zoro1
05-09-2024, 09:16 AM
شرح حديث أبي هريرة: "أين المتحابون بجلالي؟"
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى يقول يوم القيامة: أين المتحابُّون بجلالي؟ اليوم أُظِلُّهم في ظلي يوم لا ظلَّ إلا ظلِّي))؛ رواه مسلم.
وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، لا تدخُلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا، أوَلا أدلُّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشُوا السلام بينكم)).
وعنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أن رجلًا زار أخا له في قرية أخرى، فأرصد الله له على مَدْرَجَتِهِ ملَكًا))، وذكر الحديث إلى قوله: ((إن الله قد أحبَّك كما أحببتَه))؛ رواه مسلم وقد سبق بالباب قبله.
وعن أبي إدريس الخولاني رحمه الله قال: دخلتُ مسجد دمشق، فإذا فتًى برَّاق الثنايا وإذا الناس معه، فإذا اختلَفوا في شيء، أسنَدوه إليه، وصدروا عن رأيه، فسألتُ عنه، فقيل: هذا معاذ بن جبل رضي الله عنه، فلما كان من الغد، هجَّرتُ، فوجَدتُه قد سبقني بالتهجير، ووجدته يصلي، فانتظرته حتى قضى صلاته، ثم جئتُه مِن قِبَلِ وجهه، فسلَّمتُ عليه، ثم قلت: والله إني لأحبُّك لله، فقال: آللهِ؟ فقلت: أللهِ، فقال: آللهِ؟ فقلتُ: أللهِ، فأخَذَني بحُبوة ردائي، فجبذني إليه، فقال: أَبشِرْ؛ فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((قال الله تعالى: وجبتْ محبَّتي للمتحابين فيَّ، والمتجالسين فيَّ، والمتزاورين فيَّ، والمتباذلين فيَّ))؛ حديث صحيح رواه مالك في الموطأ بإسناده الصحيح.
قوله: ((هجَّرتُ))؛ أي بكَّرت، وهو بتشديد الجيم. قوله: ((آلله؟ فقلت: ألله)) الأول بهمزة ممدودة للاستفهام، والثاني بلا مد.
عن أبي كريمة المقداد بن معدي كرب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أحَبَّ الرجل أخاه، فلْيُخبِرْهُ أنه يحبه))؛ رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن.
وعن معاذ رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخذ بيده وقال: ((يا معاذ، والله إني لَأُحِبُّكَ، ثم أوصيك يا معاذ: لا تدَعنَّ في دبرِ كلِّ صلاة تقول: اللهم أعنِّي على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك))؛ رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح.
وعن أنس رضي الله عنه، أن رجلًا كان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فمرَّ رجلٌ به، فقال: يا رسول الله، إني لأحبُّ هذا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ((أأعْلَمتَه؟))، قال: لا، قال: ((أعلِمْه))، فلَحِقَه فقال: إني أحبُّك في الله، فقال: أحَبَّك الذي أحببتَني له. رواه أبو داود بإسناد صحيح.
قال سَماحة العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
هذه الأحاديث كلُّها في بيان المحبة، وأن الإنسان ينبغي له أن يكون حبُّه لله وفي الله، وفي الحديث الذي ذكَرَه المؤلِّف رحمه الله حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، لا تدخُلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا، أفلا أدلُّكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشُوا السلام بينكم)).
ففي هذا دليلٌ على أن المحبةَ مِن كمال الإيمان، وأنه لا يكمل إيمانُ العبد حتى يحبَّ أخاه، وأن من أسباب المحبة أن يُفشيَ الإنسان السلامَ بين إخوانه؛ أي: يُظهِره ويعلنه، ويسلِّم على من لقيه من المؤمنين، سواء عرَفه أو لم يعرفه، فإن هذا من أسباب المحبة؛ ولذلك إذا مرَّ بك رجل وسلَّم عليك أحببتَه، وإذا أعرَضَ كرهته ولو كان أقربَ الناس إليك.
فالذي يجب على الإنسان أن يسعى لكل سبب يوجب المودةَ والمحبة بين المسلمين، وليس من المعقول ولا من العادة أن يتعاون الإنسان مع شخص لا يحبه، ولا يمكن التعاون على الخير والتعاون على البِرِّ والتقوى إلا بالمحبة؛ ولهذا كانت المحبة في الله من كمال الإيمان.
وفي حديث معاذ رضي الله عنه إخبار النبي صلى الله عليه وسلم أنه يحبه، وقوله لأنس لما قال له: إني أحبُّ هذا الرجلَ، قال له: ((أأعلَمتَه؟))، فدلَّ هذا على أنه منه السُّنة إذا أحببتَ شخصًا أن تقول: إني أحبك؛ وذلك لما في هذه الكلمة من إلقاء المحبة في قلبه؛ لأن الإنسان إذا علم أنك تحبُّه أحبَّك، مع أن القلوب لها تعارُفٌ وتآلُف وإن لم تنطق الألسن.
وكما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((الأرواح جنود مجنَّدة، ما تَعارَفَ منها ائتلَف، وما تناكَرَ منها اختَلَف))، لكن إذا قال الإنسان بلسانه، فإن هذا يزيده محبة في القلب، فتقول: إني أحبك في الله.
وفي قوله عليه الصلاة والسلام: ((لا تدعن أن تقول في دبر كل صلاة)) يعني: في آخر كل صلاة؛ لأن دبر الشيء: من الشيء؛ كدبر الحيوان، وقد ورد هذا الحديث بلفظ واضح يدل على أن الإنسان يقولها قبل أن يسلِّم فيقول قبل السلام: ((اللهم أعنِّي على ذِكرِك، وعلى شكرك، وعلى حسن عبادتك)).
المصدر: «شرح رياض الصالحين» (3/ 263- 266)
الالوكة
.........
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى يقول يوم القيامة: أين المتحابُّون بجلالي؟ اليوم أُظِلُّهم في ظلي يوم لا ظلَّ إلا ظلِّي))؛ رواه مسلم.
وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، لا تدخُلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا، أوَلا أدلُّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشُوا السلام بينكم)).
وعنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أن رجلًا زار أخا له في قرية أخرى، فأرصد الله له على مَدْرَجَتِهِ ملَكًا))، وذكر الحديث إلى قوله: ((إن الله قد أحبَّك كما أحببتَه))؛ رواه مسلم وقد سبق بالباب قبله.
وعن أبي إدريس الخولاني رحمه الله قال: دخلتُ مسجد دمشق، فإذا فتًى برَّاق الثنايا وإذا الناس معه، فإذا اختلَفوا في شيء، أسنَدوه إليه، وصدروا عن رأيه، فسألتُ عنه، فقيل: هذا معاذ بن جبل رضي الله عنه، فلما كان من الغد، هجَّرتُ، فوجَدتُه قد سبقني بالتهجير، ووجدته يصلي، فانتظرته حتى قضى صلاته، ثم جئتُه مِن قِبَلِ وجهه، فسلَّمتُ عليه، ثم قلت: والله إني لأحبُّك لله، فقال: آللهِ؟ فقلت: أللهِ، فقال: آللهِ؟ فقلتُ: أللهِ، فأخَذَني بحُبوة ردائي، فجبذني إليه، فقال: أَبشِرْ؛ فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((قال الله تعالى: وجبتْ محبَّتي للمتحابين فيَّ، والمتجالسين فيَّ، والمتزاورين فيَّ، والمتباذلين فيَّ))؛ حديث صحيح رواه مالك في الموطأ بإسناده الصحيح.
قوله: ((هجَّرتُ))؛ أي بكَّرت، وهو بتشديد الجيم. قوله: ((آلله؟ فقلت: ألله)) الأول بهمزة ممدودة للاستفهام، والثاني بلا مد.
عن أبي كريمة المقداد بن معدي كرب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أحَبَّ الرجل أخاه، فلْيُخبِرْهُ أنه يحبه))؛ رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن.
وعن معاذ رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخذ بيده وقال: ((يا معاذ، والله إني لَأُحِبُّكَ، ثم أوصيك يا معاذ: لا تدَعنَّ في دبرِ كلِّ صلاة تقول: اللهم أعنِّي على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك))؛ رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح.
وعن أنس رضي الله عنه، أن رجلًا كان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فمرَّ رجلٌ به، فقال: يا رسول الله، إني لأحبُّ هذا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ((أأعْلَمتَه؟))، قال: لا، قال: ((أعلِمْه))، فلَحِقَه فقال: إني أحبُّك في الله، فقال: أحَبَّك الذي أحببتَني له. رواه أبو داود بإسناد صحيح.
قال سَماحة العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
هذه الأحاديث كلُّها في بيان المحبة، وأن الإنسان ينبغي له أن يكون حبُّه لله وفي الله، وفي الحديث الذي ذكَرَه المؤلِّف رحمه الله حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، لا تدخُلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا، أفلا أدلُّكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشُوا السلام بينكم)).
ففي هذا دليلٌ على أن المحبةَ مِن كمال الإيمان، وأنه لا يكمل إيمانُ العبد حتى يحبَّ أخاه، وأن من أسباب المحبة أن يُفشيَ الإنسان السلامَ بين إخوانه؛ أي: يُظهِره ويعلنه، ويسلِّم على من لقيه من المؤمنين، سواء عرَفه أو لم يعرفه، فإن هذا من أسباب المحبة؛ ولذلك إذا مرَّ بك رجل وسلَّم عليك أحببتَه، وإذا أعرَضَ كرهته ولو كان أقربَ الناس إليك.
فالذي يجب على الإنسان أن يسعى لكل سبب يوجب المودةَ والمحبة بين المسلمين، وليس من المعقول ولا من العادة أن يتعاون الإنسان مع شخص لا يحبه، ولا يمكن التعاون على الخير والتعاون على البِرِّ والتقوى إلا بالمحبة؛ ولهذا كانت المحبة في الله من كمال الإيمان.
وفي حديث معاذ رضي الله عنه إخبار النبي صلى الله عليه وسلم أنه يحبه، وقوله لأنس لما قال له: إني أحبُّ هذا الرجلَ، قال له: ((أأعلَمتَه؟))، فدلَّ هذا على أنه منه السُّنة إذا أحببتَ شخصًا أن تقول: إني أحبك؛ وذلك لما في هذه الكلمة من إلقاء المحبة في قلبه؛ لأن الإنسان إذا علم أنك تحبُّه أحبَّك، مع أن القلوب لها تعارُفٌ وتآلُف وإن لم تنطق الألسن.
وكما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((الأرواح جنود مجنَّدة، ما تَعارَفَ منها ائتلَف، وما تناكَرَ منها اختَلَف))، لكن إذا قال الإنسان بلسانه، فإن هذا يزيده محبة في القلب، فتقول: إني أحبك في الله.
وفي قوله عليه الصلاة والسلام: ((لا تدعن أن تقول في دبر كل صلاة)) يعني: في آخر كل صلاة؛ لأن دبر الشيء: من الشيء؛ كدبر الحيوان، وقد ورد هذا الحديث بلفظ واضح يدل على أن الإنسان يقولها قبل أن يسلِّم فيقول قبل السلام: ((اللهم أعنِّي على ذِكرِك، وعلى شكرك، وعلى حسن عبادتك)).
المصدر: «شرح رياض الصالحين» (3/ 263- 266)
الالوكة
.........