zoro1
06-27-2024, 08:29 AM
شرح حديث أنس: إن الله ليرضى عن العبد
أن يأكل الأكلة فيحمده عليها
عَنْ أنسٍ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «إنَّ اللهَ ليرْضَى عَنِ العبْدِ أنْ يأكلَ الأكلَةَ فيحمَدَه عليها، أو يَشْربَ الشَّرْبَةَ فيحمَدَه عليها» رواه مسلم.
و«الأكْلَةُ» - بفتحِ الهمْزةِ -: هي الغَدْوةُ أو العَشْوَةُ.
قال العلَّامةُ ابنُ عثيمينَ - رحمه الله -:
قال المؤلف - رحمه الله تعالى - فيما نقله عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ الله ليرْضَى عن العبدِ أن يأكلَ الأَكْلةَ فيحمَدَه عليها، أو يشربَ الشَّربةَ فيحمَدَه عليها»، وفسر المؤلف - رحمه الله – «الأكلة» بأنَّها الغدْوةُ أو العشْوة،ُ أي الغداء أو العَشاء.
ففي هذا دليل على أن رضا الله - عزَّ وجلَّ - قد ينال بأدنى سبب، قد ينال بهذا السبب اليسير ولله الحمد. يرضى الله عن الإنسان إذا انتهى من الأكل قال: الحمد لله، وإذا انتهى من الشرب قال: الحمد لله؛ وذلك أن للأكل والشرب آدابًا فعلية وآدابًا قولية.
أما الآداب الفعلية: فأن يأكل باليمين ويشرب باليمين، ولا يحل له أن يأكل بشماله أو يشرب بشماله، فإن هذا حرام على القول الراجح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يأكل الرجل بشماله أو يشرب بشماله، وأخبر أن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله، وأكل رجل بشماله عنده فقال: «كُلْ بيمِينِك» قال: لا أستطيع، فقال: «لا اسْتطَعتَ»، فما استطاع الرجل بعد ذلك أن يرفع يده اليمنى إلى فمه؛ عوقب والعياذ بالله.
وأما الآداب القولية: فأن يسمي عند الأكل، يقول: باسم الله، والصحيح أن التسمية عند الأكل أو الشرب واجبة، وأن الإنسان يأثم إذا لم يسم الله عند أكله أو شربه، لأنه إذا لم يفعل - إذا لم يسم عند الأكل والشرب - فإن الشيطان يأكل معه ويشرب معه.
ولهذا يجب على الإنسان إذا أراد أن يأكل أن يسمي الله، وإذا نسى أن يسمي في أول الطعام ثم ذكر في أثنائه فليقل: باسم الله أوله وآخره، وإذا نسى أحدٌ أن يسمي فذَكِّره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكَّر عمرَ بن أبي سلمة وهو ربيبه ابن زوجته أم سلمة رضي الله عنها، حينما تقدم للأكل فأكل، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «يا غلام سم الله، وكُلْ بيمينك، وكُلْ مما يليك»، وهذا فيه دليل على أن التسمية - إذا كانوا جماعة - تكون من كل واحدٍ، فكل واحد يسمي، ولا يكفي أن يسمي واحد عن الجميع، بل كل إنسان يسمي لنفسه.
أما عند الانتهاء فمن الآداب أن يحمد الله - عزَّ وجلَّ - على هذه النعمة حيث يسر له هذا الأكل، مع أنه لا أحد يستطيع أن ييسره، كما قال تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ﴾ [الواقعة: 63، 64]،.. ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ ﴾ [الواقعة: 68، 69]، لولا أن الله - عزَّ وجلَّ - نمى هذا الزرع حتى كمل، وتيسر حتى وصل بين يديك، لعجزت عنه.
وكذلك الماء، لولا أن الله يسَّره فأنزله من المزن وسلكه ينابيع في الأرض حتى استخرجته لما حصل لك هذا، ولهذا قال في الزرع: ﴿ لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ﴾ [الواقعة: 65]، وقال في الماء: ﴿ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلا تَشْكُرُونَ ﴾ [الواقعة: 70]، فلهذا كان من شكر نعمة الله عليك بهذا الأكل والشرب أن تحمد الله إذا انتهيت من الشرب أو من الأكل، ويكون هذا سببًا لرضا الله عنك.
قوله «الأَكْلةُ» فسرها المؤلف بأنها الغدوة أو العشوة، ليست الأكلة اللقمة، ليس كلَّما أكلت لقمة قلت: الحمد لله، أو كلما أكلت تمرة قلت: الحمد لله، السنة أن تقول إذا انتهيت نهائيًّا. وذكر أن الإمام أحمد - رحمه الله - كان يأكل ويحمد على كل لقمة، فقيل له في ذلك فقال: «أكلٌ وحمْدٌ خيرٌ من أكلٍ وسكوتٍ»، ولكن لا شك أن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وأن الإنسان إذا حمد الله في آخر أكله أو آخر شربه كفى، ولكن إن رأى مصلحة مثلًا في الحمد؛ يذكر غيره أو ما أشبه ذلك، فأرجو ألا يكون في هذا بأس، كما فعله الإمام أحمد رحمه الله. والله الموفق.
المصدر: «شرح رياض الصالحين» (2 /203 - 206)
أن يأكل الأكلة فيحمده عليها
عَنْ أنسٍ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «إنَّ اللهَ ليرْضَى عَنِ العبْدِ أنْ يأكلَ الأكلَةَ فيحمَدَه عليها، أو يَشْربَ الشَّرْبَةَ فيحمَدَه عليها» رواه مسلم.
و«الأكْلَةُ» - بفتحِ الهمْزةِ -: هي الغَدْوةُ أو العَشْوَةُ.
قال العلَّامةُ ابنُ عثيمينَ - رحمه الله -:
قال المؤلف - رحمه الله تعالى - فيما نقله عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ الله ليرْضَى عن العبدِ أن يأكلَ الأَكْلةَ فيحمَدَه عليها، أو يشربَ الشَّربةَ فيحمَدَه عليها»، وفسر المؤلف - رحمه الله – «الأكلة» بأنَّها الغدْوةُ أو العشْوة،ُ أي الغداء أو العَشاء.
ففي هذا دليل على أن رضا الله - عزَّ وجلَّ - قد ينال بأدنى سبب، قد ينال بهذا السبب اليسير ولله الحمد. يرضى الله عن الإنسان إذا انتهى من الأكل قال: الحمد لله، وإذا انتهى من الشرب قال: الحمد لله؛ وذلك أن للأكل والشرب آدابًا فعلية وآدابًا قولية.
أما الآداب الفعلية: فأن يأكل باليمين ويشرب باليمين، ولا يحل له أن يأكل بشماله أو يشرب بشماله، فإن هذا حرام على القول الراجح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يأكل الرجل بشماله أو يشرب بشماله، وأخبر أن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله، وأكل رجل بشماله عنده فقال: «كُلْ بيمِينِك» قال: لا أستطيع، فقال: «لا اسْتطَعتَ»، فما استطاع الرجل بعد ذلك أن يرفع يده اليمنى إلى فمه؛ عوقب والعياذ بالله.
وأما الآداب القولية: فأن يسمي عند الأكل، يقول: باسم الله، والصحيح أن التسمية عند الأكل أو الشرب واجبة، وأن الإنسان يأثم إذا لم يسم الله عند أكله أو شربه، لأنه إذا لم يفعل - إذا لم يسم عند الأكل والشرب - فإن الشيطان يأكل معه ويشرب معه.
ولهذا يجب على الإنسان إذا أراد أن يأكل أن يسمي الله، وإذا نسى أن يسمي في أول الطعام ثم ذكر في أثنائه فليقل: باسم الله أوله وآخره، وإذا نسى أحدٌ أن يسمي فذَكِّره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكَّر عمرَ بن أبي سلمة وهو ربيبه ابن زوجته أم سلمة رضي الله عنها، حينما تقدم للأكل فأكل، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «يا غلام سم الله، وكُلْ بيمينك، وكُلْ مما يليك»، وهذا فيه دليل على أن التسمية - إذا كانوا جماعة - تكون من كل واحدٍ، فكل واحد يسمي، ولا يكفي أن يسمي واحد عن الجميع، بل كل إنسان يسمي لنفسه.
أما عند الانتهاء فمن الآداب أن يحمد الله - عزَّ وجلَّ - على هذه النعمة حيث يسر له هذا الأكل، مع أنه لا أحد يستطيع أن ييسره، كما قال تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ﴾ [الواقعة: 63، 64]،.. ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ ﴾ [الواقعة: 68، 69]، لولا أن الله - عزَّ وجلَّ - نمى هذا الزرع حتى كمل، وتيسر حتى وصل بين يديك، لعجزت عنه.
وكذلك الماء، لولا أن الله يسَّره فأنزله من المزن وسلكه ينابيع في الأرض حتى استخرجته لما حصل لك هذا، ولهذا قال في الزرع: ﴿ لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ﴾ [الواقعة: 65]، وقال في الماء: ﴿ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلا تَشْكُرُونَ ﴾ [الواقعة: 70]، فلهذا كان من شكر نعمة الله عليك بهذا الأكل والشرب أن تحمد الله إذا انتهيت من الشرب أو من الأكل، ويكون هذا سببًا لرضا الله عنك.
قوله «الأَكْلةُ» فسرها المؤلف بأنها الغدوة أو العشوة، ليست الأكلة اللقمة، ليس كلَّما أكلت لقمة قلت: الحمد لله، أو كلما أكلت تمرة قلت: الحمد لله، السنة أن تقول إذا انتهيت نهائيًّا. وذكر أن الإمام أحمد - رحمه الله - كان يأكل ويحمد على كل لقمة، فقيل له في ذلك فقال: «أكلٌ وحمْدٌ خيرٌ من أكلٍ وسكوتٍ»، ولكن لا شك أن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وأن الإنسان إذا حمد الله في آخر أكله أو آخر شربه كفى، ولكن إن رأى مصلحة مثلًا في الحمد؛ يذكر غيره أو ما أشبه ذلك، فأرجو ألا يكون في هذا بأس، كما فعله الإمام أحمد رحمه الله. والله الموفق.
المصدر: «شرح رياض الصالحين» (2 /203 - 206)