مشاهدة النسخة كاملة : شرح حديث: نهى عن بيع الولاء وهبته .


zoro1
08-19-2024, 08:35 AM
حديث: نهى عن بيع الولاء وهبته

الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك

حديث: نهى عن بيع الولاء وهبته



عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الولاء وهبته.



الولاء: حق ثبت بوصف وهو الإعتاق، فلا يقبل النقل إلى الغير بوجه من الوجوه، فلهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب"؛ رواه الحاكم.



قال الخطابي: لَما كان الولاء كالنسب، كان من أعتق، ثبت له الولاء كمن ولد له ولد، ثبت له نسبه، فلو نسب إلى غيره لم ينتقل نسبه عن والده، وكذا إذا أراد نقل ولائه عن محله لم ينتقل.



قال الحافظ: واختلف فيمن اشترى نفسه من سيده كالمكاتب، فالجمهور على أن ولاءه لسيده[1]؛ انتهى.



وقال المجد: باب الميراث بالولاء صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الولاء لمن أعتق"، وللبخاري في رواية: "الولاء لمن أعطى الورق ووَلِيَ النعمة".



وقال أيضًا: باب الولاء هل يورث أو يورث به، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال "تزوج رباب بن حذيفة بن سعيد بن سهم أم وائل بنت معمر الجمحية، فولدت له ثلاثة، فتوفيت أمهم، فورثها بنوها رباعها وولاء مواليها، فخرج بهم عمرو بن العاص معه إلى الشام، فماتوا في طاعون عمواس، فورثهم عمرو وكان عصبتهم، فلما رجع عمرو وجاء بنو معمر بن حبيب يخاصمونه في ولاء أختهم إلى عمر بن الخطاب، فقال: أقضي بينكم بما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما أحرز الوالد أو الولد فهو لعصبته من كان"، فقضى لنا به وكتب لنا كتابًا فيه شهادة عبدالرحمن بن عوف وزيد بن ثابت؛ رواه ابن ماجه وأبو داود بمعناه، ولأحمد وسطه من قوله: فلما رجع عمرو وجاء بنو معمر، إلى قوله: فقضى لنا به"، قال أحمد في رواية ابنه صالح: حديث عمر عن النبي - صلى الله عليه وأله وسلم -: "ما أحرز الوالد أو الولد، فهو لعصبته من كان"، هكذا يرويه عمرو بن شعيب، وقد روى عن عمر وعثمان وعلي وزيد وابن مسعود أنهم قالوا: الولاء للكبر، فهذا الذي نذهب إليه، وهو قول أكثر الناس فيما بلغنا[2].



قال الشوكاني: قوله: "أنهم قالوا الولاء للكبر" ....إلخ، أراد أحمد بن حنبل أن مذهب الجمهور يقتضي أن ولاء عتقاء أم وائل بنت معمر يكون لأخواتها دون بينها؛ كما هو مذهب الجمهور، ذكر معنى ذلك في نهاية المجتهد[3]؛ انتهى.



قال الموفق: الولاء لا يورث بدليل أنه لا يرث منه ذوو الفروض، وإنما يورث به فينظر أقرب الناس إلى سيده من عصباته يوم موت العبد والمعتق، فيكون هو الوارث للمولى دون غيره، كما أن السيد لو مات في تلك الحال ورثه وحده، فإذا خلف ابن مولاه، وابن ابن مولاه، فماله لابن مولاه، وإن خلف ابن ابن مولاه، وتسعةَ بني ابنٍ آخرَ لمولاه، فمالُه بينهم على عددهم، لكل واحد عُشرُه[4].



تتمة:

قال في الاختيارات: أسباب التوارث رحم ونكاح وولاء عتق إجماعُا، وذكر عند عدم ذلك كله موالاته ومعاقبته، وإسلامه على يديه، والتقاطه، وكونهما من أهل الديوان، وهو رواية عن الأمام أحمد، ويرث مولى من أسفل عند عدم الورثة، وقاله بعض العلماء، قال: ولا يرث غير ثلاث جدات أم الأم، وأم الأب، وأم أبي الأب، وإن علونَ أمومة أبوة إلا المدلية بغير وارث كأُمِّ أب الأمِّ، وإذا استكملت الفروض المال، سقطت العصبة ولو في الحمارية، وهو مذهب الإمام أحمد، ولو مات متوارثان وجهل أولهما موتًا، لم يرث بعضهم من بعض، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي، والأمر بقتل مورثه لا يرثه ولو التقى عنه الضمان، قال: والمرتد إن فتل في رِدته أو مات عليها، فماله لوارثه المسلم، وهو رواية عن الإمام أحمد وهو المعروف عن الصحابة، ولأن ردته كمرض موته، والزنديق منافق يرث ويورث؛ لأنه عليه السلام لم يتخذ من تركة منافق شيئًا، ولا جعله فيئًا، فعلم أن التوارث مداره على النظرة الظاهرة، واسم الإسلام يجري عليه في الظاهر إجماعًا.



وإذا قال السيد لعبده: أنت حر مع موت أبيك وَرِثه لسبق الحرية الإرثَ؛ قال: والإخوة لا يحجبون الأم من الثلث إلى السدس إلا إذا كانوا وارثين غير محجوبين بالأب، فللأم في مثل أبوين وأخوين الثلث، والجد يسقط الأخوة من الأم إجماعًا، وكذا من الأبوين أو الأب، وهي رواية عن الإمام أحمد، واختارها بعض أصحابه، وهو مذهب الصديق وغيره من الصحابة - رضي الله عنهم - قال: ومن طلق امرأته في مرض موته يقصد حرمانها من الميراث، ورقمه إذا كان الطلاق رجعيًّا إجماعًا، وكذا إن كان بائنًا عند جمهور أئمة الإسلام، وقضى به عمر بن الخطاب له، ولم يعرف أحد من الصحابة في ذلك خلافًا، وإنما ظهر الخلاف في خلافة ابن الزبير، وعلى قول الجمهور، فهل تعتد عدة طلاق أو وفاة أو أطولهما، فيها أقوال أظهرها الثالث، وهل يكمل لها المهر فيه قولان أظهرهما أنه يكمل، قال: ولو أقر واحد من الورثة بالولاء أو النسب، والباقون لا صدَّقوه ولا كذَّبوه، ثبت الولاء أو النسب، وهذا ظاهر قول الإمام أحمد وظاهر الحديث، فإن الإمام أحمد قال: إذا أقر وحده ولم يكن أحد يدفع قوله، وعلى هذا فلو رد هذا النسب من له فيه حق قُبل منه وارثه كان أو غير وارث على ظاهر كلامه، ونكاح المريض في مرض الموت صحيح، وترث المرأة في قولي جمهور العلماء من الصحابة والتابعين، ولا تستحق إلا مهر المثل، لا الزيادة عليه بالاتفاق[5]؛ انتهى.



وقال المجد: باب ما جاء في ذوي الأرحام والمولى من أسفل ومن أسلم على يد رجل وغير ذلك؛ عن المقدام بن معد يكرب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من ترك مالًا فلورثته، وأنا وارث من لا وارث له، أعقل عنه وأرث، والخال وارث من لا وارث له، يعقل عنه ويرثه"؛ رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وعن أبي أسامة بن سهل أن رجلًا رمى رجلًا بسهم فقتَله، وليس له وارث إلا خال، فكتب في ذلك أبو عبيدة بن الجراح إلى عمر، فكتب عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الله ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له"؛ رواه أحمد وابن ماجه، والترمذي منه المرفوع، وقال: حديث حسن.



وعن ابن عباس أن رجلًا مات على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يترك وارثًا إلا عبدًا هو أعتقه، فأعطاه ميراثه"، وعن قبيصة عن تميم الداري قال: وسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما السنة في الرجل من أهل الشرك يُسلم على يد رجل من المسلمين، فقال: هو أولى الناس بمحياه ومماته"، وهو مرسل قبيصة لم يلق تميمًا الداري، عن عائشة أن مولى للنبي - صلى الله عليه وسلم - خر من عذق نخلة فمات، فأُتي به النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "هل له من نسيب أو رحم"، قالوا: لا، قال: "اعطوا ميراثه بعض أهل قريته"؛ رواه الخمسة إلا النسائي، وعن بريدة قال: توفي رجل من الأزد فلم يدع وارثًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ادفعوه إلى أكبر خزاعة"؛ رواه أحمد وأبو داود وعن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - آخى بين أصحابه وكانوا يتوارثون بذلك حتى نزلت ﴿ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﴾ [الأنفال: 75] فتوارثوا بالنسب؛ رواه الدارقطني[6].



قوله: الخال وارث من لا وارث له، قال الترمذي: واختلف أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فورث بعضهم الخال والخالة والعمة، وإلى هذا الحديث ذهب أكثر أهل العلم في توريث ذوي الأرحام، وأما زيد بن ثابت، فلم يورثهم وجعل الميراث في بيت المال.



قال الشوكاني: ومن المؤيدات لميراث ذوي الأرحام ما أخرجه أبو داود من حديث أبي موسى أنه صلى الله عليه وأله وسلم قال: "ابن أخت القوم منهم"، وقال أيضًا: قوله: "هل له من نسيب أو رحم"، فيه دليل على توريث ذوي الأرحام، قوله: "أعطوا ميراثه بعض أهل قريته"، فيه دليل على جواز صرف ميراث من لا وارث له معلوم إلى واحد من أهل بلده، وظاهر قوله: ادفعوه إلى أكبر خزاعة - أن ذلك من باب التوريث؛ لأن الرجل إذا كان يجتمع هو وقبيلته في جد معلوم، ولم يُعلَمْ له وارثٌ منهم على التعيين، فأكبرهم سنًّا أقربهم إليه نسبًا؛ لأن كبر السن مظنة لعلوِّ الدرجة؛ انتهى.



والوارث ثلاثة أصناف ذوو فرض وعصبات، وذوو رحم، فإن بقي بعد الفروض شيء ولا عصبة معهم، رد الفاضل على ذي الفرض كلٌّ بقدره غير الزوجين، ولا يورث؛ رواه أحمد وأبو داود[7].



قال الشوكاني: المساعدة الزنا، وكان الأصمعي يجعلها في الإماء دون الحرائر؛ لأنهن كن يسعين لمواليهن فيكتسبن لضرائب كانت عليهن، يقال: ساعت الأَمَةُ: إذا فجَرت، وساعاها فلان: إذا فجر بها؛ كذا في النهاية؛ انتهى.



وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيما رجل عاهر بحرةٍ أو أمة، فالولد ولد زنا لا يرث ولا يورث"؛ رواه الترمذي، وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنه جعل ميراث ابن الملاعنة لأمه ولورثتها من بعدها"؛ رواه أبو داود.



قال الشوكاني: وأحاديث الباب تدل على أنه لا يرث ابن الملاعنة من الملاعن له ولا من قرابته شيئًا، وكذلك لا يرثون منه، وكذلك ولد الزنا وهو مجمع على ذلك، ويكون ميراثه لأمِّه ولقرابتها؛ كما يدل على ذلك حديث عمرو بن شعيب المذكور، وتكون عصبته عصبة أمِّه، وقد رُوي نحو ذلك عن علي وابن عباس، فيكون للأم سهمها ثم لعصبتها على الترتيب، وهذا حيث لم يكن غير الأم وقرابتها من ابن الميت أو زوجةٍ، فلو كان له ابن أو زوجة، أُعطي كل واحد ما يستحقه كما في سائر المواريث؛ انتهى.



وعن سعيد بن المسبب عن جابر بن عبدالله والمسور بن مخرمة قالا: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يرث الصبي حتى يستهل"؛ ذكره أحمد بن حنبل في رواية ابنه عبدالله عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا استهل المولود ورث"؛ رواه أبو داود[8].



قال الموفق: ولا يرث الحمل إلا بشرطين: أحدهما أن يعلم أنه كان موجودًا حال الموت، ويعلم ذلك بأن تأتي به لأقل من ستة أشهر، فإن أتت به لأكثر من ذلك نظرنا، فإن كان لها زوج أو سيد يطؤها لم يرث، إلا أن يقر الورثة أنه كان موجودًا حال الموت وإن كانت لا توطأ، إما لعدم الزوج، أو السيد، وإما لغيبتهما، أو اجتنابهما الوطء، عجزًا أو قصدًا أو غيره، ورث ما لم يجاوز أكثر مدة الحمل، وذلك أربع سنين في أصح الروايتين، وفي الأخرى سنتان والثاني أن تضعه حيًّا، فإن وضعته ميتًا لم يرث، في قولهم جميعًا[9].



وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كل قسمٍ قسم في الجاهلية، فهو على ما قسم، وكل قسم أدركه الإسلام، فإنه على ما قسم الإسلام"؛ رواه أبو داود وابن ماجه.



وعن قرة بن دعموص قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أنا وعمي، فقلت: يا رسول الله، عند هذا دية أبي، فمُرْه فليُعطني، وكان قتل في الجاهلية، فقال: "أعطه دية أبيه"، فقلت: هل لأمي فيها حق، قال: "نعم وكانت ديته مائة من الإبل"؛ رواه البخاري في تاريخه.


[1] فتح الباري: (12/ 45).

[2] نيل الأوطار: (6/ 128).

[3] نيل الأوطار: (6/ 132).

[4] المغني: (14/217).

[5] الاختيارات الفقهية: (1/ 524).

[6] نيل الأوطار: (6/ 122).

[7] نيل الأوطار: (6/ 123).

[8] نيل الأوطار: (6/ 127).

[9] المغني: (14 /101).



الألوكة
....................

۩◄عبد العزيز شلبى►۩
08-19-2024, 12:53 PM
<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>

<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>

اسلا م محمد
08-19-2024, 03:44 PM
بارك الله فيك اخي الغالي
وجزاكم الله كل الخير

Adsense Management by Losha