zoro1
09-22-2024, 10:07 AM
حديث: الجار أحق بصقبه
الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
حديث: الجار أحق بصَقَبه
عن أبي رافع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الجار أحق بصَقَبه))؛ أخرجه البخاري، وفيه قصة.
المفردات:
بصقبه: هو بفتح الصاد والقاف - ويجوز إسكان القاف - كما يجوز إبدال الصاد سينًا؛ فيقال: سَقبه، والصقب أو السقب هو القرب والملاصقة، يقال: سقبت الدار وأسقبت؛ أي: قرُبت، وتعاور الصاد والسين يقع كثيرًا؛ نحو: سراط وصراط، وسخر وصخر، وسدغ وصدغ، وسطر وصطر.
وفيه قصة؛ أي: وفي سياق حديث أبي رافع عند البخاري حكاية.
البحث:
هذا الحديث وما فيه من القصة أخرجه البخاري في كتاب الشفعة من صحيحه في باب (عرض الشفعة على صاحبها قبل البيع)، قال: حدثنا المكي بن إبراهيم، أخبرنا ابن جريح، أخبرني إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن الشريد، قال: وقفت على سعد بن أبي وقاص، فجاء المِسْوَر بن مَخْرَمة فوضع يده على إحدى مَنكِبي؛ إذ جاء أبو رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا سعد، ابتع مني بيتي في دارك! فقال سعد: والله ما أبتاعهما، فقال المِسْوَر: والله لتبتاعنَّهما، فقال سعد: والله لا أزيدك على أربعة آلاف منجمة أو مقطعة، قال أبو رافع: لقد أعطيت خمسمائة دينار، ولولا أني سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((الجارُ أحقُّ بسَقَبه))، ما أعطيتكها بأربعة آلاف، وأنا أعطي بها خمسمائة دينار، فأعطاها إياه.
وساقه البخاري في كتاب الحَيَل في (باب في الهبة والشفعة) من طريق علي بن عبدالله عن سفيان، عن إبراهيم بن ميسرة، سمعتُ عمرو بن الشريد قال: جاء المِسْوَر بن مَخْرَمة فوضع يدَه على مَنكِبي، فانطلقت معه إلى سعد، فقال أبو رافع للمسور: ألا تأمر هذا أن يشتريَ مني بيتي الذي في داري؟ فقال: لا أزيده على أربعمائة؛ إما مقطعة، وإما منجمة، قال: أعطيت خمسمائة نقدًا فمنعته، ولولا أني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((الجار أحق بصَقَبه))، ما بِعتُكه، أو قال: ما أعطيتكه، قلتُ لسفيان: إن معمرًا لم يقل هكذا! قال: لكنه قال لي هكذا؛ اهـ.
ثم أخرجه من طريق محمد بن يوسف بنفس السند السابق عن عمرو بن الشريد، عن أبي رافع، أن سعدًا ساوَمه بيتًا بأربعمائة مثقال، فقال: لولا أني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الجار أحق بصقبه))؛ لَما أعطيتك.
ثم ساقه من طريق أبي نُعيم بنفس السند عن أبي رافع قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الجار أحق بصقبه)).
ثم ساقه من طريق مسدد حدثنا يحيى بنفس السند السابق وبنحو لفظه.
ولا شك أن الحديث الأولَ من أحاديث هذا الباب - وهو المرويُّ عن جابر في الصحيحين - مُشعِرٌ بأن الشفعةَ إنما تثبُت للشريك ما لم يتحدَّد النصيب، وتتم القسمة قبل البيع.
وقد يفهم من حديث أبي رافع أن المراد بالجَارِ هنا هو الشريك؛ لقوله: ابتَعْ مني بيتي في دارك؛ إذ يدل هذا على أن البيتين غيرُ منفصلين عن سعد، وأنهما ليس لهما طرق قد صرفت؛ بل هما في جملة دار سعد رضي الله عنه، والعربُ قد يستعملون لفظ الجَارِ للشريك، كما استعملوه في الزوجة، على حدِّ قول الأعشى:
أجارتَنا بِينِي فإنكِ طالقٌ
.....................
وإنما أُطلِقَ على الزوج جارٌ؛ لِمَا بين الزوجين من المخالطة، وحملُ الحديث على ظاهر لفظه يعارضُ الحديثَ المتفق عليه بأن الشريك أحقُّ بحصة شريكه، وحمل لفظ الجار على الشريك يُذهِب هذا التعارض ولله الحمد، ولم يختلف أهل العلم في تقديم حقِّ الشريك مطلقًا، والله أعلم.
الألوكة
..................
الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
حديث: الجار أحق بصَقَبه
عن أبي رافع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الجار أحق بصَقَبه))؛ أخرجه البخاري، وفيه قصة.
المفردات:
بصقبه: هو بفتح الصاد والقاف - ويجوز إسكان القاف - كما يجوز إبدال الصاد سينًا؛ فيقال: سَقبه، والصقب أو السقب هو القرب والملاصقة، يقال: سقبت الدار وأسقبت؛ أي: قرُبت، وتعاور الصاد والسين يقع كثيرًا؛ نحو: سراط وصراط، وسخر وصخر، وسدغ وصدغ، وسطر وصطر.
وفيه قصة؛ أي: وفي سياق حديث أبي رافع عند البخاري حكاية.
البحث:
هذا الحديث وما فيه من القصة أخرجه البخاري في كتاب الشفعة من صحيحه في باب (عرض الشفعة على صاحبها قبل البيع)، قال: حدثنا المكي بن إبراهيم، أخبرنا ابن جريح، أخبرني إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن الشريد، قال: وقفت على سعد بن أبي وقاص، فجاء المِسْوَر بن مَخْرَمة فوضع يده على إحدى مَنكِبي؛ إذ جاء أبو رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا سعد، ابتع مني بيتي في دارك! فقال سعد: والله ما أبتاعهما، فقال المِسْوَر: والله لتبتاعنَّهما، فقال سعد: والله لا أزيدك على أربعة آلاف منجمة أو مقطعة، قال أبو رافع: لقد أعطيت خمسمائة دينار، ولولا أني سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((الجارُ أحقُّ بسَقَبه))، ما أعطيتكها بأربعة آلاف، وأنا أعطي بها خمسمائة دينار، فأعطاها إياه.
وساقه البخاري في كتاب الحَيَل في (باب في الهبة والشفعة) من طريق علي بن عبدالله عن سفيان، عن إبراهيم بن ميسرة، سمعتُ عمرو بن الشريد قال: جاء المِسْوَر بن مَخْرَمة فوضع يدَه على مَنكِبي، فانطلقت معه إلى سعد، فقال أبو رافع للمسور: ألا تأمر هذا أن يشتريَ مني بيتي الذي في داري؟ فقال: لا أزيده على أربعمائة؛ إما مقطعة، وإما منجمة، قال: أعطيت خمسمائة نقدًا فمنعته، ولولا أني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((الجار أحق بصَقَبه))، ما بِعتُكه، أو قال: ما أعطيتكه، قلتُ لسفيان: إن معمرًا لم يقل هكذا! قال: لكنه قال لي هكذا؛ اهـ.
ثم أخرجه من طريق محمد بن يوسف بنفس السند السابق عن عمرو بن الشريد، عن أبي رافع، أن سعدًا ساوَمه بيتًا بأربعمائة مثقال، فقال: لولا أني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الجار أحق بصقبه))؛ لَما أعطيتك.
ثم ساقه من طريق أبي نُعيم بنفس السند عن أبي رافع قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الجار أحق بصقبه)).
ثم ساقه من طريق مسدد حدثنا يحيى بنفس السند السابق وبنحو لفظه.
ولا شك أن الحديث الأولَ من أحاديث هذا الباب - وهو المرويُّ عن جابر في الصحيحين - مُشعِرٌ بأن الشفعةَ إنما تثبُت للشريك ما لم يتحدَّد النصيب، وتتم القسمة قبل البيع.
وقد يفهم من حديث أبي رافع أن المراد بالجَارِ هنا هو الشريك؛ لقوله: ابتَعْ مني بيتي في دارك؛ إذ يدل هذا على أن البيتين غيرُ منفصلين عن سعد، وأنهما ليس لهما طرق قد صرفت؛ بل هما في جملة دار سعد رضي الله عنه، والعربُ قد يستعملون لفظ الجَارِ للشريك، كما استعملوه في الزوجة، على حدِّ قول الأعشى:
أجارتَنا بِينِي فإنكِ طالقٌ
.....................
وإنما أُطلِقَ على الزوج جارٌ؛ لِمَا بين الزوجين من المخالطة، وحملُ الحديث على ظاهر لفظه يعارضُ الحديثَ المتفق عليه بأن الشريك أحقُّ بحصة شريكه، وحمل لفظ الجار على الشريك يُذهِب هذا التعارض ولله الحمد، ولم يختلف أهل العلم في تقديم حقِّ الشريك مطلقًا، والله أعلم.
الألوكة
..................