث دليل على أنه عند التنازع والترافع للقاضي أن على المدعي البيّنة، وعلى المدَّعي عليه اليمين، وجاء بيان المراد بالبينة في حديث ابن مسعود رضي الله عنه حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم:" شاهداك أو يمينه " فالبينة اثنان من الشهود على الدعوى أو كما قال تعالى: ﴿ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ﴾ [البقرة: 282] فإن لم تكن للمدعي بينة، فيحلف المدّعى عليه على عدم صحة دعوى المدعي.
قال القرطبي رحمه الله: " دليل على أن المدعي يلزمه إقامة البينة، فإن لم يقمها حلف المدعي عليه، وهو أمر متفق عليه، وهو مستفاد من هذا الحديث، فأما ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: " البينة على المدعى واليمين على من أنكر " فليس بصحيح الرواية لأنه يدور على مسلم بن خالد الزنجي لكن معنى متنه صحيح بشهادة الحديث المتقدم له." [المفهم (1/ 348 - 349)].
ومما يتعلق بهذا الشأن من فوائد أحاديث الباب ما يلي:
1- أن البينة مقدمة على اليمين وبها يكتفي إن أثبتها المدعي ولا حاجة إلى اليمين إلا مع عدم البينة لقوله صلى الله عليه وسلم للمدعي " هَلْ لَكَ بَيِّنَةٌ؟" فَقُلْتُ: لاَ. قَالَ: "فَيَمِينُهُ ".
2- أن اليمين وإن كانت فاجرة فهي معتبرة قضاءً وبها يُحكم لأن الأحكام القضائية مبنية على الظاهر والله يتولى السرائر، بدليل قول الحضرمي عن الكندي الذي سيحلف: ": يَا رَسُولَ اللّهِ! إِنَّ الرَّجُلَ فَاجِرٌ لاَ يُبَالِي عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ. وَلَيْسَ يَتَوَرَّعُ مِنْ شَيْءٍ. فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إِلاَّ ذٰلِكَ "
قال النووي -رحمه الله -: " وفيه أن يمين الفاجر المدعى عليه تقبل كيمين العدل وتسقط عنه المطالبة بها". [شرح النووي لمسلم (2/ 342)]
3- أن حكم الحاكم لا يجيز لصاحب اليمين الفاجرة فعله، بدليل موعظة النبي صلى الله عليه وسلم للكندي حين أراد الحلف حيث قال له: " أَمَا لَئِنْ حَلَفَ عَلَى مَالِهِ لَيَأْكُلَهُ ظُلْما، لَيَلْقَيَنَّ الله وَهُوَ عَنْهُ مُعْرِضٌ " واستحب العلماء التذكير والموعظة في هذا الموطن لفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
قال النووي رحمه الله: " وفي هذا الحديث دلالة لمذهب مالك والشافعي وأحمد والجماهير أن حكم الحاكم لا يبيح للإنسان ما لم يكن له ". [شرح النووي لمسلم (2 / 341)].
الفائدة الخامسة: الأحاديث دليل على إثبات صفة الغضب لله تعالى، وهي من الصفات التي دلّ عليه الكتاب والسنة والإجماع، فمن الكتاب قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ ﴾ [الممتحنة: 13]، ومن السنة أحاديث الباب، وأجمع السلف على إثبات صفة الغضب لله تعالى كما يليق به سبحانه.
قال ابن القيم رحمه الله: " إن ما وصف الله سبحانه به نفسه من المحبة والرضا والفرح والغضب والبغض والسخط من أعظم صفات الكمال " [الصواعق المرسلة (4 / 1451)].
قال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله: " فإن قال قائل: هل الغضب صفة كمال؟
فالجواب: نعم، الغضب في محله صفة كمال؛ لأنه يدل على قدرة الغاضب على أن ينتقم، ولهذا لو اعتديت على إنسان يستطيع أن يقتص منك، لوجدته غاضباً، ويقابلك بمثل ما اعتديت به. لكن لو اعتديت على إنسان صغير، لا يستطيع أن يقابلك؛ فماذا يفعل؟ يبكي ولا يغضب، فالغضب في محلة صفة كمال، ولهذا اتصف الله تعالى به " [التعليق على مسلم (1 / 437)].
الفائدة السادسة: في الأحاديث عدة إشكالات:
الإشكال الأول: قول النبي صلى الله عليه وسلم فيمن اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه " فَقَدْ أَوْجَبَ الله لَهُ النَّارَ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ " ومعلوم أن هذا الذنب وإن كان عظيماً فهو غير مخرج من ملة الإسلام الذي يقضي بحرمان الكافر من الجنة ووجوب النار عليه، فكيف الجمع؟
الجواب: أن الوعيد في حديث الباب محمول على عدة أجوبة منها:
قيل: هذا الجزاء للمستحل إذا مات على ذلك، أي من اعتقد بأن أكل حقوق الناس بالأيمان الفاجرة حلال، وهو بهذا جعل نفسه مشرِّعاً مع الله باستحلال ما حرم الله وهذا شرك أكبر مخرج من الملة.
قيل: المعنى أن هذا الوعيد هو حقه لو جوزي به.
وقيل: المقصود أنه بفعله هذا استحق العذاب بالنار، وقد يعفو الله عنه، وقد حرم الله عليه دخول الجنة مع أول الداخلين وإن كان سيدخلها بعد ذلك.
الإشكال الثاني: ذكر سبب نزول قول الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 77]، وأنها نزلت في الأشعث بن قيس كما صرح رضي الله عنه في حديث الباب، كيف الجمع بين قول الأشعث رضي الله عنه أنها نزلت فيه، وعند البخاري من حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه: " أن رجلاً أقام سلعة وهو في السوق فحلف بالله لقد أعطي بها ما لم يُعط ليوقع فيها رجلاً من المسلمين فنزلت ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 77].
وذكر الطبري رحمه الله عن عكرمة قوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 174] والتي في آل عمران ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 77] [نزلت جميعاً في اليهود، وبيَّن أن هذا كتمانهم ما أنزل الله في التوراة من شأن النبي صلى الله عليه وسلم وحلفوا على ذلك ". [انظر تفسير الطبري (3/ 65)].
وغير ما تقدم في سبب نزول الآية فكيف الجمع بين تعدد النزول؟
الجواب: قيل: قد تتعدد الأسباب والمُنزَّل واحد، ولفظ الآية يشمل جميع الأسباب. [انظر فتح المنعم (1/ 440)].
وقيل: أنه لا يُحكم بأن ما تقدم سبب نزول إلا بعد التصريح بأنه سبب نزول كأن يقال سبب نزول كذا كذا؛ وأما لفظ (نزلت آية)، أو (نزل فيها)، ونحوها من الألفاظ فإنها تدل على أن الآية نزلت في معنى كذا وليس تصريحاً بأن هذا هو سبب نزولها. [انظر التعليق على مسلم لشيخنا ابن عثيمين (1 / 439)].
الإشكال الثالث: في قصة الأشعث بن قيس رضي الله عنه هو المدَّعي، وتقدم أنه كندي، وفي حديث وائل بن حجر رضي الله عنه المدَّعي حضرمي، والمدَّعى عليه كندي، فكيف الجمع إذا كانت القصتان واحدة؟
الجواب: الصحيح أنهما قصتان قصة الأشعث رضي الله عنه مع رجل آخر غير القصة الواردة في حديث وائل بن حجر رضي الله عنه بين الحضرمي والكندي، لاسيما وأنه لم يأتِ في حديث وائل ذكر للأشعث، ولا لنزول الآية التي جاءت في حديث الأشعث رضي الله عنه.
الإشكال الرابع: قول الأشعث بن قيس رضي الله عنه: " كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ أَرْضٌ بِالْيَمَنِ. فَخَاصَمْتُهُ " وجاء في رواية أخرى عند مسلم أن الخصومة كانت في بئر حيث قال: " كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومة في بئر " فكيف الجمع بين الروايتين؟
الجواب: قال ابن حجر رحمه الله: " ويجمع بأن المراد أرض البئر لا جميع الأرض". [الفتح (11/ 560)].
مستلة من إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم (كتاب الإيمان)
الالوكة