zoro1
08-19-2024, 08:21 AM
شرح حديث عائشة: "من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين"
سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
شرح حديث عائشة:
"من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين"
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « مَن ظلَمَ قِيدَ شبرٍ من الأرض طُوِّقَه من سبع أرضين »؛ متفق عليه.
قال سَماحةُ العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
نقل المؤلف رحمه الله عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « مَن ظلَمَ من الأرض قِيدَ شبر طُوِّقه يوم القيامة من سبع أرضين »، هذا الحديث يتناول نوعًا من أنواع الظلم، وهو الظلم في الأراضي، وظلم الأراضي من أكبر الكبائر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم « لعَنَ مَن غيَّر منار الأرض ».
قال العلماء: منار الأرض: حدودها؛ لأنه مأخوذ من "المنور" وهو العلامة، فإذا غيَّر إنسان من هذه الأرض، بأنْ أدخل شيئًا من هذه الأرض إلى أرض غيره، فإنه ملعون على لسان النبي صلى الله عليه وسلم.
واللعنة: الطرد والإبعاد عن رحمة الله.
وثمة عقوبة أخرى، وهو ما ذكره في هذا الحديث؛ أنه إذا ظلَمَ قِيدَ شبر طُوِّقه يوم القيامة من سبع أرضين؛ لأن الأرضين سبع، كما جاءت به السُّنة صريحًا، وكما ذكره الله تعالى في القرآن إشارة في قوله تعالى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ﴾ [الطلاق: 12]، ومعلوم أن المماثلة هنا ليست في الكيفية؛ لأن بين السماء والأرض من الفرق كما بينهما من المسافة، السماء أكبر بكثير من الأرض، وأوسع، وأعظم؛ قال الله تعالى: ﴿ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ ﴾[الذاريات: 47]؛ أي: بقوة، وقال تعالى: ﴿ وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا ﴾ [النبأ: 12]؛ أي: قوية.
فالإنسان إذا ظلَمَ قِيدَ شبر من الأرض، فإنه يُطوَّق من سبع أرضين يوم القيامة؛ أي: يجعل له طوقًا في عنقه، والعياذ بالله، يحمله أمام الناس أمام العالم، يخزى به يوم القيامة، ويتعب به.
وقوله: « قيد شبر من الأرض » ليس هذا على سبيل القيد، بل هو على سبيل المبالغة، يعني فإنْ ظلم ما دونه طُوِّقه أيضًا، لكن العرب يذكرون مثل هذا للمبالغة، يعني ولو كان شيئًا قليلًا قيد شبر، فإنه سيُطوَّقه يوم القيامة.
وفي هذا الحديث دليلٌ على أن من ملَكَ الأرض ملَكَ قعرها إلى الأرض السابعة، فليس لأحد أن يضع نفقًا تحت أرضك إلا بإذنك، يعني لو فُرض أن لك أرضًا مسافتها ثلاثة أمتار بين أرضين لجارك، فأراد جارك أن يفتح نفقًا بين أرضيه ويمر من تحت أرضك، فليس له الحقُّ في ذلك؛ لأنك تَملِك الأرض وما تحتها إلى الأرض السابعة، كما أن الهواء لك إلى السماء، فلا أحد يستطيع أن يبني على أرضك سقفًا إلا بإذنك؛ ولهذا قال العلماء: الهواء تابعٌ للقرار، والقرار ثابت إلى الأرض السابعة، فالإنسان له من فوق ومن تحت، لا أحد عليه يتجرأ.
قال أهل العلم: ولو كان عند جارك شجرة، فامتدَّت أغصانها إلى أرضك، وصار الغصن على أرضك، فإن الجار يلويه عن أرضك، فإن لم يمكن لَيُّهُ فإنه يُقطَع، إلا بإذن منك وإقرار؛ لأن الهواء لك وهو تابع للقرار.
المصدر: «شرح رياض الصالحين» (2/ 496 - 498)
الألوكة
................
سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
شرح حديث عائشة:
"من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين"
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « مَن ظلَمَ قِيدَ شبرٍ من الأرض طُوِّقَه من سبع أرضين »؛ متفق عليه.
قال سَماحةُ العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
نقل المؤلف رحمه الله عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « مَن ظلَمَ من الأرض قِيدَ شبر طُوِّقه يوم القيامة من سبع أرضين »، هذا الحديث يتناول نوعًا من أنواع الظلم، وهو الظلم في الأراضي، وظلم الأراضي من أكبر الكبائر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم « لعَنَ مَن غيَّر منار الأرض ».
قال العلماء: منار الأرض: حدودها؛ لأنه مأخوذ من "المنور" وهو العلامة، فإذا غيَّر إنسان من هذه الأرض، بأنْ أدخل شيئًا من هذه الأرض إلى أرض غيره، فإنه ملعون على لسان النبي صلى الله عليه وسلم.
واللعنة: الطرد والإبعاد عن رحمة الله.
وثمة عقوبة أخرى، وهو ما ذكره في هذا الحديث؛ أنه إذا ظلَمَ قِيدَ شبر طُوِّقه يوم القيامة من سبع أرضين؛ لأن الأرضين سبع، كما جاءت به السُّنة صريحًا، وكما ذكره الله تعالى في القرآن إشارة في قوله تعالى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ﴾ [الطلاق: 12]، ومعلوم أن المماثلة هنا ليست في الكيفية؛ لأن بين السماء والأرض من الفرق كما بينهما من المسافة، السماء أكبر بكثير من الأرض، وأوسع، وأعظم؛ قال الله تعالى: ﴿ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ ﴾[الذاريات: 47]؛ أي: بقوة، وقال تعالى: ﴿ وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا ﴾ [النبأ: 12]؛ أي: قوية.
فالإنسان إذا ظلَمَ قِيدَ شبر من الأرض، فإنه يُطوَّق من سبع أرضين يوم القيامة؛ أي: يجعل له طوقًا في عنقه، والعياذ بالله، يحمله أمام الناس أمام العالم، يخزى به يوم القيامة، ويتعب به.
وقوله: « قيد شبر من الأرض » ليس هذا على سبيل القيد، بل هو على سبيل المبالغة، يعني فإنْ ظلم ما دونه طُوِّقه أيضًا، لكن العرب يذكرون مثل هذا للمبالغة، يعني ولو كان شيئًا قليلًا قيد شبر، فإنه سيُطوَّقه يوم القيامة.
وفي هذا الحديث دليلٌ على أن من ملَكَ الأرض ملَكَ قعرها إلى الأرض السابعة، فليس لأحد أن يضع نفقًا تحت أرضك إلا بإذنك، يعني لو فُرض أن لك أرضًا مسافتها ثلاثة أمتار بين أرضين لجارك، فأراد جارك أن يفتح نفقًا بين أرضيه ويمر من تحت أرضك، فليس له الحقُّ في ذلك؛ لأنك تَملِك الأرض وما تحتها إلى الأرض السابعة، كما أن الهواء لك إلى السماء، فلا أحد يستطيع أن يبني على أرضك سقفًا إلا بإذنك؛ ولهذا قال العلماء: الهواء تابعٌ للقرار، والقرار ثابت إلى الأرض السابعة، فالإنسان له من فوق ومن تحت، لا أحد عليه يتجرأ.
قال أهل العلم: ولو كان عند جارك شجرة، فامتدَّت أغصانها إلى أرضك، وصار الغصن على أرضك، فإن الجار يلويه عن أرضك، فإن لم يمكن لَيُّهُ فإنه يُقطَع، إلا بإذن منك وإقرار؛ لأن الهواء لك وهو تابع للقرار.
المصدر: «شرح رياض الصالحين» (2/ 496 - 498)
الألوكة
................